کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

فلاح السائل و نجاح المسائل

المقدمة الفصل الأول في تعظيم حال الصلاة و أن مهملها من أعظم الجناة الفصل الثاني في صفة الصلاة التي‏ الفصل الثالث فيما نذكره من فضيلة الدعاء من صريح القرآن‏ الفصل الرابع فيما نذكره من أخبار في فضيلة الدعاء صريحة البيان‏ الفصل الخامس فيما نذكره من أن الدعاء و مناجاة الرحمن أفضل من تلاوة كلام الله جل جلاله العظيم الشأن‏ الفصل السادس فيما نذكره بالعقل من صفات الداعي التي ينبغي أن ينتهي إليها الفصل السابع فيما نذكره بالنقل من الصفات التي ينبغي أن يكون الداعي عليها الفصل الثامن فيما نذكره من الفوائد بالمحافظة على الإكثار من المناجاة و فضيلة الدعاء للإخوان بظهر الغيب و لأئمة النجاة الفصل التاسع في صفة مقدمات الطهارة و صفة الماء الذي يصلح لطهارة الصلاة ما يحتاج إليه الإنسان لدخول الخلاء و البول و الغائط و تلك الضرورات‏ ذكر بعض ما رويناه من آداب و دعوات عند دخول الخلاء إلى أن يخرج منه‏ ذكر ما نقول في صفة ماء الطهارة الفصل العاشر في صفة الطهارة بالمعقول من مراد الرسول لكمال في القبول‏ الفصل الحادي عشر في صفة الطهارة بالماء بحسب المنقول‏ الفصل الثاني عشر في صفة التراب أو ما يقوم مقامه و الطهارة الصغرى به بعد تعذر الطهارة بالماء الفصل الثالث عشر في صفة الطهارة بالماء للغسل عقلا و نقلا ذكر غسل الجنابة و أما حكم حيضهن و استحاضتهن و نفاسهن‏ ذكر ما نورده من الأغسال المندوبة ذكر غسل الميت و ما يتقدمه و يتعقبه‏ [ذكر عهد الميت‏] نسخة الكتاب توضع عند الجريدة مع الميت‏ [آداب الاحتضار] [ذكر صفة الكفن‏] فصل‏ ذكر صفة القبر صفة ما ينبغي اعتماده عند احتضار الأموات‏ صفة تغسيل الأموات‏ صفة تكفين الأموات‏ ذكر صفة الصلاة على الأموات‏ ذكر التعزية ذكر صفة دفن الأموات‏ ذكر ما نورده من صفات زيارة قبور الأموات‏ ذكر ما يعمل قبل أول ليلة يدفن الإنسان في قبره‏ الفصل الرابع عشر في صفة الطهارة بالتراب عوضا عن الغسل بعد تعذر الطهارة بالمياه و اختيار الثياب و المياه و المكان للصلاة و ما يقال عند دخول المساجد و الوقوف في القبلة لما رويناه‏ صفة التيمم عوضا عن الغسل‏ ذكر فضل بعض المساجد و تفاوت الصلاة فيها صفة دخول المسجد الفصل الخامس عشر فيما نذكره من تعيين أول صلاة فرضت على العباد و أنها هي الوسطى‏ الفصل السادس عشر فيما ينبغي عمله عند زوال الشمس‏ الفصل السابع عشر فيما نذكره من نوافل الزوال و بعض أسرار تلك الحال‏ ذكر ما نذكره من أسرار الصلاة ذكر نية الصلاة ذكر تكبيرة الحرام‏ ذكر التوجه‏ ذكر أدبه في التحميد و التمجيد ذكر أدبه عند قوله‏ . ذكر أدب العبد في قوله‏ ذكر أدبه في الدعوات في الصلاة عند قوله‏ و في كل موضع يراد منه أن يدعو فيه في الصلاة بقلب سليم. ذكر أدب العبد في قراءة القرآن في الصلوات على سبيل الجملة في سائر الآيات‏ ذكر أدبه في الركوع و الخضوع‏ ذكر أدبه في السجود فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ ذكر الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية في الصلاة ذكر الشهادة لمحمد بن عبد الله رسول الله ص بالرسالة و النيابة عن صاحب العظمة و الجلالة ذكر الصلاة على محمد ص‏ ذكر التسليم في الصلاة ذكر المعنى الثاني في أن نوافل الزوال صلاة الأوابين‏ ذكر المعنى الثالث في الاستخارة عند نوافل الزوال‏ ذكر ما نريد تقديمه من طريق الروايات في تعظيم حال الصلوات‏ ذكر ما يقرأ في النوافل على العموم‏ ذكر ما يقرأ في نوافل الزوال خاصة على الوجه المرسوم‏ ذكر القبلة ذكر ما يستحب التوجه فيه بسبع تكبيرات و ما نرويه في سبب ذلك‏ ذكر ما نرويه في سبب سبع تكبيرات‏ صفة نوافل الزوال‏ ذكر رواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال‏ ذكر رواية أخرى في الدعاء عقيب كل ركعتين من نافلة الزوال‏ الفصل الثامن عشر فيما نذكره من صفة الأذان و الإقامة و بعض أسرارهما ذكر بعض ما رويناه من أسرار الإقامة ذكر ما نريد وصفه من أحكام الأذان و الإقامة الفصل التاسع عشر فيما نذكره من فضل صلاة الظهر و صفتها و بعض أسرارها و جملة من تعقيبها و سجدتي الشكر و ما يتبعها ذكر دخول العبد في فريضة صلاة الظهر ذكر فضل لصلاة الراضين بتدبير الله جل جلاله القائمين بشروط الله جل جلاله‏ الفصل العشرون فيما نذكره من نوافل العصر و أدعيتها و بعض أسرارها الفصل الحادي و العشرون في صلاة العصر و ما نذكره من الإشارة إلى شرحها و تعقيبها الفصل الثاني و العشرون فيما نذكره من دعاء الغروب و تحرير الصحيفة التي أثبتها الملكان و ما تختم به لتعرض على علام الغيوب‏ فصل‏ الفصل الثالث و العشرون في تلقي الملكين الحافظين عند ابتداء الليل و في صفة صلاة المغرب و ما نذكر من شرحها و تعقيبها الفصل الرابع و العشرون في نوافل المغرب و ما نذكره من الدعاء بينها و عقيبها ذكر رواية بما يقرأ في الأربع الركعات من نوافل المغرب‏ ذكر رواية أخرى بما يقرأ في الركعتين الأولتين‏ ذكر ما نريده من الدعاء في آخر سجدة من نوافل المغرب و فضل ذلك‏ ذكر صفة صلاة الركعتين الأولتين من نوافل المغرب‏ الفصل الخامس و العشرون فيما نذكره من صلوات بين نوافل المغرب و بين صلاة عشاء الآخرة و فضل ذلك‏ ذكر فضل التطوع بين العشاءين‏ ذكر رواية أخرى في فضل ذلك‏ ذكر ما يختار ذكره من الصلوات بين العشاءين بالروايات أيضا الفصل السادس و العشرون فيما نذكره من وقت صلاة العشاء الآخرة و صفتها و تعقيبها الفصل السابع و العشرون فيما نذكره من صلاة للفرج بعد صلاة العشاء الآخرة الفصل الثامن و العشرون فيما نذكره من صلاة لطلب الرزق و غيرها من صلوات بعد عشاء الآخرة أيضا الفصل التاسع و العشرون في صلاة الوتيرة و ما نذكره من تعقيبها ذكر ما يقرأ في صلاة الوتيرة ذكر رواية أخرى مما يقرأ في صلاة الوتيرة ذكر صفة صلاة الوتيرة الفصل الثلاثون فيما نذكره مما ينبغي العمل به قبل النوم و إذا استيقظ في خلال نومه و لم يجلس‏ ذكر حال العبد إذا نام بين يدي مولاه‏ ذكر رواية عن الهادي ع بما يقول أهل البيت ع عند المنام‏ ذكر تفصيل فضائل بعض ما أجملناه‏ ذكر فضيلة قراءة ذكر فضيلة الآية ذكر فضيلة قراءة آية الكرسي و المعوذتين‏ ذكر رواية أخرى لمن كان يفزع من كتاب المشيخة ذكر فضيلة لآخر سورة بني إسرائيل و آخر سورة الكهف‏ رواية الأمان من الاحتلام‏ رواية في الأمان من اللصوص‏ رواية في الأمان من السرق‏ ذكر ما يحتاج إليه الإنسان إذا أراد النوم في حال دون حال‏ رواية أخرى في زوال الْأَرَقِ و استجلاب النوم‏ رواية أخرى في زوال الأرق و استجلاب النوم‏ ذكر ما يقوله بعد النوم إذا انقلب على فراشه و لم يجلس‏ ذكر ما يفعله و يقوله إذا رأى في منامه ما يكره‏ رواية ثانية في دفع رؤيا مكروهة رواية ثالثة لدفع ما يكره من الرؤيا [كلمة الناشر] فهرس الكتاب‏

فلاح السائل و نجاح المسائل


صفحه قبل

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 101

الَّذِي أَسْنَدَهُ إِلَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ لَا يُمْحِضُ رَجُلٌ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ وَ وُلْدِهِ وَ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ.

أقول و قد روي أبلغ من ذلك في أن الناس لا يحصل لهم الإيمان حتى لا يؤثروا على رسوله ص ما تضمنه الحديث الذي نرويه‏

بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ فِيمَا رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ أَمَالِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَهْلِي إِلَيْهِ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِهِ وَ عِتْرَتِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ عِتْرَتِهِ وَ ذَاتِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ ذَاتِهِ.

أقول فإذا كان رسوله ص لا يصح الإيمان مع هذا الإيثار عليه فكيف يحصل الإيمان مع الإيثار على الله جل جلاله و ترجيح غيره عليه‏

ذكر التوجه‏

أما التوجه‏

فَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِ زُهْدِ مَوْلَانَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ كَانَ عَلِيٌّ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ‏ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ.

أَقُولُ وَ رَوَى صَاحِبُ كِتَابِ زَهْرَةِ الْمُهَجِ وَ تَوَارِيخِ الْحُجَجِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ مَوْلَانَا الصَّادِقُ ع‏ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ اقْشَعَرَّ جِلْدُهُ وَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ وَ ارْتَعَدَ كَالسَّعَفَةِ.

و روي عنه ع عند قوله في الصلاة وَجَّهْتُ وَجْهِيَ‏ مثل الذي رويناه عن مولانا علي ص و كانا إذا دخلا في التوجه‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 102

اصفر لونهما و ظهر الخوف من الله جل جلاله عليهما لأنهما ع عرفا و علما هيبة الملك الذي يقومان بين يديه. و سيأتي في هذا الكتاب من خوف النبي ص في الصلوات و خوف عترته المعصومين ما تعلم يقينا أنك لست تابعا لهم و أنك على خلاف ما كانوا عليه من معاملة سلطان العالمين. أقول و قد كان فرضنا جميعا أن نخاف الله جل جلاله للهيبة و الحرمة التي يستحقها لذاته فبلغت الغفلة بنا إلى أننا لا نخاف لذلك و لا نخاف لأجل خوف المعصومين الذين نقتدي بهم في عباداته و لا نخاف لأجل ما تجدد منا من مخالفاته في إراداته و تهويننا بجلالة أمره و نهيه و بمقدس حبه و قربه و مناجاته و هذا جهل عظيم منا بالمعبود كاد أن يقرب من جهل أهل الجحود فإذا قال العبد وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ ينبغي أن يتحقق أنه في مقام العرض و أنه ما مراد الله جل جلاله منه و مراد رسوله ع بقوله‏ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ‏ أي وجهت صورة وجهي إلى القبلة فحسب‏ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ و لكن المراد منه أن يكون قد وجه قلبه و عقله عن الالتفات إلى سواه جل جلاله من سائر المرادات و المكروهات.

وَ لَقَدْ قِيلَ لِبَعْضِ الْعَارِفِينَ مَا أَحْسَنَ مَا تُقْبِلُ بِوَجْهِكَ عَلَى الصَّلَوَاتِ فَقَالَ إِنْ كَانَ وَجْهِي لَا يَلْتَفِتُ فَإِنَّ وَجْهَ قَلْبِي كَثِيرُ الِالْتِفَاتِ.

أقول فإذا كان وجه القلب مقبلا و متوجها إلى الله جل جلاله بالكلية كانت الجوارح مقبلة على الله جل جلاله فيما خلقت له لأنها مع القلب كالرعية و عند هذه الحال يكون دخوله في هذه الصلاة دخول أهل الإقبال فإن استمر على ذلك إلى حين الفراغ من الصلاة

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 103

فقد ظفر ببلوغ الآمال و إن تعثر في أذيال الالتفات عن مولاه و هو يراه فحاله حال أهل التعثير الذين يقع أحدهم تارة و يقوم تارة في خطاه و ربما أفسد تعثيره عليه دنياه و أخراه و فاته إقبال ربه جل جلاله و رضاه و إن قال‏ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ و هو في تلك الحال غافل أو متغافل عن هيبة العرض و حرمة الفرض فيكون في قوله‏ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ كاذبا قد افتتح صلاته بالجنايات بالكذب و البهتان و كيف حال من أول صلاته تصريح بالكذب و الزور و العدوان أ ما يكون مستحقا للهوان و إن كان في حال قيامه إلى الصلاة و دخوله فيها على صفة المتكاسل و المتثاقل فلينظر حال الذين يقومون إلى الصلاة كسالى في صريح القرآن و يفكر أنه لو دخل عليه قبل أن يدخل في تلك الصلاة صديق أو بعض من يحبه من أعوان السلطان كيف كان يقوم إليه و يقبل عليه بغير تكاسل و لا تثاقل و ليتحقق من نفسه أن الله جل جلاله أهون عنده من عبد من عبيده و يا له من خطر هائل‏

ذكر أدبه في التحميد و التمجيد

قد مضى في خطبة كتابنا أن التحميد و التمجيد من وظائف من خلص فيما بينه و بين الله جل جلاله من الجنايات فأما من كان عليه فرض مضيق من المهمات فالبدأة لازمة له بالأهم فالأهم و الأهم عليه التوبة و أداء الفروض المتعينة قبل الدخول في الصلاة و التحميدات و التمجيدات سواء كانت الفروض على قلبه أو بدنه أو ماله أو في شي‏ء من أعماله. أقول و من أدب الإنسان عند تحميده و تمجيده أن يكون تلذذه و تعلق خواطره بحمده لله جل جلاله و تمجيده و مدح الله جل جلاله على ذلك و شكره له سبحانه ألذ عنده و أحب إليه من مدحة لكل من‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 104

يعز عليه من العباد و من مدح أهل الدنيا و ثنائهم عليه في الإصدار و الإيراد و يكون ترجيح حبه لمدحه لله جل جلاله و شكر الله جل جلاله بقدر ما بين الله جل جلاله و بين عباده من تفاوت جلالته و حق إنعامه و إرفاده فإن عجز العبد عن هذا المقام فلا أقل من أن يكون حبه لمدحه الله جل جلاله و لشكر الله جل جلاله أرجح في قلبه من مدحه لأهل الإنعام من الأنام أو لشكر من يشكره من ملوك الإسلام. فأما إن نقص حال العبد عن هذا المقام و كان في مدح الله جل جلاله و شكره سبحانه أهون من مماليكه و عبيده فقد استخف استخفافا عظيما بتحميده و تمجيده و كان مستحقا لما تضمنه هوله و وعيده و تهديده.

ذكر أدبه عند قوله‏ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ .

اعلم أن يوم الدين يوم الحساب و العرض على سلطان العالمين و إظهار السرائر بمحضر من كان يسترها من الخلائق أجمعين فينبغي أن يكون عند هذه الحال خائفا لما يخافه على نفسه يوم الحساب و السؤال.

فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ مَا مَعْنَاهُ‏ أَنَّ مَوْلَانَا زَيْنَ الْعَابِدِينَ وَ هُوَ صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَكِينِ كَانَ إِذَا قَالَ‏ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ يُكَرِّرُهَا فِي قِرَاءَتِهِ حَتَّى يَظُنَّ مَنْ يَرَاهُ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى مَمَاتِهِ.

و ما لخوف منه يحذرون و لا الخنى‏

عليهم و لكن هيبة هي ماهيا .

و قد عرفت أن مولانا زين العابدين قدوة لك في أمور الدنيا و الدين فسر في آثاره بهداية الله جل جلاله و بأنواره على مطايا اليقين فإن الله جل جلاله قادر أن يبلغك ما هو سبحانه أهله من مقامات العارفين.

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 105

ذكر أدب العبد في قوله‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏

. اعلم أنه ينبغي أن يكون العبد صادقا في قوله‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ و معنى قولي أن يكون صادقا لأنه إذا قال‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ و كان إنما يعبد الله جل جلاله لما يرجوه منه سبحانه من نفع عاجل أو ثواب آجل أو دفع محذور في الدنيا أو في يوم النشور فإنما يكون على الحقيقة كأنك تعبد نفسك و تكون عبادتك لأجلها و لأجل شهواتك و لذاتك و لا تكون عابدا لله جل جلاله لأنه أهل للعبادة فيكون قولك‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ كذبا و بهتانا و مانعا لك من الظفر بالسلامة و السعادة و يثبت اسمك في ديوان الكذابين و يكون قد جعلت نفسك من الهالكين أ ما تسمع كلام المقدس الميمون‏ إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏ . أقول و كذا ينبغي أن تكون صادقا في قولك‏ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ فلا يكون في قلبك عند ذلك القول مستعان لك سواه جل جلاله على التحقيق و اليقين فإنك إن كنت مستعينا عند تلك الحال بحولك و قوتك و دنياك أو مالك أو رجالك أو غيره من آمالك و أحوالك فأنت في قولك‏ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ إذا قصدت به أنه لا مستعان لك سواه كاذب مخاطر مستخف مباهت مستحق لما يستحقه العبد المستخف بمولاه.

ذكر أدبه في الدعوات في الصلاة عند قوله‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و في كل موضع يراد منه أن يدعو فيه في الصلاة بقلب سليم.

قد قدمنا طرفا مما يحتاج إليه أهل الضراعات مما شرحناه بالمعقول و المنقول من الروايات فإياك أن تهمل تهذيب نفسك و قلبك خاصة عند مخاطبة مولاك و ربك فإنك إذا دعوت الله جل جلاله و قلبك في تلك الحال فارغ منه أو مشغول بالغفلة عنه أو بقصور احترام و تهوين‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 106

منك بجلالة ذلك المقام كنت كأنك تخاطب ملكا من ملوك الدنيا في حاجة إليه و ظهرك إليه أ ما تعلم أنك إذا خاطبت الملوك و ظهرك إليهم أو أنت مشغول عنهم بالغفلة و التهوين بهم عن الإقبال عليهم فإنك تعلم أنك تستحق أن يكون جوابك منهم أن يخرجوك من حضرتهم مطرودا و عن رحمتهم مصدودا و ربما لو حملوك إلى الحبوس و زيادة البؤس اعتقدت أن الذنب لك فيما يجري عليك منهم من النكال. و رأيت مع أن الذنب منك أنك مستحق للمؤاخذة على ما وقع منك من الإهمال فلا يكون عندك حرمة مالك الدنيا و الآخرة أقل من حرمة الملوك الذين هم مماليكه في هذه الدنيا الحقيرة الداثرة و إذا تأخرت عنك إجابة الدعوات و أنت على ما ذكرناه من الغفلات فالذنب لك و قد أحسن الله جل جلاله إليك كيف عفى لك عن عقاب تلك الجنايات. و إياك أن يخطر بقلبك أو تقول بلسانك كما تسمع من بعض الغافلين الذين ما دخل في قلبهم حقيقة الإيمان و الدين فيقولون قد دعونا الله و ما نرى الإجابة كما ذكر في القرآن. و يقولون هذا على سبيل الاستزادة و كان الله جل جلاله عندهم قد أخلف وعده بإجابة الدعاء و هذا كالكفر عند أهل الإيمان فإنهم لو كانوا عارفين بالله جل جلاله على اليقين ما أقدموا على أن يقولوا بحضرته المذهلة للألباب إنك وعدتنا بإجابة الدعاء و أخلفتنا في الجواب و إنما هذا قولهم بذلك على أنهم ما كانوا عند الدعاء عارفين أو ما كانوا ذاكرين عند المواقفة منهم لله جل جلاله أنهم بحضرة مالك الدنيا و الدين و هؤلاء أهل‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 107

أن يعرض الله جل جلاله عن دعواتهم و إجاباتهم و حسبهم عفو الله جل جلاله عن مؤاخذتهم على غفلاتهم و جهلاتهم.

وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ ص‏ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ مَا بَالُنَا نَدْعُو اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَنَا فَقَالَ لِأَنَّكُمْ تَدْعُونَ مَنْ لَا تَعْرِفُونَ.

ذكر أدب العبد في قراءة القرآن في الصلوات على سبيل الجملة في سائر الآيات‏

اعلم أن من أدب العبد في تلاوته كلام مولاه الذي يعلم أنه يراه أن يكون ذاكرا لجلالته و أنه في حضرته و يكون متشرفا و متلذذا باستماع محادثته و متأدبا مع عظمته فيتلو كلامه المقدس بنية أنه نائب عن الله جل جلاله في قراءة كلامه و أن الله جل جلاله مقبل عليه يستمع كلامه المقدس منه فلا يكن حالك عند تلك التلاوات دون حالك لو قرأت بعض الكتب المصنفات على من صنفها ممن تريد التقرب إليه في قراءة تصنيفه عليه و أنت محتاج في كل أمورك إليه فإنك تعلم أنك كنت تبذل جهدك في إحضار قلبك بغاية إمكانك و تبالغ في تهذيب لسانك و تقبل عليه و على قراءة تصنيفه بجميع جنانك و بحفظ نفسك في الحركات و السكنات فلا يكن الله جل جلاله عندك في قراءة كلامه دون صاحب المصنفات فإنك إن جعلت الله جل جلاله دون هذه الحال كنت أقرب إلى الهلاك و استحقاق النكال و اقتد بمن تذكر أنت و تدعى أنك مهتد بأنواره و مقتد بآثاره‏

صفحه بعد