کتابخانه روایات شیعه
محمد بن قتيبة النيسابوري قال حدثنا الفضل بن شاذان النيسابوري عن الرضا عليه السّلام قال: و حدثنا جعفر بن نعيم بن شاذان عن عمه محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام في حديث العلل: قال: فإن قيل: فلم وجب عليهم معرفة الرسل و الإقرار بهم و الإذعان لهم بالطاعة؟
قيل: لأنه لما لم يكن في خلقهم و قواهم ما يكملون به لمصالحهم، و كان الصانع متعاليا عن أن يرى، و كان ضعفهم و عجزهم عن إدراكه ظاهرا، لم يكن لهم بدّ من رسول بينهم و بينه معصوم يؤدي إليهم أمره و نهيه و أدبه، و يوقفهم على ما به إحراز منافعهم، إذ لم يكن في خلقه ما يعرفون به ما يحتاجون إليه من منافعهم، فلو لم يجب عليهم معرفته و طاعته لم يكن لهم في مجيء الرسل منفعة و لا حاجة، و لكان يكون إتيانه عبثا لغير منفعة و لا صلاح، و ليس هذا من صفة الحكيم الذي أتقن كل شيء.
فإن قيل: فلم جعل أولي الأمر و أمر بطاعتهم؟
قيل: لعلل كثيرة منها: (1) أن الخلق لما وقفوا على حد محدود و أمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم، لم يكن يثبت ذلك و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أمين يمنعهم من التعدي و الدخول فيما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن كذلك لكان أحد لا يترك لذته و منفعته لفساد غيره، فجعل لهم قيما يمنعهم من الفساد، و يقيم الحدود و الأحكام.
و منها: (2) إنا لا نجد فرقة من الفرق و لا ملة من الملل بقوا و عاشوا إلا بقيّم و رئيس، لما لا بد لهم منه من أمر الدين و الدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما لا بد لهم منه و لا قوام لهم إلا به، فيقاتلون به عدوهم و يقسمون به فيئهم، و يقيم لهم جمعتهم و جماعتهم، و يمنع ظالمهم عن مظلومهم.
و منها: (3) أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا؛ لدرست الملة و ذهب الدين و غيرت السنن و الأحكام، و لزاد فيه المبتدعون و نقص منه الملحدون و شبهوا ذلك على المسلمين، لأنا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم و اختلاف أحوالهم، و تشتت أنحائهم، فلو لم يجعل لهم قيما حافظا لما جاء به الرسول لفسدوا على نحو ما بيّنا، و غيرت الشرائع و السنن و الأحكام و الإيمان و كان في ذلك فساد الخلق أجمعين.
فإن قيل: فلم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد و أكثر من ذلك؟
قيل: لعلل كثيرة منها: (1) أن الواحد لا يختلف فعله و تدبيره، و الاثنان لا يتفق فعلهما و تدبيرهما، و ذلك أنّا لم نجد اثنين إلا مختلفي [الفهم] و الهمم و الإرادة، و إذا كانا اثنين ثم اختلف هممهما و تدبيرهما و إرادتهما و كانا كلاهما مفترضي الطاعة من صاحبه، و كان يكون في ذلك اختلاف الخلق و التشاجر و الفساد، ثم لا يكون أحدهما إلا و هو عاص للآخر، فتعم المعصية أهل الأرض، ثم لا يكون لهما مع ذلك السبيل إلى الطاعة و الإيمان، فيكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع الذي وضع لهم باب الاختلاف و التشاجر و الفساد، إذ أمرهم باتباع المختلفين.
و منها: (2) أنهما لو كانا إمامين لكان لكل من الخصمين أن يدعو إلى غير الذي يدعو إليه صاحبه في الحكومة؛ ثم لا يكون أحدهما أولى بأن يتبع صاحبه فتبطل الحقوق و الأحكام و الحدود.
و منها: (3) أن لا يكون واحد من الحجتين أولى بالمنطق و الحكم و الأمر و النهي من الآخر، و لو كان هذا كذلك وجب عليهما أن يبتدئا بالكلام، و ليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشيء إذا كانا في الإمامة شرعا سواء، فإن جاز لأحدهما السكوت بطلت الحقوق و الأحكام، و عطلت الحدود، و صار الناس كلهم لا إمام لهم.
فإن قيل: فلم لا يجوز أن يكون الإمام من غير جنس الرسول؟
قيل لعلل منها: (1) أنه لما كان الإمام المفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه، و تميزه من غيره و هي القرابة المشهورة، و الوصية الظاهرة ليعرف من غيره و يهتدى إليه بعينه.
و منها: (2) أنه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسل، إذ جعل أولاد الرسول أتباعا لأولاد أعدائهم كأبي جهل و ابن أبي معيط لأنه قد يجوز بزعمهم أن ينقل ذلك في أولادهم إذا كانوا مؤمنين، فيصير أولاد الرسول تابعين لأولاد أعداء اللّه، و أعداء رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متبوعين، فكان الرسول أولى بهذه و أحق من غيره.
و منها: (3) أن الخلق إذا أقرّوا للرسول بالرسالة و أذعنوا له بالطاعة لم يتكبر
أحد منهم عن أن يتبع ولده و يطيع ذريته، و لم يتعاظم ذلك في أنفس الناس و إذا كان ذلك في غير جنس الرسول، كان كل واحد منهم في نفسه أنه أولى به من غيره و دخلهم من ذلك الكبر؛ و لم تسنح أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم، فكان يكون ذلك داعية لهم إلى الفساد و النفاق و الاختلاف
(الحديث) 345 . و رواه في كتاب العلل بالإسناد الأول نحوه.
الفصل الرابع
106- و روى الصدوق بن بابويه في كتاب معاني الأخبار قال: حدثنا أحمد بن الحسين القطان، قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني، قال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى العجلي، قال حدثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه العرزمي، قال حدثنا علي بن حاتم المنقري عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً 346 قال: هم الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام 347
. 107- و بالإسناد عن علي بن حاتم عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصراط، فقال: هو الطريق إلى معرفة اللّه، و هما صراطان صراط في الدنيا و صراط في الآخرة، فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة (الحديث) 348
. 108- و قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن سعيد عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها 349 الآية، فقال: الأمانة الولاية، من ادعاها بغير حق كفر 350
. 109- و قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن أحمد الليثي، قال حدثنا أحمد بن
محمد بن سعيد الكوفي، قال حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن علي بن ابراهيم بن زياد، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل:
بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ قال: البئر المعطلة: الإمام الصامت، و القصر المشيد:
الإمام الناطق، و قال حدثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو عن بعض أصحابنا عن نصر بن قابوس، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام و ذكر مثله 351
الفصل الخامس
110- و روى الصدوق بن بابويه في كتاب إكمال الدين و إتمام النعمة، قال:
حدثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابراهيم بن مهزيار عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن أبي علي الجبلي عن أبان بن عثمان عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث له في الحسين بن علي عليه السّلام أنه قال في آخره: و لو لا من على الأرض من حجج اللّه لنفضت الأرض ما فيها، و ألقت ما عليها، إن الأرض لا تخلو ساعة من الحجة 352 .
111- و قال: حدثنا أبي رحمه اللّه قال حدثنا سعد عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق عن أحمد بن عمر الجلال قال:
قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام إنا روينا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: إن الأرض لا تبقى بغير إمام، أو تبقى و لا إمام فيها؟ فقال: معاذ اللّه لا تبقى ساعة إذا لساخت 353
. 112- و قال: حدثنا أبي عن الحسن بن أحمد المالكي عن أبيه عن ابراهيم بن أبي محمود عن الرضا عليه السّلام في حديث قال: لا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف؛ و لو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله 354
. 113- و قال: حدثنا أبي رحمه اللّه قال حدثنا سعد و الحميري عن ابراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بن مهزيار عن محمد بن أبي عمير عن سعد بن أبي خلف عن الحسن بن زياد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إن الأرض لا تخلو من أن
يكون فيها حجة عالم، إن الأرض لا يصلحها إلا ذلك، و لا يصلح الناس إلا ذلك 355
. 114- و بالاسناد عن علي بن مهزيار عن الحسن بن علي الخزاز عن أحمد بن عمر قال سألت أبا الحسن عليه السّلام: أ تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لا، فقال قلت:
فإنا نروي أنها لا تبقى إلا أن يسخط اللّه على العباد، فقال: لا تبقى إذا لساخت.
و رواه في العلل عن أبيه عن سعد عن عباد بن سليمان عن سعد بن سعد الأشعري عن أحمد بن عمر مثله. و رواه أيضا عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن عامر عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السّلام نحوه 356
. 115- و قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن (رض) عن سعد و الحميري عن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعا عن محمد بن سنان عن حمزة بن الطيار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة، أو كان الباقي الحجة، الشك من محمد بن سنان 357
. 116- و بالإسناد عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن اللّه تبارك و تعالى لم يدع الأرض إلا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم، و إذا نقصوا شيئا أكمل لهم و لو لا ذلك اتلتبست على المؤمنين أمورهم 358 . و رواه في العلل عن أبيه عن سعد عن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان و صفوان بن يحيى و عبد اللّه بن المغيرة و علي بن النعمان كلهم عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام نحوه
. 117- و بالاسناد عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن اللّه تبارك و تعالى لم يدع الأرض بغير عالم، و لو لا ذلك ما عرف الحق من الباطل 359
. 118- و قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن عن سعد و الحميري عن يعقوب بن يزيد عن أحمد بن هلال في حال استقامته، عن محمد بن أبي عمير عن
ابن أذينة عن زرارة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يمضي الإمام و ليس له عقب؟ قال:
لا يكون ذلك قلت: فيكون؟ قال: لا يكون إلا أن يغضب اللّه عز و جل على خلقه 360
. أقول: هذا محمول على التقية أو على العقب الظاهر، فإذا غضب اللّه عليهم غاب عنهم و لا يعدم، و يمكن أن يراد إذا انقضى زمان التكليف عند إهلاك الخلق [لما مر من إنكار هذه الرواية].
119- و قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن عن عبد اللّه بن جعفر عن محمد بن أحمد عن أبي سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: لو بقيت الأرض يوما بلا إمام منا لساخت بأهلها، و لعذبهم اللّه بأشد عذابه، إن اللّه تبارك و تعالى جعلنا حجة في أرضه و أمانا في الأرض لأهل الأرض لن يزالوا في أمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم، فإذا أراد اللّه أن يهلكهم ثم لا يمهلهم و لا ينظرهم ذهب بنا من بينهم و رفعنا إليه، ثم يفعل اللّه ما شاء و أحبّ 361
. 120- و قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن عن عبد اللّه بن جعفر عن أحمد بن هلال عن سعيد بن جناح عن سليمان الجعفري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام فقلت: تخلو الأرض من حجة؟ فقال: لو خلت من حجة طرفة عين ماجت بأهلها 362
. و رواه في العلل عن أبيه عن سعد عن الحسن بن علي الدينوري و محمد بن أبي قتادة عن أحمد بن هلال مثله.
121- و قال: حدثنا محمد بن الحسن (رض) عن سعد و الحميري عن محمد بن عيسى عن علي بن اسماعيل الميثمي عن ثعلبة بن ميمون عن عبد الأعلى بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: ما ترك اللّه الأرض بغير عالم ينقص ما زادوا و يزيد ما نقصوا، و لو لا ذلك لاختلف على الناس أمورهم 363
. 122- و قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان عن بكر بن عبد اللّه بن حبيب عن الفضل بن الصقر العبدي عن معاوية عن سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام في حديث قال: و لم
يخل اللّه الأرض منذ خلق آدم من حجة للّه فيها ظاهر و مشهور أو خائف مغمور (و غائب مستور خ ل) و لا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة للّه فيها، و لو لا ذلك لم يعبد اللّه، قال سليمان: فقلت للصادق عليه السّلام: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب 364 . و رواه في الأمالي بهذا السند مثله
. 123- و قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن عن سعد عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الأول يعني موسى بن جعفر عليه السّلام قال: ما ترك اللّه الأرض بغير إمام قط منذ يوم قبض آدم يهتدى به إلى اللّه عز و جل و هو الحجة على العباد، من تركه هلك و من لزمه نجا حقا على اللّه عز و جل. و عن أبيه عن الحميري عن ابراهيم بن هاشم عن محمد بن حفص عن عيثم بن أسلم عن ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله 365 . و رواه في العلل بهذا السند مثله.
124- و قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه اللّه قال: حدثنا سعيد بن عبد اللّه عن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته و هو يقول: لم تخل الأرض منذ كانت من حجة عالم يحيى فيها ما يميتون من الحق، ثم تلا هذه الآية: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ... وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 366 367 .
125- و قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن (رض) قالا: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن اسحاق عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السّلام في حديث قال: أ ما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة للّه!