کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
332 [و من كلامه ع في ما أعذر الله تعالى فيه من العمر]
وَ قَالَ ع: الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ إِلَى ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً.
أعذر الله فيه أي سوغ لابن آدم أن يعتذر يعني أن ما قبل الستين هي أيام الصبا و الشبيبة و الكهولة و قد يمكن أن يعذر الإنسان فيه على اتباع هوى النفس لغلبة الشهوة و شرة الحداثة فإذا تجاوز الستين دخل في سن الشيخوخة و ذهبت عنه غلواء شرته فلا عذر له في الجهل.
و قد قالت الشعراء نحو هذا المعنى في دون هذه السن التي عينها ع.
و قال بعضهم
إذا ما المرء قصر ثم مرت
عليه الأربعون عن الرجال
و لم يلحق بصالحهم فدعه
فليس بلاحق أخرى الليالي
333 [و من كلامه ع في خسارة من غالب بالشر و لحق به الإثم]
وَ قَالَ ع مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الْإِثْمُ بِهِ وَ الْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ.
قد قال ع نحو هذا و ذكرناه في هذا الكتاب
من قصر في الخصومة ظلم و من بالغ فيها أثم.
334 [و من كلامه ع في الصدقة و فضلها و ما جاء فيها]
وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ وَ اللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.
قد تقدم القول في الصدقة و فضلها و ما جاء فيها و قد ورد
في الأخبار الصحيحة أن أبا ذر قال انتهيت إلى رسول الله ص و هو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال هم الأخسرون و رب الكعبة فقلت من هم قال هم الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا و هكذا من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و قليل ما هم ما من صاحب إبل و لا بقر و لا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت و أسمنه تنطحه بقرونها و تطأه بأظلافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضي الله بين الناس ...
335 [و من كلامه ع في عدم القيام بفعل يوجب بعده الاعتذار و إن كان صادقا]
وَ قَالَ ع الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الْعُذْرِ أَعَزُّ مِنَ الصِّدْقِ بِهِ.
روي خير من الصدق و المعنى لا تفعل شيئا تعتذر عنه و إن كنت صادقا في العذر فألا تفعل خير لك و أعز لك من أن تفعل ثم تعتذر و إن كنت صادقا.
و من حكم ابن المعتز لا يقوم عز الغضب بذل الاعتذار.
و كان يقال إياك أن تقوم في مقام معذرة فرب عذر أسجل بذنب صاحبه.
اعتذر رجل إلى يحيى بن خالد فقال له ذنبك يستغيث من عذرك.
و من كلامهم ما رأيت عذرا أشبه بذنب من هذا.
و من كلامهم أضربه على ذنبه مائة و أضربه على عذره مائتين.
قال شاعرهم
إذا كان وجه العذر ليس بواضح
فإن اطراح العذر خير من العذر .
كان النخعي يكره أن يعتذر إليه و يقول اسكت معذورا فإن المعاذير يحضرها الكذب
336 [و من كلامه ع في عدم استعمال نعم الله تعالى في معصيته]
وَ قَالَ ع أَقَلُّ مَا يَلْزَمُكُمْ لِلَّهِ [سُبْحَانَهُ] أَلَّا تَسْتَعِينُوا بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ.
لا شبهة أن من القبيح الفاحش أن ينعم الملك على بعض رعيته بمال و عبيد و سلاح فيجعل ذلك المال مادة لعصيانه و الخروج عليه ثم يحاربه بأولئك العبيد و بذلك السلاح بعينه.
و ما أحسن ما قال الصابي في رسالته إلى سبكتكين من عز الدولة بختيار و ليت شعري بأي قدم تواقفنا و راياتنا خافقة على رأسك و مماليكنا عن يمينك و شمالك و خيلنا موسومة بأسمائنا تحتك و ثيابنا محوكة في طرازنا على جسدك و سلاحنا المشحوذ لأعدائنا في يدك
337 [و من كلامه ع في جعل طاعته غنيمة الأكياس إن فرط فيها العجزة المخذلون من الناس]
وَ قَالَ ع إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الطَّاعَةَ غَنِيمَةَ الْأَكْيَاسِ عِنْدَ تَفْرِيطِ الْعَجَزَةِ.
الأكياس العقلاء أولو الألباب قال ع جعل الله طاعته غنيمة هؤلاء إذا فرط فيها العجزة المخذلون من الناس كصيد استذف 11551 لرجلين أحدهما جلد و الآخر عاجز فقعد عنه العاجز لعجزه و حرمانه و اقتنصه الجلد لشهامته و قوة جده 11552
338 [و من كلامه ع في أن السلطان وزعة للناس]
وَ قَالَ ع السُّلْطَانُ وَزَعَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ.
الوازع عن الشيء الكاف عنه و المانع منه و الجمع وزعة مثل قاتل و قتلة و قد قيل هذا المعنى كثيرا قالوا لا بد للناس من وزعة.
و قيل ما يزع الله عن الدين بالسلطان أكثر مما يزع عنه بالقرآن و تنسب هذه اللفظة إلى عثمان بن عفان.
قال الشاعر
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
و لا سراة إذا جهالهم سادوا 11553 .
و كان يقال السلطان القاهر و إن كان ظالما خير للرعية و للملك من السلطان الضعيف و إن كان عادلا.