کتابخانه روایات شیعه
ليس فيها ذكر للمحبة و العجل لا يشرب و كذلك المحبة و لم يقل إن الله أشرب قلوبهم و ذكر أنهم أشربوا ذلك بكفرهم و لفظ المجهول لا حكم له و قد يأبى أن يكون له فاعل سوى الموصوف شاعر
لم يخلق الله خلقه عبثا
و لم يدعهم سدى بما صنعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
و إن أساءوا بفعلهم وقعوا
قوله سبحانه لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أي كأنهم لم يفقهوا بقلوبهم و لم يسمعوا بآذانهم و لم يبصروا بعيونهم ما كانوا يؤمرون به كأنهم صم بكم عمي- مسكين الداري
أعمى إذا ما جارتي خرجت
حتى يواري جارتي الستر
و أصم عما كان بينهما
سمعي و ما بي غيره وقر
قوله سبحانه وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ قالوا ما للنفي يعني ما تغني عنهم شيئا يدفع الضرر إذا لم يفكروا فيها كقولك و ما تغني عنك المال شيئا إذا لم تنفقه في وجوه و قالوا ما للاستفهام كقولك أي شيء تغني عنهم من اجتلاب نفع أو دفع ضرر إذا لم يستدلوا بها.
قوله سبحانه وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ أراد بالسوء عذابا و نقمة و العذاب يكون سوءا و لا يكون إساءة لأن الإساءة هي التي متى فعلها فاعلها فهو مسيء و الإساءة الكفر و أما السوء فقد يكون حكمة و عدلا و العذاب و النقمة من العدل و الحكمة.
قوله سبحانه وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ فيه دلالة على أن الكفر ليس من فعل الله و لا بإرادته لأنه لو كان مريدا له لكان راضيا به لأن الرضا هو الإرادة إذا وقعت على وجه
فصل [في مرض القلب]
قوله تعالى- سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ إنه ذكر عن نفس الآيات و ليس للإيمان فيها ذكر و الآيات في الدلائل و الكتاب و الأمور الماضية و أصلها العلامة صرفهم عن ثواب النظر في آيات الله المستحق صاحبها الثواب و يعني بالآيات الأدلة و معجزات الأنبياء- وَ كانُوا عَنْها غافِلِينَ و أراد صرفهم عن زيادة المعجزات بعد ما تقدم من آيات الأنبياء لأنه تعالى إنما يظهرها إذا علم أنه يؤمن عندها من لم يؤمن بما تقدم من الآيات و يكون الصرف إما بأن لا يظهرها جملة أو بأن يصرفهم عن مشاهدتها و إذا صرفهم عنها فقد صرفها عنهم و إن بعض الجهال في زمانه ع اعتقدوا جواز المعجزات على يد الكفار المذكورين فأكذبهم الله بذلك و صرف من رام المنع من أداء آياته لأن من الواجب على الله تعالى أن يحول بين من رام ذلك و بينه لأنه ينقض الغرض في البعثة- وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فتكون الآيات القرآن و نحوه و الصرف هاهنا الحكم و التسمية و الشهادة و من شهد على غيره بالانصراف عن شيء فجائز أن يقال صرفه عنه كما قال ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ يوافقه قوله- ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ كانُوا عَنْها غافِلِينَ و لما علم الله تعالى أن الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق سيصرفون عن النظر في آياته و الإيمان بها إذا أظهرها على أيدي رسله جاز أن يقول- سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فيريد سأظهر ما ينصرفون بسوء اختيارهم عنه يقول سأبخل فلانا و سأخطيه أي أسأله ما يبخل ببذله و أمتحنه بما يخطئ فيه و الصرف هو المنع من إبطال الآيات و القدح فيها بما يخرجها أن تكون حججا و إن الله تعالى لما وعد موسى ع و آمنه بإهلاك عدوهم قال سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ .
قوله سبحانه ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لم يقل فصرف على سبيل الحكم و الخبر إذ لو كان على ذلك لأدخل عليه الفاء و إنما قال على سبيل الدعاء عليهم كقولك خرج زيد لعنه الله و لو كان ذلك خبرا لقال فلعنه الله و إنه لم يذكر المصروف عنه و المصروف عنه محذوف غير مذكور و إن ذلك كالجزاء على انصرافهم لأن انصرافهم كفر و لا يجوز أن يجعل الجزاء عليه كفرا آخر بيت
و كل امرئ يجزى بما كان ساعيا
آخر
كل امرئ في رشده و غيه
و إنما يجزى بقدر سعيه
-
قوله سبحانه وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً مثل قوله وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً الآية و سبب نزولهما أن الكفار كانوا إذا سمعوا القرآن من النبي ع آذوه و رجموه و شغلوه عن صلاته كما قال لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ و قال وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً فحال الله بينهم و بين استماع ذلك في تلك الحال التي كانوا عازمين فيها على أذاه بأن ألقى عليهم النوم إذ قعدوا يرصدونه و لا يعرفون مكانه و إنما فعل ذلك لعلمه بأنهم لا يؤمنون كما قال وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها و قال إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ و يمكن أنه تعالى يضيق صدورهم فلا يفقهون و لا يسمعون لعلمه بأنهم لا يؤمنون من غير أن يكون حائلا بينهم و بين الإيمان و الحجاب و الوقر و الأكنة على وجه الاستعارة و المجاز كما سمي الكفر عمى و يحتمل أن يشبه الكفر الذي في قلوبهم بالكن و ينسب هذا الجعل إلى نفسه كما يقول جعلت فلانا فاضلا و جعلته فاسقا و جعل القاضي فلانا عدلا أو فاسقا و إن لم يكن من ذلك شيء قال الشاعر
جعلتني باخلا كلا و رب مني
إني لأسمح كفا منك في الرب
فصل [في الرجس]
قوله تعالى فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي حزن و علة و لو كان الشك مرضا لكان الشاك مريضا و المؤمن صحيحا فيجب أن يسمى كل كافر مريضا و كل مؤمن صحيحا و أما قول الشاعر
و ليلة مرضت في كل ناحية
فما يضيء لها شمس و لا قمر
فإنه بالغ في كثرة حزنه و علته كأنه مظلم و قال أبو عبيدة الشك و النفاق و قال الطوسي فيكون معناه أن المنافقين كانوا كلما أنزل الله آية أو سورة كفروا بها فازدادوا بذلك كفرا إلى كفرهم و شكا إلى شكهم فجاز لذلك أن يقال- فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً لما ازدادوا عند نزول الآيات و مثله حكاية عن نوح- إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَ نَهاراً. فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً أو هم الذين ازدادوا فرارا عند دعائه و مثله فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ
و التقدير في الآية في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين و التصديق بنبيه مرض و حذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه كما قال يا خيل الله اركبي يعني يا أصحاب خيل الله و كقوله وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ و إنما سمي الشك في الدين مرضا لأن كل فاسد يحتاج إلى علاج و مرض القلب أعضل و دواؤه أعسر و أطباؤه أقل ثم قال في آخر الآية- وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ فيه بيان أن المرض في القلب أداهم إلى أن ماتوا على الكفر.
قوله سبحانه فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ الظاهر لا يقتضي أن الآيات زادتهم رجسا و في عدولهم عنها ترك للظاهر و آخر الآية وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ فيه بيان أن رجسهم كان سبب موتهم كفارا.
قوله سبحانه وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ قال الفراء الرجس العذاب يجعله على الذين لا يعقلون أي كأنهم لا يعقلون شيئا ذما لهم و عيبا و قال ابن عباس الرجس الغضب و السخط و قال أبو عبيدة الرجس العذاب و قال الحسن الرجس الكفر أي يجعله بمعنى أنه يحكم أنهم أهله ذما لهم و عيبا.
قوله سبحانه فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً القسوة قلة الرحمة و قد يوصف بعض الكفار بأنه رقيق القلب كما أنه يوصف بعض المؤمنين بأنه قاسي القلب فلا تعلق لها بالكفر و الكفر لا يوجب القساوة لأنها أنما يجب عن القدرة الموجبة لذلك دون الكفر و لأنه جعلنا كالجزاء على الكفر و لا يجوز أن يجعل الجزاء على الكفر كفرا آخر لأنه يؤدي إلى ما لا نهاية له
فصل [في تداول الايام]
قوله تعالى إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ لا يدل على أنه جعل للكفار دولة على المؤمنين كما جعل للمؤمنين دولة و غلبه عليهم لأنه لا يجوز أن ينصر الله الكفار على المؤمنين كما ينصر المؤمنين على الكفار-
و يعني بقوله- نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ أنه يجعل بعض القوم مبتدئا آمنا معافا مسرورا و الذين أصابهم القرح في غم و حزن و ألم و يجوز ذلك من الله تعالى في المؤمنين و الكافرين جميعا لأن الله تعالى يمتحن الكافرين و المؤمنين بمثل هذا و معنى الدولة الغناء قوله كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ و منه حديث أبي سفين تداولها تداول الكرة.
قوله سبحانه رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِينَةً وَ أَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ الآية إنما أعطاهم الله تعالى ذلك عليه مع تعربه من وجوه الاستفساد و هذا استفهام و الاستفهام لا يدل على أنه فعل ذلك ثم قال لِيُضِلُّوا و هذا بخلاف مذهبه و اللام لام العاقبة و هو ما يئول إليه الأمر كقوله فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً قال الخليل اللام هاهنا بمعنى الفاء تقديره فضلوا و قال البلخي هذا مقدم مؤخر تقديره ربنا ليضلوا عن سبيلك فلا يؤمنوا- رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ و قيل المعنى فلا يؤمنون إيمان إلجاء حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ و هم مع ذلك لا يؤمنون إيمان اختيار أصلا.
قوله سبحانه وَ لكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَ آباءَهُمْ ليس فيه أنه متعهم لذلك و الإمتاع ليس بموجب للنسيان على مذهبه.
قوله سبحانه وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً قال البلخي و لا تحسبن الذين كفروا أن إملاءنا لهم رضى بأفعالهم و قبول لها بل هو شر لهم لأنا نملي لهم و هم يزدادون إثما يستحقون به عذابا أليما و مثله وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أي ذرأنا كثيرا من الخلق سيصيرون إلى جهنم بسوء أفعالهم و جوز الأخفش في قوله- لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ كسر أنما ليجعله حجة لأهل القدر و يجعله على التقديم و التأخير كأنه قال وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ فقال بعضهم فكيف يكون هذا و إلى جنبه وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ .
قوله سبحانه إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ تأخيرهم إما لقوله ليزدادوا خيرا أو لقوله لِيَزْدادُوا إِثْماً أو يدفع بهم عن الأولياء قوله- وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ أو ليخرج منهم الولد الصالح أو لقوله وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أو أنه يبين حلمه أو أنه إنما يجعل من يخاف الفوت.
قوله سبحانه وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ الآية قال المفسرون اللام لام العاقبة و ليست بلام الغرض كأنه قال إن عاقبة أمرهم ازدياد الإثم كما قال فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا و قال وَ جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ و قال لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ إلى قوله لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ . و قال الشاعر
لدوا للموت و ابنوا للخراب
و لا يجوز أن يحمل ذلك على لام الغرض و الإرادة لوجهين أحدهما أن إرادة القبيح قبيحة و لا يجوز ذلك على الله تعالى و الثاني لو كانت اللام لام الإرادة لكان الكفار مطيعين لله من حيث فعلوا ما أراده و ذلك خلاف الإجماع و قد قال الله وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ بيت
و لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى
فصل [في اذن الله]
قوله تعالى- وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ الإذن العلم من قولهم أذنت فلانا بكذا و أذنت لكذا- وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي بعلمه قوله- فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ و الأمر فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ أي يسهل السبيل إليه و قد جاء الإذن بمعنى التخلية و الإباحة لأن الموت ليس إلى الإنسان فيكون مأمورا به أو مباحا له و ليس ذلك من فعله و لا خلاف بأن الإنسان يموت بأجله عند الوقت الذي علم الله تعالى.
قوله سبحانه ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي بعلم الله فكأنه قال-
لا يصيبكم مصيبة إلا و الله تعالى عالم بها قال البلخي معناه إلا بتخلية الله بينكم و بين من يريد فعلها و سأل محمد بن سليمان الهاشمي عمر بن قائد عن قوله وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فقال يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ثم قال وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ أي الذين لم يعلموا ما أوجب عليهم وصفهم بأنهم لا يعقلون كما قال صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ أي إنه لا يمكن أحد أن يؤمن بإطلاق الله له في الإيمان و تمكينه منه و دعائه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك و قال الحسن و أبو علي إذنه هاهنا أمر كما قال ابن قائد و حقيقة إطلاقه في الفعل بالأمر.
قوله سبحانه وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني تخلية الله فكأنه أفاد أن العباد لا يعجزونه و ما هم بضارين به من أحد إلا بأن يخلي الله بينهم و بينه و لو شاء لمنعهم بالقهر زائدا على منعهم بالزجر أو تكون إلا زيادة فيكون المعنى و ما هم بضارين به من أحد بإذن الله كما يقال لقيت زيدا إلا أني أكرمته أي لقيت زيدا فأكرمته و يكون الضرر المضاف إليه هو ما يلحق المسحور من الأدوية التي يطعمه إياها السحرة و الضرر الحاصل نحو هذا من فعل الله بالعادة لأن الأغذية لا توجب ضرا و لا نفعا و إن كان المعرض للضرر من حيث كان الفاعل له هو المستحق للذم و عليه يجب العوض و الضرر المذكور من التفريق بين الأزواج إنه إذا ارتد أحد الزوجين و كفر بانت منه زوجته فاستضر بذلك كانوا ضارين له مما حسنوه له من الكفر إلا أن الفرقة لم تكن إلا بإذن الله و حكمه لأنه تعالى هو الذي حكم و أمر بالتفريق بين المختلفي الأديان فلهذا قال وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ و المعنى أنه لو لا حكم الله تعالى و إذنه في الفرقة بين الزوجين باختلاف الملة لم يكونوا ضارين له هذا الضرب من الضرر الحاصل عند الفرقة-
و قد روي أنه كان من دين سليمان ع أنه من سحر بانت منه امرأته.