کتابخانه روایات شیعه
و جلى بمعنى واحد كما يقال تصدق و صدق و تحدث و حدث و النظر إلى الشيء يقول تجلى فلان لفلان إذا نظر إليه و تجلى البازي للصيد إذا رفع رأسه ناظرا إليه فالأول غير جائز على الله تعالى لأن الظهور و الكمون تغير و هو من صفات المحدث و لو أراد تعالى ذاته لم يكن لذلك معنى لأن المتجلي يكون إما بمقابلة أو ظهور فلو أريد به المقابلة فصار الجبل دكا وجب أن يستقر له مكان في العرش و غيره بل يصير دكا و إن أراد ظهر لكان لا يصح لأنه تعلق نفي الرؤية بأن لا يستقر الجبل و المعلوم أنه لا يستقر بأن ينكشف له و يرى لأن ذلك في حكم أن يجعل الشرط في أن لا يرى ما يوجب أن يرى و ذلك متناقض و يحتمل أنه لما أظهر الله تعالى للجبل من آيات الآخرة صار الجبل دكا إذ قد بينا أن ظهوره ظهور آياته كما قال الحسن تجلى ربه بدا له نور العرش-
و في رواية تجلى الله علما من أعلام يوم القيامة فاقتلع الجبل.
و يحتمل أن يكون في الكلام تقديم و تأخير فيكون معناه فلما تجلى موسى للجبل أي فلما رفع رأسه ناظرا إليه جعله ربه دكا و ذلك أنه قال انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ و نظيره أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ و تقديره أ لم تر إلى الظل كيف مده ربك
فصل [في اللقاء]
قوله تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ - يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ التعلق بظواهرها لا يصح لأن اللقاء عندهم أفضل ثواب الله و الله تعالى حذرهم من لقائه بعد الأمر باتقائه و هم متى ما اتقوه لقوه بزعمهم و متى ما لم يتقوه لم يلقوه فالتوعد بذلك لا يصح عندهم لأنه من أفضل الثواب و لو كان اللقاء الرؤية لرآه المؤمنون و الكافرون لأنه أخبر أنهم الذين يعلمون و يعتقدون أنهم ملاقو الله و عندهم أنه إنما يراه المستحقون لثوابه و ليس أحد يعلم يقينا أنه مستحق للثواب فإذا لم يجز أن يعلم أحد أنه يراه صح أن الملاقاة غير الرؤية و الملاقاة مفاعلة من اللقاء و أصله استقبال الشيئين أحدهما للآخر يقال داري تلقاء داره و يستعمل في الرؤية لاستقبال الرائي المرئي و الظاهر يقتضي أنهم يستقبلون الله و الله يستقبلهم و لو تركوا الظاهر سقط تعلقهم و إن كانت الملاقاة استقبال أحد الشيئين للآخر فلا معنى للتوعد به لأنهما لا يوجبان تحذيرا و لا تخويفا و ظاهر اللفظ يوجب أنهم يعلمون أنهم يلقونه في الوقت-
لأنه أخبر أنهم يعلمون أنهم ملاقوه و لم يقل سيلقونه في الآخرة و متى قلت فلان يلاقي فلانا فإنه يجب للحال و إذا لم يكن في الوقت كذلك سقط التعلق و لا يرد إلى الاستقبال لأنه عدول عن الظاهر و اللقاء مجاز في الرؤية لأنه يستعمل في ممارسة الشيء و إن لم يصح الرؤية عليه يقال لقيت منه شرا و برحا و لقيت منه الأمرين- لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ
فمن يلق خيرا يحمد الله أمره
يلاقي كما لاقى مجير أم عامر
و على سبيل التوعد يجب أن تلقى الأمير- فَإِذا لَقِيتُمُ وَ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ و إذا كان مجازا لم يجز رده إليها إلا بدليل و متى منع الجري على ظاهره وجب رد المعنى إلى ما يصح الجري عليه كقوله وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ يؤكد ذلك قوله فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ معناه يوم يلقون جزاءه لأن المنافقين لا يرون الله عند أحد من أهل الصلاة و كذلك قوله وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ إلى آخر الآية معناه إذ وقفوا على جزاء ربهم لأن الكفار لا يرون الله عند أحد من الأمة و يستحيل الرؤية لموجب كون المرئي جسما كثيفا بأكثف من شعاع العين في محاذاة مخصوصة متوسطا في القرب و البعد من الرائي فلما استحال عليه ما به تصح الرؤية استحالت الرؤية عليه فوجب صرف ما ينفى عنه من الألفاظ إلى غيره و قد فسره الله تعالى بما لا إشكال فيه أن جميع الناس يلقونه ثم بين كيفية اللقاء من سرور أو ثبور.
قوله سبحانه قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها أي خسر هؤلاء الكفار الذين كذبوا بلقاء ما وعد الله به من الثواب و العقاب و جعل لقاءهم لذلك لقاءه تعالى مجازا كما يقول المسلمون لمن مات منهم لقد لقي الله و صار إليه يعنون لقاء ما يستحقه من الله كما قال وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ و الموت لا يشاهد أي رأيتم أسبابه و أنتم تنظرون
فصل [في الحجاب]
قوله تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ الظاهر أنه لا دلالة
على ما قالوه لأن الزيادة لا تعقل بمعنى الرؤية فإذا لا يجوز أن يخاطب الله عباده بما ليس في لغتهم إلا مع البيان لذلك و إنما يصح ذلك في الشرع من حيث لم يكن لما أمر به في أصل اللغة اسم موضوع و ليس كذلك الرؤية و لا بيان هاهنا و أما حمل الآية على الحديث المروي عن أبي بكر فإسناده غير مرضي ثم إن رد ذلك إلى مخصوص جائز ما لم يرده اللغة و الأصول فاللغة تنفي ذلك لأن الزيادة على الشيء لا تكون إلا من جنس ذلك الشيء أ لا ترى أنه لا يجوز أن يقول له عشرة دراهم و زيادة ثم تكون الزيادة ثوبا و إن الزيادة على الشيء لا تكون أفضل من الشيء المذكور بل تكون دونه فلما كانت رؤيته أفضل من جميع الثواب و من الجنة لم يجز أن يكون المراد بلفظ الزيادة الرؤية و قوله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى مثل قوله عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى فمعنى الحسنى الثواب و معنى السوء العقاب و معنى الآية مفسر في القرآن في مواضع و هو أنه يعني به أن للمحسن جزاء إحسانه و زيادة تحصل له لا يستحقها بفعله كما قال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ فبين أن الزيادة من فضله و لم يقل من رؤيته و لا معدل عما بينه الله و قد فسره المفسرون قال ابن عباس و الحسن و مجاهد و قتادة الحسنى الثواب المستحق و الزيادة التفضل على قدر المستحق على طاعاتهم من الثواب و هي المضاعفة المذكورة في قوله- فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و قال أبو صالح و الكلبي نحو ذلك و قيل ما يأتيهم في كل وقت من فضل الله مجددا-
الباقر ع الزيادة هي ما أعطاهم الله من النعم في الدنيا لا يحاسبهم به في الآخرة.
أمير المؤمنين ع الزيادة غرفة من لؤلؤه واحدة لها أربعة أبواب.
قوله سبحانه كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ليس في الآية ذكرها و لا محجوبين إثبات لكونهم غير محجوبين لأن اللفظ لا يدل عليه و لا ينبئ عنه و المتروك ذكره لا يدل على أنه بخلاف المذكور بل يكون موقوفا على الدليل على أن ما ذكر أنهم محجوبون عنه في يوم القيامة و عند القوم لا يراه أحد في ذلك الوقت بل الكل محجوبون و لو كان منعا عن الرؤية لناقض قوله- وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ فهذه تخبر عن وقوفهم عليه و تلك تخبر عن كونهم غير محجوبين عنه و يأتي لفظ الحجاب فيما هو أبلغ من الرؤية فيقال فلان محجوب عن الإرث إذا كان من لأجله لا يستحق الإرث و فلان محجوب عن ماله أي ممنوع من التوصل إليه و على هذا تأول الآية على أن الاستدلال بالآية مبني على دليل الخطاب و هو باطل
فصل [في الرؤية]
قوله تعالى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى تعلقهم بذلك فاسد لأن التدلي في أول الآية أنما هو النزول لا الصعود يقال أدليت الدلو و تدلى الشيء و تدليت من السطح قوله وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أي نزولا ليعلم أن تدلي بمعنى النزول و لو لم يكن كذلك لم يصح قوله نَزْلَةً أُخْرى و الأول ليس بنزلة و قوله وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى يوجب أنه رآه مرتين و ليس ذلك مذهبهم و قوله لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ و لو كان كما زعموا لقال ربه و قد فسر المخالفون قوله- لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ أنه في الدنيا و عندنا أنه في الدنيا و العقبى فعلى قول الجميع لا يجوز أن رآه أحد في الدنيا فكيف يفسر آية بما يبطل هذه الآية و نمط الآية يبطل قولهم كما قال وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى فبين أنه وحي و الموحي إليه إنما هو جبريل و بين أنه شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ أي عقل- فَاسْتَوى أي عقل وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى يعني بالسماء العليا ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى أي نزل فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أي كان جبريل من محمد على هذا المقدار- فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى يعني جبريل إلى النبي ع- ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى لم يكن فيما رأى شبهة يرتاب بها بل كانت رؤية صحيحة و هذه كلها من صفات الأجسام ثم قال وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى يعني بها عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى و زعموا أن السدرة في الجنة فيجب أن يكون رآه في الجنة فتارة يقولون إنه رآه على العرش و تارة يقولون إنه رآه في الجنة على أنه لم يقل في الجنة و لكن قال عِنْدَها و معنى ذلك كقوله إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ثم قال ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى أي لم يزغ في رؤيته و لم يكن فيه مخطئا ثم قال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى فبين أنه رأى الكبرى من آيات ربه وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ الآية بين أنه لا يجوز أن يكلم أحد إلا على هذه الوجوه الثلاثة فلا يجوز أن يكلمهم مخاطبة و مشافهة-
14- و روى الترمذي في صحيحة قال مسروق دخلت على عائشة فقلت هل رأى محمد ربه فقالت لقد تكلمت بشيء وقف له شعري فقلت رويدا ثم قرأت- لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى فقالت أين يذهب بك إنما هو جبريل ثم قالت بعد كلامه لكنه رأى جبريل لم يره في صورته إلا مرتين مرة عند سدرة المنتهى و مرة في أجياد له ستمائة جناح قد سد الأفق.
أبو ذر سئل رسول الله ص أ رأيت ربك فقال ع أ نور إن أراه.
ابن عباس- ما كَذَبَ
الْفُؤادُ ما رَأى قال رآه بقلبه و روى المفسرون عن ابن عباس و ابن مسعود و الحسن و عائشة و مسروق و عمر بن دينار و معمر و هشام بن عروة نحو ما قلناه من الوجوه قال الجبائي في قوله- لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا الكفار مجسمة فلذلك جوزوا الرؤية عليه و كذلك اليهود حيث قالت- لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً و قد تكون الرؤية في النوم و الرؤية بالقلب فإذا قال جهرة لم يكن إلا رؤية العين على التحقيق.
قوله سبحانه وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً استدل البلخي بهذه الآية على أن الرؤية لا تجوز على الله تعالى لأنها إنكار تضمن أمرين ردهم على نبيهم و تجويزهم الرؤية على ربهم و يبين ذلك قوله- فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فدل ذلك على أن المراد إنكار الأمرين
فصل [في الواحد]
قوله تعالى فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي تعلمون أن الأنداد التي تعبدونها من الأصنام و غيرها لا تضر و لا تنفع و لا تسمع و لا تبصر و المشركون لا يعتقدون أن الأصنام خلقت السماء و الأرض من دون الله فالوصف لهم هاهنا بالعلم أنما هو لتأكيد الحجة عليهم ليكونوا أضيق عذرا و يقال وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي تعقلون أن من كان بهذه الصفة فقد استوفى شروط التكليف و ضاق عذره في التخلف عن النظر و إصابة الحق كما قال إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ و قال مجاهد المراد بذلك اليهود و النصارى خاصة و معنى وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي إنكم تعلمون في التوراة و الإنجيل أنه إله واحد-
1- شريح بن هاني إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين ع فسأله عن التوحيد فقال الناس أ ما تراه في تقسم القلب فقال ع دعوه فإن الذي يريد الأعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال يا أعرابي إن الكلام في أن الله تعالى واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على الله تعالى و وجهان يثبتان فيه فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز عليه لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد أ ما ترى أنه كفر من قال ثالِثُ ثَلاثَةٍ و قول القائل هو واحد من الناس-
يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه و جل ربنا عن ذلك و أما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبه كذلك ربنا و قول القائل إنه عز و جل أحدي المعنى يعني به أنه لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم كذلك ربنا.
و قال متكلم قولنا إنه واحد على أربعة أوجه الأول واحد ليس بذي أبعاض و لا يجوز عليه الانقسام و الثاني واحد في استحقاق العبادة و الثالث واحد ليس له نظير و الرابع في الصفات النفسية-
و قال أمير المؤمنين ع و كل معدود بنفسه مخلوق و كل قائم بسواه معلول.
قوله سبحانه وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ أي المنفرد بالتدبير في السماوات و في الأرض لا أن أحل فيهما أو في شيء منهما لأنه لا يجوز أن يقال هو زيد في البيت و الدار إلا أن يكون في الكلام ما يدل على أن المراد به التدبير كقول القائل فلان الخليفة في الشرق و الغرب لأن المعنى في ذلك أنه المدبر فيهما و يجوز أن يكون خبرا بعد خبر كأنه قال هو الله و هو في السماوات و في الأرض و قال أبو علي إن قوله وَ هُوَ اللَّهُ قد تم الكلام و قوله فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ متعلق بقوله يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ في السماوات و في الأرض لأن الخلق إنما يكونون ملائكة فهم في السماء أو الإنس و الجن فهم في الأرض فهو تعالى عالم بجميع ذلك لا يخفى عليه خافية و يقويه قوله وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ و قال هشام بن الحكم للمؤبد أ هما في القوة سواء قال نعم قال فجوهرهما واحد قال المؤبد لنفسه إن قلت إن جوهرهما واحد عاد إلى نعت واحد و إن قلت مختلف اختلفا أيضا في الهم و الإرادات و لم يتفقا في الخلق فقال هشام كيف لا تسلم قال هيهات و قال أبو الهذيل لصالح بن عبد القدوس على أي شيء تعزم يا صالح قال أستخير الله و أقول بالاثنين قال فأيهما استخرت لا أم لك. شاعر
لو كان للخير سواه رب
تبتت الملك و جاء الحرب
لو كان في الخلق له نظير
لقيل هذا عاجز حقير
قوله سبحانه وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ -
قال الديصاني لهشام
بن الحكم إن في القرآن هذه الآية قوة لنا فكتب هشام إلى الصادق ع فأجابه قل له ما اسمك بالكوفة فإنه يقول فلان فقل ما اسمك بالبصرة فإنه يقول فلان فقل له كذلك ربنا في السماء إله و في الأرض إله و في البحار إله و في كل مكان إله قال فأتيته و أخبرته فقال هذا نقل من الحجاز.
الفضل بن شاذان قال ثنوي للرضا ع إني أقول إن صانع العالم اثنان فما الدليل على أنه واحد فقال ع قولك اثنان دليل على أنه واحد لأنك لم تدع الثاني إلا بعد إثباتك الواحد فالواحد مجمع عليه و أكثر من ذلك مختلف فيه.
قوله سبحانه وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ دخول من فيه يدل على عموم النفي لكل إله غير الله و لو قال ما إله إلا الله لم يفد ذلك و إنما أفادت من هذا المعنى لأن أصلها لابتداء الغاية فدلت على استغراق النفي لابتداء الغاية إلى انتهائها و قال ثنوي لهشام بن الحكم أنا أقول بالاثنين فقال حفظك الله يقدر أحدهما يفعل شيئا لا يستعين بصاحبه عليه قال نعم قال فما ترجو من اثنين واحد خلق كل شيء- أبو الخير فاذشاه-
تبارك الله العزيز الفرد
من أن يرى ضد له أو ند
قوله سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ معناه ليس مثله شيء على وجه من الوجوه و تكون الكاف زيادة تقديره ليس مثل الله شيء من الموجودات و المعلومات قال أوس
و قتلي كمثل جذوع النخيل
يغشاهم سبل منهم