کتابخانه روایات شیعه
وَ لِمَ صَارَ (هَذَا الْمَحْلُولُ) 2649 فِيهِ مُحْدَثاً وَ ذَلِكَ قَدِيماً- دُونَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُحْدَثاً وَ هَذَا قَدِيماً- وَ كَيْفَ يَحْتَاجُ إِلَى الْمَحَالِّ مَنْ لَمْ يَزَلْ قَبْلَ الْمَحَالِّ- وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَزَالُ كَمَا لَمْ يَزَلْ فَإِذَا وَصَفْتُمُوهُ بِصِفَةِ الْمُحْدَثَاتِ فِي الْحُلُولِ- فَقَدْ لَزِمَكُمْ 2650 أَنْ تَصِفُوهُ بِالزَّوَالِ [وَ الْحُدُوثِ].
وَ أَمَّا مَا وَصَفْتُمُوهُ بِالزَّوَالِ وَ الْحُدُوثِ فَصِفُوهُ بِالْفَنَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْمَعَ مِنْ صِفَاتِ الْحَالِّ وَ الْمَحْلُولِ فِيهِ، وَ جَمِيعُ ذَلِكَ يُغَيِّرُ 2651 الذَّاتَ، فَإِنْ (جَازَ أَنْ يَتَغَيَّرَ) 2652 ذَاتُ الْبَارِي تَعَالَى- بِحُلُولِهِ فِي شَيْءٍ جَازَ أَنْ يَتَغَيَّرَ 2653 بِأَنْ يَتَحَرَّكَ وَ يَسْكُنَ وَ يَسْوَدَّ وَ يَبْيَضَّ وَ يَحْمَرَّ وَ يَصْفَرَّ- وَ تَحُلَّهُ الصِّفَاتُ الَّتِي تَتَعَاقَبُ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِهَا- حَتَّى يَكُونَ فِيهِ جَمِيعُ صِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ، وَ يَكُونَ مُحْدَثاً- عَزَّ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ- ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: فَإِذَا بَطَلَ مَا ظَنَنْتُمُوهُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَحُلُّ فِي شَيْءٍ- فَقَدْ فَسَدَ مَا بَنَيْتُمْ عَلَيْهِ قَوْلَكُمْ.
قَالَ: فَسَكَتَ الْقَوْمُ، وَ قَالُوا: سَنَنْظُرُ فِي أُمُورِنَا.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي فَقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْكُمْ إِذَا عَبَدْتُمْ صُوَرَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ- فَسَجَدْتُمْ لَهَا وَ صَلَّيْتُمْ، فَوَضَعْتُمُ الْوُجُوهَ الْكَرِيمَةَ عَلَى التُّرَابِ- بِالسُّجُودِ لَهَا- فَمَا الَّذِي أَبْقَيْتُمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ يَلْزَمُ تَعْظِيمُهُ وَ عِبَادَتُهُ أَنْ لَا يُسَاوَى بِهِ عَبْدُهُ أَ رَأَيْتُمْ مَلِكاً عَظِيماً إِذَا سَاوَيْتُمُوهُ بِعَبِيدِهِ- فِي التَّعْظِيمِ وَ الْخُشُوعِ وَ الْخُضُوعِ- أَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ وَضْعٌ لِلْكَبِيرِ- كَمَا يَكُونُ زِيَادَةً فِي تَعْظِيمِ الصَّغِيرِ فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: أَ فَلَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ مِنْ حَيْثُ تُعَظِّمُونَ اللَّهَ- بِتَعْظِيمِ صُوَرِ عِبَادِهِ الْمُطِيعِينَ لَهُ
تَزِرُونَ 2654 عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ: فَسَكَتَ الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ قَالُوا: سَنَنْظُرُ فِي أُمُورِنَا.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلْفَرِيقِ الثَّالِثِ: لَقَدْ ضَرَبْتُمْ لَنَا مَثَلًا، وَ شَبَّهْتُمُونَا بِأَنْفُسِكُمْ وَ لَا سَوَاءَ، وَ ذَلِكَ أَنَّا عِبَادُ اللَّهِ مَخْلُوقُونَ مَرْبُوبُونَ- نَأْتَمِرُ لَهُ فِيمَا أَمَرَنَا، وَ نَنْزَجِرُ عَمَّا زَجَرَنَا، وَ نَعْبُدُهُ مِنْ حَيْثُ يُرِيدُهُ مِنَّا، فَإِذَا أَمَرَنَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ أَطَعْنَاهُ- وَ لَمْ نَتَعَدَّ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يَأْمُرْنَا وَ لَمْ يَأْذَنْ لَنَا، لِأَنَّا لَا نَدْرِي لَعَلَّهُ [إِنْ] أَرَادَ مِنَّا الْأَوَّلَ فَهُوَ يَكْرَهُ الثَّانِيَ، وَ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا أَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ أَطَعْنَا، ثُمَّ أَمَرَنَا بِعِبَادَتِهِ بِالتَّوَجُّهِ نَحْوَهَا- فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ الَّتِي نَكُونُ بِهَا فَأَطَعْنَا، فَلَمْ نَخْرُجْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ أَمَرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ لَمْ يَأْمُرْ بِالسُّجُودِ لِصُورَتِهِ الَّتِي هِيَ غَيْرُهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَقِيسُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، لِأَنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّهُ يَكْرَهُ مَا تَفْعَلُونَ- إِذْ لَمْ يَأْمُرْكُمْ بِهِ.
وَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَذِنَ لَكُمْ 2655 رَجُلٌ دُخُولَ دَارِهِ يَوْماً بِعَيْنِهِ أَ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَوْ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا دَاراً لَهُ أُخْرَى مِثْلَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَوْ وَهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ ثَوْباً مِنْ ثِيَابِهِ، أَوْ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ، أَوْ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ، أَ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا ذَلِكَ [قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ:] 2656 فَإِنْ لَمْ تَأْخُذُوهُ، 2657 أَخَذْتُمْ آخَرَ مِثْلَهُ قَالُوا: لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَنَا فِي الثَّانِي- كَمَا أَذِنَ لَنَا فِي الْأَوَّلِ.
قَالَ ص: فَأَخْبِرُونِي- اللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِأَنْ لَا يُتَقَدَّمَ عَلَى مِلْكِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ- أَوْ 2658 بَعْضُ الْمَمْلُوكِينَ قَالُوا: بَلِ اللَّهُ أَوْلَى- بِأَنْ لَا يُتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَ إِذْنِهِ.
قَالَ: فَلِمَ فَعَلْتُمْ، وَ مَتَى 2659 أَمَرَكُمْ أَنْ تَسْجُدُوا لِهَذِهِ الصُّوَرِ قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: سَنَنْظُرُ فِي أُمُورِنَا، ثُمَّ سَكَتُوا.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع: فَوَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِيّاً- مَا أَتَتْ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ص فَأَسْلَمُوا، وَ كَانُوا خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ خَمْسَةٌ وَ قَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ حُجَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ، نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. 2660 .
324 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَنْزَلَ اللَّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ- وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ- ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ 2661 فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ رَدّاً عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ مِنْهُمْ.
لِمَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَكَانَ رَدّاً عَلَى الدَّهْرِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا: الْأَشْيَاءُ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِيَ دَائِمَةٌ.
ثُمَّ قَالَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فَكَانَ رَدّاً عَلَى الثَّنَوِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ.
ثُمَّ قَالَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فَكَانَ رَدّاً عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ أَوْثَانَنَا آلِهَةٌ.
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهَا، فَكَانَ فِيهَا رَدّاً عَلَى كُلِ
مَنِ ادَّعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ ضِدّاً أَوْ نِدّاً.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ: قُولُوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ أَيْ نَعْبُدُ وَاحِداً لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الدَّهْرِيَّةُ: إِنَّ الْأَشْيَاءَ لَا بَدْءَ لَهَا وَ هِيَ دَائِمَةٌ، وَ لَا كَمَا قَالَتِ الثَّنَوِيَّةُ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ هُمَا الْمُدَبِّرَانِ، وَ لَا كَمَا قَالَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ: إِنَّ أَوْثَانَنَا آلِهَةٌ، فَلَا نُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً، وَ لَا نَدْعُو 2662 مِنْ دُونِكَ إِلَهاً كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ، وَ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى: إِنَّ لَكَ وَلَداً، تَعَالَيْتَ عَنْ ذَلِكَ [عُلُوّاً كَبِيراً].
قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى .
وَ قَالَ غَيْرُهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مَا قَالُوا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ الَّتِي يَتَمَنَّوْنَهَا بِلَا حُجَّةٍ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ وَ 2663 حُجَّتَكُمْ عَلَى دَعْوَاكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ كَمَا أَتَى مُحَمَّدٌ بِبَرَاهِينِهِ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا.
ثُمَّ قَالَ: بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ يَعْنِي كَمَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ص لَمَّا سَمِعُوا بَرَاهِينَهُ وَ حُجَجَهُ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فِي عَمَلِهِ لِلَّهِ.
فَلَهُ أَجْرُهُ ثَوَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حِينَ يَخَافُ الْكَافِرُونَ مِمَّا يُشَاهِدُونَهُ مِنَ الْعِقَابِ 2664 وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ عِنْدَ الْمَوْتِ- لِأَنَّ الْبِشَارَةَ بِالْجِنَانِ تَأْتِيهِمْ 2665 .
325 قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ بَلْ دِينُهُمْ بَاطِلٌ وَ كُفْرٌ، وَ قالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ بَلْ دِينُهُمْ بَاطِلٌ وَ كُفْرٌ وَ هُمْ يَتْلُونَ الْيَهُودُ الْكِتابَ التَّوْرَاةَ.
فَقَالَ: هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ مُقَلِّدُونَ بِلَا حُجَّةٍ- وَ هُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ فَلَا يَتَأَمَّلُونَهُ- لِيَعْمَلُوا بِمَا 2666 يُوجِبُهُ فَيَتَخَلَّصُوا مِنَ الضَّلَالَةِ.
ثُمَّ قَالَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمُ اللَّهُ- فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ- وَ هُمْ مُخْتَلِفُونَ- كَقَوْلِ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، هَؤُلَاءِ يُكَفِّرَ هَؤُلَاءِ، وَ هَؤُلَاءِ يُكَفِّرَ هَؤُلَاءِ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فِي الدُّنْيَا يُبَيِّنُ ضَلَالَهُمْ وَ فِسْقَهُمْ، وَ يُجَازِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ. 2667
وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع: إِنَّمَا أُنْزِلَتِ الْآيَةُ لِأَنَّ قَوْماً مِنَ الْيَهُودِ، وَ قَوْماً مِنَ النَّصَارَى جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ اقْضِ بَيْنَنَا. فَقَالَ ص قُصُّوا عَلَيَّ قِصَّتَكُمْ. فَقَالَتِ الْيَهُودُ: نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِلَهِ الْوَاحِدِ الْحَكِيمِ وَ أَوْلِيَائِهِ، وَ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ وَ الْحَقِّ. وَ قَالَتِ النَّصَارَى:
بَلْ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ- بِالْإِلَهِ الْوَاحِدِ الْحَكِيمِ وَ أَوْلِيَائِهِ- وَ لَيْسَتْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ وَ الدِّينِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: كُلُّكُمْ مُخْطِئُونَ- مُبْطِلُونَ فَاسِقُونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَ أَمْرِهِ.
فَقَالَتِ الْيَهُودُ: كَيْفَ نَكُونُ كَافِرِينَ- وَ فِينَا كِتَابُ اللَّهِ التَّوْرَاةُ نَقْرَؤُهُ وَ قَالَتِ النَّصَارَى: كَيْفَ نَكُونُ كَافِرِينَ- وَ فِينَا كِتَابُ اللَّهِ الْإِنْجِيلُ نَقْرَؤُهُ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ص: إِنَّكُمْ خَالَفْتُمْ أَيُّهَا الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى كِتَابَ اللَّهِ وَ لَمْ تَعْمَلُوا بِهِ، فَلَوْ كُنْتُمْ عَامِلِينَ بِالْكِتَابَيْنِ- لَمَا كَفَّرَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِغَيْرِ حُجَّةٍ، لِأَنَّ كُتُبَ اللَّهِ أَنْزَلَهَا شِفَاءً مِنَ الْعَمَى، وَ بَيَاناً مِنَ الضَّلَالَةِ، يَهْدِي الْعَامِلِينَ بِهَا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، كِتَابُ اللَّهِ إِذَا لَمْ تَعْمَلُوا بِهِ كَانَ وَبَالًا عَلَيْكُمْ، وَ حُجَّةُ اللَّهِ إِذَا لَمْ تَنْقَادُوا لَهَا- كُنْتُمْ لِلَّهِ عَاصِينَ وَ لِسَخَطِهِ مُتَعَرِّضِينَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الْيَهُودِ فَقَالَ: احْذَرُوا أَنْ يَنَالَكُمْ بِخِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ وَ بِخِلَافِ كِتَابِهِ مَا أَصَابَ أَوَائِلَكُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ وَ أُمِرُوا بِأَنْ يَقُولُوهُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ عَذَاباً مِنَ السَّمَاءِ طَاعُوناً نَزَلَ بِهِمْ، فَمَاتَ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً، ثُمَّ أَخَذَهُمْ بَعْدُ قِبَاعٌ 2668 فَمَاتَ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً أَيْضاً، وَ كَانَ خِلَافُهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا بَلَغُوا الْبَابَ- رَأَوْا بَاباً مُرْتَفِعاً فَقَالُوا: مَا بَالُنَا نَحْتَاجُ إِلَى أَنْ نَرْكَعَ عِنْدَ الدُّخُولِ هَاهُنَا، ظَنَنَّا أَنَّهُ بَابٌ مُتَطَأْمِنٌ 2669 لَا بُدَّ مِنَ الرُّكُوعِ فِيهِ، وَ هَذَا بَابٌ مُرْتَفِعٌ، وَ إِلَى مَتَى يَسْخَرُ بِنَا هَؤُلَاءِ يَعْنُونَ مُوسَى ثُمَّ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ يُسْجِدُونَنَا فِي الْأَبَاطِيلِ، وَ جَعَلُوا أَسْتَاهَهُمْ نَحْوَ الْبَابِ، وَ قَالُوا بَدَلَ قَوْلِهِمْ حِطَّةٌ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ: هطا سمقانا 2670 يَعْنُونَ حِنْطَةً حَمْرَاءَ، فَذَلِكَ تَبْدِيلُهُمْ 2671 .
326 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَهَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ نُصِبَ لَهُمْ بَابُ حِطَّةٍ وَ أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نُصِبَ لَكُمْ بَابُ حِطَّةِ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ص، وَ أُمِرْتُمْ بِاتِّبَاعِ هُدَاهُمُ وَ لُزُومِ طَرِيقَتِهِمْ، لِيَغْفِرَ [لَكُمْ] بِذَلِكَ خَطَايَاكُمْ وَ ذُنُوبَكُمْ، وَ لِيَزْدَادَ الْمُحْسِنُونَ مِنْكُمْ، وَ بَابُ حِطَّتِكُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَابِ حِطَّتِهِمْ، لِأَنَّ ذَلِكَ [كَانَ] بَابَ خَشَبٍ، وَ نَحْنُ النَّاطِقُونَ الصَّادِقُونَ الْمُرْتَضَوْنَ 2672 الْهَادُونَ الْفَاضِلُونَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:
«إِنَّ النُّجُومَ فِي السَّمَاءِ أَمَانٌ مِنَ الْغَرَقِ، وَ إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الضَّلَالَةِ فِي أَدْيَانِهِمْ، لَا يَهْلِكُونَ (فِيهَا مَا دَامَ فِيهِمْ) 2673 مَنْ يَتَّبِعُونَ هَدْيَهُ 2674 وَ سُنَّتَهُ» 2675 .
أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ قَالَ:
«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي، وَ أَنْ يَمُوتَ مَمَاتِي، وَ أَنْ يَسْكُنَ الْجَنَّةَ 2676 الَّتِي وَعَدَنِي رَبِّي، وَ أَنْ يُمْسِكَ قَضِيباً غَرَسَهُ بِيَدِهِ- وَ قَالَ لَهُ: كُنْ فَكَانَ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع، وَ لْيُوَالِ وَلِيَّهُ، وَ لْيُعَادِ عَدُوَّهُ، وَ لْيَتَوَلَّ ذُرِّيَّتَهُ الْفَاضِلِينَ الْمُطِيعِينَ لِلَّهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ طِينَتِي، وَ رُزِقُوا فَهْمِي وَ عِلْمِي، فَوَيْلٌ لِلْمُكَذِّبِ 2677 بِفَضْلِهِمْ مِنْ أُمَّتِي الْقَاطِعِينَ فِيهِمْ صِلَتِي، 2678 لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِي.