کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
مَرْوَانَ عَنِ الْمُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: تَلَوْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حَرَصَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ وَلِيَّ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ فَذَلِكَ الَّذِي عَنَى اللَّهُ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَ كَيْفَ لَا يَكُونُ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا أَحَلَّ النَّبِيُّ ص فَهُوَ حَلَالٌ وَ مَا حَرَّمَ النَّبِيُّ ص فَهُوَ حَرَامٌ 20608 .
23- ير، بصائر الدرجات ابْنُ يَزِيدَ عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِشَارِبِ الْخَمْرِ قَالَ كَانَ يَحُدُّهُ قُلْتُ فَإِنْ عَادَ قَالَ كَانَ يَحُدُّهُ قُلْتُ فَإِنْ عَادَ قَالَ يَحُدُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَادَ كَانَ يَقْتُلُهُ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِشَارِبِ الْمُسْكِرِ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ قُلْتُ فَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ كَمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ قَالَ سَوَاءٌ فَاسْتَعْظَمْتُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا تَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَدَّبَ نَبِيَّهُ ص ائْتَدَبَ فَفَوَّضَ إِلَيْهِ وَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حَرَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَجَازَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حَرَّمَ الْمُسْكِرَ فَأَجَازَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ مِنَ الصُّلْبِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَطْعَمَ الْجَدَّ فَأَجَازَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ قَالَ حَرْفٌ وَ مَا حَرْفٌ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ 20609 .
24- كا، الكافي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع فَأَجْرَيْتُ اخْتِلَافَ الشِّيعَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَفَرِّداً بِوَحْدَانِيَّتِهِ ثُمَّ خَلَقَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ فَمَكَثُوا أَلْفَ دَهْرٍ ثُمَّ خَلَقَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ فَأَشْهَدَهُمْ خَلْقَهَا وَ أَجْرَى طَاعَتَهُمْ عَلَيْهَا وَ فَوَّضَ أُمُورَهَا إِلَيْهِمْ فَهُمْ يُحِلُّونَ مَا يَشَاءُونَ وَ يُحَرِّمُونَ مَا يَشَاءُونَ وَ لَنْ يَشَاءُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ الدِّيَانَةُ الَّتِي مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مُحِقَ وَ مَنْ
لَزِمَهَا لَحِقَ خُذْهَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ 20610 .
تبيين اختلاف الشيعة أي في معرفة الأئمة ع و أحوالهم و صفاتهم أو في اعتقادهم بعدد الأئمة فإن الواقفية و الفطحية و الناووسية و بعض الزيدية أيضا من الشيعة و المحق منهم الإمامية و الأول أنسب بالجواب.
متفردا بوحدانيته أي بكونه واحدا لا شيء معه فهو مبالغة في التفرد أو الباء للملابسة أو السببية أي كان متفردا بالقدم بسبب أنه الواحد من جميع الجهات و لا يكون كذلك إلا الواجب بالذات فلا بد من قدمه و حدوث ما سواه و الدهر الزمان الطويل و يطلق على ألف سنة.
فأشهدهم خلقها أي خلقها بحضرتهم و بعلمهم و هم كانوا مطلعين على أطوار الخلق و أسراره فلذا صاروا مستحقين للإمامة لعلمهم الكامل بالشرائع و الأحكام و علل الخلق و أسرار الغيوب و أئمة الإمامية كلهم موصوفون بتلك الصفات دون سائر الفرق فبه يبطل مذهبهم فيستقيم الجواب على الوجه الثاني أيضا.
و لا ينافي هذا قوله تعالى ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بل يؤيده فإن الضمير في ما أَشْهَدْتُهُمْ راجع إلى الشيطان و ذريته أو إلى المشركين بدليل قوله تعالى سابقا أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي و قوله بعد ذلك وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً 20611 فلا ينافي إشهاد الهادين للخلق.
قال الطبرسي رحمه الله قيل معنى الآية أنكم اتبعتم الشياطين كما يتبع من يكون عنده علم لا ينال إلا من جهته و أنا ما اطلعتهم على خلق السماوات و الأرض و لا على خلق أنفسهم و لم أعطهم العلم بأنه كيف يخلق الأشياء فمن أين يتبعونهم انتهى 20612 .
و أجرى طاعتهم عليها أي أوجب و ألزم على جميع الأشياء طاعتهم حتى
الجمادات من السماويات و الأرضيات كشق القمر و إقبال الشجر و تسبيح الحصى و أمثالها مما لا يحصى و فوض أمورها إليهم من التحليل و التحريم و العطاء و المنع و إن كان ظاهرها تفويض تدبيرها إليهم فهم يحلون ما يشاءون ظاهره تفويض الأحكام كما سيأتي تحقيقه.
و قيل ما شاءوا هو ما علموا أن الله أحله كقوله تعالى يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ مع أنه لا يفعل إلا الأصلح كما قال و لن يشاءوا إلى آخره و الديانة الاعتقاد المتعلق بأصول الدين من تقدمها أي تجاوزها بالغلو مرق أي خرج من الإسلام و من تخلف عنها أي قصر و لم يعتقدها محق على المعلوم أي أبطل دينه أو على المجهول أي بطل و من لزمها و اعتقد بها لحق أي بالأئمة أو أدرك الحق خذها إليك أي احفظ هذه الديانة لنفسك.
25- عد، العقائد اعْتِقَادُنَا فِي الْغُلَاةِ وَ الْمُفَوِّضَةِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ بِاللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ أَنَّهُمْ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ وَ الْقَدَرِيَّةِ وَ الْحَرُورِيَّةِ وَ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَ الْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ وَ أَنَّهُ مَا صَغَّرَ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ تَصْغِيرَهُمْ شَيْءٌ وَ قَالَ 20613 جَلَّ جَلَالُهُ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً أَ يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 20614 وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ 20615 وَ اعْتِقَادُنَا فِي النَّبِيِّ وَ الْأَئِمَّةِ ع أَنَّ بَعْضَهُمْ قُتِلُوا بِالسَّيْفِ وَ بَعْضَهُمْ بِالسَّمِّ وَ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَ أَنَّهُ مَا شُبِّهَ أَمْرُهُمْ 20616 لَا كَمَا يَزْعُمُهُ مَنْ يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ
فِيهِمْ مِنَ النَّاسِ بَلْ شَاهَدُوا قَتْلَهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَ الصِّحَّةِ لَا عَلَى الْخَيَالِ وَ الْحَيْلُولَةِ 20617 وَ لَا عَلَى الشَّكِّ وَ الشُّبْهَةِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ شُبِّهُوا أَوْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَلَيْسَ مِنْ دِينِنَا فِي شَيْءٍ وَ نَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ وَ قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ ص وَ الْأَئِمَّةُ ع أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ 20618 فَمَنْ قَالَ إِنَّهُمْ لَمْ يُقْتَلُوا فَقَدْ كَذَّبَهُمْ وَ مَنْ كَذَّبَهُمْ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَفَرَ بِهِ وَ خَرَجَ بِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ .
وَ كَانَ الرِّضَا ع يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي بَرِيءٌ 20619 مِنَ الْحَوْلِ وَ الْقُوَّةِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَ أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ الَّذِينَ ادَّعَوْا لَنَا مَا لَيْسَ لَنَا بِحَقٍّ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا فِينَا مَا لَمْ نَقُلْهُ فِي أَنْفُسِنَا اللَّهُمَّ لَكَ الْخَلْقُ وَ مِنْكَ الرِّزْقُ وَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَالِقُنَا وَ خَالِقُ آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ وَ آبَائِنَا الْآخِرِينَ اللَّهُمَّ لَا تَلِيقُ الرُّبُوبِيَّةُ إِلَّا بِكَ وَ لَا تَصْلُحُ الْإِلَهِيَّةُ إِلَّا لَكَ فَالْعَنِ النَّصَارَى الَّذِينَ صَغَّرُوا عَظَمَتَكَ وَ الْعَنِ الْمُضَاهِئِينَ لِقَوْلِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ اللَّهُمَّ إِنَّا عَبِيدُكَ وَ أَبْنَاءُ عَبِيدِكَ لَا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا نَفْعاً وَ لَا ضَرّاً وَ لَا مَوْتاً وَ حَيَاةً وَ لَا نُشُوراً اللَّهُمَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّا أَرْبَابٌ فَنَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِلَيْنَا الْخَلْقَ وَ عَلَيْنَا الرِّزْقَ 20620 فَنَحْنُ بِرَاءٌ مِنْهُ كَبَرَاءَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع مِنَ النَّصَارَى اللَّهُمَّ إِنَّا لَمْ نَدْعُهُمْ إِلَى مَا يَزْعُمُونَ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا يَقُولُونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا يَدَّعُونَ وَ لَا تَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً 20621 إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً .
وَ رُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ ع إِنَّ رَجُلًا مِنْ وُلْدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَإٍ يَقُولُ بِالتَّفْوِيضِ فَقَالَ وَ مَا التَّفْوِيضُ قُلْتُ 20622 إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ مُحَمَّداً
وَ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَفَوَّضَ إِلَيْهِمَا فَخَلَقَا وَ رَزَقَا وَ أَمَاتَا وَ أَحْيَيَا 20623 فَقَالَ ع كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ إِذَا انْصَرَفْتَ إِلَيْهِ فَاتْلُ عَلَيْهِ 20624 هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الرَّعْدِ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ 20625 فَانْصَرَفْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَأَخْبَرْتُهُ فَكَأَنِّي أَلْقَمْتُهُ حَجَراً 20626 أَوْ قَالَ فَكَأَنَّمَا خَرِسَ وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ ص أَمْرَ دِينِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 20627 وَ قَدْ فَوَّضَ ذَلِكَ إِلَى الْأَئِمَّةِ ع وَ عَلَامَةُ الْمُفَوِّضَةِ وَ الْغُلَاةِ وَ أَصْنَافِهِمْ نِسْبَتُهُمْ مَشَايِخَ قُمْ وَ عُلَمَاءَهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّقْصِيرِ وَ عَلَامَةُ الْحَلَّاجِيَّةِ مِنَ الْغُلَاةِ دَعْوَى التَّجَلِّي بِالْعِبَادَةِ مَعَ تَرْكِهِمُ الصَّلَاةَ 20628 وَ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ وَ دَعْوَى الْمَعْرِفَةِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْعُظْمَى وَ دَعْوَى انْطِبَاعِ الْحَقِّ لَهُمْ وَ أَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا خَلُصَ وَ عَرَفَ مَذْهَبَهُمْ فَهُوَ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ع وَ مِنْ عَلَامَتِهِمْ دَعْوَى عِلْمِ الْكِيمِيَاءِ وَ لَمْ يَعْلَمُوا مِنْهُ إِلَّا الدَّغَلَ وَ تَنْفِيقَ الشَّبَهِ وَ الرَّصَاصِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ 20629 .
أقول: قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح هذا الكلام الغلو في اللغة هو تجاوز الحد و الخروج عن القصد قال الله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ 20630 الآية فنهى عن تجاوز الحد في المسيح و حذّر من الخروج عن القصد في القول و جعل ما ادعته النصارى 20631 غلوا لتعدية
الحد على ما بيناه و الغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين و الأئمة من ذريته ع إلى الإلهية 20632 و النبوة و وصفوهم من الفضل في الدين و الدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد و خرجوا عن القصد و هم ضلال كفار حكم فيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالقتل و التحريق بالنار و قضت الأئمة ع عليهم بالإكفار و الخروج عن الإسلام.
و المفوضة صنف من الغلاة و قولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمة و خلقهم و نفي القدم عنهم و إضافة الخلق و الرزق مع ذلك إليهم و دعواهم أن الله تعالى تفرد بخلقهم خاصة و أنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه و جميع الأفعال.
و الحلاجية ضرب من أصحاب التصوف و هم أصحاب الإباحة و القول بالحلول و كان الحلاج يتخصص بإظهار التشيع و إن كان ظاهر أمره التصوف و هم قوم ملحدة و زنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم و يدعون للحلاج الأباطيل و يجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزردشت المعجزات و مجرى النصارى في دعواهم لرهبانهم الآيات و البينات و المجوس و النصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم و هم أبعد من الشرائع و العمل بها من النصارى و المجوس.
و أما نصه رحمه الله بالغلو على من نسب مشايخ القميين و علمائهم إلى التقصير فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخية و العلم من كان مقصرا و إنما يجب الحكم بالغلو على من نسب المحقين إلى التقصير سواء كانوا من أهل قم أو غيرها من البلاد و سائر الناس.
و قد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله لم نجد لها دافعا في التقصير و هي ما حكي عنه أنه قال أول درجة في الغلو نفي السهو 20633
عن النبي ص و الإمام ع فإن صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنه من علماء القميين و مشيختهم.
و قد وجدنا جماعة وردت إلينا من قم يقصرون تقصيرا ظاهرا في الدين ينزلون الأئمة ع عن مراتبهم و يزعمون أنهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم و رأينا من يقول إنهم كانوا يلجئون في حكم الشريعة إلى الرأي و الظنون و يدعون مع ذلك أنهم من العلماء و هذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه.
و يكفي في علامة الغلو نفي القائل به عن الأئمة ع سمات الحدوث و حكمه لهم بالإلهية و القدم إذ قالوا بما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام و اختراع الجواهر و ما ليس بمقدور العباد من الأعراض و لا نحتاج مع ذلك إلى الحكم عليهم و تحقيق أمرهم بما جعله أبو جعفر رحمه الله تتمة في 20634 الغلو على كل حال 20635 ..
فذلكة
اعلم أن الغلو في النبي و الأئمة ع إنما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء الله تعالى في المعبودية أو في الخلق و الرزق أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى أو بالقول في الأئمة ع إنهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات و لا تكليف معها بترك المعاصي.