کتابخانه روایات شیعه
مقدّمة التحقيق
لمحة موجزة عن آل طاوس
آل طاوس أسرة عراقية عريقة في السيادة و العلم بفنونه المختلفة الفقه، الحديث، الكلام، الأنساب، الأدب، الشعر ... تولت الزعامة الدينية في أواخر عصور الدولة العباسية ثمّ في الدولة الإيلخانية المغولية.
قد تسنمت هذه الأسرة الجليلة مدارج الكمال و مراقي المجد و قبضت على ناصية الفخار و العز في المائتين السابعة و الثامنة بحيث طار صيتها في المحافل العلمية و النوادي الأدبية و تصدرت قائمة فضلاء عصرها و علماء دهرها و امتطت صهوات المجد و الشرف الباذخ و علت على دست الرئاسة و النقابة المنيف حقبة من الدهر فزانوا النقابة فتاهت بهم اعتزازا و افتخارا.
هذه الأسرة الشريفة قد تحلى أفرادها- بالإضافة الى ميزتهم النسبيّة- بمؤهلات قلما تجتمع في شخص واحد، ذكاء حاد و حافظة قوية و فطنة نادرة و فضل واسع و نجابة ساطعة و رئاسة مقبولة و مرضية من قبل سلطات عصرهم فكانوا السادة و القادة و العلماء، ترمقهم عيون الفضيلة بالإكبار و الإجلال و يصغي لهم سمع الدهر بالإطاعة و الامتثال محطا لأنظار الخاص و العام تقصدهم قوافل ذوي الحاجات و يؤمهم ركب طالبي الفضيلة و الكمال فلا تنكفئ إلّا عن نيل مرادها و بلوغ مآربها المادية و المعنوية. تنحدر هذه الاسرة المباركة عن أصل زكي و نجار سني عن شجرة طيبة مباركة علوية إذ يتصل
نسبها بالإمام الهمام أبي محمّد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام عن طريق داود بن الحسن المثنى بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام فإن داود المذكور كان رضيع الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام و قد حبسه المنصور الدوانيقي فأفلت منه بالدعاء الذي علمه الصادق عليه السلام لامه أم داود و يعرف بدعاء أم داود و بدعاء يوم الاستفتاح و هو النصف من رجب و أم داود هي أم كلثوم بنت الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام و كان داود يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام نيابة عن أخيه عبد اللّه المحض و قد توفي داود بالمدينة و هو ابن ستين سنة و عقبه من ابنه سليمان بن داود و أعقب سليمان من ابنه محمّد بن سليمان و يلقب بالبربري و خرج بالمدينة أيّام أبي السرايا.
قال النسابة الشهير ابن عنبة الداودي في كتابه عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ص 189 في ذكر عقب داود بن الحسن المثنى: و منهم أبو عبد اللّه محمّد الطاوس بن إسحاق لقب بذلك لحسن وجهه و جماله و ولده كانوا بسورا المدينة 1 ثم انتقلوا الى بغداد و الحلّة و هم سادات و علماء و نقباء معظمون منهم السيّد الزاهد سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد الطاوس.
و قال العلّامة المجلسي:
وجدت في بعض كتب النسب أن محمّد الطاوس كان يكنى أبا عبد اللّه و كان نقيب (سورا) و أبوه إسحاق كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة خمسمائة عن نفسه و خمسمائة عن والده و هو من أوائل من ولي النقابة بسورا.
و إنّما لقب بالطاوس لأنّه كان مليح الصورة و قدماه غير مناسبة لحسن صورته فلقب بالطاوس لذلك 2 . و لقد برزت من هذه الاسرة الشريفة شخصيات علمية فذة قد أخذت على عاتقها مسئولية الذب عن حريم الشريعة المحمدية و الحقيقة الجعفرية فكانت على مستوى المسئولية فبذلت في سبيل ذلك كل ما اوتيت من حول و قوة و استعداد قليل النظير فجنّدت في خدمة الدين فكرها الوقاد كسراج منير يزيح الظلمات و ينير الطريق للفئة الخيرة السالكة درب الحق و سبيل الخير. و يراعها السيّال الذي هو خير من ألف سيف ذرب و عسّال مثقف. فألّفت و صنّفت و جدّت و اجتهدت فتركت لنا تراثا علميا ضخما أغنت به المكتبة الإسلامية عموما و المكتبة الشيعية خصوصا فمنهم:
1- سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد الطاوس.
وصفه صاحب عمدة الطالب بالسيّد الزاهد 3 .
و الذي يظهر من كلام ابنه رضيّ الدين عليّ بن موسى بن جعفر أنّه كان محدثا راوية للأخبار جامعا لها فقد قال عنه في إجازاته عند ذكر مؤلّفاته: و من ذلك كتاب فرحة الناس! 4 و بهجة الخواطر ممّا رواه والدي موسى بن جعفر ابن محمّد بن طاوس قدس اللّه جلّ جلاله روحه و نور ضريحه و نقله في أوراق و أدراج و انتقل إلى اللّه جلّ جلاله و ما جمعه في كتاب ينتفع به المحتاج فجمعته بعد وفاته تلقاه اللّه جلّ جلاله بكراماته و يكمل أربع مجلدات لكل مجلد خطبة و سميته بهذا الاسم المذكور 5 .
و قد أعقب موسى بن جعفر المذكور أربعة بنين:
1- جمال الدين أبا الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر.
2- رضيّ الدين أبا القاسم عليّ بن موسى بن جعفر.
3- شرف الدين محمّدا.
4- عز الدين الحسن.
و أم هولاء الأربعة على ما هو ظاهر عبارات أغلب من ترجم لهم ليست واحدة فقد قال الشيخ يوسف البحرانيّ في ترجمة رضيّ الدين علي و جمال الدين أحمد: رضيّ الدين أبو القاسم علي و جمال الدين أبو الفضائل قدس سرهما ابنا السيّد سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد ابن محمّد بن أحمد بن محمّد الطاوس و هما أخوان من أم و أب و امهما- على ما ذكره بعض علمائنا- بنت الشيخ مسعود ورّام بن أبي فراس بن فراس ابن حمدان 6 و أم امهما بنت الشيخ الطوسيّ، أجاز لها و لأختها أم الشيخ محمّد بن إدريس جميع مصنّفاته و مصنّفات الأصحاب.
ثمّ قال: و يؤيده تصريح السيّد رضيّ الدين رضي اللّه عنه عند ذكر الشيخ الطوسيّ بلفظ «جدي» و كذا عند ذكر الشيخ ورّام بلفظه و هو أكثر بكثير في كلامه كمالا يخفى على من وقف عليه 7 .
فظاهر عبارة الشيخ البحرانيّ هو أن أم الأخوين علي و أحمد هي بنت الشيخ ورّام و أمّا شرف الدين محمّد و عزّ الدين الحسن فامهما سواها.