کتابخانه روایات شیعه
[مقدمات التحقيق]
إهداء و دعاء
إلى محمّد رسول اللّه و خاتم النبيّين (ص).
و إلى عليّ أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين.
و إلى بضعة المصطفى سيّدة نساء العالمين.
و إلى سيّدي شباب أهل الجنّة الحسن و الحسين.
و إلى التسعة المعصومين من ذرّيّة الحسين.
سيّما بقيّة اللّه في الأرضين.
و وارث علوم الأنبياء و المرسلين.
المعدّ لقطع دابر الظالمين.
و المدّخر لإحياء معالم الدين.
الحجّة ابن الحسن عج فيا معزّ الأولياء، و يا مذلّ الأعداء، و السبب المتّصل بين الأرض و السماء، قد:
« مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ - في غيبتك وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ - بولايتك فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ - من فضلك وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا »- بدعائك إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
شكر و ثناء
تتقدّم (مدرسة الإمام المهديّ عليه السّلام- مركز التحقيق) في قم المقدّسة، بباقات من التبريكات أعطر من الرياحين، و من الشكر و الثناء آيات أسمى من أريج الياسمين.
مع أخلص الدعوات الزاكيات، و أجمل الأمنيات الخالصات، لجميع الإخوة الأفاضل، العاملين المؤمنين، الّذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب الثمين، و الدّرة المصون، لعالم الوجود، بحلّته القشيبة، و بالحرص و العمل الدؤوب، و التحقيق الدقيق و البحث العلميّ الرصين العميق، فلهم من اللّه ثناء غير مجذوذ، و عطاء غير مردود، و آخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، إنّه نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ*
تقدمة للتحقيق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و به نستعين الحمد للّه الذي فطر الخلائق و برأ النسمات، و أقام على وجوده البراهين و الدلالات، و من لطفه لم يترك الخلق عبثا حائرين، بل أرسل إليهم مبشّرين و منذرين، ليستأدوهم ميثاق فطرته و يذكّروهم منسيّ نعمته، و أيّدهم بالمعجزات و الآيات البيّنات.
و صلّى اللّه على خيرة خلقه محمد (ص)، الذي ختم اللّه به الرسالات و النبوّات، و على آله الأوصياء المصطفين، و الحجج المنتجبين، و اللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
أمّا بعد: فممّا اتّفق عليه علماء الطائفة الحقّة أجمعون، و أيّده الوجدان بالأدلّة و البراهين أنّ الأرض لا تخلو من حجّة أو إمام، ظاهر معلوم أو باطن مستور، من باب لطفه على العباد و لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ 1 ، و فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ، و الأعلام الواضحة على الخلق أجمعين، و لو خليت الأرض لساخت بأهلها، و لغارت غدرانها، و درست أعلامها، و لأصبح أعاليها أسافلها.
فصلاحها- من اللّه- بالإمام، و لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لكان أحدهما الحجّة كما في الأخبار.
و لذلك انتجب الجليل بحكمته أنبياءه و رسله، و اختارهم أمناء على وحيه، و قوّاما على خلقه، و شهداء يوم حشره لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
2 .
فتعاهدهم من لدن آدم بالحجج و الآيات، حتى خاتمهم محمد (ص) سيد الكائنات، إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ 3 .
و لمّا كانت نبوّات الأنبياء السابقين مختصّة بأزمانهم و أجيالهم، اقتضت الحكمة أن تكون معاجزهم مقصورة الأمد، محدودة الأجل، لتكون حجّة على من رآها، و حجّة على من سمع بها بالتواتر، ولكن حيثما تبتعد المعجزة يصعب حصول العلم بصدقها، لانقطاع أخبارها، و يكون التكليف بالايمان بها عسيرا، و ربّما يكون ممتنعا على العباد، و حاش للّه أن يكلّف نفسا إلّا وسعها.
أمّا الرسالة الدائمة فلا بدّ لها من معجزة خالدة، كخلود القرآن الكريم، ليكون حجّة على الخلف كما كان حجّة على السلف، و ما زال يسمع الأجيال، و يحتجّ على القرون، الى أن يقوم النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ و لا بدّ للرسالة الخالدة أيضا من رسول خالد الى يوم يبعثون، ليسير الثقلان جنبا لجنب، ولكن كيف يتحقّق ذلك مع أنّ أمد الرسول (ص) منقض مهما طال، و أجله معلوم مهما امتدّ.
هذا، و النقطة الاخرى علمنا أنّ القرآن العظيم حمّال ذو وجوه، و به الغوامض و الدقائق، و فيه آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ، وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ 4 ، فنشأت الخلافات، و كثرت الأشياع و الأتباع للفرق، و برزت قرون الشقاق، فأستغلّها أهل الفسوق و النفاق، و أبدت عن نواجذها شقائق الشياطين، في فتن داستهم بأخفافها، و وطأتهم بأظلافها، فهم فيها تائهون حائرون، و كلّهم يدّعون أنّهم بالقرآن يعملون، و به يستدلّون، و عليه يعوّلون.