کتابخانه ادبیات عرب
(4) قال تعالى يحكى قول فرعون لموسى عليه السّلام:
«إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً».
(5) قال أبو العتاهية:
أ يا من يؤمّل طول الحياة
و طول الحياة عليه خطر
إذا ما كبرت و بان الشّاب
فلا خير فى العيش بعد الكبر
(6) و قال أبو الطيب فى مدح كافور من قصيدة أنشده إياها:
يا رجاء العيون فى كلّ أرض
لم يكن غير أن أراك رجائى
(7) أى بنىّ، أعد علىّ ما سمعت منى.
(8) أمحمد، لا ترفع صوتك حتى لا يسمع حديثنا أحد.
(9) أيا هذا، تنبه فالمكاره محدقة بك.
(10) يا هذا لا تتكلم حتى يؤذن لك.
(2)
ناد من يأتى، مستعملا أدوات النداء استعمالا جاريا على خلاف الأصل من حيث قرب المنادى و بعده، و بين العلل البلاغيّة فى هذا الاستعمال:
(1) غائبا تحنّ إلى لقائه.
(2) سفيها تنهاه عن التعرض للكرام.
(3) منصرفا عن عمله تدعوه إلى الجدّ.
(4) عظيما تخاطبه و ترجوه أن يساعدك.
(3)
ماذا يراد بالنداء فى الأمثلة الآتية:
(1)
أعدّاء ما للعيش بعدك لذة
و لا لخليل بهجة بخليل 706
(2) يا شجاع أقدم (تقوله لمن يتردد فى منازلة العدو).
(3)
دعوتك يا بنىّ فلم تجبنى
فردت دعوتى يأسا عليّا
(4)
باللّه قل لى يا فلا
ن و لى أقول و لى أسائل
أ تريد فى السّبعين ما
قد كنت فى العشرين فاعل
(5)
يا دار عاتكة حيّيت من دار
سيّرت فيك و فيمن فيك أشعارى
(4)
(1) هات مثالين للهمزة المستعملة فى نداء البعيد، و بين السبب فى خروجها عن أصل وضعها فى كل من هذين المثالين.
(2) هات مثالين للمنادى القريب المنزّل منزلة البعيد لعلو مكانته.
(3) هات مثالين للمنادى القريب المنزّل منزلة البعيد لانحطاط منزلته.
(4) هات مثالين للمنادى القريب المنزّل منزلة البعيد لغفلته و شرود ذهنه.
(5) مثل للنداء المستعمل فى التحسر و الزجر و الإغراء.
(5)
انثر البيتين الآتيين نثرا فصيحا و هما لأبى الطيب .. و بين الغرض من النداء:
يا أعدل النّاس إلّا فى معاملتى
فيك الخصام و أنت الخصم و الحكم
أعيذها نظرات منك صادقة
أن تحسب الشّحم فيمن شحمه ورم
القصر تعريفه- طرقه- طرفاه
الأمثلة:
(1) لا يفوز إلّا المجدّ.
(2) إنما الحياة تعب.
(3) الأرض متحرّكة لا ثابتة.
(4) ما الأرض ثابتة بل متحركة.
(5) ما الأرض ثابتة لكن متحركة.
(6) على الرّجال العاملين نثنى.
البحث:
إذا تأملت الأمثلة السابقة رأيت أن كل مثال منها يتضمن تخصيص أمر بآخر، فالمثال الأول يفيد تخصيص الفوز بالمجدّ، بمعنى أن الفوز خاصّ بالمجدّ لا يتعداه إلى سواه. و المثال الثانى يفيد تخصيص الحياة بالتّعب، بمعنى أن الحياة وقف على التعب لا تفارقه إلى الراحة. و هكذا يقال فى بقية الأمثلة.
و إذا أردت أن تعرف منشأ هذا التخصيص فى الكلام، كفاك أن تبحث فى الأمثلة قليلا. خذ المثال الأول مثلا واحذف منه أداتى النفى و الاستثناء، تجد أن التخصيص قد زال منه و كأنه لم يكن. إذا النفى و الاستثناء هما وسيلة التخصيص فيه، و بمثل هذه الطريقة تستطيع أن تدرك أن وسائل التخصص فى الأمثلة الباقية هى: إنما: و العطف بلا، أو بل، أو لكن، و تقديم ما حقه التأخير. و يسمّى علماء المعانى التخصيص المستفاد من هذه الوسائل بالقصر، و يسمون الوسائل نفسها طرق القصر.
ارجع إلى الأمثلة مرة أخرى و ابحث فيها واحدا واحدا: تجد المتكلم فى المثال الأول يقصر الفوز على المجد، فالفوز مقصور، و المجدّ مقصور عليه، و هما طرفا القصر. و لما كان الفوز صفة من الصفات و المجدّ هو الموصوف بهذه الصفة، كان القصر فى هذا المثال قصر صفة على
موصوف، بمعنى أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر. و تراه فى المثال الثانى يقصر الحياة على التعب، فالحياة مقصورة، و التعب مقصور عليه، و لما كانت الحياة موصوفة و التعب صفة لها، كان القصر فى المثال قصر موصوف على صفة، بمعنى أن الموصوف لا يفارق صفة التعب إلى صفة الراحة، و لو أنك تدبرت جميع أمثلة القصر ما ذكر منها هنا و ما لم يذكر، لوجدت كل مثال يشتمل على مقصور و مقصور عليه، و وجدت القصر لا يخلو عن حال من الحالين السابقين. فهو إما قصر صفة على موصوف، و إما قصر موصوف على صفة.
و إذا أردت أن تعرف ضوابط تسهل عليك معرفة كل من المقصور و المقصور عليه فى كل ما يرد عليك، فانظر إلى القواعد الآتية تجد ذلك مفصّلا.
القواعد:
(57) القصر تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص.
(58) طرق القصر المشهورة أربع 707 :
(ا) النّفى و الاستثناء، و هنا يكون المقصور عليه ما بعد أداة الاستثناء.
(ب) إنّما، و يكون المقصور عليه مؤخّرا وجوبا.
(ح) العطف بلا، أو بل، أو لكن، فإن كان العطف بلا كان المقصور عليه مقابلا لما بعدها، و إن كان العطف ببل أو لكن كان المقصور عليه ما بعدهما.
(د) تقديم ما حقّه التّأخير. و هنا يكون المقصور عليه هو المقدّم.
(59) لكلّ قصر طرفان: مقصور، و مقصور عليه.
(60) ينقسم القصر باعتبار طرفيه قسمين:
(ا) قصر صفة على موصوف.
(ب) قصر موصوف على صفة.
تقسيم القصر إلى حقيقى و إضافى
الأمثلة:
(1) لا يروى مصر من الأنهار إلّا النّيل.
(2) إنّما الرّازق اللّه.
(3) لا جواد إلّا علىّ.
(4) إنّما حسن شجاع.
البحث:
قدّمنا لك أن القصر ينقسم بحسب طرفيه إلى قصر صفة على موصوف، و قصر موصوف على صفة، و هنا نريد أن نبين لك أنه ينقسم تقسيما آخر باعتبار الحقيقة و الواقع.
تأمل المثالين الأولين تجد القصر فيهما من باب قصر الصفة على الموصوف، و إذا تدبرت الصفة فى كل من المثالين وجدت أنها لا تفارق موصوفها إلى موصوف آخر مطلقا، فإرواء الأرض المصرية فى المثال الأول صفة لا تتجاوز النيل إلى غيره من سائر أنهار الدنيا، و الرزق فى المثال الثانى صفة لا تتعدى المولى عز و جل إلى سواه، و يسمّى القصر فى هذين المثالين قصرا حقيقيّا، و كذلك كل قصر يختص فيه المقصور بالمقصور
عليه اختصاصا منظورا فيه إلى الحقيقة و الواقع بألا يتعداه إلى غيره أصلا.
انظر إلى المثالين الأخيرين تجد القصر فى أولهما من باب قصر الصفة على الموصوف و فى ثانيهما من باب قصر الموصوف على الصفة، و إذا تدبرت المقصور فى كل منهما وجدته مختصّا بالمقصور عليه بالإضافة (أى بالنسبة) إلى شىء معين، لا إلى جميع ما عداه، فإن المتكلم فى المثال الأول يقصد أن يقصر صفة الجود على علىّ بالنسبة إلى شخص آخر معين كخالد مثلا، و ليس من قصده أن هذه الصفة لا توجد فى غير علىّ من جميع أفراد الإنسان، فإن الواقع خلاف ذلك. و كذلك الحال فى المثال الثانى، و لذلك يسمى القصر فى المثالين قصرا إضافيا، و كذلك كل قصر يكون التخصيص فيه بالإضافة إلى شىء آخر.
القاعدة:
(62) ينقسم القصر باعتبار الحقيقة و الواقع قسمين:
(ا) حقيقىّ 708 و هو أن يختصّ المقصور بالمقصور عليه بحسب الحقيقة و الواقع بألّا يتعدّاه إلى غيره أصلا.
(ب) إضافىّ 709 و هو ما كان الاختصاص فيه بحسب الإضافة إلى شىء معيّن 710 .
نموذج (1)
بيّن فيما يأتى نوع القصر و عيّن كلّا من المقصور و المقصور عليه:
(1) قال تعالى: «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ».
(2) قال تعالى: «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ»؟
(3) قال لبيد:
و ما المرء إلّا كالهلال و ضوئه
يوافى تمام الشهر ثم يغيب
(4) و قال ابن الرّومى فى المدح:
أمواله فى رقاب الناس من منن
لا فى الخزائن من عين و من نشب 711
(5) و قال:
و ما عجبنا و إن أصبحت تعجبنا
أن نجتنى ذهبا من موضع الذّهب
لكن عجبنا لعرف لا نكافئه
و نستزيدك منه أكثر العجب
(6) و قال الغطمّش الضّبىّ 712 :
إلى اللّه أشكو لا إلى الناس أنّنى