کتابخانه روایات شیعه
و من ادعى أنه جائز بالمائعات فقد جعل بينهما واسطة و زاد في الظاهر ما لا يقتضيه و يدل أيضا على أنه لا يجوز التيمم إلا بالتراب ما لم يخالطه شيء و قال أبو عبيدة و ابن دريد الصعيد التراب الذي لا يخالطه غيره و الطيب هو الطاهر و يدل أيضا على أن التيمم إنما يجب في آخر وقت الصلاة لأن التيمم طهارة ضرورة و لا ضرورة تدعو إليه إلا في آخر الوقت و أما قبل هذه الحال لم يتحقق له ضرورة و لا يتعلق المخالف بظاهره فإنه لم يفرق بين أول الوقت و آخره لأن الآية لو كان لها ظاهر مخالف قولنا جاز أن نخصه بما ذكرناه من الأدلة فكيف و لا ظاهر لها ينافي ما نذهب إليه لأنه قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة ثم تبع ذلك حكم العادمين للماء الذين يجب عليهم التيمم و يدل أيضا على أنه المقيم الصحيح إذا فقد الماء يتيمم مثل المسافر و لا إعادة عليه لأن كل واحد من هذه الشرائط يبيح التيمم لأنه عطف بعضه على بعض و يدل أيضا على أن المجدور و المجروح و نحوهما و من خاف الزيادة في المرض من استعمال الماء أو صحيح خاف من استعماله لشدة البرد و لا يقدر على تسخينه تيمم و يصلي و لا إعادة عليه يؤيده قوله ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .
قوله سبحانه- فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ دخول الباء إذا لم يكن لتعديه الفعل إلى مفعول لا بد له من فائدة و إلا كان عبثا و لا فائدة بعد ارتفاع التعدية إلا التبعيض و أيضا فإن التيمم موضوع للتخفيف دون استيعاب الأعضاء به فدل ذلك على أن مسح الوجه أنما هو إلى طرف الأنف من غير استيعاب له و يدل أيضا على أنه ضربة واحدة و من مسح بضربة واحدة فقد امتثل المأمور به-
و قد روى المخالفون أن النبي ص قال التيمم ضربة للوجه و اليدين.
و يدل أيضا على أن مقدار الممسوح من الوجه و اليدين ما حده الإمامية لأن فائدة الباء هاهنا التبعيض.
قوله سبحانه- وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ يدل على أنه لا يجوز المسح على الخفين لأنه تعالى أوجبه على الرجل بالحقيقة و الخف لا تسمى رجلا كما لا تسمى العمامة رأسا و قال عمر ما تقولون في المسح على الخفين فقال المغيرة بن شعبة رأيت رسول الله ص
يمسح على الخفين فقال علي ع قبل المائدة أو بعدها فقال لا أدري-
1، 14- فقال علي ع نسخ الكتاب المسح على الخفين إنما أنزل المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة و قال ع ما أبالي أ مسحت على الخفين أم على ظهر غير بالفلاة.
قوله سبحانه- إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ حكم عليهم بالنجاسة في حال الحياة و الموت ففي حال الحياة لا يجوز أن يدخلوا في مسجد لا بالإذن و لا بغير الإذن لأنه ثبت نجاستهم فلا يجوز إدخال النجاسات في المساجد و في حال الموت لا يجوز للمسلم أن يغسل المشرك لأنه لا يطهر به فلا فائدة فيه.
قوله سبحانه- فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فالكعبة قبله من شاهدها و المسجد لمن لم يشاهدها و من بعد عنه توجه نحوه بلا خلاف بمقتضى الآية
فصل [في الصلاة و احكامها]
قوله تعالى- أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ الظاهر يقتضي أن وقت الظهر و العصر يمتد من دلوك الشمس إلى غسق الليل و دلوك الشمس هو ميلها بالزوال إلى أن تغيب بلا خلاف بين أهل اللغة و الآية رد على من قال إن المغرب له وقت واحد لأنه قد حصل وقت المغرب إلى غسق الليل و الغسق اجتماع الظلمة-
و روى أبو هريرة أنه قال ع للصلاة أول و آخر و إن أول المغرب إذا غابت الشمس و آخره حين يغيب الشفق.
قوله سبحانه- أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ المراد بذلك الفجر و العصر بالإجماع و هذا يدل على أن صلاة الفجر من صلاة النهار و يدل أيضا على أن وقت العصر ممتد له إلى أن يقرب الغروب لأن طرف الشيء ما يقرب من نهايته و على قول المخالف آخر وقت الظهر و العصر مصير ظل كل شيء مثله أو مثليه و ذلك يقرب من وسط النهار لا من نهايته و في موطإ مالك و مسندي أحمد و أبي يعلى أنه جرى ذكر صلاة العصر عند أنس
فقال سمعت رسول الله ص يقول تلك صلاة المنافقين أربع مرات يجلس أحدهم حتى إذا
اصفرت الشمس و كانت بين قرني الشيطان ينقر أربعا لا يذكر الله عز و جل فيها إلا قليلا و روى أبو يعلى أيضا مثله عن عائشة أبو عبيدة في غريب الحديث عن ابن مسعود قال لعلكم ستدركون قوما يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى فصلوا للوقت الذي تعرفون ثم صلوا معهم.
قوله سبحانه- وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ و الفجر هو أول ما يبدو من المشرق في الظلمة و هي المستطيلة فعنده يجب صلاة الفجر فإذا علا في الأفق و انبسط الضياء و زالت الظلمة صار صبحا لا فجرا و عند ذلك آخر وقت الصلاة-
ابن ماجة القزويني عن أبي هريرة قال النبي ص إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً قال تشهده ملائكة الليل و النهار.
و عنه في السنن روى الأوزاعي عن مغيث عن سمي قال صليت مع عبد الله بن عمر الصبح بغلس فلما سلم أقبلت على ابن عمر فقلت ما هذه الصلاة فقال هذه صلاتنا كانت مع رسول الله ص و أبي بكر و عمر فلما طعن عمر أسفر بها عثمان.
قوله سبحانه- يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ دال على أن الفجر الثاني هو أول النهار و آخر الليل و يكون صلاة الصبح من صلاة النهار.
قوله سبحانه- وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى هي صلاة الظهر لإجماع الطائفة و من استدل بقوله وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ لا يلزمنا لأن القنوت عندنا في كل صلاة.
قوله سبحانه- حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ و من محافظتها أن يصلوها في أول الأوقات لا في أواخرها و أيضا الاحتياط يوجب تقدمه فإنه لا يؤمن الحوادث و قد ثبت أيضا أنه مأمور من هذا الوقت و الأمر عندنا يقتضي الفور.
قوله سبحانه- فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ و قوله فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ يدلان على وجوب القراءة في الجملة لأن الظاهر يقتضي عموم الأحوال التي من جملتها أحوال الصلاة و يدلان أيضا على أن من لم يحسن القرآن ظاهرا جاز له أن يقرأه من المصحف و هو قول الشافعي.
قوله سبحانه- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية و هو مذهب الشافعي و سفيان الثوري دليلنا إجماع الفرقة و ذكر أبو بكر بن المنذر في كتابه عن أم سلمة أن النبي ص قرأها في الصلاة فعدها آية- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ آيتين- الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثلاث آيات- مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ أربع آيات و قال هكذا إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ و جمع خمس أصابعه.
قوله سبحانه- إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا و قوله بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يدلان على أن من عبر القرآن بغير العربية ليس بقارئ على الحقيقة كما أن من عبر شعر إمرئ القيس مثلا بغير العربية لم يكن منشدا لشعره و لا خلاف أن القرآن معجز و القول بأن العبارة عن معنى القرآن بغير العربية قرآن لا يدل على كونه معجزا و ذلك خلاف الإجماع.
قوله سبحانه- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً. وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا إن الله تعالى قد ندبنا في كل الأحوال إلى تكبيره و تسبيحه و أذكاره الجميلة فوقت افتتاح الصلاة داخل في عموم الأحوال التي أمرنا فيها بالأذكار.
قوله سبحانه- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قالوا لفظة آمين بعد الحمد لهذه الآية لأنها دعاء فقلنا الدعاء إنما يكون دعاء بالقصد و قصد القارئ التلاوة دون الدعاء و قد يجوز أن يعتري قصد الدعاء و يلزمه أن يقول عقيب كل آية تتضمن الدعاء مثل قوله- رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا
وَ قِنا عَذابَ النَّارِ و لا خلاف أن هذه اللفظة ليست من جملة القرآن و لا مستقلة بنفسها في كونها دعاء و تسبيحا فجرى التلفظ بها مجرى كل كلام خارج عن القرآن و التسبيح-
و قول النبي ص إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين.
و بالاتفاق أنه ليس من كلام رب العالمين و لو ادعوا أنه من أسماء الله تعالى لوجدنا في أسمائه و لقلنا يا آمين.
قوله سبحانه- فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ لا يدل على الكتف لأن النحر نحر الإبل في وضع اللغة و من ادعى أنه الكتف أيضا أخطأ لأن أحدا لا يكتف على النحر و هو عمل كثير خارج عن الأعمال المشروعة في الصلاة و يخالفه مالك و الليث و إجماع الطائفة المحقة و طريق الاحتياط و اليقين ببراءة الذمة من الصلاة و إثبات أفعال الصلاة يحتاج إلى الشرع و ليس فيه ما يدل على كون ذلك مشروعا و هو موافقة لليهود و النصارى و المجوس.
قوله سبحانه- وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ المفهوم من لفظ القنوت في الشرع هو الدعاء فوجب حمل الآية عليه و إذا قيل هو القيام الطويل قلنا المعروف في الشرع أن هذا الاسم يختص الدعاء و لا يعرف من إطلاقه سواه و بعد فإنا نحمله على الأمرين جميعا.
قوله سبحانه- وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ -
14- و قال ص صلوا كما رأيتموني أصلي.
و قد علم أنه لم يقدم اسمه على اسم الله تعالى و هذا دليل على أن الترتيب واجب في الشهادتين.
قوله سبحانه- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً أمر شرعي يقتضي الوجوب إلا ما أخرجه دليل قاطع و لا موضع أولى من هذا الموضع و الآية رد على من زعم أن الصلاة على النبي ص في الصلاة تفسدها قائما كان أو قاعدا أو راكعا أو ساجدا و تسليمه على نفسه و على عباد الله الصالحين لا يفسدها و قد بين ع حين سئل عن ذلك-
فقال قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد.
قوله سبحانه- سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ أي آل محمد بإجماع المفسرين و الآل كل
شيء يئول إلى أصله بقرابة بإجماع أهل اللغة و تصغير الآل أهيل بإجماع النحاة فلما سلم الله عليهم لفضلهم يجب علينا أن نصلي عليهم و لا موضع أولى من الصلاة و هو مذهب الإمامية و جمهور أصحاب الشافعي-
و روى أبو مسعود الأنصاري عن النبي ص قال من صلى صلاة لم يصل فيها علي و على أهل بيتي لم تقبل منه.
قوله سبحانه- وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ دال على أن الفاسق لا يؤتم به في الصلاة لأن تقديم الإمام في الصلاة ركون إليه و لأن إمامة الإمام معتبر فيها الفضل و التقدم فيما يعود إلى الدين و لهذا رتب فيها من هو أقرأ و أفقه و أعلم و الفاسق لا يجوز تقديمه.
قوله سبحانه- فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى قوله- وَ أَقامُوا الصَّلاةَ يستدل بها على أن تارك الصلاة متعمدا يقتل لأن الله أوجب الامتناع من قتل المشركين بشرطين التوبة من الشرك و إقامة الصلاة فإذا لم يقيموها وجب قتلهم.
قوله سبحانه- فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ إنما ذم السهو في الصلاة مع أنه ليس فعل العبد بل هو من فعل الله لأن الذم وجه في الحقيقة على التعرض بدخوله فيها على وجه الرياء و قلبه مشغول بها لا يرى لهم منزلة تقتضي صرف الهم إليها.
قوله سبحانه- وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ تدل على أن سفر الطاعة أو المباح يجوز فيهما التقصير في الإيماء و غيره لأنه تعالى علق القصر بالخوف و لا خلاف في أنه ليس في شرط القصر في عدد ركعات صلاة الخوف و إنما الخوف شرط في الوجه الآخر و هو الأفعال في الصلاة لأن صلاة الخوف قد أبيح فيها ما ليس مباحا مع الأمن و يدل أيضا على أن الإمام إذا حاضر بلدا و عزم على أن يقيم شهرا
عليه وجب عليه و على من علق عزمه التمام لأنه ليس بضارب في الأرض.
قوله سبحانه- وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ الآية ظاهرها يقتضي أن الطائفة الثانية تصلي مع الإمام جميع صلاتها و من قال يصلي معه النصف فقد خالف الظاهر لأن في عقيب الآية فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ و ظاهر هذا يقتضي أن يكون سجود الطائفة الأولى في الركعة الثانية لأنه أضاف السجود إليهم و الصلاة المشتركة تضاف إلى الإمام و المأموم و لا يضاف إلى المأموم وحده يوضح ذلك أنه تسوية بين الفرقتين و فيه دلالة على أن صلاة الخوف جائزة في الحضر كما هي جائزة في السفر لأنه لم يخص و تخصيصها بحال السفر يحتاج إلى دليل.
قوله سبحانه- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ هذا عام في كل مؤمن في بلد كان أو سواد أو قرية.
قوله سبحانه- وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها يدل على جواز رد السلام للمصلي لأن لفظة سَلامٌ عَلَيْكُمْ من ألفاظ القرآن و يجوز للمصلي أن يتلفظ بها تاليا للقرآن أو ناويا لرد السلام إذ لا تنافي بين الأمرين و قد يجوز الدعاء في الصلاة و ليس بمحظور فكذلك السلام.
قوله سبحانه- ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قوله قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ يستدل بذلك على أن المصلي إذا قرأ آية رحمة يستحب أن يسأل الله تعالى أو آية عذاب يستعيذ لأنه لم يستثن حالا دون حال و وافقنا الشافعي.