کتابخانه ادبیات عرب
هذا باب الاسمين اللذين لفظهما واحد و الآخر منهما مضاف
و ذلك قولك: «يا زيد زيد عمرو»، و يا تيم تيم عديّ.
فالأجود في هذا أن تقول: «يا تيم تيم عديّ»، فترفع الأوّل؛ لأنّه مفرد، و تنصب الثاني؛ لأنّه مضاف. و إن شئت، كان بدلا من الأوّل، و إن شئت، كان عطفا عليه عطف البيان، فهذا أحسن الوجهين.
و الوجه الآخر أن تقول: «يا تيم تيم عديّ»، و «يا زيد زيد عمرو».
و ذلك لأنّك أردت بالأوّل: «يا زيد عمرو»، فإمّا أقحمت الثاني تأكيدا للأوّل، و إمّا حذفت من الأوّل المضاف استغناء بإضافة الثاني. فكأنّه في التقدير: «يا تيم عديّ يا تيم عديّ»؛ كما قال [من مجزوء الكامل]:
[482]-
إلّا علالة أو بدا
هة قارح نهد الجزاره
______________________________ [482]- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص 209؛ و خزانة الأدب 1/ 172، 173، 4/ 404، 6/ 500؛ و الخصائص 2/ 407؛ و سرّ صناعة الإعراب 1/ 298؛ و شرح أبيات سيبويه 1/ 114؛ و شرح المفصل 3/ 22؛ و الشعر و الشعراء 1/ 163؛ و الكتاب 1/ 179، 2/ 166؛ و لسان العرب 4/ 135 (جزر)، 11/ 469 (علل)، 13/ 475 (بده)؛ و المقاصد النحوية 3/ 453؛ و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 626؛ و رصف المباني ص 358؛ و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 118؛ و المقرب 1/ 180.
اللغة: علالة الفرس: جريه بعد جري؛ و بداهته: أوّل جريه. القارح من الخيل: الذي بلغ أقصى أسنانه، فاكتملت. النهد: الغليظ السمين. الجزارة: اليدان و الرجلان و العنق.
المعنى: سنغير عليكم بخيولنا القادرة على الكرّ و الفرّ.
الإعراب: إلا: حرف استثناء. علالة: مستثنى ب «إلا» منصوب، و هو مضاف، و حذف المضاف إليه لدلالة المضاف إلى تابع «علالة» أي: «بداهة». أو بداهة: «أو»: حرف عطف، «بداهة»: معطوف على (علالة) منصوب بالفتحة. قارح: مضاف إليه مجرور بالكسرة. نهد: صفة (قارح) مجرور بالكسرة.
الجزارة: مضاف إليه مجرور بالكسرة و سكّن للضرورة الشعرية.
و الشاهد فيه قوله: «علالة أو بداهة» حيث حذف التنوين من (علالة) لأنه أضيف إلى مضاف إليه محذوف كما لاحظنا في الإعراب، و حذفه من (بداهة) لأنه في اللفظ كالمضاف.
أراد: إلّا علالة قارح، أو بداهة قارح، فحذف الأوّل لبيان ذلك في الثاني، فيكون الكلام على هذا: «مررت بخير و أفضل من ثمّ». و قال الفرزدق [من المنسرح]:
[483]-
يا من رأى عارضا أكفكفه
بين ذراعي و جبهة الأسد
أراد: بين ذراعي الأسد، و جبهة الأسد.
و ينشدون هذا البيت لجرير على الوجهين، و هو قوله [من البسيط]:
[484]-
يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم
لا يلقينّكم في سوأة عمر
______________________________ [483]- التخريج: البيت للفرزدق في خزانة الأدب 2/ 319، 4/ 404، 5/ 289، و شرح شواهد المغني 2/ 799؛ و شرح المفصل 3/ 21؛ و الكتاب 1/ 180؛ و المقاصد النحوية 3/ 451؛ و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 1/ 100، 2/ 264، 390؛ و تخليص الشواهد ص 87؛ و خزانة الأدب 10/ 187؛ و الخصائص 2/ 407؛ و رصف المباني ص 341؛ و سرّ صناعة الإعراب ص 297؛ و شرح الأشموني 2/ 336؛ و شرح عمدة الحافظ ص 502؛ و لسان العرب 3/ 92 (بعد)، 15/ 492 (يا).
اللغة: العارض: السحاب يعترض الأفق. ذراعا الأسد: كوكبان يدل ظهورهما على نزول المطر.
جبهة الأسد كواكب سميت كذلك لموقعها من برج الأسد، فهي له بموقع الجبهة من الرأس.
المعنى: أيها القوم، من يبشّرني برؤية الغمام بين موقعي ذراعي، و جبهة الأسد في السماء، فأفرح، و تفرحون لأن هذا يعني المطر و الخصب.
الإعراب: يا من: «يا»: حرف نداء، «من»: اسم موصول بمعنى الذي في محل نصب على النداء.
رأى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف، و الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. عارضا:
مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. أكفكفه: فعل مضارع مرفوع بالضمة و فاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا، و الهاء: ضمير في محل نصب مفعول به. بين: مفعول فيه ظرف مكان منصوب متعلق بالفعل رأى و هو مضاف. ذراعي: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى و حذفت النون للإضافة. و جبهة الأسد:
«الواو»: عاطفة، «جبهة»: اسم معطوف على ذراعي مجرور بالكسرة الظاهرة و هو مضاف، «الأسد»: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
و جملة «يا من رأى»: ابتدائية لا محلّ لها. و جملة «رأى»: صلة الموصول لا محل لها. و جملة «أكفكفه»: في محل نصب صفة ل «عارضا».
و الشاهد فيه قوله: «بين ذراعي و جبهة الأسد» حيث فصل بين المضاف و المضاف إليه بما ليس ظرفا و التقدير؛ بين ذراعي الأسد و جبهته.
[484]- التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 212؛ و الأزهية ص 238؛ و الأغاني 21/ 349؛ و خزانة الأدب 2/ 298، 301، 4/ 99، 107؛ و الخصائص 1/ 345؛ و الدرر 6/ 29؛ و شرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ و شرح شواهد المغني 2/ 855؛ و شرح المفصل 2/ 10؛ و الكتاب 1/ 53، 2/ 205؛ و اللامات ص 101؛ و لسان العرب 14/ 11 (أبي)؛ و المقاصد النحوية 4/ 240؛ و نوادر أبي زيد ص 139؛ و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 4/ 204؛ و أمالي ابن الحاجب 2/ 725؛ و جواهر الأدب ص 199، 421؛ و خزانة
الأجود: «يا تيم تيم عديّ»، لأنّه لا ضرورة فيه، و لا حذف، و لا إزالة شيء عن موضعه، و كذلك [من الرجز].
[485]-
يا زيد زيد اليعملات الذّبّل
تطاول اللّيل عليك فانزل
***______________________________ الأدب 8/ 317، 10/ 191؛ و رصف المباني ص 245؛ و شرح الأشموني 2/ 454؛ و شرح المفصل 2/ 105، 3/ 21؛ و مغني اللبيب 2/ 457؛ و همع الهوامع 2/ 122.
اللغة: السوءة: الشرّ و التهلكة. عمر: هو عمر بن لجأ.
المعنى: يخاطبهم الشاعر محذّرا من أن يوقعهم عمر في الشرّ و التهلكة.
الإعراب: «يا»: حرف نداء. «تيم»: منادى مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب، و يجوز نصبه على الإضافة إلى متلوّ الثاني كما قال سيبويه. «تيم»: منادى بحرف نداء محذوف تقديره: «يا تيم» منصوب، و هو مضاف. «عدي»: مضاف إليه مجرور. «لا»: النافية للجنس. «أبا»: اسم «لا» منصوب بالألف لأنّه من الأسماء الستّة، «لكم»: اللام: مقحمة بين المضاف و المضاف إليه، و «كم»: ضمير متّصل في محلّ جرّ بالإضافة، و خبر «لا» محذوف تقديره: «موجود». «لا»: حرف نفي. «يلقينّكم»؛ فعل مضارع مبنيّ على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، و النون للتوكيد، و «كم»: ضمير في محلّ نصب مفعول به. «في سوأة»:
جار و مجرور متعلّقان ب «يوقع». «عمر»: فاعل مرفوع.
و جملة «يا تيم»: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. و جملة «لا أبا لكم»: اعتراضيّة لا محلّ لها من الإعراب. و جملة «لا يلقينّكم ...»: استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: «يا تيم تيم عديّ» حيث أقحم «تيم» الثانية بين المضاف «تيم» الأولى، و المضاف إليه «عدي» فوجب نصب الثانية، و جاز في الأولى النصب و البناء على الضمّ.
[485]- التخريج: الرجز لعبد اللّه بن رواحة في ديوانه ص 99؛ و خزانة الأدب 2/ 302، 304؛ و الدرر 6/ 28؛ و شرح أبيات سيبويه 2/ 27؛ و شرح شواهد المغني 1/ 433، 2/ 855؛ و لبعض بني جرير في شرح المفصل 2/ 10؛ و الكتاب 2/ 206؛ و المقاصد النحوية 4/ 221؛ و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 1/ 100؛ و شرح الأشموني 2/ 454؛ و اللامات ص 102؛ و لسان العرب 11/ 476 (عمل)؛ و مغني اللبيب 2/ 457؛ و الممتع في التصريف 1/ 95؛ و همع الهوامع 2/ 122.
اللغة: اليعملات: الإبل القويّة على العمل. الذبّل: الضامرة.
الإعراب: «يا»: حرف نداء. «زيد»: منادى مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب، أو منادى منصوب لأنّه مضاف إلى متلو الثاني كما قال سيبويه. «زيد»: منادى منصوب، و هو مضاف. «اليعملات»: مضاف إليه.
«الذبّل»: نعت «اليعملات» مجرور. «تطاول»: فعل ماض. «الليل»: فاعل مرفوع. «عليك»: جار و مجرور متعلّقان ب «تطاول». «فانزل»: الفاء استئنافيّة، «انزل»: فعل أمر، و فاعله ضمير مستتر تقديره: «أنت».
و جملة النداء «يا زيد»: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. و جملة «تطاول ...»: استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: «يا زيد زيد اليعملات» حيث أقحم «زيد» الثانية بين المضاف «زيد» الأولى و المضاف إليه «اليعملات» فوجب نصب الثانية، و جاز في الأولى النصب أو البناء على الضمّ.
هذا باب الاسمين اللذين يجعلان بمنزلة اسم واحد
و إنّما الثاني في الحقيقة نعت للأوّل، و لكنّهما جعلا بمنزلة الأسماء التي يتبع آخر حرف منها ما قبله.
و تلك الأسماء نحو قولك: «أخوك»، فتضمّ الخاء من أجل الواو في الرفع، و تفتح في النصب، و تكسر في الخفض إتباعا لما بعدها، و كذلك: «ذو مال».
و «امرؤ» يا فتى. تقول: «هذا امرؤ»، و «مررت بامرئ»، و «رأيت امرأ»، فتكون الراء تابعة للهمزة.
و ذلك قولك: «يا زيد بن عمرو»، فجعلت «زيدا» «و ابنا» بمنزلة اسم واحد، و أضفته إلى ما بعده.
و الأجود أن تقول: «يا زيد بن عمرو» على النعت، و البدل.
و إنّما يجوز أن تقول: «يا زيد بن عمرو»، إذا ذكرت اسمه الغالب، و أضفته إلى اسم أبيه، أو كنيته؛ لأنّه لا ينفكّ من ذلك، فهو بمنزلة اسمه الذي هو له.
فإن قلت: «ابن أخينا»، و «يا زيد ابن ذي المال»، لم يكن إلّا كقولك: «يا زيد ذا الجمّة»، و كذلك: «يا رجل ابن عبد اللّه». كأنّك قلت: «يا رجل يا ابن عبد اللّه».
و على هذا ينشد هذا البيت [من الرجز]:
[486]-
يا حكم بن المنذر بن الجارود
[ سرادق المجد عليل ممدود ]
و لو أنشد: «يا حكم بن المنذر»، كان أجود على ما وصفنا في صدر الباب.
***______________________________ [486]- التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 172؛ و للكذاب الحرمازي في شرح أبيات سيبويه 1/ 472؛ و الشعر و الشعراء 2/ 689؛ و الكتاب 2/ 203؛ و لرؤبة أو للكذاب الحرمازي في شرح التصريح 2/ 169؛ و لسان العرب 10/ 158 (سردق)؛ و المقاصد النحوية 4/ 210؛ و بلا نسبة في رصف المباني ص 356؛ و سرّ صناعة الإعراب 2/ 526؛ و شرح الأشموني 2/ 446؛ و شرح المفصل 2/ 5.
______________________________ شرح المفردات: حكم بن المنذر: أحد أمراء البصرة في عهد هشام بن عبد الملك. الجارود: من الجرد، لقّب به جدّ الممدوح لإغارته على قوم، فشبّهوه بالسيل. السرادق: الخباء.
المعنى: يمدح الراجز الحكم بن المنذر بأنّه عالي المنزلة، و سامي القدر، و ميمون الطلعة.
الإعراب: «يا»: حرف نداء. «حكم»: منادى يجوز بناؤه على الضمّ أو منصوب. «بن»: نعت «حكم» منصوب، تبعه في المحلّ، و هو مضاف. «المنذر»: مضاف إليه مجرور. «بن»: نعت «المنذر» مجرور، و هو مضاف. «الجارود»: مضاف إليه مجرور، و سكّن للضرورة الشعريّة. «سرادق»: مبتدأ مرفوع، و هو مضاف. «المجد»: مضاف إليه مجرور. «عليك»: جار و مجرور متعلّقان ب «ممدود». «ممدود»: خبر المبتدأ مرفوع و سكّن للضرورة الشعريّة.
و جملة النداء «يا حكم»: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. و جملة «سرادق .. ممدود»: استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: «يا حكم» بجواز البناء على الضمّ و الفتح لاتصاله ب «ابن» المضافة إلى علم.
هذا باب الحروف التي تنبّه بها المدعوّ و هي: «يا»، و «أيا»، و «هيا»، و «أي»، و «ألف الاستفهام»
فهذه الحروف سوى الألف تكون لمدّ الصوت.
و تقع «وا» في النّدبة، و فيما مددت به صوتك؛ كما تمدّه بالندبة و إنّما أصلها للندبة.
و قد تبتدئ الاسم منادى بغير حرف من هذه الحروف. و ذلك قوله [من البسيط]:
[487]- 829
حار بن عمرو أ لا أحلام تزجركم
عنّا و أنتم من الجوف الجماخير
______________________________ [487]- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص 178؛ و خزانة الأدب 4/ 72، 75؛ و شرح أبيات سيبويه 1/ 554؛ و شرح شواهد المغني 1/ 210؛ و المقاصد النحوية 2/ 362؛ و بلا نسبة في شرح شواهد الإيضاح ص 107؛ و لسان العرب 15/ 208 (قوا).
اللغة: الجوف: جمع أجوف، و هو العظيم الجوف. و الجماخير: جمع جمخور، و هو الضعيف.
المعنى: أيها القوم أ ليس لديكم من الحكمة ما يحول تطاولكم عليّ و الظاهر أنه ليس لديكم إلا البطون العظيمة، و العقول الصغيرة، فأحلامكم أحلام العصافير، و أجسامكم أجسام البغال.
الإعراب: «حار»: منادى مفرد علم مبني على الضم، و يروى بالكسر فنقدّر الضم على التاء المحذوفة للترخيم. «ابن»: صفة ل «حارث» منصوب على المحل. «عمرو»: مضاف إليه مجرور بالكسرة. «أ لا»:
الهمزة: للاستفهام، «لا»: نافية للجنس. «أحلام»: اسم «لا» مبني على الفتح. «تزجركم»: فعل مضارع مرفوع، و الفاعل مستتر تقديره (هو)، و كم: مفعول به محله النصب. «عنّا»: جار و مجرور متعلقان ب «تزجر». «و أنتم»: الواو: حالية، «أنتم»: مبتدأ محله الرفع. «من الجوف»: جار و مجرور متعلقان بالخبر المحذوف. «الجماخير»: صفة ل «الجوف» مجرورة بالكسرة.
و جملة «حار بن عمرو»: ابتدائية لا محل لها. و جملة «أ لا أحلام مع الخبر المحذوف»: استئنافية لا محل لها. و جملة «تزجركم»: حال أو صفة ل (أحلام) و في الحالين محلها النصب. و جملة «و أنتم من الجوف»: حالية محلها النصب.
و الشاهد فيه قوله: «حار بن عمرو» حيث نادى «حارث» مرخّما دون حرف نداء.
و قال اللّه جلّ و عزّ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ 830 .
فأمّا الألف فكقوله [من المتقارب]:
[488]-
أ حار بن عمرو كأنّي خمر
و يعدو على المرء ما يأتمر
و كقول الآخر [من الطويل]:
[489]-
أ حار أرى برقا أريك وميضه