کتابخانه روایات شیعه
الجزء الأول
مقدّمة التحقيق
بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستعين
مقدّمة الطبعة الثانية لكتاب شواهد التنزيل [للمحقق]
و بعد فقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: رحم اللّه امرأ عمل عملا فأتقنه.
و لقد كنّا قبل سنة (1405) بخمسة عشر عاما ظفرنا بنسخة خطية من كتاب شواهد التنزيل و البال ضيق و الحال مضطربة و الفكر متشتت و ذلك لأجل ثوران العفالقة و عمال الملاحدة لتشريد المؤمنين من أرضهم و ديارهم و تفريق الصالحين عن أهلهم و أقاربهم و نهب أموالهم و ضياعهم.
و مع هذه الاضطرابات المتنوعة و تشويش الحواس لما رأينا هذا الأثر الثمين الذي لم يقدّره المسلمون في خلال تسعة قرون أقدمنا على استنساخه و تحقيقه بأمل أن يمنّ اللّه علينا على طبعه و نشره بين المجتمع قبل أن يأتي عليه حوادث الدهر و تفنيه و تزيله عن ساحة الوجود كما أفنى و أزاح عن ساحة الوجود آلافا من أشكاله و ما هو على سياقه و منهاجه.
فحققناه على تلك البلبلة و القلقلة إلى أن منّ اللّه تعالى علينا بنشره في سنة (1393) الهجرية و بعد مضي فترة يسيرة من نشره قد نفد نسخ الكتاب في الأسواق لكثرة الرغبة إلى اقتنائه و تحصيل نسخة منه لتفردّه في بابه و مضمونه و محتوياته، و لكن لاشتغالي بأعمال كثيرة من الواجبات الكفائية ما اهتممت بإعادة النظر فيه و طبعه ثانيا إلى أن اطلعت في سنة (1397) عند ما زرت آية اللّه المرعشيّ أطال اللّه أيام بركاته في مدينة قم المقدّسة على أنّه دام ظله الوارف اقتنى نسخة يمنية من هذا الكتاب فطلبنا من سماحته بأن يخولنا مصورة من الكتاب فجاد لنا بذلك- كما هو سجيته الكريمة حول التراث و الكتب المخطوطة- و لكن بقيت تلك المصورة عندنا حدود سنتين بلا مقابلة إلى أن حصل لنا نشاط جديد حول تحقيق الكتاب و طبعه ثانيا فبمعونة ابني الشيخ محمّد كاظم المحمودي قابلنا المخطوطة مع المطبوعة فرأينا أنّ المخطوطة اليمنية في أكثر محتوياتها أصحّ من المخطوطة الكرمانية التي كانت أصلا للطبعة الأولى، و أيضا قل ما وجدنا في المخطوطة اليمنية حذفا أو بياضا، و مع ذلك في مواضع قليلة وجدنا بالقرائن المتصلة أو المنفصلة أن المخطوطة الكرمانية أصحّ
أصلها المخطوط ببركة النسخة اليمنية و القرائن الخارجية و لكن ما أدرجنا جميع زوائد النسخة اليمنية في النسخة التي صححناها عليها مثل قوله: «جلّ و علا» أو «عزّ اسمه» و نحوهما المذكور قبيل الآية المبحوث عنها، إذا كان في أصلنا الأول ما يغايره لفظا، و مثل جملة: «صلّى اللّه عليه و آله و سلم» بعد ذكر اسم النبيّ فإنّها كثيرة في الأصل اليمني قليلة في الأصل الكرماني.
ثمّ في الموارد التي أوردنا تلك الجملة أيضا ما أشرنا إلى أنّ هذه أي جملة:
«صلّى اللّه عليه و آله و سلم» من الأصل اليمني لأنّ ذلك ليس المقصود الأصلي و إنّما هو أمر عرضي لا سيما مع القرائن القاطعة على كون هذه الجملة عن غير المعصوم و إنّما أتى بها الراوي أو الكاتب من أجل استحباب تعقيب اسم النبيّ بهذه الجملة.
و أيضا قبل عنوان بعض الآيات لم تكن في الأصل الكرماني بعد ذكر جملة:
«و منها قوله» لفظة «تعالى» أو «جلّ جلاله» أو «عز اسمه» و كان بعض تلك الألفاظ موجودة في الأصل اليمني فزدناها في النسخة المحققة بلا إشارة إلى أنّها من الأصل اليمني و ذلك لأن تمهيد هذه الأمور لم يكن هدفا أصليّا و إنّما أتي بها استحبابا أو تجويدا للكلام و كثيرا ما تتسبب العناية بالأمور الغير الأصيلة فوت الهدف الأصيل و المقاصد الأولية، فالمحصل أنّ كلّ زيادة من هذا القبيل توجد في الطبعة الثانية بلا نصب قرينة على تعيين مصدرها فهي من النسخة اليمنية.
و ليعلم أنّه مع بذل الجهد- بل التفادي- في تصحيح هذا الكتاب القيم و السفر العظيم و مع ذلك قد بقي فيه اختلال قليل لم يتيسر لنا حلّه من النسخة اليمنية أو القرائن الخارجية فعسى اللّه أن يمنّ علينا أو على غيرنا بأصل ثالث أصحّ من الأصل الكرماني و اليمني 1 أو بقرائن منفصلة على إصلاح ما بقي من الاختلال القليل.
و إنّي أنشد اللّه كل مسلم يحب العلم و الدين و له عناية بصلاح المجتمع و عنده مخطوطة من هذا الكتاب- أو بقية كتب المؤلّف- أن يساعدنا ببذل نسخته و لو عارية فإن هذا من أفضل أنحاء التعاون على البرّ و التقوى و ادّخار الزاد ليوم المعاد الذي لا ينفع فيه مال و لا بنون إلّا من أتى اللّه بقلب سليم و ورد على اللّه بصالح الأعمال و الصدقات الجارية المقربة إلى اللّه تعالى و من أعظم أنحاء الصدقات الجارية الكتب المتكفلة لبيان العقائد الحقة و شرح دعائم الصالحات و أسس الأعمال الصالحة المنجية من الهلكات و آخر دعوانا: أن الحمد للّه ربّ العالمين.