کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ نَصْرِ الْمَوْلَى
وَ قَالَ النَّبِيُّ ص عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ قَالَ أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا السَّيِّدُ قَالَ مَنِ افْتُرِضَتْ طَاعَتُهُ كَمَا افْتُرِضَتْ طَاعَتِي.
وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَداً فِي كِتَابِ مَعَانِي الْأَخْبَارِ فَعَلَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ السَّيِّدُ هُوَ الْمَلِكُ الْوَاجِبُ الطَّاعَةِ.
«سُبُّوحٌ» سُبُّوحٌ هُوَ حرف [اسْمٌ] مَبْنِيٌّ عَلَى فُعُّولٍ وَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فُعُّولٌ إِلَّا سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ وَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَنْزِيهاً لَهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِهِ وَ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ فِعْلٍ عَلَى مَعْنَى تَسْبِيحاً لِلَّهِ يُرِيدُ سَبَّحْتُ تَسْبِيحاً وَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْباً عَلَى الظَّرْفِ وَ مَعْنَاهُ نُسَبِّحُ لِلَّهِ وَ سَبَّحُوا لِلَّهِ.
بيان الواو في قوله و سبّحوا لله للحال و هو بيان لحاصل معنى الظرفية أي أسبح الله عند تسبيح كل مسبّح لله.
«الشَّهِيدُ» الشَّهِيدُ مَعْنَاهُ الشَّاهِدُ بِكُلِّ مَكَانٍ صَانِعاً وَ مُدَبِّراً عَلَى أَنَّ الْمَكَانَ مَكَانٌ لِصُنْعِهِ وَ تَدْبِيرِهِ لَا عَلَى أَنَّ الْمَكَانَ مَكَانٌ لَهُ لِأَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ وَ لَا مَكَانَ.
«الصَّادِقُ» الصَّادِقُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي وَعْدِهِ وَ لَا يَبْخَسُ 2593 ثَوَابَ مَنْ يَفِي بِعَهْدِهِ.
«الصَّانِعُ» الصَّانِعُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَانِعُ كُلِّ مَصْنُوعٍ أَيْ خَالِقُ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَ مُبْدِعُ جَمِيعِ الْبَدَائِعِ وَ كُلُّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئاً مِنْ خَلْقِهِ لِأَنَّا لَمْ نَجِدْ فِيمَا شَاهَدْنَا فِعْلًا يُشْبِهُ فَاعِلَهُ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ وَ أَفْعَالَهُمْ غَيْرُ أَجْسَامٍ وَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَنْ يُشْبِهَ أَفْعَالَهُ وَ أَفْعَالُهُ لَحْمٌ وَ دَمٌ وَ عَظْمٌ وَ شَعْرٌ وَ عَصَبٌ وَ عُرُوقٌ وَ أَعْضَاءٌ وَ جَوَارِحُ وَ أَجْزَاءٌ وَ نُورٌ وَ ظُلْمَةٌ وَ أَرْضٌ وَ سَمَاءٌ وَ شَجَرٌ وَ حَجَرٌ وَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ الْخَلْقِ وَ كُلُّ ذَلِكَ فِعْلُهُ وَ صُنْعُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جَمِيعُ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ شَاهِدٌ عَلَى انْفِرَادِهِ وَ عَلَى أَنَّهُ بِخِلَافِ خَلْقِهِ وَ أَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَ هُوَ يَصِفُ النَّرْجِسَ
عُيُونٌ فِي جُفُونٍ فِي فُنُونِ .
بَدَتْ فَأَجَادَ صَنَعْتَهَا الْمَلِيكُ .
بِأَبْصَارِ التَّغَنُّجِ طَامِحَاتُ .
كَأَنَّ حِدَاقَهَا ذَهَبٌ سَبِيكُ .
عَلَى غُصْنٍ الزُّمُرُّدِ مُخْبِرَاتُ .
بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكُ .
«الطَّاهِرُ» الطَّاهِرُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُتَنَزِّهٌ عَنِ الْأَشْبَاهِ وَ الْأَنْدَادِ وَ الْأَضْدَادِ وَ الْأَمْثَالِ وَ الْحُدُودِ وَ الزَّوَالِ وَ الِانْتِقَالِ وَ مَعَانِي الْخَلْقِ مِنَ الْعَرْضِ وَ الطُّولِ وَ الْأَقْطَارِ وَ الثِّقْلِ وَ الْخِفَّةِ وَ الدِّقَّةِ وَ الْغِلَظِ وَ الدُّخُولِ وَ الْخُرُوجِ وَ الْمُلَازَقَةِ وَ الْمُبَايَنَةِ وَ الرَّائِحَةِ وَ الطَّعْمِ وَ اللَّوْنِ وَ الْمَجَسَّةِ وَ الْخُشُونَةِ وَ اللِّينِ وَ الْحَرَارَةِ وَ الْبُرُودَةِ وَ الْحَرَكَةِ وَ السُّكُونِ وَ الِاجْتِمَاعِ وَ الِافْتِرَاقِ وَ التَّمَكُّنِ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ وَ عَاجِزٌ ضَعِيفٌ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ دَلِيلٌ عَلَى مُحْدِثٍ أَحْدَثَهُ وَ صَانِعٍ صَنَعَهُ قَادِرٍ قَوِيٍّ طَاهِرٍ عَنْ مَعَانِيهَا لَا يُشْبِهُ شَيْئاً مِنْهَا لِأَنَّهَا دَلَّتْ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا عَلَى صَانِعٍ صَنَعَهَا وَ مُحْدِثٍ أَحْدَثَهَا وَ أَوْجَبَتْ عَلَى جَمِيعِ مَا غَابَ عَنْهَا مِنْ أَشْبَاهِهَا وَ أَمْثَالِهَا أَنْ يَكُونَ دَالَّةً عَلَى صَانِعٍ صَنَعَهَا تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً.
«الْعَدْلُ» الْعَدْلُ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ بِالْعَدْلِ وَ الْحَقِّ وَ سُمِّيَ بِهِ تَوَسُّعاً لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَادِلُ وَ الْعَدْلُ مِنَ النَّاسِ الْمَرْضِيُّ قَوْلُهُ وَ فِعْلُهُ وَ حُكْمُهُ.
«الْعَفُوُّ» الْعَفُوُّ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَفْوِ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ وَ الْعَفْوُ الْمَحْوُ يُقَالُ عَفَا الشَّيْءُ إِذَا امْتُحِيَ وَ ذَهَبَ وَ دَرَسَ وَ عَفَوْتُهُ أَنَا إِذَا مَحَوْتُهُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ 2594 أَيْ مَحَا اللَّهُ عَنْكَ إِذْنَكَ لَهُمْ.
«الْغَفُورُ» الْغَفُورُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَ هُوَ الْغَافِرُ الْغَفَّارُ وَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ التَّغْطِيَةُ وَ السَّتْرُ تَقُولُ غَفَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا غَطَّيْتَهُ وَ يُقَالُ هَذَا أَغْفَرُ مِنْ هَذَا أَيْ أَسْتَرُ وَ غَفْرُ الْخَزِّ وَ الصُّوفِ مَا عَلَا فَوْقَ الثَّوْبِ مِنْهُمَا كَالزِّئْبَرِ يُسَمَّى غَفْراً لِأَنَّهُ سَتَرَ الثَّوْبَ وَ يُقَالُ لِجُنَّةِ الرَّأْسِ مِغْفَرٌ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الرَّأْسَ وَ الْغَفُورُ السَّاتِرُ لِعَبْدِهِ بِرَحْمَتِهِ.
بيان الغفر بالتحريك الزئبر بكسر الزاء فالهمزة الساكنة فالباء الموحدة المكسورة و هو ما يعلو الثوب الجديد مثل ما يعلو الخز.
«الْغَنِيُّ» الْغَنِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْغَنِيُّ بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَ عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْآلَاتِ وَ الْأَدَوَاتِ وَ غَيْرِهَا وَ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُتَشَابِهَةٌ فِي الضَّعْفِ وَ الْحَاجَةِ فَلَا يَقُومُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا يَسْتَغْنِي بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ.
«الْغِيَاثُ» الْغِيَاثُ مَعْنَاهُ الْمُغِيثُ سُمِّيَ بِهِ تَوَسُّعاً لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ.
«الْفَاطِرُ» الْفَاطِرُ مَعْنَاهُ الْخَالِقُ فَطَرَ الْخَلْقَ أَيْ خَلَقَهُمْ وَ ابْتَدَأَ صَنْعَةَ الْأَشْيَاءِ وَ ابْتَدَعَهَا فَهُوَ فَاطِرُهَا أَيْ خَالِقُهَا وَ مُبْدِعُهَا.
«الْفَرْدُ» الْفَرْدُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْمُتَفَرِّدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ الْأَمْرِ دُونَ الْخَلْقِ وَ مَعْنًى ثَانٍ أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَحْدَهُ لَا مَوْجُودَ مَعَهُ.
«الْفَتَّاحُ» الْفَتَّاحُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْحَاكِمُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ 2595 وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ 2596 «الْفَالِقُ» الْفَالِقُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفَلْقِ وَ مَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الشَّقُّ يُقَالُ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ فَلْقِ فِيهِ وَ فَلَقْتُ الْفُسْتَقَةَ فَانْفَلَقَتْ وَ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كُلَّ شَيْءٍ فَانْفَلَقَ عَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ فَلَقَ الْأَرْحَامَ فَانْفَلَقَتْ عَنِ الْحَيَوَانِ وَ فَلَقَ الْحَبَّ وَ النَّوَى فَانْفَلَقَا عَنِ النَّبَاتِ وَ فَلَقَ الْأَرْضَ فَانْفَلَقَتْ عَنْ كُلِّ مَا أُخْرِجَ مِنْهَا هُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ 2597 صَدَعَهَا فَانْصَدَعَتْ وَ فَلَقَ الظَّلَامَ فَانْفَلَقَ عَنِ الْإِصْبَاحِ وَ فَلَقَ السَّمَاءَ فَانْفَلَقَتْ عَنِ الْقَطْرِ وَ فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ مِنْهُ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ «الْقَدِيمُ» الْقَدِيمُ مَعْنَاهُ الْمُتَقَدِّمُ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَ كُلُّ مُتَقَدِّمٍ لِشَيْءٍ يُسَمَّى قَدِيماً إِذَا بُولِغَ فِي الْوَصْفِ وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدِيمٌ لِنَفْسِهِ بِلَا أَوَّلٍ وَ لَا نِهَايَةٍ وَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ لَهَا أَوَّلٌ وَ نِهَايَةٌ وَ لَمْ يَكُنْ لَهَا هَذَا الِاسْمُ فِي بَدْئِهَا فَهِيَ قَدِيمَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَ مُحْدَثَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَ قَدْ قِيلَ إِنَّ الْقَدِيمَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْمَوْجُودُ لَمْ يَزَلْ وَ إِذَا قِيلَ لِغَيْرِهِ إِنَّهُ قَدِيمٌ كَانَ عَلَى الْمَجَازِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُحْدَثٌ لَيْسَ بِقَدِيمٍ.
«الْمَلِكُ» الْمَلِكُ هُوَ مَالِكُ الْمُلْكِ قَدْ مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَ الْمَلَكُوتُ مُلْكُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ زِيدَتْ فِيهِ التَّاءُ كَمَا زِيدَتْ فِي رَهَبُوتٍ وَ رَحَمُوتٍ تَقُولُ الْعَرَبُ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَيْ لَأَنْ تَرْهَبَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ.
«الْقُدُّوسُ» الْقُدُّوسُ مَعْنَاهُ الطَّاهِرُ وَ التَّقْدِيسُ التَّطْهِيرُ وَ التَّنْزِيهُ وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِكَايَةً عَنِ الْمَلَائِكَةِ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ 2598 أَيْ نَنْسُبُكَ إِلَى
الطَّهَارَةِ وَ نُسَبِّحُكَ وَ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَ حَظِيرَةُ الْقُدْسِ مَوْضِعُ الْقُدْسِ مِنَ الْأَدْنَاسِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدُّنْيَا وَ الْأَوْصَابُ 2599 وَ الْأَوْجَاعِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ وَ قَدْ قِيلَ إِنَّ الْقُدُّوسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْكُتُبِ.
«الْقَوِيُّ» الْقَوِيُّ مَعْنَاهُ مَعْرُوفٌ وَ هُوَ الْقَوِيُّ بِلَا مُعَانَاةٍ وَ لَا اسْتِعَانَةٍ «الْقَرِيبُ» الْقَرِيبُ مَعْنَاهُ الْمُجِيبُ وَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ 2600 وَ مَعْنًى ثَانٍ أَنَّهُ عَالِمٌ بِوَسَاوِسِ الْقُلُوبِ لَا حِجَابَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا وَ لَا مَسَافَةَ وَ يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ 2601 فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ غَيْرِ مُمَاسَّةٍ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَ لَا مَسَافَةٍ بَلْ هُوَ عَلَى الْمُفَارَقَةِ لَهُمْ فِي الْمُخَالَطَةِ وَ الْمُخَالَفَةِ لَهُمْ فِي الْمُشَابَهَةِ وَ كَذَلِكَ التَّقْرِيبُ إِلَى اللَّهِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الطُّرُقِ وَ الْمَسَايِفِ 2602 إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الطَّاعَةِ وَ حُسْنِ الْعِبَادَةِ فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَرِيبٌ دَانٍ دُنُوُّهُ مِنْ غَيْرِ تَنَقُّلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاقْتِطَاعِ الْمَسَايِفِ يَدْنُو وَ لَا بِاجْتِيَازِ الْهَوَاءِ يَعْلُو كَيْفَ وَ قَدْ كَانَ قَبْلَ السُّفْلِ وَ الْعُلْوِ وَ قَبْلَ أَنْ يُوصَفَ بِالْعُلُوِّ وَ الدُّنُوِّ.
«الْقَيُّومُ» الْقَيُّومُ وَ الْقَيَّامُ هُمَا فَيْعُولٌ وَ فَيْعَالٌ مِنْ قُمْتَ بِالشَّيْءِ إِذَا وَلِيتَهُ بِنَفْسِكَ وَ تَوَلَّيْتَ حِفْظَهُ وَ إِصْلَاحَهُ وَ تَقْدِيرَهُ قَوْلُهُمْ مَا فِيهَا مِنْ دَيُّورٍ وَ لَا دَيَّارٍ.
«الْقَابِضُ» اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَبْضِ وَ لِلْقَبْضِ مَعَانٍ مِنْهَا الْمُلْكُ يُقَالُ فُلَانٌ فِي قَبْضِي وَ هَذَا الضَّيْعَةُ فِي قَبْضِي وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ 2603 وَ هَذَا كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ 2604 وَ قَوْلُهُ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ 2605 وَ قَوْلُهُ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ 2606 وَ مِنْهَا إِفْنَاءُ الشَّيْءِ وَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
لِلْمَيِّتِ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً 2607 فَالشَّمْسُ لَا يُقْبَضُ بِالْبَرَاجِمِ وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَابِضُهَا وَ مُطْلِقُهَا وَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 2608 فَهُوَ بَاسِطٌ عَلَى عِبَادِهِ فَضْلَهُ وَ قَابِضٌ مَا يَشَاءُ مِنْ عَائِدَتِهِ وَ أَيَادِيهِ وَ الْقَبْضُ قَبْضُ الْبَرَاجِمِ أَيْضاً وَ هُوَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَنْفِيٌّ وَ لَوْ كَانَ الْقَبْضُ وَ الْبَسْطُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قِبَلِ الْبَرَاجِمِ لَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَابِضاً وَ بَاسِطاً لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ وَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ يَقْبِضُ الْأَنْفُسَ وَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ.
بيان البراجم مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع 2609 و الرواجب 2610 و هي رءوس السلاميات 2611 من ظهر الكف إذا قبض القابض كفّه ارتفعت.
«الْبَاسِطُ» الْبَاسِطُ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ الْمُفْضِلُ قَدْ بَسَطَ عَلَى عِبَادِهِ فَضْلَهُ وَ إِحْسَانَهُ وَ أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ.
«الْقَاضِي» الْقَاضِي اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَضَاءِ وَ مَعْنَى الْقَضَاءِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فَوَجْهٌ مِنْهَا هُوَ الْحُكْمُ وَ الْإِلْزَامُ يُقَالُ قَضَى الْقَاضِي عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا أَيْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ وَ أَلْزَمَهُ إِيَّاهُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ 2612 وَ وَجْهٌ مِنْهَا هُوَ الْخَبَرُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ 2613 أَيْ أَخْبَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ وَ وَجْهٌ مِنْهَا هُوَ الْإِتْمَامُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ 2614 وَ مِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ قَضَى فُلَانٌ حَاجَتِي يُرِيدُ أَنَّهُ أَتَمَّ حَاجَتِي عَلَى مَا سَأَلْتُهُ.
«الْمَجِيدُ» الْمَجِيدُ مَعْنَاهُ الْكَرِيمُ الْعَزِيزُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ 2615 أَيْ كَرِيمٌ عَزِيزٌ وَ الْمَجْدُ فِي اللُّغَةِ نَيْلُ الشَّرَفِ وَ مَجَّدَ الرَّجُلَ وَ أَمْجَدَ لُغَتَانِ وَ أَمْجَدَهُ كَرَّمَ فِعَالَهُ وَ مَعْنًى ثَانٍ أَنَّهُ مَجِيدٌ مُمَجَّدٌ مَجَّدَهُ خَلْقُهُ أَيْ عَظَّمُوهُ.
«الْمَوْلَى» الْمَوْلَى مَعْنَاهُ النَّاصِرُ يَنْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَتَوَلَّى نَصْرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَ يَتَوَلَّى ثَوَابَهُمْ وَ كَرَامَتَهُمْ وَ وَلِيُّ الطِّفْلِ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى إِصْلَاحَ شَأْنِهِ وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ وَ هُوَ مَوْلَاهُمْ وَ نَاصِرُهُمْ وَ الْمَوْلَى فِي وَجْهٍ آخَرَ هُوَ الْأَوْلَى وَ مِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ ص مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.
وَ ذَلِكَ عَلَى أَثَرِ كَلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَهُ وَ هُوَ أَنْ قَالَ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ إِلَى مَنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ أَيْ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ.
«الْمَنَّانُ» الْمَنَّانُ مَعْنَاهُ الْمُعْطِي الْمُنْعِمُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ 2616 وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ 2617 . «الْمُحِيطُ» الْمُحِيطُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُحِيطٌ بِالْأَشْيَاءِ عَالِمٌ بِهَا كُلِّهَا وَ كُلُّ مَنْ أَخَذَ شَيْئاً كُلَّهُ أَوْ بَلَغَ عِلْمُهُ أَقْصَاهُ فَقَدْ أَحَاطَ بِهِ وَ هَذَا عَلَى التَّوَسُّعِ لِأَنَّ الْإِحَاطَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إِحَاطَةُ الْجِسْمِ الْكَبِيرِ بِالْجِسْمِ الصَّغِيرِ مِنْ جَوَانِبِهِ كَإِحَاطَةِ الْبَيْتِ بِمَا فِيهِ وَ إِحَاطَةُ السُّورِ بِالْمُدُنِ وَ لِهَذَا الْمَعْنَى سُمِّيَ الْحَائِطُ حَائِطاً وَ مَعْنًى ثَانٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَصْباً عَلَى الظَّرْفِ مَعْنَاهُ مُسْتَوْلِياً مُقْتَدِراً كَقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ 2618 فَسَمَّاهُ إِحَاطَةً لَهُمْ لِأَنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَحَاطُوا بِعَدُوِّهِمْ لَمْ يَقْدِرِ الْعَدُوُّ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُمْ.
«الْمُبِينُ» الْمُبِينُ مَعْنَاهُ الظَّاهِرُ الْبَيِّنُ حِكْمَتُهُ الْمُظْهِرُ لَهَا بِمَا أَبَانَ مِنْ بَيِّنَاتِهِ وَ آثَارِ قُدْرَتِهِ وَ يُقَالُ بَانَ الشَّيْءُ وَ أَبَانَ وَ اسْتَبَانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
«الْمُقِيتُ» الْمُقِيتُ مَعْنَاهُ الْحَافِظُ الرَّقِيبُ وَ يُقَالُ بَلْ هُوَ الْقَدِيرُ.
«الْمُصَوِّرُ» الْمُصَوِّرُ هُوَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّصْوِيرِ يُصَوِّرُ الصُّوَرَ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ فَهُوَ مُصَوِّرُ كُلِّ صُورَةٍ وَ خَالِقُ كُلِّ مُصَوَّرٍ فِي رَحِمٍ وَ مُدْرَكٍ بِبَصَرٍ وَ مُتَمَثَّلٍ فِي نَفْسٍ وَ لَيْسَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِالصُّورَةِ وَ الْجَوَارِحِ يُوصَفُ وَ لَا بِالْحُدُودِ وَ الْأَبْعَاضِ
يُعْرَفُ وَ لَا فِي سَعَةِ الْهَوَاءِ بِالْأَوْهَامِ يُطْلَبُ وَ لَكِنْ بِالْآيَاتِ يُعْرَفُ وَ بِالْعَلَامَاتِ وَ الدَّلَالاتِ يُحَقَّقُ وَ بِهَا يُوقَنُ وَ بِالْقُدْرَةِ وَ الْعَظَمَةِ وَ الْجَلَالِ وَ الْكِبْرِيَاءِ يُوصَفُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي خَلْقِهِ شَبِيهٌ وَ لَا فِي بَرِيَّتِهِ عَدِيلٌ.
«الْكَرِيمُ» الْكَرِيمُ مَعْنَاهُ الْعَزِيزُ يُقَالُ فُلَانٌ أَكْرَمُ عَلَيَّ مِنْ فُلَانٍ أَيْ أَعَزُّ مِنْهُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ 2619 وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ 2620 وَ مَعْنًى ثَانٍ أَنَّهُ الْجَوَادُ الْمُفْضِلُ يُقَالُ رَجُلٌ كَرِيمٌ أَيْ جَوَادٌ وَ قَوْمٌ كِرَامٌ أَيْ أَجْوَادٌ وَ كَرِيمٌ وَ كَرَمٌ مِثْلُ أَدِيمٍ وَ أَدَمٍ.
«الْكَبِيرُ» الْكَبِيرُ السَّيِّدُ يُقَالُ لِسَيِّدِ الْقَوْمِ كَبِيرُهُمْ وَ الْكِبْرِيَاءُ اسْمٌ لِلتَّكَبُّرِ وَ التَّعَظِّمِ.
«الْكَافِي» الْكَافِي اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْكِفَايَةِ وَ كُلُّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ وَ لَا يُلْجِئُهُ إِلَى غَيْرِهِ.
«الْكَاشِفُ» الْكَاشِفُ مَعْنَاهُ الْمُفَرِّجُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ الْكَشْفُ فِي اللُّغَةِ رَفْعُكَ شَيْئاً عَمَّا يُوَارِيهِ وَ يُغَطِّيهِ.
«الْوَتْرُ» الْوَتْرُ مَعْنَاهُ الْفَرْدُ وَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فَرْداً قِيلَ وَتْرٌ.
«النُّورُ» النُّورُ مَعْنَاهُ الْمُنِيرُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ 2621 أَيْ مُنِيرٌ لَهُمْ وَ آمِرُهُمْ وَ هَادِيهِمْ فَهُمْ يَهْتَدُونَ بِهِ فِي مَصَالِحِهِمْ كَمَا يَهْتَدُونَ فِي النُّورِ وَ الضِّيَاءِ وَ هَذَا تَوَسُّعٌ وَ النُّورُ الضِّيَاءُ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُتَعَالٍ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً لِأَنَّ الْأَنْوَارَ مُحْدَثَةٌ وَ مُحْدِثُهَا قَدِيمٌ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ قِيلَ إِنَّ الْقُرْآنَ نُورٌ لِأَنَّ النَّاسَ يَهْتَدُونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ كَمَا يَهْتَدُونَ بِالضِّيَاءِ فِي مَسَالِكِهِمْ وَ لِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ النَّبِيُّ ص مُنِيراً.