کتابخانه ادبیات عرب
و تقول على هذا: «قنّسرون» [2]، و «مررت بقنّسرين»، و «هذه يبرون» [2]، و «مررت بيبرين».
و من لم يقل هذا، و قال: «قنّسرين» كما ترى، و جعل الإعراب في النون، و قال:
«هذه سنون» فاعلم، فإنّه يفعل مثل هذا بالمؤنّث إذا كان واحدا، و يجيزه في الجمع؛ كما تقول: «هؤلاء مسلمين» فاعلم، كما قال الشاعر [من الوافر]:
[359]-
و ما ذا يدّري الشّعراء منّي
و قد جاوزت حدّ الأربعين
______________________________ [1] قنّسرين: اسم مدينة. (انظر: معجم البلدان 4/ 403).
[2] يبرين: اسم مدينة. (انظر: معجم البلدان 5/ 427).
[359]- التخريج: البيت لسحيم بن وثيل في إصلاح المنطق ص 156؛ و تخليص الشواهد ص 74؛ و تذكرة النحاة ص 480؛ و خزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68؛ و حماسة البحتري ص 13؛ و الدرر 1/ 140؛ و سرّ صناعة الإعراب 2/ 627؛ و شرح التصريح 1/ 77؛ و شرح ابن عقيل ص 41؛ و شرح المفصل 5/ 11؛ و لسان العرب 3/ 513 (نجذ)، 8/ 99 (ربع)، 14/ 255 (دري)؛ و المقاصد النحويّة 1/ 191؛ و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 7/ 248؛ و جواهر الأدب ص 155؛ و شرح الأشموني 1/ 38، 39؛ و همع الهوامع 1/ 49.
المعنى: يقول: ما ذا يريد الشعراء منّي، و كيف يمنّون أنفسهم في خديعتي و قد بلغت سنّ الأربعين، و هي سنّ الحنكة و التجربة و الاختبار؟
الإعراب: «و ما ذا»: الواو: بحسب ما قبلها، «ما ذا»: اسم استفهام في محلّ نصب مفعول به مقدّم ل «يدّري». أو «ما»: اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ أو خبر مبتدأ مقدّم، و «ذا»: اسم موصول في محلّ رفع خبر المبتدأ «ما» أو مبتدأ مؤخّر. «يدّري»: فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل.
«الشعراء»: فاعل مرفوع بالضمة، و تكون جملة «يدّري» صلة الموصول تقديرها: «ما الذي تدّريه الشعراء منيّ». «منيّ»: جار و مجرور متعلّقان ب «يدّري». «و قد»: الواو: حالية، «قد»: حرف تحقيق. «جاوزت»:
فعل ماض مبني على السكون، و التاء: ضمير في محلّ رفع فاعل. «حدّ»: مفعول به منصوب بالفتحة، و هو مضاف. «الأربعين»: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
و جملة «ما ذا» الاسمية: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. و جملة «تبتغي الشعراء»: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، أو ابتدائية لا محل لها من الإعراب اذا أعربنا «ما ذا» مفعولا به. و جملة «و قد جاوزت» الفعلية: في محل نصب حال.
الشاهد فيه قوله: «الأربعين» حيث أعرب بالحركات، فجرّ بالكسرة، و لم يعامل معاملة جمع المذكر السالم الذي هو الأكثر شيوعا. و قيل: إنّ كسرة النون، هنا، لغة من لغات العرب، و قيل: كسرت النون على ما هو الأصل في التخلّص من التقاء الساكنين.
و قال الآخر [من البسيط]:
[360]-
إنّي أبيّ أبيّ ذو محافظة
و ابن أبيّ أبيّ من أبيّين
و قال اللّه عزّ و جلّ فيما كان واحدا: وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ 702 فمن رأى هذا، قال: «هذه عرفات مباركا فيها»، و على هذا ينشد هذا البيت [من الطويل]:
[361]-
تنوّرتها من أذرعات و أهلها
بيثرب أدنى دارها نظر عالي
______________________________ [360]- التخريج: البيت لذي الإصبع العدواني في خزانة الأدب 8/ 66، 68؛ و سرّ صناعة الإعراب 2/ 628؛ و شرح المفصل 5/ 13؛ و لسان العرب 14/ 5 (أبي)؛ و بلا نسبة في مجالس ثعلب 1/ 213.
الإعراب: إني: حرف مشبه بالفعل، و «ياء» المتكلم ضمير متصل، في محل نصب اسم (إن). أبيّ:
خبر (إن) مرفوع. أبيّ: توكيد لفظي ل (أبيّ) الأولى. ذو: خبر ثان مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة.
محافظة: مضاف إليه. و ابن: «الواو»: حرف عطف، «ابن»: معطوف على (ذو). أبيّ: مضاف إليه. أبي:
توكيد لفظي. من أبيين: جار و مجرور متعلقان بصفة (أبيّ).
و جملة «إني أبيّ»: ابتدائية لا محل لها.
و الشاهد فيه قوله: (من أبيّين) حيث جر جمع المذكر السالم بالكسرة لا بالياء خلافا للقياس، و قد حمل ذلك بعضهم على الضرورة.
و قال الآخر [من الوافر]:
[362]-
تخيّرها أخو عانات دهرا
[ و رجّى أولها عاما فعاما ]
و الوجه المختار في الجمع ما بدأت به، و أمّا الواحد؛ نحو: «غسلين»، و «علّيّين»، فالوجهان مقولان معتدلان.
***______________________________ بالإضافة. «نظر»: خبر المبتدأ مرفوع. «عال»: نعت «نظر» مرفوع بالضمّة المقدرة على الياء المحذوفة لأنّه اسم منقوص.
و جملة «تنوّرتها ...» الفعلية: ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. و جملة «و أهلها بيثرب» الاسمية: في محلّ نصب حال. و جملة «أدنى دارها نظر» الاسمية: استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: «أذرعات» حيث يجوز فيه:
1- الكسر مع التنوين، و ذلك مراعاة ل «أذرعات» قبل التسمية به، فهو جمع مؤنّث سالم. و هذا الجمع يجرّ بالكسرة الظاهرة، و ينوّن تنوين مقابلة لا تنوين تنكير.
2- الكسر بلا تنوين، لأنّه جمع بحسب أصله، و علم لمؤنّث بحسب حاله، فجرّ بالكسرة كما يجر جمع المؤنّث السالم، و منع من التنوين كما يمنع العلم المؤنّث.
3- الفتح بغير تنوين لأنّه علم مؤنث ممنوع من الصرف.
[362]- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص 247؛ و خزانة الأدب 1/ 56؛ و سرّ صناعة الإعراب 2/ 497؛ و لسان العرب 4/ 53 (برر)، 13/ 300 (عون).
اللغة: الهاء في (تخيرها)، و (أولها) تعود على خمر يصفها، و تخيّرها: اختارها. و عانات: مكان بعينه. و أولها: ما يعود عليه من ربحها.
المعنى: يريد أن تاجر هذه الخمر ظلّ في عانات دهرا ينتقيها، ثم حبسها عنده مرجّيا ما يعود عليه منها عاما بعد عام.
الإعراب: تخيّرها: فعل ماض، و «ها»: مفعول به. أخو: فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة.
عانات: مضاف إليه مجرور. دهرا: مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بالفعل (تخيّرها). و رجّى: الواو حرف عطف، و «رجّي»: فعل ماض مبنيّ على الفتحة المقدّرة على الألف للتعذّر، و فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. أولها: مفعول به منصوب بالفتحة، و «ها»: ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
عاما: مفعول فيه منصوب بالفتحة متعلق ب «رجّى». فعاما: الفاء حرف عطف، و «عاما» اسم معطوف منصوب بالفتحة.
و جملة «تخيّرها»: ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. و جملة «رجّى»: معطوفة على جملة «تخيّرها» لا محلّ لها من الإعراب.
و الشاهد فيه: حذف التنوين من (عانات).
هذا باب ما لحقته ألف و نون زائدتان
أمّا ما كان من ذلك على «فعلان» الذي له «فعلى»، فقد تقدّم قولنا فيه أنّه غير مصروف في معرفة و لا نكرة.
و إنّما امتنع من ذلك لأنّ النون اللاحقة بعد الألف بمنزلة الألف اللاحقة بعد الألف للتأنيث في قولك: «حمراء»، و «صفراء». و الدليل على ذلك أنّ الوزن واحد في السكون، و الحركة، و عدد الحروف، و الزيادة.
و أنّ النون و الألف تبدل كلّ واحدة منهما من صاحبتها.
فأمّا بدل النون من الألف، فقولك في «صنعاء»، و «بهراء»: «صنعانيّ»، و «بهرانيّ».
و أمّا بدل الألف منها فقولك- إذا أردت «ضربت زيدا» فوقفت- قلت: «ضربت زيدا»، و في قولك: «اضربن زيدا» و لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ 703 إذا وقفت قلت: «اضربا زيدا»، و «لنسفعا».
و زعم الخليل أنّ الدليل على ذلك: أنّ كلّ مؤنّث تلحقه علامة التأنيث بعد التذكير، فإنّما تلحقه على لفظه إلّا ما كان مضارعا لتأنيث أو بدلا في أنّ علامة التأنيث لا تلحقه على لفظه؛ لأنّه لا يدخل تأنيث على تأنيث، و كذلك لا يدخل على ما كان بمنزلته.
أ لا ترى أنّك لا تقول: «حمراءة»، و لا «صفراءة».
فكذلك لا تقول: «غضبانة»، و لا «سكرانة» [2]، و إنّما تقول: «غضبى»، و «سكرى».
فإن كان «فعلان» ليس له «فعلى»، أو كان على غير هذا الوزن ممّا الألف و النون فيه زائدتان، انصرف في النكرة، و لم ينصرف في المعرفة؛ نحو: «عثمان»، و «عريان»، و «سرحان».
و إنّما امتنع من الصرف في المعرفة للزيادة التي في آخره؛ لأنّها كالزيادة التي في آخر «سكران».
و انصرف في النكرة؛ لأنّه ليست مؤنّثه «فعلى»؛ لأنّك تقول: في مؤنثه: «عريانة» و «خمصانة»، فقد وجبت فيه حقيقة التذكير فمنزلة هذا من باب «غضبان» كمنزلة «أفكل» [1] من باب «أحمر»، و كمنزلة «حبنطى» [2] من باب «حبلى» و «سكرى».
و سنذكرها بعقب هذا الباب إن شاء اللّه.
فأمّا «حسّان»، و «سمّان»، و «تبّان» فأنت في هذه الأسماء مخيّر:
إن أخذت ذلك في «السمن»، و «التبن»، و «الحسن»، فإنما وزنها «فعّال».
و إن أخذت «حسّان» من «الحسّ»، و «سمّان» من «السّمّ»، و «تبّان» من «التبّ»، لم تصرفه في المعرفة لزيادة الألف و النون، و صرفته في النكرة.
فأمّا «فينان» فالنون فيه أصل بمنزلة الدال في «حمّاد»، و ذلك منصرف في المعرفة و النكرة؛ لأنّ معناه: كثير الفنون، كأفنان الشجر، فهو منصرف على كلّ حال، و تقديره من الفعل «فيعال» على وزن «بيطار».
و كذلك: «مرّان» لأنّه «فعّال»، و معناه: «المرانة»، أي: «اللّين».
فعلى هذا تصريف ما ينصرف و ما لا ينصرف من هذا الباب.
فأمّا ما كانت نونه زائدة و ليست فيها ألف، فمنصرف في المعرفة و النكرة؛ لأنّه لا يشبه «فعلان فعلى» المنقلبة نونه من ألفه.
فمن ذلك: «رعشن» إنّما هو من «الارتعاش» قال [من الرجز]:
[363]-
من كلّ رعشاء و ناج رعشن
______________________________ [1] الأفكل: الرعدة، و اسم موضع. (لسان العرب 11/ 530 (فكل)).
[2] الحبنطى: الممتلئ غضبا أو بطنة. (لسان العرب 7/ 271 (حبط)).
[363]- التخريج: الرجز لرؤبة في ديوانه ص 162؛ و المنصف 3/ 26؛ و بلا نسبة في المنصف 1/ 166.
و كذلك: «سرحان» لو صغّرته فقلت: «سريحين»، لصرفت «سريحينا» في المعرفة و النكرة، و ما كان مثله نحو تصغيرك «سلطانا»، و «ضبعانا» إذا قلت: «سليطين»، و «ضبيعين».
و كذلك «ضيفن» النون زائدة؛ لأنّه الذي يجيء مع الضيف، فتقدّره: «فعلن».
***______________________________ اللغة: الرعشاء: الناقة السريعة لاهتزازها، و الجمل رعشن، أي: سريع لاهتزازه في السير. و ناج: سريع أيضا.
المعنى: يريد أن راحلته في هذه الرحلة ركوبة من هذه الركائب السريعة.
الإعراب: من كل: جار و مجرور متعلقان بحال من (المنتحيات) في البيت السابق. رعشاء: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف. و ناج: «الواو»: حرف عطف، «ناج»: معطوف على (رعشاء) مجرور بكسرة مقدرة على الياء المحذوفة. رعشن: صفة ل (ناج) مجرورة.
و الشاهد فيه: أن (فعلن) وزن تأتي عليه الصفة، ف (رعشن) وزنها (فعلن) و هي صفة كما لاحظنا.
هذا باب ما كانت آخره ألف مقصورة للتأنيث، و للإلحاق
أمّا ما كانت ألفه للتأنيث، نحو: «حبلى»، و «سكرى»، فقد تقدّم قولنا فيه أنّه لا ينصرف في معرفة و لا نكرة.
و أمّا ما كانت الألف فيه زائدة للإلحاق فمصروف في النكرة؛ لأنّه ملحق بالأصول، و ممنوع من الصرف في المعرفة؛ لأنّ ألفه زائدة كزيادة ما كان للتأنيث، فموضعه من «حبلى» و أخواتها كموضع «أفكل» من «أحمر»، و كموضع «عثمان» من «عطشان».
فمن ذلك «حبنطى» إنّما هو من «حبط بطنه»، فالنون و الألف زائدتان؛ لتبلغ بهما بناء «سفرجل»، و على هذا تقول للمرأة: «حبنطاة»، و لو كانت الألف للتأنيث، لم تدخل عليها الهاء؛ لأنّه لا يدخل تأنيث على تأنيث.
و كذلك: «أرطى» ملحق ب «جعفر»، و وزنه «فعلى» ملحق ب «فعلل»، و على ذلك تقول في الواحدة: «أرطاة».
و مثله: «معزى» ملحق ب «هجرع» [1]، و «درهم».
فأمّا ما كان مثل: «ذفرى» [2]، و «تترى» [3] الذي يكون فيه الأمران: الإلحاق و التأنيث، و ما كان من بابه فسنذكره في موضعه إن شاء اللّه.
***______________________________ [1] الهجرع: من وصف الكلاب السلوقيّة الخفاف، و الطويل الممشوق، و الأحمق من الرجال. (لسان العرب 8/ 368 (هجرع)).
[2] الذفرى: العظم الشاخص خلف الأذن، و هو من القفا: هو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن.
(لسان العرب 4/ 307 (ذفر)).