کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفضائل (لابن شاذان القمي)

المقدمة حَدِيثُ مَوْلِدِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ص‏ مَوْلِدُ الْإِمَامِ عَلِيٍّ ع‏ خَبَرُ عِطْرِفَةَ الْجِنِّيِ‏ خَبَرٌ آخَرُ مُعْجِزَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع‏ خَبَرُ رَدِّ الشَّمْسِ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ خَبَرُ كَلَامِ الشَّمْسِ مَعَهُ ع‏ خَبَرُ الْجَامِ‏ خَبَرُ كَلَامِ الثُّعْبَانِ‏ خَبَرُ الْجُمْجُمَةِ خَبَرُ جُمْجُمَةٍ أُخْرَى‏ خَبَرُ صَفْوَانَ الْأَكْحَلِ رض‏ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ خَبَرُ الشَّيْخِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ‏ خَبَرُ مُفَاخَرَةِ عَلَيِّ بْنِ أَبْي طَالِبٍ ع وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ع‏ حَدِيثُ مُفَاخَرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع مَعَ وَلَدِهِ الْحُسَيْنِ ع‏ حِكَايَةُ وَفَاةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏ خَبَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ فِي ذِكْرِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ص مَا يَنْفَعُ لِلْمُسْتَبْصِرِينَ‏ فهرس مواضيع الكتاب‏

الفضائل (لابن شاذان القمي)


صفحه قبل

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 57

فَسَمِعَ هَاتِفاً يَقُولُ‏

خُصِّصْتُمَا بِالْوَلَدِ الزَّكِيِ‏

وَ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ الْمَرْضِيِ‏

إِنَّ اسْمَهُ مِنْ شَامِخٍ عَلِيٍ‏

عَلِيٌّ اشْتُقَّ مِنَ الْعَلِيِ‏

فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا خَرَجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْكَ السَّلَامُ أَيْنَ غَابَ قَالَ مَضَى إِلَى الْمُثْرِمِ لِيُبَشِّرَهُ بِمَوْلِدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ كَانَ الْمُثْرِمُ قَدْ مَاتَ فِي جَبَلِ لُكَامٍ لِأَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ إِذَا وُلِدَ هَذَا الْمَوْلُودُ أَنْ يَقْصِدَ جَبَلَ لُكَامٍ فَإِنْ وَجَدَهُ حَيّاً بَشَّرَهُ وَ إِنْ وَجَدَهُ مَيِّتاً أَنْذَرَهُ فَقَالَ جَابِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ يَعْرِفُ قَبْرَهُ وَ كَيْفَ يُنْذِرُهُ فَقَالَ يَا جَابِرُ اكْتُمْ مَا تَسْمَعُ فَإِنَّهُ مِنْ سَرَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَكْنُونَةِ وَ عُلُومِهِ الْمَخْزُونَةِ إِنَّ الْمُثْرِمَ كَانَ قَدْ وَصَفَ لِأَبِي طَالِبٍ كَهْفاً فِي جَبَلِ لُكَامٍ وَ قَالَ لَهُ إِنَّكَ تَجِدُنِي هُنَاكَ حَيّاً أَوْ مَيِّتاً فَلَمَّا أَنْ مَضَى أَبُو طَالِبٍ إِلَى ذَلِكَ الْكَهْفِ وَ دَخَلَهُ فَإِذَا هُوَ بِالْمُثْرِمِ مَيِّتاً جَسَدُهُ مَلْفُوفٌ فِي مِدْرَعَتَيْنِ مُسَجًّى بِهِمَا وَ إِذَا بِحَيَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الْقَمَرِ وَ الْأُخْرَى أَشَدُّ سَوَاداً مِنَ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ وَ هُمَا يَدْفَعَانِ عَنْهُ الْأَذَى فَلَمَّا أَبْصَرَتَا أَبَا طَالِبٍ غَابَتَا فِي الْكَهْفِ فَدَخَلَ أَبُو طَالِبٍ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَأَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى بِقُدْرَتِهِ الْمُثْرِمَ فَقَامَ قَائِماً وَ هُوَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَ هُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ وَ هُوَ الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُثْرِمُ بَشِّرْنِي يَا أَبَا طَالِبٍ فَقَدْ كَانَ قَلْبِي مُتَعَلِّقاً حَتَّى مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ بِكَ وَ بِقُدُومِكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ أَبْشِرْ فَإِنَّ عَلِيّاً طَلَعَ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ فَمَا كَانَ عَلَامَةُ اللَّيْلَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا حَدِّثْنِي بِأَتَمِّ مَا رَأَيْتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَالَ أَبُو طَالِبٍ نَعَمْ أُخْبِرُكَ بِمَا شَاهَدْتُهُ لَمَّا مَرَّ مِنَ اللَّيْلِ الثُّلُثُ أَخَذَ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ ع مَا يَأْخُذُ النِّسَاءَ عِنْدَ وِلَادَتِهَا فَقَرَأْتُ عَلَيْهَا الْأَسْمَاءَ الَّتِي فِيهَا النَّجَاةُ فَسَكَنَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَقُلْتُ لَهَا أَنَا آتِيكِ بِنِسْوَةٍ مِنْ أَحِبَّائِكِ لِيُعِينِوكِ عَلَى أَمْرِكِ قَالَتْ الرَّأْيُ لَكَ فَاجْتَمَعْنَ النِّسْوَةُ عِنْدَهَا فَإِذَا بِهَاتِفٍ يَهْتِفُ مِنْ وَرَاءِ الْبَيْتِ أَمْسِكْ عَنْهُنَّ يَا أَبَا طَالِبٍ فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ لَا تَمَسُّهُ إِلَّا يَدٌ مُطَهَّرَةٌ فَلَمْ يُتِمَّ الْهَاتِفُ كَلَامَهُ حَتَّى أَتَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي فَطَرَدَ

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 58

تِلْكَ النِّسْوَةَ وَ أَخْرَجَهُنَّ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِذَا أَنَا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ قَدْ دَخَلْنَ عَلَيْهَا وَ عَلَيْهِنَّ ثِيَابٌ مِنْ حَرِيرٍ بِيضٌ وَ إِذَا رَوَائِحُهُنَّ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ فَقُلْنَ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا وَلِيَّةَ اللَّهِ فَأَجَابَتْهُنَّ بِذَلِكَ فَجَلَسْنَ بَيْنَ يَدَيْهَا وَ مَعَهُنَّ جُونَةَ مِنْ فِضَّةٍ فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى وُلِدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَلَمَّا أَنْ وُلِدَ بَيْنَهُنَّ فَإِذَا بِهِ قَدْ طَلَعَ ع فَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ وَ هُوَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ تُخْتَمُ بِهِ النُّبُوَّةُ وَ تُخْتَمُ بِيَ الْوَصِيَّةُ فَأَخَذَتْهُ إِحْدَاهُنَّ مِنَ الْأَرْضِ وَ وَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهَا فَلَمَّا حَمَلَتْهُ نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا وَ نَادَى بِلِسَانٍ طَلْقٍ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُمَّاهْ فَقَالَتْ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا بُنَيَّ فَقَالَ كَيْفَ وَالِدِي قَالَتْ فِي نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أَنْ سَمِعْتُ ذَلِكَ لَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ قُلْتُ يَا بُنَيَّ أَ وَ لَسْتُ أَنَا أَبَاكَ فَقَالَ بَلَى وَ لَكِنْ أَنَا وَ أَنْتَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ فَهَذِهِ أُمِّي حَوَّاءُ فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ غَضَضْتُ وَجْهِي وَ رَأْسِي وَ غَطَّيْتُهُ بِرِدَائِي وَ أَلْقَيْتُ نَفْسِي حَيَاءً مِنْهَا ع ثُمَّ دَنَتْ أُخْرَى وَ مَعَهَا جَونَةٌ مَمْلُوءَةٌ مِنَ الْمِسْكِ فَأَخَذَتْ عَلِيّاً ع فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُخْتِي فَقَالَتْ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَخِي فَقَالَ مَا خَبَرُ عَمِّي قَالَتْ بِخَيْرٍ فَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ فَقُلْتُ يَا بُنَيَّ مَنْ هَذِهِ وَ مَنْ عَمُّكَ فَقَالَ هَذِهِ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ع وَ عَمِّي عِيسَى ع فَضَمَّخَتْهُ بِطِيبٍ كَانَ مَعَهَا مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ أَخَذَتْهُ أُخْرَى فَأَدْرَجَتْهُ فِي ثَوْبٍ كَانَ مَعَهَا فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لَوْ طَهَّرْنَاهُ كَانَ أَخَفَّ عَلَيْهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُطَهِّرُ مَوَالِيدَهَا فِي يَوْمِ وِلَادَتِهِمْ فَقُلْنَ إِنَّهُ وُلِدَ طَاهِراً مُطَهَّراً لِأَنَّهُ لَا يُذِيقُهُ اللَّهُ حَرَّ الْحَدِيدِ إِلَّا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ يُبْغِضُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ مَلَائِكَتُهُ وَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ الْجِبَالِ وَ هُوَ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ فَقُلْتُ لَهُنَّ مَنْ هُوَ قُلْنَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ هُوَ قَاتِلُهُ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ وَفَاةِ مُحَمَّدٍ ص قَالَ أَبُو طَالِبٍ فَأَنَا كُنْتُ أَسْتَمِعُ قَوْلَهُنَّ ثُمَّ أَخَذَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخِي مِنْ أَيْدِيهِنَّ وَ وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ وَ تَكَلَّمَ مَعَهُ وَ سَأَلَهُ عَنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَخَاطَبَ مُحَمَّدٌ ص عَلِيّاً وَ خَاطَبَ عَلِيٌّ مُحَمَّداً بِأَسْرَارٍ

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 59

كَانَتْ بَيْنَهُمَا ثُمَّ غَابَتِ النِّسْوَةُ فَلَمْ أَرَهُنَّ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَيْتَنِي كُنْتُ أَعْرِفُ الِامْرَأَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَ كَانَ عَلِيٌّ ع أَعْلَمَ بِذَلِكَ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُنَّ فَقَالَ لِي يَا أَبَتِ أَمَّا الْأُولَى فَكَانَتْ أُمِّي حَوَّاءَ وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ الَّتِي ضَمَّخَتْنِي بِالطِّيبِ فَكَانَتْ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ وَ أَمَّا الَّتِي أَدْرَجَتَنْيِ فِي الثَّوْبِ فَهِيَ آسِيَةُ وَ أَمَّا صَاحِبَةُ الْجَوْنَةِ فَكَانَتْ أُمَّ مُوسَى ع ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع الْحَقْ بِالْمُثْرِمِ يَا أَبَا طَالِبٍ وَ بَشِّرْهُ وَ أَخْبِرْهُ بِمَا رَأَيْتَ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ فِي كَهْفِ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمُنَاظَرَةِ مَعَ مُحَمَّدٍ ابْنِ أَخِي وَ مِنْ مُنَاظَرَتِي عَادَ إِلَى طُفُولِيَّتِهِ الْأُولَى فَأَنْبَأْتُكَ وَ أَخْبَرْتُكَ ثُمَّ شَرَحْتُ لَكَ الْقِصَّةَ بِأَسْرِهَا بِمَا عَايَنْتُ يَا مُثْرِمُ قَالَ أَبُو طَالِبٍ فَلَمَّا سَمِعَ الْمُثْرِمُ ذَلِكَ مِنِّي بَكَى بُكَاءً شَدِيداً فِي ذَلِكَ وَ فَكَّرَ سَاعَةَّ ثُمَّ سَكَنَ وَ تَمَطَّى ثُمَّ غَطَّى رَأْسَهُ وَ قَالَ بَلْ غَطِّنِي بِفَضْلِ مِدْرَعَتِي فَغَطَّيْتُهُ بِفَضْلِ مِدْرَعَتِهِ فَتَمَدَّدَ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ كَمَا كَانَ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُكَلِّمُهُ فَلَمْ يُجِبْنِي فَاسْتَوْحَشْتُ لِذَلِكَ فَخَرَجَتِ الْحَيَّتَانِ وَ قَالَتَا الْحَقْ بِوَلِيِّ اللَّهِ فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِصِيَانَتِهِ وَ كَفَالَتِهِ مِنْ غَيْرِكَ فَقُلْتُ لَهُمَا مَنْ أَنْتُمَا قَالَتَا نَحْنُ عَمَلُهُ الصَّالِحُ خَلَقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي تَرَى لِنَذُبَّ عَنْهُ الْأَذَى لَيْلًا وَ نَهَاراً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ كَانَتْ إِحْدَانَا قَائِدَتَهُ وَ الْأُخْرَى سَائِقَتَهُ وَ دَلِيلَتَهُ إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى مَكَّةَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص شَرَحْتُ لَكَ مَا سَأَلْتَنِي وَ وَجَبَ عَلَيْكَ لَهُ الْحِفْظُ فَإِنَّ لِعَلِيٍّ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ الْجَلِيلَةِ وَ الْعَطَايَا الْجَزِيلَةِ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُبُّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ لَا يَجُوزُ أَحَدٌ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَّا بِبَرَاءَةٍ مِنْ أَعْدَاءِ عَلِيٍّ ع تَمَّ الْخَبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 60

خَبَرُ عِطْرِفَةَ الْجِنِّيِ‏

مِنْ دَلَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع مَا رَوَاهُ زَادَانُ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْماً جَالِساً بِالْأَبْطَحِ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَيْنَا بِالْحَدِيثِ إِذْ نَظَرَ إِلَى زَوْبَعَةٍ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَأَثَارَتِ الْغُبَارَ فَمَا زَالَتْ تَدْنُو وَ الْغُبَارُ يَعْلُو إِلَى أَنْ وَقَفَتْ بِحِذَاءِ النَّبِيِّ ص وَ فِيهَا شَخْصٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ اعْلَمْ أَنِّي وَافِدُ قَوْمِي وَ قَدْ اسْتَجَرْنَا بِكَ فَأَجِرْنَا وَ ابْعَثْ مَعِي مِنْ قَبْلِكَ مَنْ يُشْرِفُ عَلَى قَوْمِنَا فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ بَغَى عَلَى بَعْضٍ لِيَحْكُمَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَ كِتَابِهِ وَ خُذْ عَلَيَّ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِيقَ الْمُؤَكَّدَةَ لِأَرُدَّهُ إِلَيْكَ سَالِماً فِي غَدَاةِ غَدٍ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ عَلَيَّ حَادِثٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ أَنْتَ وَ قَوْمُكَ قَالَ أَنَا عِطْرِفَةُ بْنُ شِمْرَاخٍ أَحَدُ بَنِي كَاخٍ أَنَا وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِي كُنَّا نَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَلَمَّا مُنِعْنَا مِنْ ذَلِكَ آمَنَّا وَ لَمَّا بَعَثَكَ اللَّهُ نَبِيّاً آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَاكَ وَ قَدْ خَالَفَنَا بَعْضُ الْقَوْمِ وَ أَقَامُوا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فَوَقَعَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ الْخِلَافُ وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنَّا عَدَداً وَ أَشَدُّ قُوَّةً وَ قَدْ غَلَبُوا عَلَى الْمَاءِ وَ الْمَرْعَى وَ أَضَرُّوا بِنَا وَ بِدَوَابِّنَا فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ مَعِي مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ فَقَالَ النَّبِيُّ ص اكْشِفْ لَنَا عَنْ وَجْهِكَ حَتَّى نَرَاكَ عَلَى هَيْئَتِكَ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا فَكَشَفَ لَنَا عَنْ صُورَتِهِ فَنَظَرْنَا إِلَى شَيْخٍ عَلَيْهِ شَعْرٌ كَثِيرٌ وَ رَأْسُهُ طَوِيلٌ وَ هُوَ طَوِيلُ الْعَيْنَيْنِ وَ عَيْنَاهُ فِي طُولِ رَأْسِهِ مُغَيَّرُ الْحَدَقَتَيْنِ وَ لَهُ أَسْنَانٌ كَأَسْنَانِ السِّبَاعِ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ص أَخَذَ عَلَيْهِ الْعُهُودَ وَ الْمِيثَاقَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَنْ يَبْعَثُ فِي غَدَاةِ غَدٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ الْتَفَتَ النَّبِيُّ ص إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ قَالَ مَنْ يَمْضِي مِنْكُمْ مَعَ أَخِينَا عِطْرِفَةَ لِيَنْظُرَ

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 61

مَا هُمْ عَلَيْهِ وَ لِيَحْكُمَ بِالْحَقِّ بَيْنَهُمْ قَالَ وَ أَيْنَ هُمْ فَقَالَ هُمْ تَحْتَ الْأَرْضِ فَقَالَ كَيْفَ نُطِيقُ النُّزُولَ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَيْفَ نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَ لَا نُحْسِنُ كَلَامَهُمْ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ ص جَوَاباً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لِأَبِي بَكْرٍ فَأَجَابَ مِثْلَ جَوَابِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُمَا فَأَجَابَهُ كَجَوَابِهِمَا ثُمَّ اسْتَدْعَى بِعَلِيٍّ ع وَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ امْضِ مَعَ أَخِينَا عِطْرِفَةَ وَ أَشْرِفْ مِنْ قَوْمِهِ وَ انْظُرْ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَقَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ ثُمَّ تَقَلَّدَ سَيْفَهُ قَالَ سَلْمَانُ فَتَبِعْتُهُ إِلَى أَنْ صَارَ بِالْوَادِي فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَالَ لِي شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَارْجِعْ فَرَجَعْتُ وَ وَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ مِمَّا يَقَعُ مِنْهُ فَانْشَقَّتِ الْأَرْضُ فَدَخَلَ فِيهَا وَ عَادَتْ إِلَى مَا كَانَتْ فَدَخَلَنِي مِنَ الْحَسْرَةِ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ كُلُّ ذَلِكَ إِشْفَاقاً عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ وَ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الصَّفَا وَ حَفَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَتَأَخَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ وَقْتِ مِيعَادِهِ حَتَّى ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَ قَالُوا إِنَّ الْجِنَّ احْتَالُوا عَلَى النَّبِيِّ ص فَقَدْ أَرَاحَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَبِي تُرَابٍ وَ ذَهَبَ افْتِخَارُهُ بِابْنِ عَمِّهِ عَلِيّاً وَ ظَهَرَتْ شَمَاتَةُ الْمُنَافِقِينَ وَ أَكْثَرُوا الْكَلَامَ إِلَى أَنْ صَلَّى النَّبِيُّ ص صَلَاةَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ وَ أَظْهَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ وَ أَيِسُوا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ فَأَيْقَنَ الْقَوْمُ أَنَّهُ هَلَكَ وَ ظَهَرَ نِفَاقُهُمْ إِذْ قَدِ انْشَقَّ الصَّفَا وَ طَلَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ سَيْفُهُ يَقْطُرُ دَماً وَ مَعَهُ عِطْرِفَةُ فَقَامَ النَّبِيُّ ص وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ جَبِينَهُ وَ قَالَ لَهُ مَا الَّذِي حَبَسَكَ عَنِّي إِلَى هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ عَلِيٌّ ع سِرْتُ إِلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ قَدْ بَغَوْا عَلَى عِطْرِفَةَ وَ عَلَى قَوْمِهِ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَبَوْا عَلَيَّ وَ ذَلِكَ أَنِّي دَعَوْتُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارِ بِكَ فَأَبَوْا ذَلِكَ مِنِّي فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ فَأَبَوْا فَسَأَلْتُهُمْ أَنْ يُصْلِحُوا مَعَ عِطْرِفَةَ وَ قَوْمِهِ لِتَكُونَ الْمَرَاعِي وَ الْمِيَاهُ يَوْماً لِعِطْرِفَةَ وَ يَوْماً لَهُمْ فَأَبَوْا ذَلِكَ‏

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 62

فَوَضَعْتُ سَيْفِي فِيهِمْ فَقَتَلْتُ مِنْهُمْ زُهَاءَ ثَمَانِينَ أَلْفَ فَارِسٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى مَا حَلَّ بِهِمْ مِنِّي صَاحُوا الْأَمَانَ الْأَمَانَ فَقُلْتُ لَا أَمَانَ لَكُمْ إِلَّا بِالْإِيمَانِ فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَ بِكَ ثُمَّ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ عِطْرِفَةَ وَ قَوْمِهِ فَصَارُوا إِخْوَاناً وَ زَالَ مِنْ بَيْنِهِمُ الْخِلَافُ وَ مَا زِلْتُ مَعَهُمْ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ فَقَالَ عِطْرِفَةُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ جَزَى ابْنَ عَمِّكَ عَلِيّاً مِنَّا خَيْراً ثُمَّ انْصَرَفَ عِطْرِفَةُ إِلَى حَيْثُ شَاءَ.

خَبَرٌ آخَرُ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ شَيْ‏ءٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سَلْمَانَ رض وَ قَالَ قُلْ لَهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ كَيْتَ وَ كَيْتَ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَعْتِبَ عَلَيْكَ فِي وَجْهِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَذْكُرَ فِيَّ إِلَّا الْحَقَّ فَقَدْ أَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى‏ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ‏ فَنَهَضَ سَلْمَانُ رض وَ بَلَّغَهُ ذَلِكَ وَ عَاتَبَهُ وَ ذَكَرَ مَنَاقِبَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ ذَكَرَ فَضَائِلَهُ وَ بَرَاهِينَهُ فَقَالَ عُمَرُ عِنْدِي الْكَثِيرُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ ع وَ لَسْتُ بِمُنْكِرٍ فَضْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ يَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ وَ يُظْهِرُ الْبَغْضَاءَ فَقَالَ سَلْمَانُ رض حَدِّثْنِي بِشَيْ‏ءٍ مِمَّا رَأَيْتَهُ مِنْهُ فَقَالَ عُمَرُ نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ خَلَوْتُ بِهِ ذَاتَ يَوْمٍ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الْخُمُسِ فَقَطَعَ حَدِيثِي وَ قَامَ مِنْ عِنْدِي وَ قَالَ مَكَانَكَ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ فَقَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ رَجَعَ عَلَيَّ ثَانِيَةً وَ عَلَى ثِيَابِهِ وَ عِمَامَتِهِ غُبَارٌ كَثِيرٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ص يُرِيدُونَ مَدِينَةً بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا صَيْحُونُ فَخَرَجْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَ هَذِهِ الْغَبَرَةُ رَكِبَتْنِيَ مِنْ سُرْعَةِ الْمَشْيِ قَالَ عُمَرُ فَضَحِكْتُ مُتَعَجِّباً حَتَّى اسْتَلْقَيْتُ عَلَى قَفَايَ وَ قُلْتُ لَهُ النَّبِيُّ ص قَدْ مَاتَ وَ بَلِيَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَقِيتَهُ السَّاعَةَ وَ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ فَهَذَا مِنَ الْعَجَائِبِ مِمَّا لَا يَكُونُ فَغَضِبَ عَلِيٌّ ع وَ نَظَرَ إِلَيَّ وَ قَالَ أَ تُكَذِّبُنِي يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ لَا تَغْضَبْ وَ عُدْ إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَكُونُ أَبَداً قَالَ فَإِنْ أَنْتَ رَأَيْتَهُ حَتَّى لَا تُنْكِرَ مِنْهُ شَيْئاً اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ مِمَّا قُلْتَ وَ أَضْمَرْتَ وَ أَحْدَثْتَ تَوْبَةً مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ وَ تَرَكْتَ لِي حَقّاً فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ قُمْ فَقُمْتُ مَعَهُ فَخَرَجْنَا إِلَى طَرَفِ الْمَدِينَةِ وَ قَالَ غَمِّضْ عَيْنَيْكَ فَغَمَّضْتُهُمَا

الفضائل (لابن شاذان القمي)، ص: 63

فَمَسَحَهُمَا بِيَدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ لِي افْتَحْهُمَا فَفَتَحْتُهُمَا فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ أُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئاً فَبَقِيتُ وَ اللَّهِ مُتَحَيِّراً أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمَّا أَطَلْتُ النَّظَرَ قَالَ لِي هَلْ رَأَيْتَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ غَمِّضْ عَيْنَيْكَ فَغَمَضْتُهُمَا ثُمَّ قَالَ افْتَحْهُمَا فَفَتَحْتُهُمَا فَإِذَا لَا عَيْنٌ وَ لَا أَثَرٌ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ مِنْ عَلِيٍّ ع غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ لَا أَكْتُمُ عَنْكَ خُصُوصاً أَنَّهُ اسْتَقْبَلَنِي يَوْماً وَ أَخَذَ بِيَدِي وَ مَضَى بِي إِلَى الْجَبَّانَةِ وَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ فِي الطَّرِيقِ وَ كَانَ بِيَدِهِ قَوْسٌ فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْجَبَّانَةِ رَمَى بِقَوْسِهِ مِنْ يَدِهِ فَصَارَ ثُعْبَاناً عَظِيماً مِثْلَ ثُعْبَانِ مُوسَى ع فَتَحَ فَاهُ وَ أَقْبَلَ نَحْوِي لِيَبْتَلِعَنِي فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ طَارَ قَلْبِي مِنَ الْخَوْفِ وَ تَنَحَّيْتُ وَ ضَحِكْتُ فِي وَجْهِ عَلِيٍّ ع وَ قُلْتُ لَهُ الْأَمَانَ يَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ اذْكُرْ مَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مِنَ الْجَمِيلِ فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الْقَوْلَ اسْتَفْرَغَ ضَاحِكاً وَ قَالَ لَطُفْتَ فِي الْكَلَامِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ نَشْكُرُ الْقَلِيلَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الثُّعْبَانِ وَ أَخَذَهُ بِيَدِهِ وَ إِذَا هُوَ قَوْسُهُ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا سَلْمَانُ إِنِّي كَتَمْتُ ذَلِكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَ أَخْبَرْتُكَ بِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتِ يَتَوَارَثُونَ هَذِهِ الْأُعْجُوبَةَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ وَ لَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَأْتِي بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِيَانِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ أَنَا لَا أُنْكِرُ فَضْلَ عَلِيٍّ ع وَ سَابِقَتَهُ وَ نَجْدَتَهُ وَ كَثْرَةَ عِلْمِهِ فَارْجِعْ إِلَيْهِ وَ اعْتَذِرْ عَنِّي إِلَيْهِ وَ أَثْنِ عَنِّي عَلَيْهِ بِالْجَمِيلِ.

صفحه بعد