کتابخانه روایات شیعه
رجال الطوسي
[المقدمات]
[مقدمة الناشر]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على رسول اللّه الأمين و آله الطيبين الطاهرين و اللعنة الدائمة على اعدائهم أجمعين.
و بعد، فانّ من أحاط بعلوم الشريعة الإسلامية، يعرف جيدا أهميّة الدور الّذي يختص به علم الرجال من بين العلوم الأخرى، إذ ما من علم من العلوم الشريعة، الّا و هو منسوج بنسيج الحديث و الرواية، و مستند في أبحاثه و براهينه الى الأدلة النقليّة، مضافا الى الادلّة الأخرى.
و لا يخفى انطواء الكتب الحديثيّة و المجاميع الروائية على الغثّ و السّمين، و الصحيح و السقيم، مضافا الى الأحاديث المتعارضة و الروايات المتضاربة فيما بينها، الأمر الذي يوجب في بعض الاحيان التحيّر و التوقف و التشكيك في صدور البعض منها.
و الذي يعين الباحث و يخلّصه من حيرته، هو البحث و التحقيق في حال الرواة، المنسلكين في سلاسل أسانيد الروايات النبويّة و العلويّة الشريفة، و هذا لا يتسنّى له الّا بمراجعة ما كتب في تراجم الرواة و المحدثين، و من قبل أهل الفنّ و التحقيق، الّذين بذلوا في سبيل تدوين أصول هذا العلم كلّ غال و نفيس.
فتلك طواميرهم تسفر عن مدى العناء الّذي تحمّلوه في تحقيق حال الرواية، و مدى وثاقته و ضبطه و تديّنه، و صدقه في الحديث و استقامته في المعتقد، و غيرها من الحالات التي لها دخل في قبول روايته أو ردّها.
و الكتاب الماثل بين يديك، يمثّل اهتمام الجيل الأوّل من علمائنا المتقدمين- اعلى اللّه مقامهم- بهذا الفن، و قد عدّ هذا الكتاب من الأصول الرجالية الأربعة عند الشيعة الإماميّة، و التي لا يستغنى عنها المحققون و الباحثون في علوم الشريعة.
و قد وفّق اللّه أخينا العزيز الفاضل جواد القيومى الأصفهانيّ- حفظه اللّه- لتحقيق هذا الكتاب و مقابلته و تصحيحه، و تحشيته بحواشى نافعة، و التقديم له بمقدّمة مختصرة و مفيدة، بيّن فيها مميّزات هذا الكتاب و قيمته العلمية.
و نحن قرّرنا، و بعد تلقّى عمله بالقبول و تصحيحه و تدقيقه على طبع الكتاب و نشره، سائلين المولى عزّ شأنه له و لنا المزيد من التوفيق في خدمة تراث الإماميّة الخالد، انه خير موفّق و معين.
مؤسّسة النشر الإسلامي
التابعة لجامعة المدرسين بقم المشرفة
مقدّمة المحقق
ممّا لا شكّ فيه أنّ السنّة المطهّرة المشتملة على الأحاديث المروية عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة الاطهار عليهم السلام، تعتبر المصدر الرئيسي من بين مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، اذ أنّ أكثر الاحكام الشرعية تستفاد من الاخبار النبويّة و الروايات عن الأئمّة الهداة عليهم السلام، الّا انّ الاستفادة منها تتطلّب جهدا وصينا في التثبت منها و التحقّق من صدورها عنهم عليهم السلام، فلا بدّ من معرفة الطرق اليهم، و الوقوف على أحوال الرواة الذين حملوا الينا تلك الأحاديث منذ عصر الرسالة و الإمامة، و لهذا لا ضير ان قلنا: انّ دراسة علم الرجال و معرفة أحوال الرواة متعيّن علي كل فقيه يريد استنباط الاحكام و ممارسة عملية الاجتهاد.
و لشدّة الحاجة إليه اهتمّ علماء الشيعة من العصر الأول الى اليوم، في تأليف كتب خاصّة في هذا العلم و تدوين أسماء رجال الأحاديث، مع ايراد بعض أوصافهم و ذكر بعض كتبهم و آثارهم.
و كان بدء ذلك- على ما ذكره الشيخ الطهرانيّ في الذريعة 1 - في النصف الثاني من القرن الأول، و هو كتاب عبيد اللّه بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين عليه السلام، حيث دوّن أسماء الصحابة الذين شايعوا عليّا عليه السلام و حضروا حروبه و قاتلوا
معه، ثمّ استمرّ تدوين كتب الرجال إلى أواخر القرن الرابع، و من المأسوف عليه أنّه لم تصل هذه الكتب الينا، إلّا أنّه في أول القرن الخامس دوّنت الأصول الأربعة الرجالية 2 المستخرجة عن تلك الكتب المدوّنة قبلها، و هي:
1- رجال الكشّيّ، و هو تأليف ابي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّيّ، أسمى الكشّيّ كتابه ب «معرفة الرجال»- كما يظهر من الشيخ في ترجمة أحمد بن داود ابن سعيد الفزاريّ، 3 - و كان هذا الكتاب موجودا عند السيّد ابن طاوس، لانه تصدّي لترتيب هذا الكتاب و تبويبه و ضمّه الى كتب اخرى من الكتب الرجالية، و أسماه ب «حل الاشكال في معرفة الرجال»، و كان موجودا عند الشهيد الثاني، و لكن عصفت عليه عواصف الضياع، و الموجود منه في هذه الاعصار هو الذي اختصره الشيخ منه، مسقطا عنه الزوائد، حيث كانت فيه أغلاط كثيرة- كما ذكره النجاشيّ 4 - و جرّده ممّا فيه من الأغلاط و أملاه علي تلاميذه.
غرض الكشّيّ من تأليف كتابه ذكر الروايات و الاخبار المربوطة بالرواة، و مع أنّه لم يبوّب بحسب أصحاب النبيّ و الأئمّة عليهم السلام، حتّى لم يراع فيه حروف التهجي في الترتيب ذكر الأسماء، أمّا النظر الاجمالي فيه فانه يظهر لنا أنّ الترتيب في الرجال بحسب معاصرتهم للنبي و الأئمّة عليهم السلام مقصود له، و لهذا يبتدأ بذكر أصحاب النبيّ، الذين يعدّون من شيعة عليّ عليه السلام، ثمّ يذكر أصحاب الأئمّة عليهم السلام حسب عصورهم، الى ان ذكر رجال الغيبة، مع صرف النظر عن الخلط و الاشتباه الواقع في ذكر بعض التراجم و ادراجهم في غير مواضعها.