کتابخانه روایات شیعه
الجزء الثالث
[مقدمة المحقق]
بسم اللّه الرحمن الرحيم
تنبيه حول الأبواب الثلاثة التالية: 18، 19، 20
نتيجة سقوط و ضياع بعض أوراق البابين الثامن عشر و التاسع عشر من أصل نسخة «م» فقد بحثنا عن السقط في نسخ اخرى، منها ثلاث نسخ محفوظة في مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ- و التي أحدها «ه»- و نسخة المدرسة الفيضية، و نسختي جامعة طهران، و ثلاث نسخ محفوظة في المكتبة المركزية العامّة في مشهد المقدّسة، فلم نعثر على هذا السقط إلّا في نسختين من مجموع الثلاث نسخ المحفوظة في المكتبة الأخيرة و هما:
1- النسخة رقم «1677» كتبت بخط النسخ في شهر ذي القعدة سنة خمس و ثمانين و تسعمائة (985 ه) و رمزنا لها ب «د».
2- النسخة رقم «1678» و كتبت بخط النسخ، و هي بدون اسم الناسخ و تاريخ الاستنساخ، و رمزنا لها ب «ق».
و هاتان النسختان متّفقان في أغلب مواضع الاختلاف، بل حتّى في البياضات الموجودة فيهما، ممّا لا يدع مجالا للشكّ أنّهما استنسختا عن نسخة واحدة بعينها أو أنّ إحداهما نسخت عن الأخرى.
علما أنّ العلّامة المجلسي قد أورد هذين البابين في البحار: 92/ 121- 174 نقلا من نسخة سقيمة سيّئة، قال عنها مصحّح البحار في مقدّمته:
«و ممّا كددنا كثيرا في إصلاحه، و تحقيق ألفاظه، و تصحيح أغلاطه باب وجوه إعجاز القرآن، و هو ممّا نقله المؤلّف العلّامة بطوله من كتاب الخرائج و الجرائح للقطب الراونديّ رحمة اللّه عليه، من نسخة كاملة كانت عنده، و لكنّ النسخة كانت سقيمة مصحّفة جدا، و استنسخ كاتب المؤلّف بأمره رضوان اللّه عليه النسخة من حيث يتعلّق ببحث إعجاز القرآن و وجوهه إلى آخره، بما فيها من السقم و الأود و صحّح المؤلّف العلّامة بقلمه الشريف بعض ما تنبّه له من الأغلاط و التصحيفات- عجالة- و ضرب على بعض جملاته الّتي لم يكن يخل حذفها بالمعنى المراد كما ضرب على بعضها الآخر، إذا لم يكن لها معنى ظاهر مراد، أو كانت فيها كلمة مصحّفة غير مقروة و لا سبيل إلى تصحيحها.
ثمّ إنّه رضوان اللّه عليه ضرب على بعض الفصول تماما، و غيّر صورة الأبواب و حذف عناوين الفصول بحيث صار البحث متّصلا متعاضدا ...» إلى آخر كلامه.
فعلى ذلك لا نشير إلى مواضع الحذف و التحريف الموجود في البحار.
و أخيرا أقول:
ليس بعجيب- بل كان لطفا خفيّا منه تعالى- إن قلت: أنّه قبل أن نقف على هذه النقيصة بأيّام جاءني أحد الروحانيين و قال: رأيت في منامي الشيخ قطب الدين الراونديّ يقول: «إنّي لست راضيا عن الطبعات السابقة لكتاب الخرائج و الجرائح فاذهب إلى السيّد الأبطحي في مدرسة الامام المهديّ و قل له: أن يسعى في إخراج الكتاب كاملا».
فالحمد للّه تعالى أولا على أن أشار لي القطب قدّس سرّه.
و ثانيا على أن وفّقني ربّي جلّ و علا لتكميله بما رزقني.
و آخر دعواي: أن الحمد للّه ربّ العالمين أولا و آخرا.
الباب الثامن عشر في أم المعجزات و هو القرآن المجيد
الحمد لله الذي جعل القرآن لنبينا ص أم المعجزات و معظمها و صلى الله على خيرته من خلقه محمد و آله أشرف الصلوات و أعظمها.
و بعد فإن كتاب الله المجيد ليس هو مصدقا لنبي الرحمة خاتم النبيين فقط بل هو مصدق لسائر 4853 الأنبياء و الأوصياء قبله و سائر الأوصياء بعده جملة و تفصيلا و ليست جملة الكتاب معجزة واحدة بل هو معجزات لا تحصى و فيه أعلام عدد الرمل و الحصى لأن أقصر سورة منه إنما هي الكوثر و فيها الإعجاز من وجهين أحدهما أنه قد تضمن خبرا عن الغيب قطعا قبل وقوعه فوقع كما أخبر عنه من غير خلف فيه و هو قوله تعالى إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ 4854 لما قال قائلهم إن محمدا رجل صنبور 4855 و إذا مات انقطع ذكره و لا خلف له يبقى به ذكره
فعكس ذلك على قائله و كان كذلك.
و الثاني من طريق نظمه لأنه على قلة عدد حروفه و قصر آيه يجمع نظما بديعا و أمرا عجيبا و بشارة للرسول و تعبدا للعبادات 4856 بأقرب لفظ و أوجز 4857 بيان و قد نبهنا على ذلك في كتاب مفرد لذلك.
ثم إن السور الطوال متضمنة للإعجاز من وجوه كثيرة نظما و جزالة و خبرا عن الغيوب فلذلك لا يجوز أن يقال إن القرآن معجز واحد و لا ألف معجز و لا أضعافه.
فلذلك خطأنا قول من قال إن للمصطفى ص ألف معجزة أو ألفي معجزة بل يزيد ذلك عند الإحصاء على الألوف 4858 .
[باب في كيفية الاستدلال بالقرآن]
فصل في أن القرآن المجيد معجز
اعلم أن الكلام في كيفية الاستدلال بالقرآن فرع على الكلام في الاستدلال بالقرآن و الاستدلال به لا يتم إلا بعد بيان خمسة أشياء أحدها ظهور محمد ص بمكة و ادعاؤه أنه مبعوث إلى الخلق و رسول إليهم.
و ثانيها تحديه العرب بهذا القرآن الذي ظهر على يده و ادعاؤه أن الله سبحانه أنزله عليه و خصه به.
و ثالثها أن العرب مع طول المدة لم يعارضوه.
و رابعها أنهم لم يعارضوه للتعذر و العجز.
و خامسها أن هذا التعذر خارق للعادة.
فإذا ثبت ذلك فإما أن يكون القرآن نفسه معجزا خارقا للعادة بفصاحته فلذلك لم يعارضوه أو لأن الله سبحانه و تعالى صرفهم عن معارضته و لو لا الصرف لعارضوه و أي الأمرين ثبت ثبتت صحة نبوته ص لأنه تعالى لا يصدق كذابا 4859 و لا يخرق العادة لمبطل 4860 .
[فصل في بعض التساؤلات حول القرآن]
فصل و أما ظهوره ص بمكة و دعاؤه إلى نفسه فلا شبهة فيه بل هو معلوم ضرورة لا ينكره عاقل فظهور هذا القرآن على يده أيضا معلوم ضرورة و الشك في أحدهما كالشك في الآخر.
و أما الذي يدل على أنه ص تحدى بالقرآن فهو أن معنى قولنا إنه تحدى بالقرآن أنه كان يدعي أن الله سبحانه خصه بهذا القرآن و إنبائه 4861 به و أن جبرئيل ع أتاه 4862 به و ذلك معلوم ضرورة لا يمكن لأحد 4863 دفعه و هذا غاية التحدي في المعنى و المبعث 4864 على إظهار معارضتهم له إن كان معذورا 4865 .
و أما الكلام في أنه لم يعارض فهو أنه 4866 لو عورض لوجب أن ينقل 4867 و لو نقل لعلم كما علم نفس القرآن فلما لم يعلم دل على أنه لم يعارض كما يعلم 4868 أنه ليس بين بغداد و البصرة بلد أكبر منهما لأنه لو كان كذلك لنقل و علم.
و إنما قلنا إن المعارضة لو كانت لوجب نقلها لأن الدواعي تتوفر 4869 إلى
نقلها و لأنها لو كانت لكانت هي 4870 الحجة و القرآن شبهة و نقل الحجة أولى من نقل الشبهة.
و أما الذي به يعلم أن جهة انتفاء المعارضة التعذر لا غير فهو أن كل فعل ارتفع عن فاعله مع توفر دواعيه إليه علم إنما 4871 ارتفع للتعذر و لهذا قلنا إن هذه الجواهر و الألوان 4872 ليست في مقدورنا و خاصة إذا علمنا أن الموانع المعقولة مرتفعة كلها فيجب أن 4873 نقطع على ذلك في جهة التعذر لا غير.
و إذا علمنا أن العرب تحدوا بالقرآن فلم يعارضوه مع شدة حاجتهم إلى المعارضة علمنا أنهم لم يعارضوه للتعذر لا غير.
و إذا ثبت كون القرآن معجزا و أن معارضته تعذرت لكونه خارقا للعادة ثبت بذلك نبوته المطلوبة 4874 4875 .
[فصل في الطريق إلى معرفة صدق النبي ص و الوصي ع و بيان شروط مفهوم المعجزات]
فصل و الطريق إلى معرفة صدق النبي ص و الوصي ع ليس إلا ظهور المعجز عليه أو خبر نبي ثابت نبوته بالمعجز.
و المعجز في اللغة ما يجعل غيره عاجزا ثم تعورف في الفعل الذي يعجز القادر عن الإتيان بمثله و في الشرع هو كل حادث من فعل الله أو بأمره أو تمكينه ناقض لعادة الناس في زمان تكليف مطابق 4876 لدعوته أو ما يجري مجراه.
و اعلم أن شروط مفهوم المعجزات أمور منها أن يعجز عن مثله أو عما يقاربه المبعوث إليه و جنسه لأنه لو قدر عليه أو واحد من جنسه في الحال لما دل على صدقه و وصي النبي ع حكمه حكمه و منها: أن يكون من فعل الله تعالى أو بأمره و تمكينه لأن المصدق للنبي بالمعجز هو الله تعالى فلا بد أن يكون من جهته تعالى ما يصدق به النبي أو الوصي و منها: أن يكون ناقضا للعادة لأنه لو فعل 4877 معتادا لم يدل على صدقه كطلوع الشمس من مشرقها.
و منها: أن يحدث عقيب دعوى المدعي 4878 أو جاريا مجراه 4879 و الذي يجري مجرى ذلك 4880 هو أن يدعي النبوة و يظهر عليه معجزا ثم تشيع دعواه في الناس ثم يظهر معجز من دون 4881 تجديد دعوى لذلك 4882 لأنه إذا لم يظهر كذلك لم يعلم تعلقه بالدعوى فلا يعلم أنه تصديق له في دعواه.