کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
211 [و من كلامه ع في الخلاف و آثاره]
وَ قَالَ ع الْخِلَافُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ.
هذا مثل
قوله ع في موضع آخر لا رأي لمن لا يطاع.
و يروى لا إمرة لمن لا يطاع.
و في أخبار قصير و جذيمة لو كان يطاع لقصير أمر.
و كان يقال اللجاج يشحذ الزجاج و يثير العجاج.
و قال دريد بن الصمة
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد 11353
فلما عصوني كنت منهم و قد أرى
غوايتهم و أنني غير مهتدي .
و كان يقال أهدى رأي الرجل ما نفذ حكمه فإذا خولف فسد.
و من كلام أفلاطون اللجاج عسر انطباع المعقولات في النفس و ذلك إما لفرط حدة تكون في الإنسان و إما لغلظ طبع فلا ينقاد للرأي 11354
212 [و من كلامه ع في أن النيل من الدنيا يوجب الاستطالة على الناس]
وَ قَالَ ع مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ.
يجوز أن يريد به من أثرى و نال من الدنيا حظا استطال على الناس.
و يجوز أن يريد به من جاد استطال بجوده.
يقال نالني فلان بكذا أي جاد به علي و رجل نال أي جواد ذو نائل و مثله 11355 رجل طان أي ذو طين و رجل مال أي ذو مال
213 [و من كلامه ع في أن معرفة أخلاق الإنسان لا تعرف إلا بالتجربة و اختلاف الأحوال عليه]
وَ قَالَ ع فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ.
معناه لا تعلم أخلاق الإنسان إلا بالتجربة و اختلاف الأحوال عليه و قديما قيل ترى الفتيان كالنخل و ما يدريك ما الدخل 11356 .
و قال الشاعر
لا تحمدن امرأ حتى تجربه
و لا تذمنه إلا بتجريب
و قالوا التجربة محك و قالوا مثل الإنسان مثل البطيخة ظاهرها مونق و قد يكون في باطنها العيب و الدود و قد يكون طعمها حامضا و تفها.
و قالوا للرجل المجرب يمدحونه قد آل وائل عليه.
و قال الشاعر يمدح
ما زال يحلب هذا الدهر أشطره 11357
يكون متبعا طورا و متبعا
حتى استمرت على شزر مريرته
مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا 11358
214 [و من كلامه ع في حسد الصديق صديقه على النعمة]
وَ قَالَ ع حَسَدُ الصَّدِيقِ مِنْ سُقْمِ الْمَوَدَّةِ.
إذا حسدك صديقك على نعمة أعطيتها لم تكن صداقته صحيحة فإن الصديق حقا من يجري مجرى نفسك و الإنسان لم يحسد نفسه.
و قيل لحكيم ما الصديق فقال إنسان هو أنت إلا أنه غيرك.
و أخذ هذا المعنى أبو الطيب فقال
ما الخل إلا من أود بقلبه
و أرى بطرف لا يرى بسوائه 11359
و من أدعية الحكماء اللهم اكفني بوائق الثقات و احفظني من كيد الأصدقاء و قال الشاعر
احذر عدوك مرة
و احذر صديقك ألف مره
فلربما انقلب الصديق
فكان أعرف بالمضره
و قال آخر 11360
احذر مودة ماذق
شاب المرارة بالحلاوة 11361
يحصي الذنوب عليك
أيام الصداقة للعداوة
و ذكر خالد بن صفوان شبيب بن شيبة فقال ذاك رجل ليس له صديق في السر و لا عدو في العلانية.
و قال الشاعر
إذا كان دواما أخوك مصارما
موجهة في كل أوب ركائبه
فخل له ظهر الطريق و لا تكن
مطية رحال كثير مذاهبه
215 [و من كلامه ع في المطامع و كونها مصارع العقول]
وَ قَالَ ع أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ.
قد تقدم منا قول في هذا المعنى و منه قول الشاعر 11362
طمعت بليلى أن تريع و إنما 11363
تقطع أعناق الرجال المطامع 11364
و قال آخر
إذا حدثتك النفس أنك قادر
على ما حوت أيدي الرجال فكذب
و إياك و الأطماع إن وعودها
رقارق آل أو بوارق خلب 11365
216 [و من كلامه ع في الثقة بالظن]
وَ قَالَ ع لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ الْقَضَاءُ عَلَى الثِّقَةِ بِالظَّنِّ.
هذا مثل قول أصحاب أصول الفقه لا يجوز نسخ القرآن و السنة المتواترة بخبر الواحد لأن المظنون لا يرفع المعلوم.
و لفظ الثقة هاهنا مرادف للفظ العلم فكأنه قال لا يجوز أن يزال ما علم بطريق قطعية لأمر ظني.
فإن قلت أ ليس البراءة الأصلية معلومة بالعقل و مع ذلك ترفع بالأمارات الظنية كأخبار الآحاد.