کتابخانه روایات شیعه
ابن هارون الفامي في مسجد الكوفة 26 .
و من الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفيّ 27 ، و هؤلاء قد أرّخ سماعاته منهم، و أنّها في سنة 354.
أما الذين لم يؤرخ سماعاته منهم و صرّح بسماعه منهم في الكوفة فهم علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة، و أبو القاسم الحسن بن محمّد بن السكوني المذكر الكوفيّ، و محمّد بن عليّ بن الفضل الكوفيّ في مسجد أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة و عليّ بن الحسين بن شقير الهمداني في منزله بالكوفة 28 و غيرهم ممن لم يسمهم، فقد ذكر في نوادر كتابه الفقيه ج 4 ص 261 أنّه سمع رجلا من أهل المعرفة باللغة في الكوفة.
كما سمع بعد منصرفه من الحجّ بفيد- و هو اسم مكان منتصف الطريق تقريبا بين مكّة و الكوفة- من أبي عليّ أحمد بن جعفر البيهقيّ 29 ، و سمع ممن يثق به من أهل المدينة في شأن وادي مهزور، و الظاهر أن سماعه منه كان بها راجع الفقيه ج 3 ص 56.
و لما قفل راجعا إلى الري، و مرّ في طريقه بهمدان سمع بها من الفضل بن الفضل بن العباس الكندي و أجازه 30 ، و من القاسم بن محمّد ابن أحمد بن عبدويه الزاهد السراج الهمداني 31 .
و في سنة 367 توجه لزيارة المشهد الرضوي ثانيا، حيث أملى المجلس الخامس و العشرين من أماليه في يوم الجمعة 13 ذي الحجة من تلك السنة، و عاد إلى الري في سنة 378 حيث أملى المجلس السابع
و العشرين في يوم الجمعة غرة المحرم سنة 368 بها.
و في شهر رجب توجه لزيارة المشهد الرضوي ثالثا، و مر في طريقه بنيسابور فأملى عدة مجالس من أماليه، منها في دار الشريف أبي محمّد يحيى بن محمّد العلوي الأفطسي المعروف بشيخ العترة و سيد السادة المجلس التاسع و الثمانين في يوم الأحد غرة شعبان من تلك السنة.
و أملى بنيسابور عدة من مجالسه، آخرها ما أملاه يوم الجمعة 12 شعبان و هو المجلس الثالث و التسعون، و سافر إلى طوس لزيارة المشهد، فكان بها يوم الثلاثاء 17 شعبان حيث أملى المجلس الرابع و التسعين، و هكذا بقي في المشهد الرضوي حتّى ختم أماليه بالمجلس 97 يوم الخميس 19 شعبان من سنة 368 ه.
و توجه إلى بلاد ما وراء النهر فدخل بلخ و سمع بها جماعة من شيوخ الحديث منهم الحسين بن محمّد الاشناني، و عبيد اللّه بن أحمد الفقيه و قد أجازه، و طاهر بن محمّد بن يونس بن حيوة الفقيه، و محمّد بن سعيد بن عزيز السمرقندي و غيرهم.
و ورد سرخس فسمع محمّد بن أحمد بن تميم السرخسي الفقيه، كما دخل سمرقند و سمع بها عبد الصمد بن عبد الشهيد، و عبدوس بن علي الجرجانيّ، و وصل إلى إيلاق- و هي كورة تتاخم كور الشاش و هما من أعمال سمرقند- فأقام بها و سمع الحديث من محمّد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب و محمّد بن عمرو بن عليّ بن عبيد اللّه البصري.
و في مدة إقامته بها اجتمع بالشريف أبي عبد اللّه محمّد بن الحسن العلوي المعروف بنعمة، و سمع كل منهما من الآخر، و وقف الشريف المذكور على أكثر مصنّفات الصدوق التي كانت معه فنسخها، كما سمع منه أكثرها، و رواها عنه كلها، و كانت مائتي كتاب و خمسة و أربعين كتابا 32 .
و دخل فرغانة، و سمع بها من محمّد بن جعفر البندار الشافعي و إسماعيل ابن منصور بن أحمد القصار و تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشيّ و غيرهم.
و هكذا نرى المؤلّف و هو في سن الشيخوخة- إذ قد تجاوز الستين- لا يزال يطوي المسافات الشاسعة في طلب الحديث و سماعه و إسماعه، و معه من مصنّفاته 245 كتابا.
و أكبر الظنّ أنّه لم يسافر بعد سفره إلى ديار ما وراء النهر في سنة 368 حتّى توفّي سنة 381 بالري، إذ لم نعثر على ما يشير إلى ذلك، و لا شك أنّه كان في أخريات أيامه بالري حيث أقام بها بعد أن قطع المسافات الشاسعة و طاف كثيرا من البلدان النائية في سبيل سماع الحديث و إسماعه لم يتلهف لماضي تمنى رجوعه، كما لم يتوجع لحادث يخشى وقوعه، بالرغم من تقدم سنه في الشيخوخة، و مضافا إلى مكانته الاجتماعية و صلاته الوثيقة برجال الحكم في الري فانه لو أراد أن ينعم بظلال الحياة الوارف كغيره من القابعين في بيوتهم لكان ذلك من أيسر ما يروم، لكنه العالم الذي عرف لذة العلم، فهو لا يأنس إلّا بكتابه و لا يطربه إلّا صرير قلمه، و لا يرى الكرامة و السعادة إلّا بين المحابر و الدفاتر، فلا غرابة إذا ما أنتج عقله النتاج القيّم، و أثمر علمه الكثير الطيب، فهو في نحو سبعة عقود و نصف من أعوام الحياة التي عاشها غذى المكتبة الإسلامية في فنون العلم و الآداب نحوا من ثلاثمائة مصنف 33 و قيل أكثر من ذلك.
و قد ذكر سماحة سيدي الوالد دام ظله في رسالته حياة الشيخ الصدوق تفصيل أسماء آثاره مع الإشارة إلى ما وصلت إلينا نسخته و هو يبلغ العشر بالنسبة إلى ما حفظ اسمه و اندثر رسمه و مجموعها (22) كتابا و رسالة أما ما بقي فقد استأثر به التاريخ فلم يسمح حتّى باسمه.
و قد ذكرت في مقدّمة كتاب التوحيد ص 34- 45 تفصيل آثاره الباقية مع الإشارة إلى المخطوط و المطبوع منها، و أن فيها و فيما بقى من أسماء كتبه الأخرى التي سجلها أصحاب الفهارس و ما لم يسجلوها لدلالة على جودة البضاعة و وفور الرصيد العلمي حتّى تفجّرت تلك العقليّة عن مئات من المصنّفات في فنون الآداب و العلوم الإسلامية،
فألّف في التفسير و الفقه و الحديث و الكلام و العقائد و التاريخ و الرجال و الأخلاق و الآداب الشرعية و الدعاء و الزيارات سوى ما كتبه في أجوبة المسائل الواردة إليه من سائر البلاد الإسلامية كمصر و بغداد و الكوفة و البصرة و واسط و المدائن و نيسابور و قزوين، أو ما كتبه في جواب مسائل شخصية كجوابه إلى أبي محمّد الفارسيّ في شهر رمضان و غيره
ثواب الأعمال، عقاب الاعمال
لقد تفنن العلماء في معالجة النفوس و اصلاحها بشتى وسائل التهذيب، و اتخذ كل فريق سبيلا يؤدي منه رسالته، و يدعو فيها الى ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة، و كان التأليف من السبل الناجحة التي تؤدي الى الغاية مع طول الزمن، ما دام للكتاب أثر بين الناس.
و كان شيخنا الصدوق رحمه اللّه ممن اختار سبيل التأليف فأكثر فيه، و امتاز بكثرة مؤلّفاته، و قد حالفه التوفيق في قسم منها احتفظت الايام بنسخته.
فما من كتاب من كتبه تلك إلّا و قد تلقاه الناس بالقبول، و تداولوا نسخته إقبالا عليه، و لعلّ في روحية المؤلّف و اخلاصه في التأليف سر ذلك القبول و هذا الاقبال.
و ها نحن اليوم على أبواب كتابين من كتبه هما كتاب (ثواب الاعمال) و كتاب (عقاب الاعمال) و يعدان من نفائس كتب الترغيب و الترهيب ألفهما شيخنا الصدوق رحمه اللّه على نحو النهج الذي سلكه غير واحد من العلماء، جريا وراء التأثير على القلوب، و اجتهادا في امتلاك الوجدان و صيد العواطف لتصحيح سلوك الإنسان و اصلاحه، و توجيهه نحو الخير، و الانحياش به عن الرذائل و المعاصي، و اقتراف الآثام و الجرائم.
و هذا اللون من التأليف- أعني موضوع الترغيب و الترهيب- نجده عند جميع المسلمين مقبولا، و قد أكثر العلماء من التأليف فيه.
فخص بعضهم تأليفه بالترغيب فقط فكتب في ثواب الأعمال مثلا كتابا خاصا و جعل ذلك اسم كتابه، و قد عثرت على أسماء اثنى عشر كتابا في ذلك هي على النحو التالي:
1- ثواب الأعمال لابي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي من اصحاب الامامين الجواد و الهادي عليهما السلام، و هو أحد كتبه المحاسن.
2- ثواب الأعمال لأبي جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني من اصحاب الإمام الجواد (ع)، رواه عنه سعد بن عبد اللّه الحميري المتوفى حدود سنة 300 ه 34 .
3- ثواب الأعمال لابي الفضل سلمة بن الخطّاب البراوستاني الأزدورقاني- نسبة الى قرية من سواد الري- رواه عنه سعد بن عبد اللّه الحميري الآنف الذكر و احمد ابن إدريس المتوفّى سنة 306 و محمّد بن الحسن الصفار و غيرهم 35 .
4- ثواب الأعمال لأبي عبد اللّه محمّد بن حسان الرازيّ الزيدي- الزيني- رواه عنه أحمد بن إدريس المتوفّى سنة 306 الآنف الذكر 36 .
5- ثواب الأعمال لابي محمّد جعفر بن سليمان القمّيّ رواه عنه محمّد ابن الحسن بن الوليد المتوفّى سنة 343 37 .
6- ثواب الأعمال لابي حاتم محمّد بن حبان البستي المتوفى سنة 354 38 .
7- ثواب الأعمال لابي الحسن عليّ بن أحمد بن الحسين الطبريّ الآملي رواه عنه النجاشيّ بواسطتين 39 .
8- ثواب الأعمال لأبي أحمد محمّد بن عليّ بن محمّد الكرجي القصاب 40
9- ثواب الأعمال لابن أبي حاتم الحنظلي الرازيّ صاحب الجرح و التعديل 41 .
10- ثواب الأعمال لأبي عبد اللّه الحسين بن عليّ بن سفيان البزوفري، رواه عنه ابن الغضائري المتوفّى سنة 411 و الشيخ المفيد المتوفّى سنة 413 42 .
11- ثواب الأعمال لابي العباس الناطفي المتوفّى سنة 446 43 .
12- ثواب الأعمال لابي جعفر الصدوق و هو الكتاب الأول من
هذين الكتابين و لم تصل نسخة من تلك الكتب العشرة إلّا من الأول و الأخير و كلاهما مطبوعان مكرّرا.
و من هؤلاء العلماء من اختار جانب الترهيب أيضا فخصه بتأليف خاص فألف في عقاب الأعمال كما صنع أبو جعفر البرقي و أبو الفضل سلمة بن الخطّاب و أبو عبد اللّه محمّد بن حسان الرازيّ و القصاب و شيخنا الصدوق رحمهم اللّه جميعا، و كلهم ممن سبق له تأليف في ثواب الأعمال كما أشرنا آنفا، و لم تصل الينا من كتب عقاب الاعمال إلا كتاب البرقي و كتاب الصدوق و هو ثاني كتابينا اللذين نقدم لهما.
و من العلماء من خص تأليفه بجانب من الترهيب فقط فتفنن في ذلك كما صنع الحافظ الذهبي الذي الف كتابا جمع فيه الموبقات و سماه (الكبائر) و قد أنهاها الى سبعين و شرح كل واحدة منها 44 .
و تبعه ابن حجر في ذلك فألف كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر، و زاد على ما ذكره الذهبي فانهى الكبائر الى (467) كبيرة 45 .
و ثمة كتب أخرى خصت بثواب بعض الاعمال أو بعقاب بعض الاعمال كثيرة يجد القارئ أسماءها مبثوثة في كتب المعاجم و الفهرسة.
تقييم الكتابين معا