کتابخانه روایات شیعه
فصل [في السؤال]
قوله تعالى- فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ قال ابن عباس و مجاهد و الضحاك و ابن زيد إنما أمره أن يسأل من آمن من أهل الكتاب كعبد الله سلام و قيل أي سلهم عن صفة النبي المبشر به في كتبهم ثم انظر من وافق في تلك الصفة و قال البلخي ذلك راجع إلى قوله فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ فأمره أن يسألهم هل الأمر على ذلك فإنهم لا يمتنعون من الإخبار به و لم يأمره بأن يسألهم هل هو محق فيه أم لا و لا أن ما أنزله عليه صدق أم لا و يقال إنما أمره بأن يسألهم إن كان شاكا و إن لم يكن شاكا فلا يجب عليه مسألتهم و هذا معنى
ما روي عنه ع ما شككت و لا أسأل.
و قال ابن جبير و الحسن و قتادة و أبو عبد الله ع لم يشك النبي ص و لم يسأل.
و يقوي ذلك أن الخطاب متوجه إلى النبي و المراد به غيره قوله بعد هذا قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي و يقال إن قوله فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ مثل قوله فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ و إنما قتلهم آباؤهم و أهل ملتهم قبلهم.
قوله سبحانه وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ يعني سل أتباع من أرسلنا قبلك من رسلنا و يجري ذلك مجرى قولهم السخاء حاتم و الشعر زهير و هم يريدون السخاء سخاء حاتم و الشعر شعر زهير فأقاموا حاتم مقام السخاء و زهير ا مقام الشعر المضاف إليهما و مثله وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ و المأمور به في الظاهر النبي و هو في المعنى لأمته لأنه لا يحتاج إلى السؤال إن خوطب بخطاب أمته كما قال المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ الآية فأفرده بالمخاطبة ثم رجع إلى خطاب أمته فقال اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ و في موضع يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ و في موضع يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ و يمكن أن يكون النبي المأمور بالمسألة على الحقيقة و إن لم يكن شاكا في ذلك و لا مرتابا به و يكون الوجه فيه تقرير أهل الكتاب و إقامة الحجة عليهم باعترافهم و لأن بعض المشركين أنكروا حقا في الكتب المتقدمة السؤال إذا كان متوجها إليه فالمعنى إذا لقيت النبيين في السماء فاسألهم عن ذلك للرواية الواردة بأنه أتى النبيين في السماء فسلم عليهم و أمهم كما ذكرناه في المناقب و لا يكون أمره بالسؤال-
لأنه كان شاكا لكن لبعض المصالح الراجعة إلى الدين إما لشيء يخصه أو يتعلق ببعض الملائكة الحاضرين معه.
قوله سبحانه قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً الصحيح أن شريعة نبينا ناسخة لشريعة كل من تقدم من الأنبياء و أن نبينا لم يكن متعبدا بشريعة من تقدم و أنما وافقت شريعته شريعة إبراهيم فلذلك قال فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ و إلا فالله تعالى هو الذي أوحى بها إليه فإن قيل إذا كانت الشرائع بحسب المصالح فكيف رغب في شريعة الإسلام بأنها ملة إبراهيم قلنا لأن المصالح إذا وافقت ما تميل إليه النفس و يتقبله العقل بغير كلفة كانت أحق بالرغبة كأنها إذا وافقت الغنى بدلا من الفقر كانت أعظم في النعمة و كان المشركون يميلون إلى اتباع ملة إبراهيم فلذلك خوطبوا بذلك و الحنيف المسلم و الحنيفة الشريعة و أصل الحنف الاستقامة.
قوله سبحانه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ليس في ظاهرها ما يقتضي عتابا و كيف يعاتبه الله تعالى على ما ليس بذنب لأن تحريم الرجل بعض نسائه لسبب أو لغير سبب ليس بقبيح و لا داخل في جملة الذنوب فأكثر ما فيه أنه مباح لا يمتنع أن يكون قوله لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ خرج مخرج التوجه له من حيث تحمل المشقة في إرضاء زوجاته و إن كان ما فعل قبيحا و لو أن أحدنا أرضى بعض نسائه بتطليق أخرى أو تحريمها لحسن أن يقال له لم فعلت ذلك و إن كان ما فعل قبيحا.
قوله سبحانه لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ و قوله وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ أما الآية الأولى فقد يشهد الله تعالى بكونها له و حصل الإجماع أن النبي ص لما أتى المدينة اشترى مكانا يسمى مربدا و جعله بيوتا و مسجدا-
و روى الطبري و البلاذري عن ابن مسعود خبرا يذكر فيه وداع النبي ص قال فقال النبي ص إذا غسلتموني و كفنتموني فضعوني على سريري في بيتي.
هذا الخبر و أما قوله وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ يستعمل من جهة السكنى لا الملك يقال هذا بيت فلان و مسكنه و في التنزيل لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ
بُيُوتِهِنَ و أما قولهم إن النبي ص قسم الحجر بين نسائه و بناته فمن أين أن هذه القسمة تقتضي التمليك دون الإسكان و الإنزال و لو كان ملكهن لكان ظاهرا فلما توفي ص صارت لفاطمة بالفرض و بآية أولي الأرحام سوى الثمن.
قوله سبحانه قُلْ أَعُوذُ و فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ و ما أشبههما من الأوامر المتوجهة إلى النبي ص جاز من النبي أن يقول قل و سبح للأمة كما قيل له لأن الأمر و إن كان متوجها إليه فالمراد به أمته معه فكأنه خاطب الجميع بأن يقولوا ذلك ثم إن الله تعالى أمره بالفعل الذي أمرهم به فلما كان قوله قل و سبح من كلام الله تعالى وجب عليه أن يتلوه على وجهه و لو كان مأمورا بالفعل دون التلاوة لما وجب أن يأتي بلفظة النبي ص ما قبل له.
قوله سبحانه الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ فيه دلالة على أن آباءه ع كانوا مسلمين إلى آدم و لم يكن فيهم من يعبد غير الله تعالى و لو أراد ساجدي الأصنام لما من عليه بذلك لأن المن عليه بالكفر قبيح-
و قال ص لم يزل ينقلني الله من الآباء الأخيار و الأمهات الطواهر.
و الكافر لا يوصف بالطهارة لقوله إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ .
قوله سبحانه وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً النصر العزيز هو الذي يمنع من كل جبار عنيد و عات أثيم و قد فعل الله ذلك بنبيه ص فصار دينه أعز الأديان و سلطانه أعظم السلطان.
قوله سبحانه وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ قالوا إن لبيد بن عاصم سحر النبي ص في إحدى عشرة عقدة فمرض النبي ص القصة قد بينا أنه ليس للسحر حقيقة و إنما هو تمويه و مخرقة و محال أن يعقد عقدا فيحدث لأجلها أمراض في غيره مع بعد المسافة و الصحة و المرض من فعل الله تعالى و الفعل في غير محل القدرة يكون مخترعا و لا يقدر عليه غير الله تعالى و اليهودي كيف يسلطه الله على خير البشر حتى يمرضه و حاشا النبي ص من كل صفة نقص إذ تنفر عن قبول قوله لأنه لا حجة لله على خلقه ثم إن الله تعالى قال-
وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ و قد أكذب الله تعالى من قال ذلك في قوله وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً و إن صح الخبر فتأويله أن اليهودي اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه فاطلع الله تعالى نبيه على ما فعله حتى استخرج ما فعله و كان دلالة على صدق معجزة له
فصل [في النبي الامي]
قوله تعالى وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ قال المفسرون إنه لم يكن النبي ص يحسن الكتابة و القراءة و الآية لا تدل على ذلك بل فيها أنه لم يكن يكتب الكتاب و قد لا يكتب من يحسنه كما لا يكتب من لا يحسنه و لو أفاد أنه لم يكن يحسن الكتابة قبل الإيحاء إليه لوجب أنه كان يحسنها بعد الإيحاء إليه ليكون فرقا بين الحالين لأن التطابق في الكلام من الفصاحة ثم إن ظاهر الآية يقتضي نفي القراءة و الكتابة بما قبل النبوة لأنهم إنما يرتابون في كتابته لو كان يحسنها قبل النبوة فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة و يجوز أن يتعلمها من جبريل بعد النبوة و يجوز أن لا يتعلم و قد شهر يوم الحديبية أنه كان لا يعرفها لأن سهيل بن عمرو قال امح هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ص فقال لعلي امحها يا علي ثم قال فضع يدي عليها و قد شهر أيضا في الصحاح و السنن و التواريخ ايتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده و منع عمر.
قوله سبحانه النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ فالأميون العرب قوله هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ و قيل الأمي كل ما يرجع إليه يقال ينسب إلى أمة لا يحسنون الكتابة و وجه الحكمة في جعل النبوة في أمي موافقته البشارة المتقدمة في كتب الأنبياء السالفة و أنه إذا أتى أمي بحكمة يكون أبهر.
قوله سبحانه وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ قال أبو محمد الكراجكي العلم بحال النبي في كونه عالما بكل معلوم و بكل لغة و كتابة إما يدرك بالعقل أو السمع فالعقلي إما أن يكون مستحيلا أو واجبا أو جائزا و ليس هو من باب المستحيل و لو كانت واجبة كانت كشرائط النبوة الواجبة التي في عدمها بطلان النبوة كالصدق و العصمة و المعجز و ليس كذلك و إنما
هو بمنزلة الطب و النجوم و الفلسفة و سر كل صناعة فمعرفته به جائزة غير واجبة و قال الله تعالى وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
14- و قد روي أنه ص رأى الناس يؤبرون النخل فقال ما أظن هذا نافعكم فتركوا تأبيره فلم تثمر في تلك السنة فقال استعينوا على كل صنعة بأهلها.
و لو كان عالما بكل معلوم لما قال- وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ مع قوله
إن من الشعر لحكمة.
و إذا لم يكن واجبا و لا مستحيلا فهو من باب الجائز و لا يعلم إلا بالسمع فيجوز أن الله تعالى عرفه ذلك و يجوز أن يلهمه وقت الحاجة فهم ما يسمعه منها و لا نعلم هل فعل معه ذلك أم لا.
قوله سبحانه وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ و قوله وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ لا يجوز أن النبي كان شاعرا إلا أنه كان عالما بمعاني الشعر و مقاصد الشعراء-
و أنشد عنده
قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل
فقال ص وقف و استوقف و بكى و أبكى و ذكر الحبيب و المنزل في نصف بيت فقالوا يا رسول الله فديناك أنت في هذا النقد أشعر منه و كان ص يتمثل بقول طرفة-
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
و يأتيك من لم تزود بالأخبار
و يتمثل بقول سحيم
كفى الإسلام و الشيب للمرء ناهيا
فجعل يقدم و يؤخر.
و الشعر إنما يكون على وجوه مخصوصة و أما ما
روي و الله لو لا الله ما اهتدينا.
و ما
روي لا هم للعيش إلا عيش الآخرة.
و ما
روي أنا النبي لا كذب.
و نحوها فإن كلها رجز و الرجز لا يعد شعرا و لأن كل ما يوردونه من هذا الجنس لا يكون بيتا إلا بزيادة و نقصان أو تغيير فخرج حينئذ من صيغة الشعر مع أن كلها أخبار آحاد و أما الآيات الواردة في القرآن مثل قوله- أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ و قوله وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا و قوله قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَ لا تَسْتَقْدِمُونَ و قوله وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ و غير ذلك من الآيات الموزونات إنما تصير أبياتا بزيادة أو حذف أو تسكين لا يبيحه الشرع.
قوله سبحانه وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِياتٍ و قوله وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ و قوله وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ و نحوها آيات موزونات إذا غيرت عن حالاتها و ذلك لا يجوز أصلا.
قوله سبحانه وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي و قوله يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ و يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ و قوله حكاية عن الكفار إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ. فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ و زعموا أنه سئل عن هذه المسائل في القرآن فلم يجب بجواب مفيد و إن الامتناع منها و التعليل للجمل بها أما الأول فإنهم كانوا سألوه فقال ما هذا الذي تدعى أنه من الله و ما المعنى فيه فأجاب أنه أمر الله لعباده و تكليفه إياهم بأوامره و نواهيه يدل على ذلك تكريره في مواضع فقال وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ و قال قبل الآية وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَ و عقيبها قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُ و قال الحسن القرآن من أمر ربي و ما أنزله على نبيه إلا ليجعله دلالة و علما على صدقه و ليس من فعل المخلوقين و لا يدخل في إمكانهم قال الجبائي قالت اليهود لكفار قريش سلوا محمدا عن الروح فإن أجابكم فليس بنبي و إن لم يجبكم فهو نبي فإنا نجده في كتبنا ذلك فأمره بالعدول عن ذلك لتكون دلالة على صدقه تكذيبا لليهود الرادين عليه و إنهم سألوه عن الروح هل هي محدثة أو قديمة فأجابهم بأنها أمر ربي و هذا جوابهم لأنه لا فرق بين أن يقول إنها محدثة أو يقول إنها من أمر ربي و قال المرتضى إنما عدل عن جوابهم لعلمه بأن ذلك أدعى لهم إلى الصلاح في الدين و أن الجواب لو صدر منه إليهم لازدادوا فسادا و عنادا إذ كانوا بسؤالهم متعنتين لا مستفيدين و أما الثاني فجوابه في قوله إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ خصوصية به تعالى لأنه علم الغيب و أما الثالث فجوابه- قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ دينية و دنياوية مثل الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الأعياد و التواريخ و أزمان الأنبياء و الملوك و الإجارات و الديون و الزراعات و إبان النتاج و أوان الصرام و القطاف و الحصاد و العمارات و أما الرابع فجوابه أن من تجاهل في الحجاج الذي يجري مجرى الشغب الذي لا يعتقد بمثله مذهب أو هي الشبهة فيه فإنه ينبغي أن يعدل عن مقابلته إلى الوعظ له بما هو أعود عليه فلهذا عدل تعالى عنهم إلى هذا الوعيد الشديد و قال أ هؤلاء الكفار- خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ لما جحدوا الآيات و كفروا بنعم الله فما الذي يؤمن هؤلاء من مثل ذلك.
قوله سبحانه لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ قال مجاهد و ابن زيد أي لا خصومة بيننا و بينكم-
لظهور أمركم في البغي علينا و العداوة لنا.
قوله سبحانه وَ يَقُولُونَ أَ إِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ قال الحسن و قتادة من المعلوم أنه كان بخلاف هذا الوصف و أنما الحكمة أخذت منه و ما عرف له شعر و قد كذبهم الله في قوله- بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ .
قوله سبحانه وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ مثلنا و يمشي في الأسواق في طلب المعاش كما نمشي فقال تعالى وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ يا محمد مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ يَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ طلبا للمعاش كما تطلبه أنت.
قوله سبحانه طه ما أَنْزَلْنا أي يا طاهرا من كل عيب نسبوك إليه من الكاهن و الساحر و المجنون و الشاعر و الضال و الأبتر و الكذاب و الأشر فأجابهم الله تعالى عن جميع ذلك في القرآن و كذبتهم صفاته و كانوا يسمونه بابن أبي كبشة نسبة إلى أبي كبشة الحارث بن عبد العزى زوج حليمة ظئر النبي أو تشبيها بأبي كبشة الخزاعي و كان يخالف قريشا في عبادة الأوثان و يعبد الشعرى العبور أو نسبه إلى وهب بن عبد مناف جد النبي ص لأمه و هو أبي كبشة جد جد النبي ص
باب ما يتعلق بالإمامة
فصل [وجوب وجود امام أو نبي في كل زمان]
قوله تعالى- وَ يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ و قوله فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً أخبر تعالى أنه يأتي من كل أمة بشهيد و يأتي به شهيدا على أمته فيجب أن يكون الشهداء حكمهم حكمه في كونهم حججا لله تعالى و ذلك يقتضي أن في كل زمان شهيدا إما نبي أو إمام.