کتابخانه روایات شیعه
الجزء الأول
[مقدمة التحقيق]
بسم اللّه الرحمن الرّحيم
المقدّمة
بقلم: العلامة الجليل السيّد محمّد بحر العلوم
بين يدي القراء الكرام كتاب جليل، يعتبر من المصادر القيمة في موضوعه و مؤلف هذا الكتاب هو:
أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ، أبو منصور. و تكاد تجمع المصادر على هذا القدر من اسمه و نسبه، الا ابن شهرآشوب فقد ذكره على الوجه التالي «أحمد بن أبي طالب» 1 .
و حذا حذوه الشيخ المجلسي عند ذكره كتاب الاحتجاج، و أعتقد أنّ الشيخ يوسف البحرانيّ حاول توجيه رأي ابن شهرآشوب بقوله: «و قد يعبر عنه بابن أحمد بن أبي طالب الطبرسيّ، و الظاهر أنّه من باب الاختصار في النسب فلا يتوهم التعدّد» 2 .
و لم تحدد لنا المصادر سنة ولادته، كما لم تحدد لنا سنة وفاته، غير أنّ الحجة الثبت شيخنا المحقق أغا بزرك الطهرانيّ يستنتج سنة وفاته من معاصريه و تلامذته و يعده ممن أدركوا أوائل القرن السادس الهجري، بدليل أنه أستاذ رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب الذي توفّي سنة 588 ه عن مائة سنة إلّا عشرة أشهر فهو من أهل الخامسة الذين أدركوا اوائل السادسة أيضا 3 .
و يتجه لغير هذا الرأي كل من عمر رضا كحالة 4 ، و إسماعيل باشا 5 و يعتقدان بأنّه توفي في حدود سنة 620 ه.
و لقد روى مترجمنا عن جماعة، منهم أبو جعفر مهدي بن الحسن بن أبي حرب الحسيني المرعشيّ 6 .
و روى عنه رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب، الذي صرّح بذلك في كتابه 7 بقوله: «شيخي أحمد بن أبي طالب».
و كان موضع اعتماد الشهيد في شرح الإرشاد، فكثيرا ما نقل فتاواه و أقواله 8
و ذكره أعلام المترجمين بكل ما يدلّ على مكانته العلمية، فقد أثنى عليه السيّد ابن طاوس، و وصفه الحر العاملي بأنّه «عالم فقيه فاضل، محدث، ثقة» و تحدث عنه الشيخ يوسف البحرانيّ بقوله: «الفاضل، العالم، المعروف، كان من أجل العلماء، و مشاهير الفضلاء» 9 و اعتبره الخونساري في كتابه: «من اجلاء أصحابنا المتقدمين» 10 و أورد ترجمته عمر رضا كحالة فوصفه بأنّه: «فقيه مؤرخ» 11
و من هذه الفقرات المعدودة نستطيع ان نعرف مكانة مترجمنا العلمية و مدى الثقة التي كان يتسم بها.
و دللت المصادر المترجمة له بأنّه مؤلف قدير، له عدة كتب، فالى جانب كتاب (الاحتجاج) الذي نحن بصدده خلف الكتب التالية: و هي:
1- الكافي في الفقه، او (الكافي من فقه الشيعة).
2- تاريخ الأئمة (ع).
3- فضل الزهراء عليها السلام.
و هذه الكتب و إن لم نعثر عليها فقد أورد ذكرها كل من ابن شهرآشوب و الشيخ عبّاس القمّيّ، و السيّد محسن الأمين العاملي، و عمر رضا كحالة، و إسماعيل باشا 12 .
4- مفاخرة الطالبية.
و قد ذكر هذا الكتاب كل من ابن شهرآشوب، و السيّد الأمين العاملي 13 .
5- كتاب الصلاة.
و انفرد بذكر هذا الكتاب ابن شهرآشوب 14 .
6- تاج المواليد.
و انفرد بذكر هذا الكتاب السيّد محسن الأمين العاملي 15 و قال: «ينقل عنه السيّد النسابة أحمد بن محمّد بن المهنا بن عليّ بن المهنا العبيدلي المعاصر للعلامة الحلي في كتابه «تذكرة النسب» و لكن الشيخ أحمد بن أبي ظبية البحرانيّ في كتابه «عقد اللآل في مناقب النبيّ و الآل» نسبه الى أمين الإسلام أبي علي
فضل بن الحسن الطبرسيّ صاحب التفسير. فقد وقع اشتباه في نسبة الكتاب المذكور اما من العبيدلي، أو البحرانيّ، و كونه من العبيدلي القريب من زمن المؤلّف بعيد».
و لقد وقع نظير هذا الاشتباه الذي يشير إليه المرحوم السيّد الأمين اشتباه آخر في كتاب الاحتجاج نفسه.
فقد نسب بعض المؤلّفين كتاب الاحتجاج الى أبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ، صاحب تفسير مجمع البيان.
و في صدد إثبات هذا الكتاب لأبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسيّ قال الشيخ يوسف البحرانيّ:
«و يظهر من كتاب المجلي لابن أبي جمهور الإحسائي أنّ كتاب الاحتجاج للشيخ أبي الفضل الطبرسيّ. قال في أول البحار بعد نسبة كتاب الاحتجاج لأحمد بن أبي طالب: و ينسب هذا الكتاب الى أبي عليّ الطبرسيّ و هو خطأ، بل هو تأليف أبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ، كما صرّح به السيّد ابن طاوس في كتاب كشف المحجة» 16 .
و قال الخونساري: «و قد غلط صاحب الغوالي، و المحدث الأسترآباديّ غلطا فاحشا يبعد عن مثلهما غاية البعد في نسبة (كتاب الاحتجاج) الى الشيخ ابي علي الطبرسيّ صاحب التفسير، مع ان بينهما بونا بعيدا، و تصريح جمهور الاصحاب و اسنادهم عنه و إليه على خلاف ذلك جدا» 17 .
و قطع السيّد الأمين بالاشتباه، و أضاف بان صاحب رياض العلماء قال: قد توهم بعضهم بان الاحتجاج لصاحب مجمع البيان ابي علي الفضل الطبرسيّ، و هو توهم فاسد» 18 .
و أكد البحرانيّ على صحة نسبة هذا الكتاب لابي منصور أحمد بن علي الطبرسيّ، و نقل عنه السيّد الأمين عن اللؤلؤة قوله: «غلط جملة من متأخري أصحابنا في نسبة كتاب الاحتجاج الى أبي عليّ الطبرسيّ» 19 .
و ادرج كل من الحجة الشيخ آغابزرك الطهرانيّ، و إسماعيل باشا، و عمر رضا كحالة اسم هذا الكتاب في قائمة مؤلّفات أبي منصور الطبرسيّ 20 .
و لعلّ الاشتباه الذي نشأ مرجعه الى اشتراكهما في لقب واحد، و عصر واحد كما صرّح بذلك الشيخ البحرانيّ بقوله: «و ان كان عصرهما متحدا، و هما شيخا ابن شهرآشوب و استاذاه و ظني ان بينهما قرابة» 21 .
و إذا كنا و نحن في صدد التفريق بين هاتين الشخصيتين لاشتراكهما في لقب واحد فمن الجدير ان نذكر أن عدد من اعلام الشيعة يشتركون في هذه النسبة أيضا و هم:
1- أبو منصور، أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ و المعروف بصاحب كتاب (الاحتجاج) و هو الذي نحن بصدد الحديث عنه.
2- أبو عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسيّ، صاحب (تفسير مجمع البيان) المتوفّى سنة 548 ه.
3- أبو نصر، الحسن بن الفضل بن الحسن رضيّ الدين، صاحب كتاب (مكارم الأخلاق) و قد وصفته المصادر بأنّه: كان فاضلا فقيها، محدثا جليلا.
4- أبو الفضل، علي بن الحسن بن الفضل بن الحسن، صاحب كتاب (مشكاة الأنوار) الذي ألفه تتميما لكتاب والده مكارم الأخلاق 22 .
5- أبو عليّ محمّد بن الفضل الطبرسيّ. هكذا ذكره الحرّ العامليّ و وصفه بأنّه «كان عالما صالحا عابدا يروي ابن شهرآشوب عنه عن تلامذة الشيخ الطوسيّ» 23 .
6- الشيخ حسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن الحسن الطبرسيّ، المعاصر للخواجة نصير الدين الطوسيّ 24 .
7- الحاجّ ميرزا حسين بن العلامة محمّد تقيّ النوريّ الطبرسيّ صاحب كتاب (مستدرك الوسائل) المتوفى عام 1320.
و هناك عدد آخر و لكننا اخترنا المشهورين منهم.
و الطبرسيّ: نسبة الى طبرستان، و هي التي تعرف بمازندران بل قد يقال: طبرستان على جميع تلك البلاد، حتى يشمل استرآباد، و جرجان و نحوها و هي واقعة على طرف بحر الخزر، و تعرف ببحيرة طبرستان.
و طبر: بالفارسية الفاس، و هي من كثرة اشتباك اشجارها لا يسلك فيها الجيش إلّا بعد ان يقطع بالطبر الأشجار من بين ايديهم.
و آستان: الناحية بالفارسي، فسميت طبرستان، أي ناحية الطبر.
و نقل عن صاحب تاريخ قم المعاصر لابن العميد: ان طبر معرب، و هي ناحية معروفة بحوالي قم، و ان الطبرسيّ (أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ) و سائر العلماء المعروفين قد كانوا أهل هذه الناحية 25 .
و الكتاب الذي نحن بصدده، يعتبر من المصادر المحترمة في بابه، و لعلنا نستطيع من خلال الفقرات التي سنوردها- و التي تتضمن آراء الاعلام فيه- نلمس مدى اهميته، و وزنه العلمي.
قال البحرانيّ: «قال المجلسي في اول البحار انه قال في الفصل الثاني: و كتاب الاحتجاج و ان كان أكثر اخباره مراسيل لكنه من الكتب المعروفة و قد أثنى السيّد ابن طاوس على الكتاب و قد اخذ عنه أكثر المتأخرين» 26 .