کتابخانه روایات شیعه
كلمة المكتبة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لو تفحّصنا التاريخ و رأينا ما فعلته الأيّام بأهل الحق من بني آدم من ظلم و عدوان و تجاوز و طغيان، المتجاوز لحدّ المألوف في كثير من الأحيان، لعلمنا مدى فداحة الخطر الجاثم على البشريّة جمعاء إذ لم يخلص من مخالب أخطبوط الغدر و الخيانة حتّى أشرف الخلائق أجمعين صلوات اللّه و سلامه عليه و على أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين!
و قد أرتنا صفحات التاريخ أنّ صاحب الحقّ و الداعي إليه متّهم أمام أصحاب النزوات النفسانيّة و الرغبات الماديّة الآنيّة الزائلة، و لذلك استمرّ مسلسل الغدر و الخيانة بملاحقة الخيرة بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بقي أهل بيته عليهم السّلام و من سار على نهجهم القويم و صراطهم المستقيم عرضة لتلك السهام الخائبة، و ستبقى الدنيا على هذه الوتيرة، و لن تستقرّ البشريّة إلّا بظهور قائم آل محمّد عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف، فيملؤها قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، على ما جاء في الأحاديث النبويّة الشريفة و رواية أئمّة الهدى و سبل النجاة، و عندها سيتمّ التحرّر من نير الظلم و قساوة البؤس و مرارة الحرمان، ليعمّ العدل كلّ ربوع العالم، فتسعد البشريّة بالحياة السعيدة الهنيئة.
و قد أخبرنا الأنبياء و المرسلون و أئمّة الدين القويم بذلك الإمام الهمام، الّذي نعتته بعض الأديان بالمنقذ و المصلح، و هو ما يشير إلى أنّ البشريّة على مختلف مشاربها و مساربها بحال الترقّب لسطوع شمس العدل و الإيمان؛ و هناك مسألة قد شغلت أذهان الكثير من الناس تدور حول زمان تحقّق الوعد الإلهي في إظهار دين اللّه على الدين كلّه، و إذن الظهور للإمام المنقذ الحجّة المنتظر ليملأ الأرض قسطا و عدلا، وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ 1 .
أقول: يعدّ البحث في موضع المنجي المنقذ المخلّص من البحوث المهمّة جدّا الّتي شغلت عقول و أفكار الكثير من العلماء و المحقّقين و الباحثين، كلّ حسب تخصّصه، فحفلت المكتبة الإنسانيّة بالعديد من المؤلّفات الّتي طرقت باب البحث بأدلّة نقليّة و عقليّة، فتناولت معرفة جوانب شخصيّة القائد المنتظر، و علّة غيبته و انتظاره، و ما على المنتظرين من واجبات، كما أشارت إلى العلامات الّتي ستحصل قبل ظهوره المبارك و ما سيقع منها أثناء ظهوره، مضافا إلى تبيان كيفيّة الأساليب المضادّة التي يتوسّل بها الجبابرة و الطغاة و المعاندين لإطفاء نور اللّه! يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ 2 . و تطرّقت تلك البحوث أيضا إلى الإرهاصات السياسيّة و الاجتماعيّة و العقائديّة الّتي ستكون في تلك الفترة، و ما سيقوم به قائد البشريّة و حجّة اللّه على خلقه لإقرار القسط و العدل و إقامة الحقّ و إزهاق الباطل في كافّة ربوع المعمورة.
و من بين تلك المؤلّفات، كتاب: «سرور أهل الإيمان في علامات ظهور صاحب
الزمان عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف» الّذي تناول موضوع أخبار و علامات ظهور صاحب الولاية الكبرى بقيّة اللّه الأعظم عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف، لمؤلّفه السيّد الأجلّ الأكمل الأرشد المؤيّد، صاحب المقامات الباهرة و الكرامات الزاهرة، العلّامة المبدع و النسّابة البارع «بهاء الدين عليّ بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسينيّ النيليّ النجفيّ» المتوفّى نحو سنة ثمانمائة من الهجرة.
و من دواعي الفخر و السرور لمكتبة «العلّامة المجلسي رحمه اللّه» أن تكون باكورة إصداراتها هذا الكتاب القيّم، الشافي الكافي لمن يروم معرفة لباب حقيقة الحال بعيدا عن الزيف و التزوير و الخيال؛
راجين من المولى عزّ و جلّ و من رسوله الكريم صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته الأطهار عليهم السّلام أن يقبلوا منّا هذا الجاهد المتواضع، و أن يجعلوه ذخرا لنا ليوم لا ينفع مال و لا بنون إلّا من أتى اللّه بقلب سليم أو عمل كريم.
و لا يفوتنا أن نذكر محقّق الكتاب، زميلنا العزيز الأستاذ الشيخ قيس بهجت العطّار، و سماحة السيّد حسن الموسوي البروجردي دامت توفيقاتهما، و نتقدّم لهما بالشكر الجزيل و الثناء الجميل تقديرا لجهودهما المبذولة في إحياء هذا الأثر النفيس، جزاهما اللّه عنّا و عن الإسلام خير الجزاء، راجين لهما و لنا كلّ توفيق و سداد.
و الحمد للّه أوّلا و آخرا ..