کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة التحقيق]
مقدمة المحقق
مؤلف الكتاب هو الشيخ الجليل السعيد أبو عبد اللّه محمد بن جعفر بن علي المشهدي الحائري، المعروف بمحمد ابن المشهدي و ابن المشهدي.
هذا الرجل من أجلاء العلماء من السلف الماضين، و اعتمد الأصحاب على كتابه، و هو الأصل في عدة من الأدعية و الزيارات، لكن لقلة نشر آثاره و بعد الناس عن تناول كتبه، لم ينتشر صيته و خمل ذكره و جهل اسمه حتى بين المتبحرين 1 ، و ليس هو أول شخصية خمل ذكره بين الأنام، لأنه كما قيل: ان الناس أبناء من غلب.
و كيف كان، فقد يظهر مما بقي من آثاره و ما قيل في حقه، ما يجلي عن سمو مقامه و يكشف عن رفعة منزلته، و نحن نذكر هنا بعض الكلام في حقه، حولَ سُمُوِّ مَقَامِ المؤلف و عظمة تأليفه.
إِطْرَاءُ الْعُلَمَاءِ فِي حَقِّهِ
: قَالَ الْمُحَدِّثُ الْحُرُّ الْعَامِلِيُّ فِي أَمَلِ الْآمِلِ: «الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَشْهَدِيُ
كَانَ فَاضِلًا مُحَدِّثاً صَدُوقاً لَهُ كُتُبٌ، يَرْوِي عَنْ شَاذَانَ بْنِ جَبْرَئِيلَ الْقُمِّيِّ» 2 .
قَالَ الشَّيْخُ الشَّهِيدُ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ فِي إِجَازَتِهِ لِلشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ:
«الشَّيْخِ الْإِمَامِ السَّعِيدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَشْهَدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ» 3 ، وَ قَالَ فِي إِجَازَتِهِ الْكَبِيرَةِ إِنَّ الشَّهِيدَ يَرْوِي عَنِ ابْنِ الْمَشْهَدِيِّ بِوَسَائِطَ جَمِيعَ كُتُبِهِ وَ رِوَايَاتِهِ 4 ، وَ مِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْبَارِزِينَ فِي عَصْرِهِ.
ذَكَرَ الشَّيْخُ حَسَنُ ابْنُ الشَّهِيدِ الثَّانِي فِي إِجَازَتِهِ الْكَبِيرَةِ عَنِ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ ابْنِ نُمَا، أَنَّهُ يَرْوِي الْمُقْنِعَةَ لِلْمُفِيدِ بِالْإِجَازَةِ عَنْ وَالِدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَشْهَدِيِّ، وَ حَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا وَ لَمْ يَبْلُغِ الْعِشْرِينَ عَلَى الشَّيْخِ الْمَكِينِ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ النَّقَّاشِ الْمَوْصِلِيِّ، وَ هُوَ طَاعِنٌ فِي السِّنِ 5 ، وَ هُوَ ظَاهِرٌ فِي تَبَحُّرِهِ فِي الْعِلْمِ فِي أَوَانِ شَبَابِهِ.
يُوجَدُ ذِكْرُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْإِجَازَاتِ وَ فِي أَسَانِيدِ الصَّحِيفَةِ السَّجَّادِيَّةِ، الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ أَعَاظِمِ الْعُلَمَاءِ، وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، كَثِيرُ الْفَضْلِ، مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ:
مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ- كَمَا ذَكَرْنَا- هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَشْهَدِيُّ، وَ هُوَ وَ إِنْ كَانَ مِنَ الْمَشَايِخِ الْكِبَارِ الْمَذْكُورِ اسْمُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْإِجَازَاتِ، وَ كِتَابُهُ هَذَا يُعَدُّ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَ مِنْ أَقْدَمِ كُتُبِ الْمَزَارِ، أَمَّا شَخْصُهُ مَجْهُولٌ جِدّاً، حَتَّى قَالَ السَّيِّدُ الْخُوئِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: «لَمْ يَظْهَرْ لَنَا اعْتِبَارُ هَذَا الْكِتَابِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ مُحَمَّدَ ابْنَ الْمَشْهَدِيِّ لَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ بَلْ لَمْ يُعْلَمْ شَخْصُهُ» 6 .
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ نَشَأَ مِنْ خَلْطِ الْعَلَّامَةِ الْمَجْلِسِيِّ وَ الْمُحَدِّثِ الْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي تَسْمِيَةِ مُؤَلِّفِ هَذَا الْكِتَابِ، وَ هُمَا وَ إِنْ كَانَا خِرِّيتَيْنِ فِي هَذَا الْفَنِّ، أَمَا إِنَّ الْجَوَادَ قَدْ يَكْبُو وَ السَّيْفَ قَدْ يَنْبُو 7 .
أَمَّا صَاحِبُ الْبِحَارِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي مُقَدِّمَةِ بِحَارِهِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُ، فِي ذِكْرِ مَصَادِرِ كِتَابِ الْبِحَارِ: «كِتَابٌ كَبِيرٌ فِي الزِّيَارَاتِ تَأْلِيفُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْمَشْهَدِيِّ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَأْلِيفَاتِ السَّيِّدِ ابْنِ طَاوُوسٍ وَ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ
وَ مَدَحَهُ وَ سَمَّيْنَاهُ بِالْمَزَارِ الْكَبِيرِ» 8 .
وَ قَالَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُ فِي بَيَانِ الْوُثُوقِ عَلَى الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ وِ اخْتِلَافِهَا فِي ذَلِكَ: «الْمَزَارُ الْكَبِيرُ يُعْلَمُ مِنْ كَيْفِيَّةِ إِسْنَادِهِ أَنَّهُ كِتَابٌ مُعْتَبَرٌ وَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ السَّيِّدَانِ ابْنَا طَاوُسٍ كَثِيراً مِنَ الْأَخْبَارِ وَ الزِّيَارَاتِ، وَ قَالَ الشَّيْخُ مُنْتَجَبُ الدِّينُ فِي الْفِهْرِسْتِ السَّيِّدُ أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَشْهَدِيُّ فَقِيهٌ مُحَدِّثٌ ثِقَةٌ قَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ مُحْيِي الدْينِ الْحُسَينِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْحَمْدَانِيِّ، وَ قَالَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَمْدَانِيِّ أَخْبَرَنَا بِكُتُبِهِ السَّيِّدُ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْمَشْهَدِيُّ» 9 .
مَا ذَكَرَهُ قُدِّسَ سِرُّهُ غَرِيبٌ مِنْهُ، وَ فِيهِ سَهْوٌ مِنْ جِهَاتٍ:
1- إِنَّ الشَّيْخَ مُنْتَجَبَ الدِّينِ ذَكَرَ أَنَّ السيد أبا البركات محمد بن إسماعيل المشهدي قرأ على الحمداني، و ذكر في ترجمته أنه قرأ على الشيخ الطوسي جميع تصانيفه، لكنه لا يوجد في كتابه هذا عين و لا اثر من روايته منه عن الحمداني أو أحد من تلاميذ الشيخ.