البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 270

من قوتها قوة، و أن يكشف عن مهارته فى إحكام الصلة بين كلامه و الكلام الذى أخذه، و هذا النوع يسمى اقتباسا؛ و إذا تأملت رأيت أن المقتبس قد يغيّر قليلا فى الآثار التى يقتبسها كالمثال الثانى إذ الآية: «فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى‏ آثارِهِمْ».

القاعدة:

(69) الاقتباس تضمين النّثر أو الشّعر شيئا من القرآن الكريم أو الحديث الشريف من غير دلالة على أنّه منهما، و يجوز أن يغيّر فى الأثر المقتبس قليلا.

تمرينات‏

(1)

بيّن فى كل اقتباس مما يأتى حسن تأتّى البليغ فى إحكام الصلة بين كلامه و الكلام المقتبس:

(1) اغتنم فودك‏ ⁸⁶³ الفاحم‏ ⁸⁶⁴ قبل أن يبيضّ، فإنما الدّنيا «جدار يريد أن ينقض» ⁸⁶⁵ .

(2) و كتب القاضى الفاضل‏ ⁸⁶⁶ فى الرد على رسالة:

ورد على الخادم الكتاب الكريم فشكره «و قربه نجيّا ⁸⁶⁷ » و رفعه «مكانا عليّا» و أعاد عليه عصر الشباب «و قد بلغ من الكبر عتيّا» ⁸⁶⁸ .

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 271

و قال فى حمام الزّاجل:

و قد كادت أن تكون من الملائكة فإذا نيطت بها الرّقاع‏ ⁸⁶⁹ صارت‏ «أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ».

(4) و من كتاب لمحيى الدين عبد الظاهر ⁸⁷⁰ :

لا عدمت الدولة بيض سيوفه التى‏ «تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ».

(5) و قال الصاحب‏ ⁸⁷¹ :

أقول و قد رأيت له سحابا

من الهجران مقبلة علينا

و قد سحّت غواديها بهطل‏

« حوالينا» الصّدود «و لا علينا » ⁸⁷²

(6)

رب بخيل لو رأى سائلا

لظنّه رعبا رسول المنون‏

لا تطمعوا فى النّزر من نيله‏

« هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ »

(2)

اقتبس الآيات الكريمة الآتية مع إجادة الاقتباس و إحكامه:

(1) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ.

(2) وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.

(3) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.

(4) وَ لا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ.

(5) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 272

(3)

صغ عبارات تقتبس فى كلّ منها حديثا من الأحاديث الشريفة الآتية مع العناية بحسن وضعها:

(1) كلّ معروف صدقة.

(2) إذا لم تستحى فاصنع ما شئت.

(3) الظلم ظلمات يوم القيامة.

(4) الأرواح جنود مجنّدة.

(4)

اشرح قول ابن الرّومى فى الهجاء و بيّن حسن الاقتباس فيه:

لئن أخطأت فى مدحي

ك ما أخطأت فى منعى‏

لقد أنزلت حاجاتى‏

« بواد غير ذى زرع »

(3) السّجع‏

الأمثلة:

(1) قال صلّى اللّه عليه و سلّم:

«اللهمّ أعط منفقا خلفا، و أعط ممسكا تلفا».

(2) و قال أعرابى ذهب بابنه السّيل:

اللهمّ إن كنت قد أبليت، فإنّك طالما قد عافيت.

*** (3) الحرّ إذا وعد وفى، و إذا أعان كفى، و إذا ملك عفا.

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 273

البحث:

إذا تأملت المثالين الأولين وجدت كلّا منهما مركبا من فقرتين متحدتين فى الحرف الأخير، و إذا تأملت المثال الثالث وجدته مركبا من أكثر من فقرتين متماثلتين فى الحرف الأخير أيضا، و يسمى هذا النوع من الكلام سجعا ⁸⁷³ . و تسمى الكلمة الأخيرة من كل فقرة فاصلة، و تسكّن الفاصلة دائما فى النثر للوقف.

و أفضل السجع ما تساوت فقره، و لا يحسن السجع إلّا إذا كان رصين التركيب، سليما من التكلف، خاليا من التكرار فى غير فائدة، كما رأيت فى الأمثلة.

القاعدة:

(70) السّجع توافق الفاصلتين فى الحرف الأخير ⁸⁷⁴ ، و أفضله ما تساوت فقره.

تمرينات‏

(1)

بيّن السجع فى الأمثلة الآتية، و وضّح وجوه حسنه:

(1) قال صلّى اللّه عليه و سلّم:

«رحم اللّه عبدا قال خيرا فغنم، أو سكت فسلم».

(2) و قال الثعالبىّ‏ ⁸⁷⁵ :

الحقد صدأ القلوب، و اللّجاج سبب الحروب‏ ⁸⁷⁶ .

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 274

(3) و قال الحريرى:

ارتفاع الأخطار، باقتحام الأخطار ⁸⁷⁷ .

(4) و قال بعض البلغاء:

الإنسان بآدابه، لا بزيّه و ثيابه.

(5) و قال أعرابى لرجل سأل لئيما:

نزلت بواد غير ممطور، و فناء غير معمور، و رجل غير ميسور، فأقم بندم، أو ارتحل بعدم.

(6) و قال أعرابى:

باكرنا وسمىّ‏ ⁸⁷⁸ ، ثم خلفه ولىّ‏ ⁸⁷⁹ ، فالأرض كأنها ⁸⁸⁰ ، وشى منشور، عليه لؤلؤ منثور، ثم أتتنا غيوم جراد، بمناجل‏ ⁸⁸¹ حصاد، فجردت‏ ⁸⁸² البلاد، و أهلكت العباد، فسبحان من يهلك القوىّ الأكول بالضعيف المأكول.

(2)

(1) اقرأ الرسالة الآتية، و بيّن جمال السجع فيها، ثم حلّها و ابنها بناء آخر لا سجع فيه. كتب ابن الرومى إلى مريض:

أذن اللّه فى شفائك، و تلقّى داءك بدوائك، و مسح بيد العافية عليك، و وجّه وفد السلامة إليك، و جعل علّتك ماحية لذنوبك، مضاعفة لمثوبتك.

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 275

(2) تفهم ما يأتى و هو مما ينسب إلى على بن أبى طالب كرم اللّه وجهه، ثم حله و ابنه بناء آخر مسجوعا:

اتق اللّه فى كلّ صباح و مساء، و خف على نفسك الدنيا الغرور، و لا تأمنها على حال. و اعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحبّ مخافة مكروهه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر.

(3)

بيّن أمن المسجوع أم من المرسل ما يأتى و وضّح السبب:

كتب هشام‏ ⁸⁸³ لأخيه و كان أظهر رغبته فى الخلافة:

أما بعد، فقد بلغنى استثقالك حياتى، و استبطاؤك مماتى، و لعمرى إنك بعدى لواهى الجناح، أجذم الكفّ، و ما استوجبت منك، ما بلغنى عنك.

البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية، النص‏الكتاب، ص: 276

المحسنات المعنوية

(1) التّورية

الأمثلة:

(1) قال سراج الدين الورّاق‏ ⁸⁸⁴ :

أصون أديم وجهى عن أناس‏

لقاء الموت عندهم الأديب‏

و ربّ الشعر عندهم بغيض‏

و لو وافى به لهم «حبيب »

(2) و قال نصير الدين الحمّامى‏ ⁸⁸⁵ :

أبيات شعرك كالقص

ور و لا قصور بها يعوق‏ ⁸⁸⁶

و من العجائب لفظها

حرّ و معناها «رقيق »

(3) و قال الشّابّ الظريف‏ ⁸⁸⁷ :

تبسّم ثغر اللّوز عن طيب نشره‏

و أقبل فى حسن يجلّ عن الوصف‏

هلمّوا إليه بين قصف و لذّة