کتابخانه ادبیات عرب
المقتضب
الجزء الأول
ترجمة المؤلف ..... ص : 5
أبواب الإدغام ..... ص : 223
الجزء الثاني
هذا باب الحروف التي تكون استفهاما و خبرا و سنذكرها مفسرة في أبوابها إن شاء الله ..... ص : 563
الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الخامس
الفهارس ..... ص : 3
الرعد: 13 ..... ص : 13
4 فهرس الشواهد الشعرية ..... ص : 34
5 فهرس قوافي الأشعار ..... ص : 56
6 فهرس قوافي الأرجاز ..... ص : 75
8 فهرس الأعلام ..... ص : 84
باب الهمزة ..... ص : 84
باب الجيم ..... ص : 93
باب الحاء ..... ص : 96
باب الخاء ..... ص : 101
باب الزاي ..... ص : 105
باب السين ..... ص : 108
باب الشين ..... ص : 111
باب الطاء ..... ص : 113
باب العين ..... ص : 115
باب القاف ..... ص : 129
باب الكاف ..... ص : 132
باب الميم ..... ص : 135
باب النون ..... ص : 143
باب الهاء ..... ص : 145
باب الياء ..... ص : 148
9 فهرس الأساليب و الألفاظ ..... ص : 150
10 فهرس المصادر و المراجع ..... ص : 302
هذا باب «أمّا» و «إمّا»
أمّا المفتوحة فإنّ فيها معنى المجازاة. و ذلك قولك: «أمّا زيد فله درهم»، و «أمّا زيد فأعطه درهما». فالتقدير: مهما يكن من شيء، فأعط زيدا درهما، فلزمت الفاء الجواب؛ لما فيه من معنى الجزاء. و هو كلام معناه التقديم و التأخير.
أ لا ترى أنّك تقول: «أمّا زيدا فاضرب»؛ فإن قدّمت الفعل، لم يجز؛ لأنّ «أمّا» في معنى: مهما يكن من شيء؛ فهذا لا يتّصل به فعل، و إنّما حدّ الفعل أن يكون بعد الفاء.
و لكنّك تقدّم الاسم؛ ليسدّ مسدّ المحذوف الذي هذا معناه، و يعمل فيه ما بعده.
و جملة هذا الباب: أنّ الكلام بعد «أمّا» على حالته قبل أن تدخل، إلّا أنّه لا بدّ من الفاء؛ لأنّها جواب الجزاء؛ أ لا تراه قال- عزّ و جلّ- وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ 541 كقولك:
«ثمود هديناهم».
و من رأى أن يقول: «زيدا ضربته»، نصب بهذا، فقال: «أمّا زيدا فاضربه». و قال:
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ 542 ، فعلى هذا، فقس هذا الباب.
*** و أمّا «إمّا» المكسورة فإنّها تكون في موضع «أو»، و ذلك قولك: «ضربت إمّا زيدا، و إمّا عمرا»؛ لأنّ المعنى: ضربت زيدا أو عمرا، و قال اللّه عزّ و جلّ: إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السَّاعَةَ 543 و قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً 544 .
فإذا ذكرت «إمّا» فلا بدّ من تكريرها، و إذا ذكرت المفتوحة، فأنت مخيّر: إن شئت، وقفت عليها، إذا تمّ خبرها. تقول: «أمّا زيد فقائم»، و أمّا قوله: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى. وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى. وَ هُوَ يَخْشى. فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى 545 فإنّ الكلام مستغن من قبل التكرير، و لو قلت: «ضربت إمّا زيدا»، و سكتّ، لم يجز؛ لأنّ المعنى: هذا أو هذا؛ أ لا ترى أنّ ما بعد «إمّا» لا يكون كلاما مستغنيا.
و زعم الخليل أنّ الفصل بين «إمّا» و «أو» أنّك إذا قلت: «ضربت زيدا أو عمرا»، فقد مضى صدر كلامك و أنت متيقّن عند السامع، ثمّ حدث الشكّ ب «أو».
فإذا قلت: «ضربت إمّا زيدا»، فقد بنيت كلامك على الشكّ، و زعم أنّ «إمّا» هذه إنّما هي «إن» ضمّت إليها «ما» لهذا المعنى، و لا يجوز حذف «ما» منها إلّا أن يضطرّ إلى ذلك شاعر، فإن اضطرّ، جاز الحذف؛ لأنّ ضرورة الشعر تردّ الأشياء إلى أصولها، قال [من الوافر]:
[265]-
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها
فإن جزعا و إن إجمال صبر
فهذا لا يكون إلّا على «إمّا».
فأمّا في المجازاة إذا قلت: «إن تأتني آتك»، و «إن تقم أقم»، فإنّك إن شئت، زدت «ما»، كما تزيدها في سائر حروف الجزاء؛ نحو: «أينما تكن أكن»، و «متى ما تأتني آتك»؛ لأنّها: «إن تأتني آتك»، و «متى تقم أقم». فتقول على هذا- إن شئت-: «إمّا تأتني آتك»، و «إمّا تقم أقم معك». و قد مضى تفسير هذا في باب الجزاء.
***
هذا باب «مذ» و «منذ»
أمّا «مذ» فيقع الاسم بعدها مرفوعا على معنى، و مخفوضا على معنى.
فإذا رفعت، فهي اسم مبتدأ و ما بعدها خبره، غير أنّها لا تقع إلّا في الابتداء لقلّة تمكّنها، و أنّها لا معنى لها في غيره، و ذلك قولك: «لم آته مذ يومان»، و «أنا أعرفه مذ ثلاثون سنة»، و «كلّمتك مذ خمسة أيّام». و المعنى- إذا قلت: «لم آته مذ يومان»- أنّك قلت: «لم أره»، ثمّ خبّرت بالمقدار و الحقيقة و الغاية. فكأنّك قلت: «مدّة ذلك يومان».
و التفسير: بيني و بين رؤيته هذا المقدار، فكلّ موضع يرتفع فيه ما بعدها فهذا معناه.
و أمّا الموضع الذي ينخفض ما بعدها فأن تقع في معنى «في» و نحوها؛ فيكون حرف خفض، و ذلك قولك: «أنت عندي مذ اليوم»، و «مذ الليلة»، و «أنا أراك مذ اليوم يا فتى»، لأنّ المعنى في اليوم و في الليلة. و ليس المعنى أنّ بيني و بين رؤيتك مسافة، و كذلك: «رأيت زيدا مذ يوم الجمعة يمدحك»، و «أنا أراك مذ سنة تتكلّم في حاجة زيد»؛ لأنّك تريد: أنا في حال رؤيتك مذ سنة، فإن أردت: «رأيتك مذ سنة»، أي: غاية المسافة إلى هذه الرؤية سنة، رفعت؛ لأنّك قلت: «رأيتك»، ثمّ قلت: «بيني و بين ذلك سنة»، فالمعنى: أنّك رأيته، ثمّ غبرت سنة لا تراه.
و إذا قال: «أنا أراك مذ سنة»، فإنّما المعنى أنّك في حال رؤية، لم تنقض و أنّ أوّلها مذ سنة؛ فلذلك قلت: «أراك»؛ لأنّك تخبر عن حال لم تنقطع. فهذا شرط «مذ» و تفسيرها.
فإن قال قائل: فما بالي أقول: «لم أرك مذ يوم الجمعة»، و «قد رآه يوم الجمعة»؟
قيل: إنّ النفي إنّما وقع على ما بعد الجمعة، و التقدير: لم أرك مذ وقت رؤيتي لك يوم الجمعة، فقد أثبتّ الرؤية، و جعلتها الحدّ الذي منه لم أره. فهذا تفسيرها و مجرى ما كان هذا لفظه، و اتّصل به معناه.
***
فأمّا «منذ» فمعناها- جررت بها أو رفعت- واحد. و بابها الجرّ؛ لأنّها في الأزمنة لابتداء الغاية بمنزلة «من» في سائر الأسماء. تقول: «لم أرك منذ يوم الجمعة»، أي: هذا ابتداء الغاية؛ كما تقول: «من عبد اللّه إلى زيد»، و «من الكوفة سرت».
فإن رفعت، فعلى أنّك جعلت «منذ» اسما، و ذهبت إلى أنّها «مذ» في الحقيقة، و ذلك قليل؛ لأنّها في الأزمنة بمنزلة «من» في الأيّام.
فأمّا «مذ» فدلّ على أنّها اسم: أنّها محذوفة من «منذ» التي هي اسم؛ لأنّ الحذف لا يكون في الحروف؛ إنّما يكون في الأسماء و الأفعال، نحو: «يد»، و «دم»، و ما أشبهه.
***
هذا باب التبيين و التمييز
اعلم أنّ التمييز يعمل فيه الفعل و ما يشبهه في تقديره؛ و معناه في الانتصاب واحد، و إن اختلفت عوامله.
فمعناه: أن يأتي مبيّنا عن نوعه، و ذلك قولك: «عندي عشرون درهما»، و «ثلاثون ثوبا». لمّا قلت: «عندي عشرون»، و «ثلاثون»، ذكرت عددا مبهما يقع على كلّ معدود، فلمّا قلت: «درهما»، عرّفت الشيء الذي إليه قصدت بأن ذكرت واحدا منه يدلّ على سائره، و لم يجز أن تذكر جمعا؛ لأنّ الذي قبله قد تبيّن أنّه جمع، و أنّه مقدار منه معلوم.
و لم يجز أن يكون الواحد الدالّ على النوع معرفة؛ لأنّه إذا كان معروفا، كان مخصوصا، و إذا كان منكورا، كان شائعا في نوعه.
فأمّا النصب فإنّما كان فيه؛ لأنّ النون منعت الإضافة، كما تمنعها إذا قلت: «هؤلاء ضاربون زيدا». و لو لا النون، لأضفت فقلت: «هؤلاء ضاربو زيد»؛ كما تقول: «هذه عشرو زيد»، إلّا أنّ «الضاربين» و ما أشبهه أسماء مأخوذة من الفعل تضاف كما تضاف الأسماء، فإذا منعت النون الإضافة، عملت هذه الأسماء فيما بعدها بما فيها من معنى الفعل. و كان المنصوب مفعولا صحيحا؛ لأنّها أسماء الفاعلين في الحقيقة و فيها كنايتهم. فإذا قلت:
«عشرون رجلا»، فإنّما انتصب بإدخالك النون ما بعدها تشبيها بذلك؛ كما أنّ قولك: «إنّ زيدا منطلق»، و «لعلّ زيدا أخوك» مشبّه بالفعل في اللفظ، و لا يكون منه «فعل»، و لا «يفعل» و لا شيء من أمثلة الفعل؛ و كما أنّ «كان» في وزن الفعل و تصرّفه، و ليست فعلا على الحقيقة. تقول: «ضرب زيد عمرا»، فتخبر بأنّ فعلا وصل من زيد إلى عمرو. فإذا قلت: «كان زيد أخاك»، لم تخبر أنّ زيدا أوصل إلى الأخ شيئا، و لكن زعمت أنّ زيدا أخوه فيما خلا من الدهر.
و التشبيه يكون للفظ، و للتصرّف و المعنى.
فأمّا المعنى فتشبيهك «ما» ب «ليس»، و «ليس» فعل و «ما» حرف، و المعنى واحد.
فهذا سبيل كلّ ما كانت النون فيه عاملة من التبيين.
فإن قلت: هل يجوز «عندي عشرو رجل»؟
فإنّ ذلك غير جائز؛ لأنّ الإضافة تكون على جهة الملك إذا قلت: «عشرو زيد». فلو أدخلت التمييز على هذا المضاف، لالتبس على السامع قصدك إلى تعريف النوع بتعريفك إيّاه صاحب العشرين، و لم يكن إلى النصب سبيل؛ لأنّه في باب الإضافة. كقولك: «ثوب زيد»، و «درهم عبد اللّه»، و التبيين في بابه من النصب و إثبات النون؛ فامتنع من إدخاله في غير بابه مخافة اللّبس.
*** و ممّا ينصب قولك: «هذا أفضلهم رجلا»، و «أفره الناس عبدا»، و ذلك أنّك كنت تقول في المصادر: «أعجبني ضرب زيد عمرا»، فتضيف إلى «زيد» المصدر؛ لأنّه فعله، فتشغل الإضافة بالفعل، فتنصب «عمرا»؛ لأنّه مفعول. و لو لا أنّك أضفت إلى «زيد»، لكان «عمرو» مخفوضا بوقوع المضاف عليه؛ كما أنّك لو لم تنوّن في قولك: «ضاربون زيدا»، لحلّ «زيد» محلّ التنوين، و انخفض بالإضافة.
فلمّا كان «عشرون رجلا» بمنزلة «ضاربين زيدا»، كان قولك: «لي مثله رجلا»، و «أنت أفرههم عبدا» بمنزلة: «أعجبني ضرب زيد عمرا، و شتمك خالدا».
و كما امتنعت من أن تقول: «عشرو درهم» للفصل بين التفسير و الملك إذا قلت:
«عشرو زيد»، امتنعت في قولك: «أنت أفرههم عبدا» من الإضافة؛ لأنّك إذا قلت: «أنت أفرههم عبدا»، فإنّما عنيت مالك العبد.
و إذا قلت: «أنت أفره عبد في الناس»، فإنّما عنيت العبد نفسه، إلّا أنّك إذا قلت:
«أنت أفره العبيد»، فقد قدّمته عليهم في الجملة.
و إذا قلت: «أفره عبد في الناس»، فإنّما معناه: أنت أفره من كلّ عبد إذا أفردوا عبدا عبدا؛ كما تقول: «هذا خير اثنين في الناس»، إذا كان الناس اثنين اثنين.