کتابخانه ادبیات عرب
و من جعل هذه الأسماء واقعة على قبائل أو جماعات، لم يصرفه، كما قال [من الكامل]:
[369]-
غلب المساميح الوليد سماحة
و كفى قريش المعضلات و سادها
جعله اسما للقبيلة؛ كما قال الأعشى [من الطويل]:
[370]-
و لسنا إذا عدّ الحصى بأقلّة
و إنّ معدّ اليوم مود ذليلها
جعل «معدّ» اسما للقبيلة يدلّك على ذلك قوله: «مود ذليلها».
______________________________ [369]- التخريج: البيت لعدي بن الرقاع في ديوانه ص 40؛ و خزانة الأدب 1/ 203؛ و شرح أبيات سيبويه 2/ 282؛ و الطرائف الأدبيّة ص 90؛ و لسان العرب 6/ 335 (قرش)؛ و لجرير في لسان العرب 2/ 489 (سمح)؛ و لم أقع عليه في ديوانه؛ و بلا نسبة في ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 59.
اللغة: المساميح: جمع سمح، و هو الذي خلقه السماحة و الجود. المعضلات: الشدائد. سادها:
صار سيدها و والي أمورها.
المعنى: لقد تفوق الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي على أصحاب السماحة و الكرم، و قد ساد بعزته و كبريائه قريش و رفع من شأنها.
الإعراب: «غلب»: فعل ماض مبني على الفتحة. «المساميح»: مفعول به منصوب بالفتحة.
«الوليد»: فاعل مرفوع بالضمة. «سماحة»: تمييز منصوب بالفتحة. «و كفى»: الواو: عاطفة، «كفى»: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة، و الفاعل (هو). «قريش»: مفعول به منصوب بالفتحة. «المعضلات»:
مفعول به ثان منصوب بالكسرة بالنيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. «و سادها»: الواو: عاطفة، «سادها»: فعل ماض مبني على الفتحة و «ها»: مفعول به، و الفاعل «هو».
و جملة «غلب الوليد»: ابتدائية. و جملة «كفى قريش المعضلات»: معطوفة على ما قبلها لا محل لها من الإعراب. و جملة «سادها»: معطوفة على ما قبلها لا محل لها من الإعراب.
و الشاهد فيه قوله: «قريش» منع من الصرف لأن الشاعر أراد بها القبيلة، فكان منعه من الصرف جاريا على القاعدة المطردة لوجود سببين مانعين من الصرف.
[370]- التخريج: البيت للأعشى في شرح أبيات سيبويه 2/ 238؛ و ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 59؛ و ليس في ديوانه؛ و بلا نسبة في الكتاب 3/ 251؛ و لسان العرب 3/ 406 (معد).
اللغة: الحصى: كناية عن الكثرة. مود: مهلك.
المعنى: إذا كثر عدد من حصل من الأشراف و أهل المجد و العدد لم يكن عددنا قليلا فنهلك و نذهب و نضيع سدى من القلة و الذلة.
الإعراب: «و لسنا»: الواو: بحسب ما قبلها، «لسنا»: فعل ماض ناقص و «نا»: اسمها. «إذا»: اسم مبني في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان متعلق بخبر (ليس). «عدّ»: فعل ماض مبني للمجهول.
على أنّه قد يجوز أن يقول «مود ذليله»، لو أراد أبا القبيلة لأنّه يريد: جماعة معدّ، و لكنّ ترك الصرف قد أعلمك أنّه يريد القبيلة، و أنّ ذليلها على ذلك جاء.
فإذا قلت: «ولد كلاب كذا»، و «ولد تميم كذا»، فالتذكير و الصرف لا غير؛ لأنّك الآن إنّما تقصد الآباء. و أمّا قوله [من الطويل]:
[371]-
بكى الخزّ من عوف و أنكر جلده
و عجّت عجيجا من جذام المطارف
فإنّه جعله اسما للقبيلة.
______________________________ «الحصى»: نائب فاعل مرفوع بالضمة المقدرة. «بأقلة»: الباء: حرف جر زائد، «أ قلة»: اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنه خبر (لسنا). «و إن»: الواو: استئنافية، «إن»: حرف مشبه الفعل. «معدّ»: اسمها منصوب بالفتحة. «اليوم»: مفعول فيه ظرف زمان متعلق باسم الفاعل (مودي). «مود»: خبر إن مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة. «ذليلها»: فاعل لاسم الفاعل (مودي) مرفوع بالضمة و «ها»:
مضاف إليه.
و جملة «لسنا»: استئنافية، و كذلك جملة «إن معد ...». و جملة «عدّ»: في محل جرّ بالإضافة.
و الشاهد فيه قوله: «معد» منع من الصرف لأنه أريد به القبيلة، فمنع لاشتماله على العلمية و التأنيث.
[371]- التخريج: البيت لحميدة بنت النعمان في سمط اللآلي ص 180؛ و معجم الأدباء 11/ 20؛ و بلا نسبة في الكتاب 3/ 248؛ و ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 57.
اللغة: الخزّ: نوع من الثياب تنسج من صوف و إبريسم. عوف: و يروى «روح» و هو روح بن زنباع، أمير فلسطين في عهد عبد الملك بن مروان. عجّت: رفعت صوتها. جذام: قبيلة روح. المطارف: الثياب التي ميّزت أطرافها، و الأغلب أن تكون من الخزّ.
المعنى: لقد كره الثوب الصوفي جلد عوف هذا، و بكى لكثرة ملازمته جسده، و صاحت ثياب بني قومه صياحا منكرا بسبب رائحته.
الإعراب: بكى: فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف. الخز: فاعل مرفوع بالضمة. من عوف: جار و مجرور متعلّقان ب (بكى). و أنكر:: «الواو»: للعطف «أنكر»: فعل ماض مبني على الفتح، و «الفاعل»: ضمير مستتر تقديره (هو). جلده: مفعول به منصوب بالفتحة، و «الهاء»: ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. و عجّت: «الواو»: للعطف، «عجت»: فعل ماض مبني على الفتح، و «التاء»: للتأنيث.
عجيجا: مفعول مطلق منصوب بالفتحة. من جذام: جار و مجرور متعلقان ب (عجت). المطارف: فاعل (عجت) مرفوع بالضمّة.
و جملة «بكى»: ابتدائية لا محلّ لها. و جملة «أنكر»: معطوفة عليها لا محلّ لها؛ و كذلك جملة «عجّت».
و الشاهد فيه قوله: «جذام» حيث منع صرف الاسم على إرادة القبيلة.
و أمّا قولك: «هذه رقاش يا فتى» على مذهب بني تميم، و «هذه رقاش» في قول أهل الحجاز، فلهذا موضع سنبيّنه في عقب هذا الباب إن شاء اللّه.
و «رقاش» امرأة، و أبو القبيل عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، و كذلك «سلول»، و «سدوس»، فليس من هذا مصروفا إلّا في النكرة، و إنّما ذلك بمنزلة «باهلة»، و «خندف» و إن كان في «باهلة» علامة التأنيث.
***
هذا باب تسمية الرجال و النساء بأسماء السّور و الأحياء و البلدان
اعلم أنّك إذا سمّيت رجلا باسم شيء من ذلك على ثلاثة أحرف ليس فيه مانع ممّا قدّمنا ذكره، فهو مصروف و إن وقع في الأصل مؤنّثا، كما ذكرت لك في رجل يسمّى «هندا» أو «قدما» أو «فخذا».
فإن سمّي بشيء على أربعة أحرف أو أكثر، و كان عربيّا مذكّرا، فهو مصروف.
و إن كان أعجميّا أو مؤنّثا، لم ينصرف. و ذلك قولك في رجل يسمّى «حاميم»: «هذا حاميم مقبلا»؛ لأنّه أعجميّ على ما وصفت لك.
فإن سمّيته «صالحا» أو «شعيبا»، و ذلك الاسم اسم لسورة، انصرف؛ لأنّه في الأصل مذكّر، و إن علّقته على مؤنّث، فإنّما ذلك بمنزلة «غزال» و «سحاب»، سمّيت بواحد منهما امرأة، ثمّ سمّيت بذلك الاسم رجلا، فإنّما تردّه إلى أصله.
و إنّما ذكرنا أنّ «هندا» و «دعدا» و «جملا» أسماء مؤنّثة؛ لأنّها وقعت مشتقّة للتأنيث، فكانت بمنزلة ما أصله التأنيث إذ كان المؤنّث المختصّ بها.
و من ثمّ لا يصرف عند أكثر النحويّين «أسماء بن خارجة»؛ لأنّ «أسماء» قد اختصّ به النساء حتّى كأن لم يكن جمعا قطّ، و الأجود فيه الصرف و إن ترك إلى حالته التي كان فيها جمعا للاسم، و على ذلك صرف هؤلاء النحويّون «ذراعا» اسم رجل؛ لكثرة تسمية الرجال به، و أنّه وصف للمذكّر في قولك: «هذا حائط ذراع»، و الأجود ألّا يصرف اسم رجل؛ لأنّ «الذراع» في الأصل مؤنّثة.
*** فإن سمّيت السورة أو الرجل أو غير ذلك بفعل، أجريته مجرى الأسماء، و ذلك أنّك تقول إذا أضفت إلى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ 721 : «قرأت سورة اقتربه»؛ لأنّك إذا
سمّيت بفعل فيه تاء تأنيث صارت في الوقف هاء؛ لأنّك نقلته إلى اسم، فصار آخره كآخر «حمدة»؛ لأنّه في الأصل مدرج بالتاء، و التاء علامة التأنيث، و إنّما تبدل منها في الوقف «هاء»، و تقطع «ألف الوصل»؛ كما أنّك لو سمّيت رجلا بقولك: «اضرب» في الأمر، قطعت الألف حتى تصير كألفات الأسماء، فتقول: «هذا اضرب قد جاء»، فتصيّره بمنزلة «إثمد». فعلى هذا قلت: «هذه سورة اقتربه»، فإن وصلت، قلت: «هذه سورة اقتربت الساعة»؛ لأنّها الآن فعل رفعت بها «الساعة»، و سمّيت بهما جميعا؛ كما أنّك لو سمّيت رجلا: «قام زيد»، لقلت: «هذا قام زيد»؛ لأنّك سميت بفعل و فاعل.
و لهذا موضع نذكره فيه على حدته إن شاء اللّه.
***
هذا باب ما كان من الأسماء المعدولة على «فعال»
اعلم أنّ الأسماء التي تكون على هذا الوزن على خمسة أضرب: فأربعة منها معدولة، و ضرب على وجهه.
فذلك الضرب هو ما كان مذكّرا، أو مؤنّثا غير مشتقّ، و يجمع ذلك أن تكون ممّا أصله النكرة.
فأمّا المذكّر، فنحو قولك: «رباب»، و «سحاب»، و «جمال».
و أمّا المؤنّث، فنحو قولك: «عناق»، و «أتان»، و «صناع».
فما كان من هذا مذكّرا، فمصروف إذا سمّيت به رجلا، أو غيره من المذكّر.
و ما كان منه مؤنّثا، فغير مصروف في المعرفة، و مصروف في النكرة، لمذكّر كان أو لمؤنّث.
و أمّا ما كان معدولا، فمجراه واحد في العدل و إن اختلفت أنواعه.
فمن ذلك ما يقع في معنى الفعل، نحو قولك: «حذار يا فتى»، و «نظار يا فتى»، و معناه: احذر، و انظر. فهذا نوع.
و منه ما يقع في موضع المصدر، نحو قولك: «الخيل تعدو بداد يا فتى»، و معناه:
بددا. و مثله: «لا مساس يا فتى»، أي: لا مماسّة. فهذا نوع ثان.
و تكون صفة غالبة حالّة محلّ الاسم؛ كتسميتهم «المنيّة»: «حلاق يا فتى»، فهذا نوع ثالث.
و النوع الرابع ما كان معدولا للنساء؛ نحو: «حذام»، و «قطام»، إلّا أنّ جملة هذا أنّه لا يكون شيء من هذه الأنواع الأربعة إلّا مؤنّثة معرفة. فأمّا ما لم يكن كذلك، فغير داخل في هذا الباب. و نحن بادئون في تفسيره نوعا نوعا.
أمّا ما كان في معنى الأمر فإنّما كان حقّه أن يكون موقوفا؛ لأنّه معدول عن مصدر
فعل موقوف موضوع في موضعه، فإنّما مجازه مجاز المصادر، إلّا أنّها المصادر التي يؤمر بها؛ نحو: «ضربا زيدا»؛ كما قال اللّه عزّ و جلّ: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ 722 إلّا أنّ المصدر مقدّر مؤنّثا علما لهذا المعنى: و ذلك نحو قوله [من الرجز]:
[372]-
تراكها من إبل تراكها
[ أ لا ترى الموت لدى أوراكها ]
إنّما المعنى: اتركها إلّا أنّه اسم مؤنّث موقوف الآخر محرّك بالكسر، لالتقاء الساكنين، و حركته الكسر لما أذكره لك إن شاء اللّه، و من ذلك قوله [من الرجز]:
[373]-
مناعها من إبل مناعها