کتابخانه روایات شیعه
الآية مشروطة بزوال المن و الأذى و قد نزل يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ على أنه قد روي أنه أنفق العباس و طلحة و الزبير في جيش العسرة فالآية تكون نزلت في جماعة كثيرة.
قوله سبحانه- وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ و قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ و قوله وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا الآيات الباغي من خرج على الإمام فافترض قتال أهل البغي كما افترض قتال المشركين أما اسم الإيمان عليهم كما قال- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ
و قيل لزين العابدين ع إن جدك كان يقول إخواننا بغوا علينا فقال ع أ ما تقرأ كتاب الله- وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً فهم مثله أنجاه الله و الذين معه و أهلك عادا بالريح العقيم.
و قال رجل لأمير المؤمنين ع هؤلاء الذين تقاتلهم بم نسميهم قال سمهم بما سماهم الله في كتابه- تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ إلى قوله- وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ فلما وقع الخلاف كنا نحن أولى بالله و بالنبي و بالكتاب و بالحق.
و في صحيحي البخاري و مسلم و مسندي أحمد و الموصلي و تفسيري الثعلبي و الثمالي و إحياء الغزالي و فردوس الديلمي عن حذيفة و ابن مسعود و الخدري و سهل بن حنيف و أنس و أبي هريرة و ابن عباس قال النبي ص يؤخذ بناس من أصحابي ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك و في رواية أنهم ارتدوا القهقرى فأقول سحقا و بعدا.
فصل [لا يجوز اتباع احد غير الامام]
قوله تعالى- وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ و قوله وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ نهي مطلق عن اتباع من لا حق معه و في هذا بطلان مدعي الإمامة بالدعوة لأن الإمامة بالدعوة موقوفة على مجرد الدعوى و القائل بذلك لا يسنده إلى دليل عقلي و لا سمعي و لا شبهة في فساد ما لا دليل عليه ثم إنه يمكن دعوى جماعة من أولاد فاطمة تتكامل لهم الصفات المذكورة من العلم و الشجاعة و السخاوة و الخروج في وقت واحد فيجب القول بإمامة الكل أو إطراح دعوى الكل أو القول بإمامة مدعي مع
عدم الدلالة المميزة له من غيره و كل ذلك باطل و يقتضي اعتقاد كل إقليم صحة إمامة من يليهم دون من عداه و هو باطل.
قوله سبحانه- وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا و الإجماع أن العباس لم يكن مهاجرا و إنما أسروه يوم بدر و نزل فيه فَشُدُّوا الْوَثاقَ فخرج العباس من الإمامة بهذه الآية ثم إن الإمامة بالميراث حادث بعد انقراض من الصحابة و التابعين و أزمان بعدهما خالية منه و ما هذه حاله ظهر بطلانه ثم إن الميراث عرى من حجة على كونه طريقا إلى الإمامة عقلية و لا سمعية و الميراث يقتضي اشتراك العلماء و الجهال و العقلاء و الأطفال و النساء و الرجال و العدول و الفساق كاشتراكهم في الإرث ثم إن العباس ما ادعى ذلك في حياته و لا ادعى له بل كان يدعو إلى علي ع و يقول امدد يدك أبايعك و إنما أبدع ذلك الجاحظ تقربا إلى المنصور. قوله سبحانه- وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا اتفق أهل العدل على أنه يجوز لله تعالى أن يعذب و إن لم يبعث رسولا بأن لا يقتضي المصلحة بعثته و يقتصر لهم في التكليف العقلي فإنهم متى عصوا كان له أن يعذبهم و ليس في الآية أنه لو لم يبعث رسولا لم يجز منه أن يعاقب إذا ارتكب القبائح العقلية إلا أن نفرض في أن بعثه الرسول لطفا فإنه لا يحسن من الله مع ذلك أن يعاقب أحدا إلا بعد أن نعرف ما هو لطف له و مصلحة لتنزاح العلة و قيل معناه ما كنا معذبين من عذاب الاستيصال و الإهلاك في الدنيا حتى نبعث رسولا و تكون الفائدة في تأخيره إلى بعد الإرسال المبالغة و الاحتجاج عليهم و التقدم بالإعذار و الإنذار نهاية في الإحسان إليهم يدل على ذلك قوله تعالى عقيب هذه الآية بلا فصل- وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً الآية و قد تعلقت السبعية بهذه الآية على أن معرفة الله تعالى بالتعليم و أجمع المفسرون على أنها تختص بالشرعيات دون العقليات على أن معرفة الأنبياء مبنية على المعجز و المعجز لا يكون إلا من فعل الله تعالى دون النبي المصدق و لأن المدعي لا يصدقه نفسه و إنما يصدقه غيره و المعجز هو القائم مقام قول الله تعالى لمدعي نبوة صدقت في دعواك علي فإذا لا تعرف نبوة نبي إلا بعد معرفة الله تعالى ثم ادعت أن الإمام بعد جعفر الصادق ع ابنه إسماعيل و هذه
دعوى بلا برهان لأن الأمة قد اختلفت بعد النبي ص في الإمامة بين النص و الاختيار فصح لأهل النص من طرق المخالف و المؤالف أنهم اثنا عشر كما رتبناه من قبل. قوله سبحانه- رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ من استدل بهذه الآية على أن التكليف لا يصح إلا بعد إنفاذ الرسل و قال لا تقوم الحجة بالعقل و إنما تقوم بإنفاذ الرسل فقد أبعد لأن صدق الرسول لا يمكن العلم به إلا بعد تقدم العلم بالتوحيد و العدل و إن كانت الحجة لم تقم عليه بالعدل فكيف الطريق إلى معرفة النبي و صدقه و الثاني أنه لو كانت الحجة لا تقوم إلا بالرسل لاحتاج الرسول إلى رسول آخر حتى تقوم عليه الحجة و الكلام في رسوله كالكلام في هذا الرسول و يؤدي ذلك إلى ما لا يتناهى ثم ادعت هذه الفرقة أنه لم يكن للصادق ع ولد سوى إسماعيل و عبد الله و قد صح عند النسابين مثل ابن طباطبا و العمري و ابن بكار و البخاري و غيرهم أنه كان للصادق ع سبع بنين إسماعيل الأمير و عبد الله الأفطح من فاطمة بنت الحسين الأصغر و موسى الإمام و محمد الديباج و إسحاق لأم ولد ثلاثتهم و علي العريضي و العباس لأم ولد و المرجع في مثل هذا إليهم و من خالفهم لا يعتد بخلافه ثم ادعت أن الصادق ع غيب إسماعيل حذرا عليه و هذا كذب لأنه قد صح عند علماء الدين و علماء النسب موته و غسله و تجهيزه و دفنه و موضع قبره و إن الصادق ع أشهد على موته ثلاثين رجلا و شيع جنازته بلا حذاء و لا رداء و أمر أن يحج عنه بعد وفاته.
قوله سبحانه- إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَ الْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ أي إنما يستجيب من يسمع كلامك و استدل عليه بما يسمع أو يعرف من الآيات و الأدلة على صحته و جعل من لم يكفر و لم ينفع بالآيات بمنزلة من لم يسمع كما قال الشاعر-
أصم عما ساءه سميع
و ربما يصح التعليم و لا تصح المعرفة و تصح المعرفة بلا تعليم فثبت أن المعرفة بالنظر إلى الدليل لا بالتعليم و منهم من قال إن إسماعيل توفي قبل أبيه و إن الأمر بعده لابنه محمد و إن جعفرا ع خرج من الإمامة لأن الأئمة عندهم سبعة آخرهم محمد بن إسماعيل و أمير المؤمنين ع ليس بإمام إلا أن له رتبة الوصية و وجدناه قد سعى بعمه موسى
بن جعفر بعد ما أنعم عليه و قال أوصيك أن تلقى الله في دمي و إنه خرج بمكة و شهر سيفه في الشهر الحرام في البلد الحرام فلم يتم أمره ثم قام عنه المبارك غلام إسماعيل في مسجد الكوفة حتى قتله عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن عباس و قد كان الصادق ع أخبر بهذه الفتنة و نص على ابنه موسى على ما هو مشهور في الكتب.
قوله سبحانه حكاية عن موسى- هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً لا يريد بذلك معرفة الله تعالى لأنه لا يكون نبي إلا و يكون عالما بالأصول و الفروع كما تقدم شرحه ثم إنه إنما سأله عما لا يتعلق بالدين كما حكى الله عنه أما السفينة و أما الجدار و أما الغلام.
قوله سبحانه- لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ أما الغلاة فإنهم قوم يدعون في النبي أو في الوصي و باقي الأئمة ع على حسب اختلافهم القدم و الإلهية و هذا يؤدي إلى قدم الأجسام كلها فإن أرادوا أن بين القديم و هذه الأشخاص اختصاص فلا يخلو إما أن يكون حلولا و اتحادا مثل حلول الأعراض في الأجسام أو مجاورة و مماسة و هذا يقتضي كونه جوهرا متحيزا أو جزءا مؤلفا و اختصاص الجوهر البسيط بالجملة مستحيل لأن الجوهر البسيط يستحيل أن يفعل في غير تلك الجملة مبتدأ و القديم سبحانه يصح أن يبتدأ في سائر الجمل
باب المفردات
فصل [في التوبة]
قوله تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال أبو علي التوبة غير الاعتقاد و هي نوع بانفراده و قال أبو هاشم إنه من قبيل الاعتقاد و هو الصحيح و التوبة لا تخلو إما أن تكون عن شيء بينه و بين الله تعالى أو تكون عن شيء بينه و بين الآدميين فالأول لا يخلو إما أن يظهر ذلك الناس أو لا يظهر فإذا ظهر ذلك للناس تجب التوبة ظاهرا مثل الباغي يكذب نفسه عند قومه في بغيه على الحق ثم يرجع إلى الإمام طائعا و ينوي في المستقبل طاعته و إن كانت مظلمة وجب ردها إن كانت باقية أو رد مثلها إن كانت تألفه أو قيمتها إن كانت من ذوات القيم إن
كان صاحبها حيا و إن كان ميتا رد إلى ورثته و له حكم و الصحيح أن القاتل من غير عمد تصح توبته و قال قوم لا تصح و التوبة من القتل العمد توجب القود و قال قوم لا تصح إلا بالاستسلام و هو الأقوى و هو أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول ثم يعزم في المستقبل أن لا يعود إلى مثله و يعتق رقبة و يصوم شهرين متتابعين و يطعم ستين مسكينا و إن كان ذلك كلاما موحشا لا يخلو إما أن يكون قد بلغه أو لم يكن قد بلغه فإن كان بلغه يوجب الاستحلال منه و إن لم يبلغه لا يجوز الاستحلال منه لأنه يكون مبتدأ وحشة فإن كان اعتقادا بينه و بين الله تعالى فبضد ما اعتقده و قال قوم التوبة من اعتقاد جهالة إذا كان صاحبها لا يعلم أنها معصية بأن يعتقد أنه لا محجوج إلا عارف فإنه يتخلص من ضرر تلك المعصية إذا رجع عنها إلى المعرفة و إن لم يوقع منها توبة و قال آخرون يحتاج إلى التوبة لأنه محجوج و هو الأقوى و أما ما نسي من الذنوب فإنه يجري التوبة منه على الوجه الجملة و قال بعضهم لا تجري و هو خطأ و أما ما نسي من الذنوب مما لو ذكره فاعله لم يكن عنده معصية هل يدخل في الجملة إذا وقعت التوبة من كل خطيئة فقال قوم لا يدخل فيها لكنه يتخلص من المعصية و قال آخرون يدخل فيها و هو الصحيح و أما المشرك إذا تاب و كان يعرف قبل توبته بفسق قبل توبته في الحكم و إن لم يظهر التوبة قال قوم لا يزول عنه حكم الفسق و قال آخرون يزول و أما التوبة من قبيح بفعل قبيح آخر فلا يصح على أصلنا كالتائب من الإلحاد بعبادة المسيح و قال قوم يصح و أجراه مجرى معصيتين و أما التوبة من الغصب هل تصح مع الإقامة على حال الغصب فقال قوم لا تصح و قال آخرون يصح و هو الأقوى إلا أنه يكون فاسقا بالمنع يعاقب عقاب المانع و إن سقط عنه عقاب الغصب و قال بعضهم لا تصح التوبة عن ذنب مع إقامة على معصية أخرى و قال المحققون إنه إذا تاب عن الزناء أو الخيانة و عزم أن لا يعود إلى مثلهما صحت فيهما و زعمت البكرية أن المطبوع على قلبه لا توبة له و هو خطأ و أما التوبة عند أشراط الساعة هل تصح أم لا فقد اختلفوا فيه و لا شك أن بعض الآيات يحجب.
قوله سبحانه- فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا و قوله حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ و قوله لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ دلائل على أن الإيمان لا ينفع عند نزول العذاب و لا عند الإلجاء.
قوله سبحانه- وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ يدل على أن التوبة لا تقبل عند حضور الموت.
قوله سبحانه- فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ الوجه في ذلك أنه ظهرت لهم دلائله و لم يروا العذاب كما أن العليل المدنف قد يستدرك التوبة فيقبل الله توبته قبل أن يتحقق الموت فإذا تحقق لم يقبل بعد ذلك توبته و قد قال الله تعالى- وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها و لا يدل ذلك على أنهم كانوا دخلوا النار فأنقذهم منها.
قوله سبحانه- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ و قال وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ الآية الأولة نزلت في قوم من أهل مكة فقالوا نقيم بمكة و نتربص بمحمد ريب المنون فإن بدا لنا الرجعة إلى قومنا ذهبنا كما ذهب الحارث فقبل منا التوبة كما قبل منه فنزل لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ما أقاموا على الكفر كأنه يقول لن تقبل هذه النية منهم في الإسلام إذا أخروه فكأنه سماها توبة غير مقبولة إذ لم تصح و هو يقبل التوبة إذا صحت و الآية دالة على أن المولود على الفطرة إذا ارتد ثم تاب لا يقبل.
قوله سبحانه- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ في الآية حجة على من قال لا تصح التوبة مع الإقامة على معصية أخرى لعلم صاحبها أنها معصية لأن الله تعالى علق بالتوبة حكما لا يحل معه الإقامة على معصية هي السكر أو شرب نبيذ التمر على التأويل بإجماع المسلمين.
قوله سبحانه- إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ
يدل على أن العزم على الفسق فسق لأنه إذا لزم الوعيد على محبة شياع الفاحشة من غيره فإذا أحبها من نفسه و أرادها كان أعظم و في الآية وعيد لمن يحب أن تشيع الفاحشة في المؤمنين.
قوله سبحانه- وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها الآية معناه من قتل مؤمنا متعمدا على دينه و الآية نزلت في مقيس الكناني قتل رجلا مسلما من بني فهر و ارتد فأهدر النبي ص دمه فقتلوه يوم الفتح و قال عمرو بن عبيد يؤتى في يوم القيامة فأقام بين يدي الله فيقول قلت إن القاتل يخلد في النار فأقول أنت قلت وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الآية فقال قريش بن أنس أ رأيت إن قال لك فإني قلت إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ من أين علمت أنني لا أشاء أن أغفر لهذا فتحير و كان الحسن يقول لا توبة لقاتل المؤمن عمدا فقال عمرو هو لا يخلو من أن يكون مؤمنا أو كافرا أو منافقا أو فاسقا فقال الله تعالى في المؤمن- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ و قال في الكافر- قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ و قال في المنافق- إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ إلى قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا و قال في الفاسق وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا فاستحسن مقاله و رجع عن قوله.
قوله سبحانه- وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ إلى آخرها فيها دلالة على أنه تقبل توبة القاتل عمدا لأنه يقبل التوبة من الأعظم و لا يقبل من الأقل.