کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و ما ذا أدعوه فقال ع إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل و صل صلاة الليل فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء و أنت بارك على ركبتك فذكر لي دعاء قال و رأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني و أنا بين النائم و اليقظان قال و كان يأتيني خمس ليال متواليات يكرر علي هذا القول و الدعاء حتى حفظته و انقطع مجيئه ليلة الجمعة.
فاغتسلت و غيرت ثيابي و تطيبت و صليت صلاة الليل و سجدت سجدة الشكر و جثوت على ركبتي و دعوت الله جل و تعالى بهذا الدعاء فأتاني ليلة السبت فقال لي قد أجيبت دعوتك يا محمد و قتل عدوك عند فراغك من الدعاء عند 5914 من وشى به إليه.
فلما أصبحت ودعت سيدي و خرجت متوجها إلى مصر فلما بلغت الأردن و أنا متوجه إلى مصر رأيت رجلا من جيراني بمصر و كان مؤمنا فحدثني أن خصمي قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه قال و ذلك في ليلة الجمعة فأمر به فطرح في النيل و كان فيما أخبرني جماعة من أهلينا و إخواننا الشيعة أن ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي صلوات الله عليه.
ثم ذكر له طريقا آخر- عن أبي الحسن علي بن حماد البصري قال أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد العلوي قال حدثني محمد بن علي العلوي الحسيني المصري قال أصابني غم شديد و دهمني أمر عظيم من قبل رجل من أهل بلدي من ملوكه فخشيته خشية لم أرج لنفسي منها مخلصا.
فقصدت مشهد ساداتي و آبائي صلوات الله عليهم بالحائر لائذا بهم عائذا بقبرهم و مستجيرا من عظيم سطوة من كنت أخافه و أقمت بها خمسة عشر يوما أدعو و أتضرع ليلا و نهارا فتراءى لي قائم الزمان و ولي الرحمن عليه و على آبائه أفضل التحية و السلام فأتاني بين النائم و اليقظان فقال لي يا بني خفت فلانا
فقلت نعم أرادني بكيت و كيت فالتجأت إلى ساداتي ع أشكو إليهم ليخلصوني منه.
فقال هلا دعوت الله ربك و رب آبائك بالأدعية التي دعا بها أجدادي الأنبياء صلوات الله عليهم حيث كانوا في الشدة فكشف الله عز و جل عنهم ذلك قلت و بما ذا دعوه به لأدعوه قال عليه و على آبائه السلام إذا كان ليلة الجمعة قم و اغتسل و صل صلواتك فإذا فرغت من سجدة الشكر فقل و أنت بارك على ركبتيك و ادع بهذا الدعاء مبتهلا.
قال و كان يأتيني خمس ليال متواليات يكرر علي القول و هذا الدعاء حتى حفظته و انقطع مجيئه في ليلة الجمعة فقمت و اغتسلت و غيرت ثيابي و تطيبت و صليت ما وجب علي من صلاة الليل و جثوت على ركبتي فدعوت الله عز و جل بهذا الدعاء فأتاني ع ليلة السبت كهيئته التي يأتيني فيها فقال لي قد أجيبت دعوتك يا محمد و قتل عدوك و أهلكه الله عز و جل عند فراغك من الدعاء.
قال فلما أصبحت لم يكن لي هم غير وداع ساداتي صلوات الله عليهم و الرحلة نحو المنزل الذي هربت منه فلما بلغت بعض الطريق إذا رسول أولادي و كتبهم بأن الرجل الذي هربت منه جمع قوما و اتخذ لهم دعوة فأكلوا و شربوا و تفرق القوم و نام هو و غلمانه في المكان فأصبح الناس و لم يسمع له حس فكشف عنه الغطاء فإذا به مذبوحا من قفاه و دماؤه تسيل و ذلك في ليلة الجمعة و لا يدرون من فعل به ذلك و يأمرونني بالمبادرة نحو المنزل.
فلما وافيت إلى المنزل و سألت عنه و في أي وقت كان قتله فإذا هو عند فراغي من الدعاء.
ثم ساق رحمه الله الدعاء بتمامه و هو طويل و لذا تركنا نقله حذرا من الخروج عن وضع الكتاب مع كونه في غاية الانتشار و هذه الحكاية موجودة في باب المعاجز من البحار 5915 و إنما ذكرناها لذكر السند و تكرر الطريق.
الحكاية الثامنة [تشرّف حسن بن مثلة بخدمته عليه السّلام في المنام، و أمره ببناء مسجد جمكران]
في تاريخ قم تأليف الشيخ الفاضل الحسن بن محمد بن الحسن القمي من كتاب مونس الحزين في معرفة الحق و اليقين من مصنفات أبي جعفر محمد بن بابويه القمي ما لفظه بالعربية باب ذكر بناء مسجد جمكران بأمر الإمام المهدي عليه صلوات الله الرحمن و على آبائه المغفرة سبب بناء المسجد المقدس في جمكران بأمر الإمام ع على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني قال كنت ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث و تسعين 5916 و ثلاثمائة نائما في بيتي فلما مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني و قالوا قم و أجب الإمام المهدي صاحب الزمان فإنه يدعوك قال فقمت و تعبأت و تهيأت فقلت دعوني حتى ألبس قميصي فإذا بنداء من جانب الباب هو ما كان قميصك فتركته و أخذت سراويلي فنودي ليس ذلك منك فخذ سراويلك فألقيته و أخذت سراويلي و لبسته فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي الباب مفتوح فلما جئت إلى الباب رأيت قوما من الأكابر فسلمت عليهم فردوا و رحبوا بي و ذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن فلما أمعنت النظر رأيت أريكة فرشت عليها فراش حسان و عليها وسائد حسان و رأيت فتى في زي ابن ثلاثين متكئا عليها و بين يديه شيخ و بيده كتاب يقرؤه عليه و حوله أكثر من ستين رجلا يصلون في تلك البقعة و على بعضهم ثياب بيض و على بعضهم ثياب خضر و كان ذلك الشيخ هو الخضر ع فأجلسني ذلك الشيخ ع و دعاني الإمام ع باسمي و قال اذهب إلى حسن بن مسلم و قل له إنك تعمر هذه الأرض منذ سنين و تزرعها و نحن نخربها زرعت خمس سنين و العام أيضا
أنت على حالك من الزراعة و العمارة و لا رخصة لك في العود إليها و عليك رد ما انتفعت به من غلات هذه الأرض ليبنى فيها مسجد و قل لحسن بن مسلم إن هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى من غيرها من الأراضي و شرفها و أنت قد أضفتها إلى أرضك و قد جزاك الله بموت ولدين لك شابين فلم تنتبه عن غفلتك فإن لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر.
قال حسن بن مثلة قلت يا سيدي لا بد لي في ذلك من علامة فإن القوم لا يقبلون ما لا علامة و لا حجة عليه و لا يصدقون قولي قال إنا سنعلم هناك فاذهب و بلغ رسالتنا و اذهب إلى السيد أبي الحسن و قل له يجيء و يحضره و يطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين و يعطيه الناس حتى يبنوا المسجد و يتم ما نقص منه من غلة رهق ملكنا بناحية أردهال و يتم المسجد و قد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ليجلب غلته كل عام و يصرف إلى عمارته.
و قل للناس ليرغبوا إلى هذا الموضع و يعزروه و يصلوا هنا أربع ركعات للتحية في كل ركعة يقرأ سورة الحمد مرة و سورة الإخلاص سبع مرات و يسبح في الركوع و السجود سبع مرات و ركعتان للإمام صاحب الزمان ع هكذا يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كرره مائة مرة ثم يقرؤها إلى آخرها و هكذا يصنع في الركعة الثانية و يسبح في الركوع و السجود سبع مرات فإذا أتم الصلاة يهلل 5917 و يسبح تسبيح فاطمة الزهراء ع فإذا فرغ من التسبيح يسجد و يصلي على النبي و آله مائة مرة ثم قال ع ما هذه حكاية لفظه فمن صلاها فكأنما في البيت العتيق.
قال حسن بن مثلة قلت في نفسي كان هذا موضع أنت تزعم أنما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشيرا إلى ذلك الفتى المتكئ على الوسائد فأشار ذلك الفتى إلي أن أذهب.
فرجعت فلما سرت بعض الطريق دعاني ثانية و قال إن في قطيع جعفر
الكاشاني الراعي معزا يجب أن تشتريه فإن أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه و إلا فتعطي من مالك و تجيء به إلى هذا الموضع و تذبحه الليلة الآتية ثم تنفق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم ذلك المعز على المرضى و من به علة شديدة فإن الله يشفي جميعهم و ذلك المعز أبلق كثير الشعر و عليه سبع علامات سود و بيض ثلاث على جانب و أربع على جانب سود و بيض كالدراهم.
فذهبت فارجعوني ثالثة و قال ع تقيم بهذا المكان سبعين يوما أو سبعا فإن حملت على السبع انطبق على ليلة القدر و هو الثالث و العشرون و إن حملت على السبعين انطبق على الخامس و العشرين من ذي القعدة و كلاهما يوم مبارك.
قال حسن بن مثلة فعدت حتى وصلت إلى داري و لم أزل الليل متفكرا حتى اسفر الصبح فأديت الفريضة و جئت إلى علي بن المنذر فقصصت عليه الحال فجاء معي حتى بلغت المكان الذي ذهبوا بي إليه البارحة فقال و الله إن العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أن هذه السلاسل و الأوتاد هاهنا.
فذهبنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا فلما وصلنا إلى باب داره رأينا خدامه و غلمانه يقولون إن السيد أبا الحسن الرضا ينتظرك من سحر أنت من جمكران قلت نعم فدخلت عليه الساعة و سلمت عليه و خضعت فأحسن في الجواب و أكرمني و مكن لي في مجلسه و سبقني قبل أن أحدثه و قال يا حسن بن مثلة إني كنت نائما فرأيت شخصا يقول لي إن رجلا من جمكران يقال له حسن بن مثلة يأتيك بالغدو و لتصدقن ما يقول و اعتمد على قوله فإن قوله قولنا فلا تردن عليه قوله فانتبهت من رقدتي و كنت أنتظرك الآن.
فقص عليه الحسن بن مثلة القصص مشروحا فأمر بالخيول لتسرج و تخرجوا فركبوا فلما قربوا من القرية رأوا جعفر الراعي و له قطيع على جانب الطريق فدخل حسن بن مثلة بين القطيع و كان ذلك المعز خلف القطيع فأقبل المعز عاديا إلى الحسن بن مثلة فأخذه الحسن ليعطي ثمنه الراعي و يأتي به فأقسم جعفر الراعي أني ما رأيت هذا المعز قط و لم يكن في قطيعي إلا أني رأيته و كلما أريد أن آخذه
لا يمكنني و الآن جاء إليكم فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك الموضع و ذبحوه و جاء السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه إلى ذلك الموضع و أحضروا الحسن بن مسلم و استردوا منه الغلات و جاءوا بغلات رهق و سقفوا المسجد بالجزوع 5918 و ذهب السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه بالسلاسل و الأوتاد و أودعها في بيته فكان يأتي المرضى و الأعلاء 5919 و يمسون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلا و يصحون.
قال أبو الحسن محمد بن حيدر سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرضا في المحلة المدعوة بموسويان من بلدة قم فمرض بعد وفاته ولد له فدخل بيته و فتح الصندوق الذي فيه السلاسل و الأوتاد فلم يجدها.
انتهت حكاية بناء هذا المسجد الشريف المشتملة على المعجزات الباهرة و الآثار الظاهرة التي منها وجود مثل بقرة بني إسرائيل في معز من معزى هذه الأمة قال المؤلف لا يخفى أن مؤلف تاريخ قم هو الشيخ الفاضل حسن بن محمد القمي و هو من معاصري الصدوق رضوان الله عليه و روي في ذلك الكتاب عن أخيه حسين بن علي بن بابويه رضوان الله عليهم و أصل الكتاب على اللغة العربية و لكن في السنة الخامسة و الستين بعد ثمان مائة نقله إلى الفارسية حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك بأمر الخاجا فخر الدين إبراهيم بن الوزير الكبير الخاجا عماد الدين محمود بن الصاحب الخاجا شمس الدين محمد بن علي الصفي.
قال العلامة المجلسي في أول البحار إنه كتاب معتبر و لكن لم يتيسر لنا
أصله و ما بأيدينا إنما هو ترجمته و هذا كلام عجيب لأن الفاضل الألمعي الآميرزا محمد أشرف صاحب كتاب فضائل السادات كان معاصرا له و مقيما بأصفهان و هو ينقل من النسخة العربية بل و نقل عنه الفاضل المحقق الآغا محمد علي الكرمانشهاني في حواشيه على نقد الرجال في باب الحاء في اسم الحسن حيث ذكر الحسن بن مثلة و نقل ملخص الخبر المذكور من النسخة العربية و أعجب منه أن أصل الكتاب كان مشتملا على عشرين بابا.
و ذكر العالم الخبير الآميرزا عبد الله الأصفهاني تلميذ العلامة المجلسي في كتابه الموسوم برياض العلماء في ترجمة صاحب هذا التأريخ أنه ظفر على ترجمة هذا التأريخ في قم و هو كتاب كبير حسن كثيرة الفوائد في مجلدات عديدة.
و لكني لم أظفر على أكثر من مجلد واحد مشتمل على ثمانية أبواب بعد الفحص الشائع.
و قد نقلنا الخبر السابق من خط السيد المحدث الجليل السيد نعمة الله الجزائري عن مجموعة نقله منه و لكنه كان بالفارسية فنقلناه ثانيا إلى العربية ليلائم نظم هذا المجموع و لا يخفى أن كلمة التسعين الواقعة في صدر الخبر بالمثناة فوق ثم السين المهملة كانت في الأصل سبعين مقدم المهملة على الموحدة و اشتبه على الناسخ لأن وفاة الشيخ الصدوق كانت قبل التسعين و لذا نرى جمعا من العلماء يكتبون في لفظ السبع أو السبعين بتقديم السين أو التاء حذرا عن التصحيف و التحريف و الله تعالى هو العالم.
الحكاية التاسعة [تشرّف العلّامة الطباطبائيّ في بلقائه عليه السّلامفي مسجد السهلة]