کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الخرائج و الجرائح

الجزء الأول‏ [مقدمة المحقق‏] مفهوم الاعجاز: من يقوم بالاعجاز (باذن اللّه)؟ الرسالة الإلهيّة و الإمامة غير مستغنية عن المعجزات: بلى! فى النشأة الآخرة خلق جديد بمثل الخلق الأوّل‏ التعريف بالمؤلّف‏ موطنه‏ اسرته‏ أولاده و أحفاده‏ مكانته العلمية و الاجتماعية أساتذته و مشايخه‏ وفاته و مدفنه‏ آثاره‏ كتاب الخرائج و الجرائح‏ الوجه في تسمية الكتاب‏ أهمية الكتاب، و الاعتماد عليه‏ منتخب الخرائج و الجرائح‏ ترجمة الخرائج و الجرائح‏ التعريف بنسخ الكتاب‏ منهج التحقيق‏ تقدير و عرفان‏ [مقدمة المؤلف‏] الباب الأول في معجزات نبينا محمد ص‏ فصل‏ فصل من روايات العامة [فصل في ما ذكر فيه نبينا محمد ص في الكتب المتقدمة] فصل من روايات الخاصة [في معجزاته‏] [فصل طائفة من الأخبار في فدك‏] الباب الثاني في معجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع‏ الباب الثالث في معجزات الإمام الحسن بن علي أمير المؤمنين ع‏ الباب الرابع في معجزات الحسين بن علي ع‏ الباب الخامس في معجزات الإمام علي بن الحسين ع‏ الباب السادس في معجزات الإمام محمد بن علي الباقر ع‏ الباب السابع في معجزات الإمام جعفر الصادق ع‏ الباب الثامن في معجزات الإمام موسى بن جعفر ع‏ الباب التاسع في معجزات الإمام المظلوم المسموم علي بن موسى الرضا ع‏ الباب العاشر في معجزات الإمام محمد بن علي التقي ع‏ الباب الحادي عشر في معجزات الإمام علي بن محمد النقي ع‏ الباب الثاني عشر في معجزات الإمام الحسن بن علي العسكري ع‏ الباب الثالث عشر في معجزات الإمام صاحب الزمان ع‏ فهرس الجزء الأول من كتاب الخرائج و الجرائح‏ الجزء الثاني‏ الباب الرابع عشر في أعلام النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام‏ فصل في أعلام‏ رسول الله ص‏ فصل في ذكر أعلام فاطمة البتول ع‏ فصل في أعلام أمير المؤمنين ع‏ فصل في أعلام الإمام الحسن بن أمير المؤمنين ع‏ فصل في أعلام الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب ع‏ فصل في أعلام الإمام علي بن الحسين ع‏ فصل في أعلام الإمام محمد بن علي بن الحسين الباقر ع‏ فصل في أعلام الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع‏ فصل في أعلام الإمام موسى بن جعفر ع‏ فصل في أعلام الإمام علي بن موسى الرضا ع‏ فصل في أعلام الإمام محمد بن علي التقي ع‏ فصل في أعلام الإمام علي بن محمد النقي ع‏ فصل في أعلام الحسن بن علي العسكري ع‏ فصل في أعلام الإمام وارث الأنبياء و الأوصياء حجة الله على خلقه صاحب المرأى و المسمع م‏ح‏م‏د بن الحسن المهدي عليه من الصلوات أفضلها و من التحيات أكملها صاحب الزمان ع‏ الباب الخامس عشر في الدلالات و البراهين على صحة إمامة الاثني عشر [إماما] ع‏ الباب السادس عشر في نوادر المعجزات‏ [فصل في تغسيل علي ع لرسول الله ص‏] [فصل في أغرب معجزات النبي ص بعد وفاته‏] [فصل في أغرب معجزات أمير المؤمنين ع بعد وفاته‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام السجاد ع‏] [فصل في أغرب معجزات النبي ص و الأئمة ع بعد وفاتهم‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام الباقر و الصادق ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات النبي ص و الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات النبي ص و الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام المهدي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمامين الحسن و الحسين ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام الحسن و الحسين ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام الحسين ع‏] فصل في الرجعة [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام علي ع‏] [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الأئمة ع‏] [فصل في أغرب معجزات الإمام الحسين ع‏] الباب السابع عشر في الموازاة بين معجزات نبينا ص و معجزات أوصيائه ع و معجزات الأنبياء ع‏ [باب في إبطال قول الخرمية ] باب في معجزات محمد و أوصيائه عليه و عليهم أفضل الصلاة و السلام من جهة الأخلاق‏ [فصل في معجزات الرسول الأعظم ص أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام علي ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الحسن و الحسين ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام السجاد ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الباقر ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الصادق ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الكاظم ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الرضا ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الجواد ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام علي الهادي ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام الحسن العسكري ع أخلاقيا] [فصل في معجزات الإمام المهدي ع أخلاقيا] باب في موازاة النبي ص و الأئمة من أهل بيته ع للأنبياء في المعجزات و غيرها باب في أن معجزات النبي ص و الأئمة من آله ع ليست ببدع فقد كان قبلهم للأنبياء ع و الأوصياء معجزات‏ [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء آدم و أولاده ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء إدريس ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء إبراهيم ع و أولاده‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء يعقوب و يوسف ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء أيوب و عزير ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء موسى و الخضر ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء دانيال ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء و غيرهم أصحاب الكهف‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء عيسى ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء خالد بن سنان العبسي‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء ع بالجملة] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء ع‏] [فصل في مشابهة معجزات النبي و الأئمة ع من سبقهم من الأنبياء ع‏] فهرس الجزء الثاني من كتاب الخرائج و الجرائح‏ الجزء الثالث‏ [مقدمة المحقق‏] تنبيه حول الأبواب الثلاثة التالية: 18، 19، 20 و أخيرا أقول: الباب الثامن عشر في أم المعجزات و هو القرآن المجيد [باب في كيفية الاستدلال بالقرآن‏] فصل في أن القرآن المجيد معجز [فصل في بعض التساؤلات حول القرآن‏] [فصل في الطريق إلى معرفة صدق النبي ص و الوصي ع و بيان شروط مفهوم المعجزات‏] [فصل في أن القرآن معجز تحدى العرب و بيان بعض الشبهات‏] فصل في وجه إعجاز القرآن‏ فصل في أن التعجيز هو الإعجاز فصل في أن الإعجاز هو الفصاحة فصل إن الفصاحة مع النظم معجز فصل في أن معناه أو لفظه هو المعجز فصل في أن المعجز هو إخباره بالغيب‏ فصل في أن النظم هو المعجز فصل في أن تأليفه المستحيل من العباد هو المعجز باب في الصرفة و الاعتراض عليها و الجواب عنه‏ باب في أن إعجازه الفصاحة باب في أن إعجازه بالفصاحة و النظم معا باب في أن إعجاز القرآن المعاني التي اشتمل عليها من الفصاحة [باب في خواص‏ نظم القرآن‏] باب في مطاعن المخالفين في القرآن‏ الباب التاسع عشر في الفرق بين الحيل و المعجزات‏ باب في ذكر الحيل و أسبابها و آلاتها و كيفية التوصل إلى استعمالها و ذكر وجه إعجاز المعجزات‏ باب في الفرق‏ بين المعجزة و الشعبذة باب في مطاعن المعجزات و جواباتها و إبطالها باب في مقالات المنكرين للنبوات أو الإمامة من قبل الله و جواباتها و إبطالها باب في مقالات من يقول بصحة النبوة منهم على الظاهر و من لا يقول و الكلام عليهما الباب العشرون في علامات و مراتب نبينا و أوصيائه عليه و عليهم أفضل الصلاة و أتم السلام‏ [باب في علامات النبي و الأئمة جملة و تفصيلا] باب العلامات السارة الدالة على صاحب الزمان حجة الرحمن صلوات الله عليه ما دار فلك و ما سبح ملك‏ باب في العلامات الحزينة الدالة على صاحب الزمان و آبائه ع‏ باب العلامات الكائنة قبل خروج المهدي و معه ع‏ الفهارس العامّة: 1- فهرس الآيات القرآنية سورة البقرة/ 2 سورة آل عمران/ 3 سورة النساء/ 4 سورة المائدة/ 5 سورة الأنعام/ 6 سورة الأعراف/ 7 سورة الأنفال/ 8 سورة التوبة/ 9 سورة يونس/ 10 سورة هود/ 11 سورة يوسف/ 12 سورة الرعد/ 13 سورة إبراهيم/ 14 سورة الحجر/ 15 سورة النحل/ 16 سورة الإسراء/ 17 سورة الكهف/ 18 سورة مريم/ 19 سورة طه/ 20 سورة الأنبياء/ 21 سورة الحجّ/ 22 سورة النور/ 24 سورة الشعراء/ 26 سورة النمل/ 27 سورة القصص/ 28 سورة العنكبوت/ 29 سورة الروم/ 30 سورة لقمان/ 31 سورة السجدة/ 32 سورة الأحزاب/ 33 سورة سبأ/ 34 سورة فاطر/ 35 سورة يس/ 36 سورة الصافّات/ 37 سورة ص/ 38 سورة الزمر/ 39 سورة غافر/ 40 سورة فصلت/ 41 سورة الزخرف/ 43 سورة الدخان/ 44 سورة الجاثية/ 45 سورة الاحقاف/ 46 سورة الفتح/ 48 سورة الحجرات/ 49 سورة الطور/ 52 سورة النجم/ 53 سورة القمر/ 54 سورة الواقعة/ 56 سورة المجادلة/ 58 سورة الحشر/ 59 سورة الجمعة/ 62 سورة التحريم/ 66 سورة القلم/ 68 سورة نوح/ 71 سورة الجن/ 72 سورة الدهر/ 76 سورة التكوير/ 81 سورة الانشقاق/ 84 سورة الضحى/ 93 سورة الانشراح/ 94 سورة القدر/ 97 سورة البينة/ 98 سورة الزلزلة/ 99 سورة العاديات/ 100 سورة الكوثر/ 108 سورة النصر/ 110 سورة المسد/ 111 سورة الإخلاص/ 112 2- فهرس أسماء الأنبياء و الملائكة عليهم السلام‏ 3- فهرس أسماء المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام‏ [4-] فهرس الرواة و الاعلام‏ «حرف الالف» ب‏ ت‏ ث‏ ج‏ «الحاء» «الخاء» «الدال» «الذال» «الراء» «الزاى» «السين» «الشين» «الصاد» «الضاد» «الطاء» «الظاء» «العين» «الغين» «الفاء» «القاف» «الكاف» «اللام» «الميم» «النون» «الهاء» «الواو» «الياء» «الكنى» «الألقاب» «المبهمات» [5-] فهرس الكتب الواردة في المتن‏ 6- فهرس الفرق و القبائل و الطوائف‏ 7- فهرس الاماكن و البقاع‏ 8- فهرس الأيّام و الوقائع‏ 9- مصادر التحقيق‏ 10- فهرس الجزء الثالث من كتاب الخرائج و الجرائح‏

الخرائج و الجرائح


صفحه قبل

الخرائج و الجرائح، ج‏1، ص: 1

الجزء الأول‏

في معجزات النبي و الأئمة ع‏

[مقدمة المحقق‏]

بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

تقديم:

الحمد للّه الذي يروى وجود نظام حقائق الكون و نواميس الحياة المحكمة، وجوب وجوده وسعة علمه و قدرته اللامتناهية، كما تروى آيات ذكره الحكيم نزرا من أنباء الغيب، و بعضا من أحاديث معجزات أنبيائه و رسله الإلهيّة.

و أكمل صلواته على أمين وحيه، و خاتم سفرائه، محمد رسول اللّه، و على آله المصطفين الذين أورثهم اللّه كتاب وحيه، و جعلهم مجارى أمره، و مجالى آياته و معجزاته، فبعثوا الفقهاء امناء على حفظ أحاديث معجزات رسول اللّه و الأئمّة الاثنى عشر من آله و روايتها.

و بعد: فمن الذين حفظوا عنهم عليهم السلام مواريث النبوّة في صحائفهم و كتبهم شيخنا الاقدم مؤلف هذا الكتاب «قطب الدين الراونديّ، قدّس سرّه».

فانه أودع في سفره القيم هذا كتاب «الخرائج و الجرائح» لمعا من الأحاديث في معجزات النبيّ و الأئمّة عليهم السلام و أعلامهم و دلائلهم (تسننا) بما قال جل و علا: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ» .

و ليكون هذا بصائر للناس، و ليستيقن الذين اوتوا العلم بما يتفكرون في آياته، و ليؤمنوا بالغيب: «باللّه و ملائكته و وحيه و كتبه و رسله و يوم لقائه»، و ليعلم الذين سعوا في آيات اللّه معاجزين أنّه‏ ما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ‏ .

مفهوم الاعجاز:

هنا لا بدّ من الإشارة الى معنى الاعجاز، فهو مطلقا: اتيان شي‏ء و ايجاد ما يعجز عنه غير فاعله، كما أشار إليه تعالى في قوله: «إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ» و «قل لئن اجتمعت الجن و الانس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا».

فعلى هذا كان الاعجاز المطلق خاصا باللّه القادر الذي بيده ملكوت كل شي‏ء و هو بكل خلق عليم، و عن كل سبب غنى، لا يعجزه شي‏ء ممّا في السماوات و الأرض، و ليس كمثله شي‏ء فان له الخلق و الامر، يقول- أو يأذن لصفيه و رسوله أن يقول- لشي‏ء: «كن. فيكون».

علما بأنّه ليس من الاعجاز اتيان شي‏ء بأسبابه الطبيعية العادية أو الرياضية حين تتكامل الصنعة في شتّى العلوم المعاصرة أو المستقبلة، فان التقدّم في اكتشاف نواميس الطبيعة و حل رموزها التي فطرها اللّه تعالى، و قدر فيها أقواتها، أو استخدام القوى و الأسباب في الصنائع البديعة، ليس في حقيقته اعجازا، بل فضلا لمكتشفه أو صانعه من بين أقرانه.

الخرائج و الجرائح، ج‏1، ص: 2

من يقوم بالاعجاز (باذن اللّه)؟

لقد صرّح القرآن الكريم بأسماء بعض من اصطفاهم اللّه و أيدهم و وهبهم الاذن على القيام بأعمال اعجازية، و قد اقتضت الحكمة الإلهيّة أن يخص كل واحد من رسله و أوصيائه في مختلف العصور بآيات باهرة، و معجزات ظاهرة.

ألا ترى في القرآن الكريم أحوال هؤلاء الأنبياء و المرسلين و الأوصياء: نوح، هود صالح، إبراهيم، موسى، عيسى، داود، سليمان، الى خاتم الأنبياء، كلهم كانوا يبلغون رسالات اللّه، و يتلون آياته من أنباء الغيب و الوحى، و هم الادلاء على مرضاة اللّه، و جاءوا بآيات بينات و معجزات في كل عصر بما شاء اللّه و أذن لهم، دليلا على صدقهم.

و المعجزات كثيرة منها: ما في آيات إبراهيم عليه السلام، بصيرورة النار بردا و سلاما له، و احياء الطيور على يده.

و في آيات موسى عليه السلام اذ قال اللّه تعالى له: أَلْقِ‏ ما في يدك‏ (عَصاكَ) فَإِذا هِيَ‏ حَيَّةٌ تَسْعى‏، تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ، و ما سَحَرُوا به‏ أَعْيُنَ النَّاسِ‏ .

و في‏ تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ‏ له منها: سيلان الدم‏ 1 من غير أن يصيب حيوانا ذا نفس سائلة.

و في آيات عيسى عليه السلام باحياء الموتى من القبور البالية، و صيرورة الطين طيرا كما خلق اللّه «آدم» من تراب.

و في آية داود عليه السلام بإلانة الحديد له من غير أن تذيبه نار.

و في تسخير قوى الجن و الانس و الطير في ملك سليمان عليه السلام، و سيره على عرشه و من حوله بما كان‏ غُدُوُّها شَهْرٌ، وَ رَواحُها شَهْرٌ ، و علمه بمنطق الطير.

و في اتيان وزيره «آصف» عرش ملكة سبأ من قبل أن يرتد إليه طرفه بلا أي جهاز.

هذه و أمثالها معجزات الأنبياء، و آيات اللّه تصديقا لرسالتهم عن ربّ العالمين الذي يقول لشي‏ء: «كن. فيكون».

الخرائج و الجرائح، ج‏1، ص: 3

الرسالة الإلهيّة و الإمامة غير مستغنية عن المعجزات:

فبما أن اللّه الذي خلق (ليعرف و يعبد و يجزى) بدأ خلق الإنسان من طين، ثمّ جعل نسله من ماء مهين‏ 2 فجعله نسبا و صهرا، ثمّ هداهم برسله و كتبه، و وعدهم حياة طيبة في النشأة الآخرة: بأن يحيى جميع موتاهم، ف يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ، كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ، يوم يجمع اللّه فيه الاولين و الآخرين (و النبيين) إِلى‏ مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، قال اللّه عزّ و جلّ:

«يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ، وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ، وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.

وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ قالُوا: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ، وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، و هذا يوم عظيم يحكم بين عباده‏ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ:

اما في جنات النعيم‏ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها،* نِعْمَ الثَّوابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً.

و اما في دركات الجحيم، طعامهم من زقوم، و شرابهم من غسلين، و ساءَتْ مُسْتَقَرًّا .

و بما أن تلك الحقائق التي وعدها اللّه في النشأة الآخرة بعد هذه النشأة الحاضرة المتفانية معارف من غيب الوجود الذي لا ينال بالعقل الذي لا يدرك الا كليا دون الوجود الخارجى، و لا بعلم التلازم بين الشي‏ء و أثره، كآيات تدلّ على وجود البارئ، أو النار و الاحراق، دليلا لميا أو انيا، و لا بالحس الذي لا يدرك الا الموجود الحاضر الملموس.

بل علمه خاصّ بعالم الغيب الذي لا يظهر على غيبه أحدا الا لمن ارتضى من رسول فيوحى إليه من أنبائه.

و بما أن العقول قد بهرت و عجزت عن كنه معرفة اللّه كما قال تعالى: «وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ» و قال عزّ و جلّ في الذين‏ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ: «ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا: ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى‏ بَشَرٍ مِنْ شَيْ‏ءٍ» .

و قالوا: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ، وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ.

و فَقالَ الْكافِرُونَ: هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً و عظاما أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً؟* و قالَ: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ؟ ! 3

و بما أن هذه رسالة الهية، و دعوة دينية غيبية، غير مستغنية عن آية باهرة، و معجزة قاطعة، و حجة بالغة، لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، و لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ‏ .

و بالجملة فلاجل هذا كله فالرسالة الإلهيّة و الإمامة مفتقرة الى الآيات و المعجزات‏

الخرائج و الجرائح، ج‏1، ص: 4

كما قيل للأنبياء في مختلف العصور: «فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» .

و منه قال تعالى: (و سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) .

و قال: فَانْظُرْ إِلى‏ آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ: (الماء) كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى‏

أقول: صفوة الآيات الباهرات في بيان هذا الغيب «المعاد الجسماني في النشأة الآخرة» أن اللّه الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما من الشمس و القمر و ...

أرسل الرياح، ثمّ أنزل من السماء ماء، فأحيا به الأرض بعد موتها، بإخراج زرعها و نباتها و شجرها، فأخرج منها حبا و فواكه مختلفا ألوانها، متشابها و غير متشابه.

فانظر كيف يقلب اللّه الحب نباتا خضرا، لا ترى فيه حبا، ثمّ يخرج منه حبا متراكما مثله فهو قادر على أن يعيد الموتى مرة اخرى من الأرض أحياء، و يجمعهم ليوم الجمع لا ريب فيه.

و أنت ترى اليوم نظير ذلك في أكمل الصناعات البديعة كالاجهزة الكامبيوترية و التلفزيونية كيف يصور في محطاتها المركزية شي‏ء مرئى و مسموع، ثمّ يحول الى قوى و أمواج لا ترى و لا تسمع، ثمّ يحول ثانيا، فيعود كصورته الأولى جريا على استخدام القوى المقدرة في طبائعها.

و بالجملة: هذان المثلان الطبيعي و الصناعى لا يخرقان نواميس الطبيعة بما فيها من القوى و الأسباب، بل هما آيتان، و اعجاز من الخالق لدفع استعجاب هؤلاء الذين يقولون:

أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ‏ خلقا جديدا؟! أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ؟! أو من قال: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ؟!

بلى! فى النشأة الآخرة خلق جديد بمثل الخلق الأوّل‏

«قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ...

أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ «يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ» 4 بَلى‏، وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ، و ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ (و قال:) فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَ ما لا تُبْصِرُونَ، إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ‏ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ. فَيَكُونُ.

عناوين المقدّمة

التعريف بالمؤلّف 4

موطنه 4

اسرته 4

أولاده و أحفاده 5

مكانته العلمية و الاجتماعية 5

أساتذته و مشايخه 6

وفاته و مدفنه 7

آثاره 8

كتاب الخرائج و الجرائح 8

الوجه في تسمية الكتاب 11

أهمية الكتاب، و الاعتماد عليه 11

منتخب الخرائج 11

ترجمة الخرائج و الجرائح 12

التعريف بنسخ الكتاب 12

منهج التحقيق 13

تقدير و عرفان 14

التعريف بالمؤلّف‏

هو فقيه الشيعة و حامي الشريعة، الثقة الخبير، العالم الكبير، الشاعر المتكلّم البصير المعلّم المحدّث المفسّر، العلامة المتبحّر، شيخ الشيوخ أبو الحسين «سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه بن الحسن» المشهور به‏

«قطب الدين الراونديّ»

موطنه‏

لقّب ب «الراونديّ» نسبة إلى «راوند» و هو اسم اطلق على ثلاثة مواضع، هي:

- بليدة بقرب كاشان، و ما زالت تعرف إلى الآن بهذا الاسم.

- ناحية بظاهر نيسابور.

- مدينة قديمة بالموصل، بناها راوند الأكبر بن بيوراسف الضحّاك.

قيل أصلها «راهاوند» أي الخير المضاعف‏ 5 .

قال شيخنا البهائي: الظاهر أنّه منسوب إلى راوند، قرية من قرى كاشان‏ 6 .

و قال الميرزا الأفندي: يمكن أن يكون القطب- هذا- من ناحية نيسابور أيضا 7 .

اسرته‏

كان رضوان اللّه عليه ينتمي إلى اسرة علمية كبيرة، لها مقام اجتماعي جليل و منزلة علميّة مرموقة، بيد أنّها لم تكتسب تلك الشهرة التي تليق بها إلّا بعد نبوغ القطب الراونديّ، حيث لم تسلّط الأضواء على أصول هذه الاسرة سوى وجيزة إجمالية أفادنا بها الميرزا عبد اللّه الأفندي:

صفحه بعد