کتابخانه روایات شیعه
و دبرت 5273 جبهته، و انخرم أنفه من السجود، و ورمت ساقاه و قدماه من القيام إلى الصلاة.
فقال أبو جعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء فبكيت رحمة عليه و إذا هو يفكّر فالتفت بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بنيّ أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فأعطيته، فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثمّ تركها من يده تضجّرا و قال: من يقوى على عبادة علي عليه السلام 5274 .
و رواه أبو علي الطبرسي في «إعلام الورى» عن الحسين بن علوان، عن أبي عليّ زياد بن رستم، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام و ذكر أمير المؤمنين عليه السلام و ذكر الحديث 5275 .
3- ابن بابويه قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي 5276 ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي 5277 ، قال:
حدّثنا الحسين بن الهيثم، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا الحسن بن
عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: سألت مولاة لعليّ بن الحسين عليهما السلام بعد موته فقلت: صفي لي امور عليّ بن الحسين عليهما السلام فقالت: اطنب أو أختصر؟ فقلت اختصري، قالت: ما أتيته بطعام نهارا قطّ، و لا فرشت له فراشا بليل قطّ 5278 .
4- و عنه، حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي اللّه عنه قال:
حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن حاتم قال:
حدّثنا أبو معمر 5279 إسماعيل بن إبراهيم بن معمر، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم 5280 قال: سمعت أبا حازم يقول: ما رأيت هاشميّا أفضل من عليّ بن الحسين عليهما السلام، و كان عليه السلام يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة حتّى خرج بجبهته و آثار سجوده مثل كركرة 5281 البعير 5282 .
5- المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه، عن سلمة بن شبيب 5283 ، عن عبد اللّه بن محمّد التيمي 5284 ، قال: سمعت شيخا من عبد القيس، يقول: قال طاوس 5285 : دخلت الحجر في الليل فإذا عليّ بن
الحسين عليه السلام قد دخل، فقام يصلّي فصلّى ما شاء اللّه ثمّ سجد، قال:
قلت: رجل صالح من أهل بيت الخير لاصغينّ إلى دعائه، فسمعته يقول في سجوده: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك.
قال طاوس: فما دعوت بهنّ في كرب إلّا فرّج عنّي 5286 .
6- محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة 5287 ، عن أبيه، قال: رأيت عليّ بن الحسين عليه السلام في فناء الكعبة في الليل، و هو يصلّي، فأطال القيام حتّى جعل مرّة يتوكّأ على رجله اليمنى و مرّة على رجله اليسرى ثمّ سمعته يقول بصوت كأنّه باك: يا سيّدي تعذّبني و حبّك في قلبي؟ أما و عزّتك لئن فعلت لتجمعنّ بيني و بين قوم طال ما عاتبتهم 5288 فيك 5289 .
7- و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و عليّ بن محمّد القاساني،
جميعا، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود 5290 ، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: قال عليّ بن الحسين عليه السلام: لو مات من بين المشرق و المغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي، و كان إذا قرأ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يكرّرها حتّى كاد أن يموت 5291 .
8- و عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسين، عن محمد بن عبيد، عن عبيد بن هارون، قال: حدّثنا أبو يزيد، عن حصين، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلّم إلّا بالدعاء و التسبيح و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال: اللهمّ إن شئت أن تفعل فعلت 5292 .
9- و روي من طريق الخاصّة و العامّة أنّه كان عليه السلام لا يحبّ أن يعينه على طهوره أحد، و كان يستقي الماء لطهوره، و يخمره قبل أن ينام، فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ثمّ توضأ ثمّ يأخذ في صلاته، و كان عليه السلام يقضي ما فاته من صلاة نافلة النهار بالليل، و يقول: يا بنيّ ليس هذا عليكم بواجب، و لكن احبّ لمن عوّد منكم نفسه عادة من الخير يدوم عليها 5293 .
10- عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: كان عليه السلام يصلّي في كلّ يوم و ليلة ألف ركعة، فإذا أصبح سقط مغشيّا عليه، و كان الريح تميله
كالسنبلة 5294 .
11- روى عبد اللّه بن عليّ بن الحسين 5295 عليه السلام عن أبيه، أنّه كان عليه السلام يصلّي ليلا حتّى أنّه ليزحف 5296 إلى فراشه 5297 .
الباب السابع في جوده عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة
1- ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترآبادي 5298 قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبي يحيى محمّد بن يزيد المنقري، عن سفيان بن عيينة، قال: رأى الزهري عليّ بن الحسين عليه السلام ليلة باردة مطيرة، و على ظهره دقيق و حطب و هو يمشي فقال له: يا بن رسول اللّه ما هذا؟ قال: أريد سفرا اعدّ له زادا و أحمله إلى موضع حريز، فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك فأبى قلت: فأنا أحمله عنك فإني أرفعك عن حمله، فقال عليّ بن الحسين عليه السلام: لكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجيني في سفري، و يحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحقّ اللّه لما مضيت بحاجتك و تركتني، فانصرفت عنه، فلمّا كان بعد أيام رآه و قال 5299 له: يا بن رسول اللّه لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا، قال: بلى يا زهري ليس ما ظننت، و لكنّه الموت و له أستعدّ إنّما الاستعداد للموت
الباب الثامن في جوده عليه السلام و يدرء بالحسنة السيئة
1- محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن عليّ بن جعفر، قال: جاءني محمّد بن إسماعيل و قد إعتمرنا عمرة رجب و نحن يومئذ بمكة؛ فقال: يا عمّ إنّي اريد بغداد و قد أحببت أن اودّع عمّي أبا الحسن يعني موسى بن جعفر عليهما السلام و أحببت أن تذهب معي إليه فخرجت معه نحو أخي، و هو في داره التي بالحوبة، و ذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب فأجابني أخي، فقال: من هذا؟ فقلت: عليّ.
فقال: هو ذا أخرج و كان بطييء الوضوء.
فقلت: العجل.
قال: و أعجل و خرج و عليه إزار ممشّق 6770 قد عقده في عنقه حتى قعد تحت عتبة الباب.
فقال عليّ بن جعفر: فانكببت عليه فقبّلت رأسه و قلت قد جئتك في أمر إن تره صوابا فاللّه وفّق له، و إن يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطيء.
قال عليه السلام: و ما هو؟
قلت: هذا إبن أخيك يريد أن يودّعك و يخرج إلى بغداد.
فقال له: ادعه فدعوته، و كان متنحّيا فدنا منه فقبّل رأسه و قال:
جعلت فداك أوصني.
فقال: اوصيك أن تتقي اللّه في دمي.
فقال مجيبا له: من أرادك بسوء فعل اللّه به و فعل، و جعل يدعو على من يريده بسوء.
ثمّ عاد فقبّل رأسه، ثم قال: يا عمّ أوصني، فقال: أوصيك أن تتقي اللّه في دمي فقال: من أرادك بسوء فعل اللّه به و فعل.
ثمّ عاد فقبّل رأسه ثم قال: يا عمّ أوصني، فقال: اوصيك أن تتقي اللّه في دمي، فدعا على من أراده بسوء.
ثم تنحّى عنه و مضيت معه، فقال لي أخي: يا عليّ مكانك فقمت مكاني فدخل منزله ثمّ دعاني، فدخلت إليه فتناول صرّة فيها مأة دينار فأعطانيها، و قال: قل لإبن أخيك يستعين بها على سفره.
قال عليّ: فأخذتها و أدرجتها في حاشية ردائي ثمّ ناولني مأة اخرى و قال: أعطه أيضا ثمّ ناولني صرّة أخرى فقال: أعطه أيضا.
فقلت: جعلت فداك إذا كنت تخاف منه مثل الّذي ذكرت فلم تعينه على نفسك؟
فقال: إذا وصلته و قطعني قطع اللّه أجله.
ثمّ تناول مخدّة أدم فيها ثلاثة آلاف درهم وضح 6771 فقال: أعطه
هذه أيضا قال: فخرجت إليه فأعطيته المأة الاولى ففرح بها فرحا شديدا و دعا لعمّه، ثمّ أعطيته المأة الثانية و الثالثة ففرح بها حتّى ظننت أنّه سيرجع و لا يخرج، ثم أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضى على وجهه حتى دخل على هارون فسلّم عليه بالخلافة، و قال: ما ظننت أنّ في الأرض خليفتين حتّى رأيت عمّي موسى بن جعفر يسلّم عليه بالخلافة، فأرسل هارون إليه بمأة ألف درهم، فرماه اللّه بالذبحة 6772 فما نظر منها إلى درهم و لا مسّة. 6773
2- ابن بابويه، عن محمّد بن إبراهيم بن إسحق الطالقاني رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمد بن يحيى الصولي 6774 ، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عبد اللّه، عن عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي، عن صالح بن علي بن عطية 6775 ، قال: كان السبب في وقوع موسى بن جعفر عليه السلام إلى بغداد، و ذكر حديثا طويلا قال: فيه و كان سبب ذلك أنّ يحيى بن خالد قال ليحيى بن أبي مريم: ألا تدلّني على رجل من آل أبي طالب «له رغبة في الدنيا فاوسّع له منها قال: بلى أدلّك على رجل بهذه الصفة و هو عليّ بن اسماعيل بن جعفر بن محمّد، فأرسل إليه يحيى، فقال: أخبرني
عن عمّك و عن شيعته، و المال الذي يحمل إليه، فقال له عندي الخبر و سعى بعمّه، و كان سعايته أنّه قال: من كثرة المال عنده أنّه إشترى ضيعة تسمى البشرية 6776 بثلاثين ألف دينار فلما أحضر المال قال البايع:
لا أريد هذا النقد اريد نقد كذا و كذا، فأمر بها فصبّت في بيت ماله و اخرج منه ثلاثين ألف دينار من ذلك النقد و وزنه في ثمن الضيعة.
قال النوفلي: قال أبي: و كان موسى بن جعفر عليهما السلام يأمر لعليّ بن إسماعيل بالمال ويثق به حتّى ربما خرج الكتاب منه إلى بعض شيعته بخطّ عليّ بن إسماعيل ثم إستوحش منه، فلمّا أراد الرشيد الرحلة إلى العراق بلغ موسى بن جعفر عليه السلام أنّ عليّا إبن أخيه يريد الخروج مع السّلطان، يعني الرشيد إلى العراق، فأرسل إليه مالك و السلطان و الخروج مع السلطان؟ قال: لأنّ عليّ دينا.
قال: دينك عليّ.
قال: فتدبير عيالي.
قال: أنا أكفيهم، فأبى إلّا الخروج، فأرسل إليه مع أخيه محمّد بن اسماعيل بن جعفر بثلاثماة دينار و أربعة آلاف درهم فقال: إجعل هذا في جهازك و لا تؤتم ولدي. 6777
3- الشيخ المفيد في «إرشاده» قال: كان السبب في قبض الرشيد على أبي الحسن موسى عليه السلام و حبسه و قتله ما ذكره أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار، عن عليّ بن محمّد النوفلي عن أبيه، و أحمد بن محمّد
ابن سعيد، و أبو محمّد الحسن بن يحيى 6778 ، عن مشايخهم قالوا: كان السبب في أخذ موسى بن جعفر أنّ الرشيد جعل إبنه في حجر جعفر بن محمّد بن الأشعث 6779 ، فحسده يحيى بن خالد 6780 بن برمك على ذلك، و قال: إن أفضت إليه الخلافة زالت دولتي و دولة ولدي، فاحتال على جعفر بن محمّد، و كان يقول بالإمامة حتّى داخله و أنس اليه، و كان يكثر غشيانه في منزله، و يقف على أمره و يرفعه إلى الرشيد و يزيد على ذلك بما يقدح في قلبه.
ثمّ قال يوما لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال فيعرّفني ما أحتاج إليه؟ فدلّ على عليّ بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد عليه السلام فحمل إليه يحيى بن خالد مالا و كان موسى ابن جعفر عليهما السلام يأنس بعليّ بن إسماعيل بن جعفر عليه السلام
و يصله و يبرّه.
ثمّ أنفذ إليه يحيى بن خالد يرغّبه في قصد الرشيد و يعده بالإحسان إليه فعمل على ذلك فأحسّ به موسى عليه السلام فدعاه فقال: إلى أين تريد يا بن أخي؟
قال: إلى بغداد.
قال: و ما تصنع؟
قال: عليّ دين و أنا مملق.
فقال له موسى عليه السلام: فأنا اقضي دينك و أفعل بك و أصنع فلم يلتفت إلى ذلك و عمد على الخروج فاستدعاه أبو الحسن عليه السلام فقال له: أنت خارج؟
قال: نعم: لا بدّ لي من ذلك.
فقال له: انظر يا بن أخي و اتق اللّه و لا تؤتم أولادي، و أمر له بثلاث مأة دينار و أربعة آلاف درهم فلمّا قام بين يديه قال أبو الحسن عليه السلام لمن حضره: و اللّه ليسعينّ في دمي و ليؤتمنّ أولادي.
فقالوا له: جعلنا اللّه فداك فأنت تعرف و تعلم هذا من حاله و تعطيه و تصله؟
قال لهم: نعم حدّثني أبي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّ الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها اللّه و إنّي أردت أن أصله بعد قطعه لي حتّى إذا قطعني قطعه اللّه.
قالوا: فخرج عليّ بن إسماعيل حتى أتى على يحيى بن خالد فتعرّف منه خبر موسى بن جعفر عليهما السلام و رفعه إلى الرشيد و زاد
عليه ثمّ أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمّه فسعى به إليه، ثمّ قال له: إنّ الأموال تحمل إليه من المشرق و المغرب و إنّه إشترى ضيعة سمّاها اليسيرة بثلاثين ألف دينار فقال له صاحبها و قد احضر المال: لا آخذ هذا النقد و لا آخذ إلّا النقد الذي أسأله بعينه فسمع ذلك منه الرشيد و أمر له بمأتي ألف درهم تسبيبا على بعض النواحي 6781 فاختار بعض كور المشرق و مضت رسله لقبض المال و أقام ينتظرهم فدخل في بعض تلك الأيّام إلى الخلاء فزحر زحرة 6782 خرجت منه حشوته 6783 كلها فسقط و جهدوا في ردّها فلم يقدروا فوقع لما به، و جائه المال و هو ينزع فقال و ما أصنع به و أنا في الموت؟!
و خرج الرشيد في تلك السنة الى الحجّ و بدأ بالمدينة فقبض بها على أبي الحسن موسى عليه السلام و يقال: إنّه لما ورد المدينة إستقبله موسى عليه السلام في جماعة من الأشراف و إنصرفوا من استقباله، و مضى أبو الحسن عليه السلام إلى المسجد على رسمه و قام الرشيد إلى الليل و صار إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا رسول اللّه إنّي أعتذر إليك من شيء اريد أن افعله أريد أن أحبس موسى بن جعفر فإنّه يريد التشتّت بين امتّك و سفك دمائها.