کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
و كان مات بحمص فوقف و قال ما على النساء أن يندبن أبا سليمان و هل تقوم حرة عن مثله ثم أنشد
أ تبكي ما وصلت به الندامى
و لا تبكي فوارس كالجبال
أولئك إن بكيت أشد فقدا
من الأنعام و العكر الحلال 11216
تمنى بعدهم قوم 11217 مداهم
فما بلغوا لغايات الكمال .
و كان عمرو مبغضا لخالد و منحرفا عنه و لم يمنعه ذلك من أن صدق فيه.
قالوا و منا الوليد بن الوليد بن المغيرة كان رجل صدق من صلحاء المسلمين.
و منا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد و كان عظيم القدر في أهل الشام و خاف معاوية منه أن يثب على الخلافة بعدهم فسمه أمر طبيبا له يدعى ابن أثال فسقاه فقتله.
و خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد قاتل ابن أثال بعمه عبد الرحمن و المخالف على بني أمية و المنقطع إلى بني هاشم و إسماعيل بن هشام بن الوليد كان أمير المدينة و إبراهيم و محمد ابنا هشام بن عبد الملك و أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد و كان من رجال قريش و من ولده هشام بن إسماعيل بن أيوب و سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد ولي شرطة المدينة.
قالوا و من ولد حفص بن المغيرة عبد الله بن أبي عمر بن حفص بن المغيرة هو أول خلق الله حاج يزيد بن معاوية.
قالوا و لنا الأزرق و هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة والي اليمن لابن الزبير و كان من أجود العرب و هو ممدوح أبي دهبل الجمحي.
قالوا و لنا شريك رسول الله ص و هو عبد الله بن السائب بن أبي السائب و اسم أبي السائب صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم كان شريك النبي ص في الجاهلية فجاءه يوم الفتح فقال له أ تعرفني قال أ لست شريكي قال بلى قال لقد كنت خير شريك لا تشاري و لا تماري.
قالوا و منا الأرقم بن أبي الأرقم الذي استتر رسول الله في داره بمكة في أول الدعوة و اسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
و منا أبو سلمة بن عبد الأسد و اسمه عبد الله و هو زوج أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة قبل رسول الله ص شهد أبو سلمة بدرا و كان من صلحاء المسلمين.
قالوا لنا هبيرة بن أبي وهب كان من الفرسان المذكورين و ابنه جعدة بن هبيرة و هو ابن أخت علي بن أبي طالب ع أمه أم هانئ بنت أبي طالب و ابنه عبد الله بن جعدة بن هبيرة هو الذي فتح القهندر و كثيرا من خراسان فقال فيه الشاعر
لو لا ابن جعدة لم تفتح قهندركم
و لا خراسان حتى ينفخ الصور .
قالوا و لنا سعيد بن المسيب الفقيه المشهور و أما الجواد المشهور فهو الحكم بن المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم.
و قد اختصرنا و اقتصرنا على من ذكرنا و تركنا كثيرا من رجال مخزوم خوف الإسهاب.
و ينبغي أن يقال في الجواب إن أمير المؤمنين ع لم يقل هذا الكلام احتقارا لهم و لا استصغارا لشأنهم و لكن أمير المؤمنين ع كان أكثر همة يوم المفاخرة أن يفاخر بني عبد شمس لما بينه و بينهم فلما ذكر مخزوما بالعرض قال فيهم ما قال و لو كان يريد مفاخرتهم لما اقتصر لهم على ما ذكره عنهم على أن أكثر هؤلاء الرجال إسلاميون بعد عصر علي ع و علي ع إنما يذكر من قبله لا من يجيء بعده.
فإن قلت إذا كان قد قال في بني عبد شمس إنهم أمنع لما وراء ظهورهم ثم قال في بني هاشم إنهم أسمح عند الموت بنفوسهم فقد تناقض الوصفان.
قلت لا مناقضة بينهما لأنه أراد كثرة بني عبد شمس فبالكثرة تمنع ما وراء ظهورها و كان بنو هاشم أقل عددا من بني عبد شمس إلا أن كل واحد منهم على انفراده أشجع و أسمح بنفسه عند الموت من كل واحد على انفراده من بني عبد شمس فقد بان أنه لا مناقضة بين القولين
117 [و من كلامه ع في اختلاف الأعمال]
وَ قَالَ ع شَتَّانَ مَا بَيْنَ عَمَلَيْنِ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَ تَبْقَى تَبِعَتُهُ وَ عَمَلٍ تَذْهَبُ مَئُونَتُهُ وَ يَبْقَى أَجْرُهُ.
أخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال
تفنى اللذاذة ممن نال بغيته
من الحرام و يبقى الإثم و العار
تبقي عواقب سوء في مغبتها
لا خير في لذة من بعدها النار
118 [و من كلامه ع في الوعظ بالموت و بعض مكارم الأخلاق]
[وَ قَالَ ع] وَ [قَدْ] تَبِعَ جِنَازَةً فَسَمِعَ رَجُلًا يَضْحَكُ فَقَالَ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ ثُمَّ قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظٍ وَ وَاعِظَةٍ وَ رُمِينَا بِكُلِّ فَادِحٍ وَ جَائِحَةٍ [طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى بِدْعَةٍ] طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ يُنْسَبْ إلَى الْبِدْعَةِ.
[قال الرضي أقول و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله ص و كذلك الذي قبله قال الرضي رحمه الله تعالى أقول و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله ص] الأشهر الأكثر في الرواية- أن هذا الكلام من كلام رسول الله ص و مثل قوله كأن الموت فيها على غيرنا كتب
قول الحسن ع ما رأيت حقا لا باطل فيه أشبه بباطل لا حق فيه من الموت.
و الألفاظ التي بعده واضحة ليس فيها ما يشرح و قد تقدم ذكر نظائرها
119 [و من كلامه ع في غيرة الرجل و المرأة]
وَ قَالَ ع غَيْرَةُ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ وَ غَيْرَةُ الرَّجُلِ إِيمَانٌ.
المرجع في هذا إلى العقل و التماسك فلما كان الرجل أعقل و أشد تماسكا كانت غيرته في موضعها و كانت واجبة عليه لأن النهي عن المنكر واجب و فعل الواجبات من الإيمان و أما المرأة فلما كانت انقص عقلا و أقل صبرا كانت غيرتها على الوهم الباطل و الخيال غير المحقق فكانت قبيحة لوقوعها غير موقعها و سماها ع كفرا لمشاركتها الكفر في القبح فأجرى عليها اسمه.
و أيضا فإن المرأة قد تؤدي بها الغيرة إلى ما يكون كفرا على الحقيقة كالسحر فقد ورد في الحديث المرفوع أنه كفر و قد يفضي بها الضجر و القلق إلى أن تتسخط و تشتم و تتلفظ بألفاظ تكون كفرا لا محالة
120 [و من كلامه ع في بيان معنى الإسلام و الإيمان]
وَ قَالَ ع لَأَنْسُبَنَّ الْإِسْلَامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي الْإِسْلَامُ هُوَ التَّسْلِيمُ وَ التَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ وَ الْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ وَ التَّصْدِيقُ هُوَ الْإِقْرَارُ وَ الْإِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ وَ الْأَدَاءُ هُوَ الْعَمَلُ.
خلاصة هذا الفصل تقتضي صحة مذهب أصحابنا المعتزلة في أن الإسلام و الإيمان عبارتان عن معبر واحد و أن العمل داخل في مفهوم هذه اللفظة أ لا تراه جعل كل واحدة من اللفظات قائمة مقام الأخرى في إفادة المفهوم كما تقول الليث هو الأسد و الأسد هو السبع و السبع هو أبو الحارث فلا شبهة أن الليث يكون أبا الحارث أي أن الأسماء مترادفة فإذا كان أول اللفظات الإسلام و آخرها العمل دل على أن العمل هو الإسلام و هكذا يقول أصحابنا إن تارك العمل و تارك الواجب لا يسمى مسلما.