کتابخانه روایات شیعه
مدينة معاجز الأئمة الإثني عشر
الجزء الأول
مقدّمة التحقيق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، و الصلاة و السلام على سيّدنا محمد المصطفى، خاتم الأنبياء و المرسلين، و آله البررة الكرام الطيّبين الطاهرين.
و اللّعن الدائم على أعدائهم أجمعين، من الأوّلين و الآخرين إلى يوم الدين.
و بعد:
فإنّ القلوب السليمة، و الأفكار المستقيمة تستشرق إلى معرفة البدايات، و تشرئبّ إلى إدراك المنشآت، لأنّها كثيرا ما تجد للحدث التاريخي الذي كان قبل ألف سنة مثلا، آثارا بارزة حتى في واقع حياتها اليوميّة الحاضرة، و من تدبّر مجاري الأمور، و مبادئ الليل و النهار صار كأنّه عاصر تلك العصور، و باشر تلك الأمور، و إليه وقعت الإشارة الإلهيّة إلى نبيّه- صلّى اللّه عليه و آله- بقوله وَ كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَ جاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ 1 .
و قال سبحانه: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَ حَصِيدٌ 2 .
و قال عزّ من قائل: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ 3 .
و أمر سبحانه و تعالى نبيّه- صلّى اللّه عليه و آله- بتحديث القصص، فقال:
فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 4 .
و قال أمير المؤمنين- عليه السلام- في وصيّة لابنه الحسن- عليه السلام- كما في النهج: «أحي قلبك بالموعظة ... إلى أن قال: و أعرض عليه أخبار الماضين، و ذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين، و سر في ديارهم و آثارهم، فانظر فيما فعلوا، و ممّا انتقلوا، و أين حلّوا و نزلوا ... أي بنيّ إنّي و إن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم و فكّرت في أخبارهم و سرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأنّ بما انتهى إليّ من امورهم قد عمّرت مع أوّلهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، و نفعه من ضرره» 5 .
فمن هنا تبرز أهمّيّة التاريخ، و نعرف مدى تأثيره في حياة الأمم، و نعرف أيضا لما ذا عنيت الأمم على اختلافها بتاريخها تدوينا، و درسا، و بحثا، و تحليلا، فهي تريد أن تتعرّف من ذلك على واقعها الذي تعيشه، لتستفيد منه في مستقبلها الّذي تقدم عليه.
فالتاريخ كلّه عبرة، و فكرة، و تنبّه، لا سيّما إذا كان مرتبطا بحياة الأولياء الصالحين و بمعاجزهم الباهرة و آياتهم البيّنة التي بها أقيم الدين، و بها بهت المعاندون و التزموا و وقع التحدّي و تمّت الحجّة على الناس، و في ذلك هدى و كفاية لمن كان له قلب سليم أو ألقى السمع و هو شهيد.
و ممّن نال في ذلك بالحظّ الوافر العلّامة حقّا، خرّيت الحديث، و نابغة الرواية، عيلم الفضل، ربّاني العلماء السيّد هاشم البحراني- رحمة اللّه عليه-، فإنّه بذل في هذا المقام جهده.
«اسمه و نسبه الشريف»
السيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن السيّد ناصر الحسيني البحراني التوبلي الكتكاني- رحمه اللّه-.
كان- رضوان اللّه تعالى عليه- من أولاد السيّد المرتضى «علم الهدى»- رضوان اللّه عليه- و باقي نسبه إلى السيّد المرتضى مذكور على ظهر بعض كتبه 6 ، و من السيّد المرتضى إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم- عليه السلام- كما هو معلوم.
«ولادته و وفاته»
لم يحدّد أحد من المحقّقين يوم و سنة ولادته بدقّة، و لم نقف- بعد التّتبع و التحقيق- على تفصيلات مهمّة كثيرة تكشف لنا عن مراحل حياة هذا العالم الكبير.
و أمّا وفاته فكانت سنة (1107) أو (1109) من الهجرة، في قرية نعيم، و نقل جثمانه الشريف إلى قرية توبلي، و دفن بها، و قبره اليوم مزار عظيم معروف.
«مشايخه و أساتذته»
1- السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس الأسترآبادي، كان من أجلّة تلاميذ الشيخ البهائي و المجازين منه، يروي عنه السيّد البحراني إجازة بالمشهد المقدّس الرضوي كما نصّ عليه في آخر كتاب تفسيره الموسوم ب «الهادي و مصباح النادي»، و قال في وصفه: السيّد الفاضل التقي، و السند الزكي 7 ،
و نص أيضا في آخر «تفسير البرهان» على إجازته، و قال: أخبرني بالإجازة عدّة من أصحابنا منهم: السيّد الفاضل التقي الزكي السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس بالمشهد الشريف الرضوي على ساكنه و آبائه و أولاده أفضل التحيّات، و أكمل التسليمات، عن الشيخ المتبحّر المحقّق، مفيد الخاصّ و العامّ، شيخنا الشهيد محمد العاملي الشهير ببهاء الدين ....
و له من المصنّفات رسالة في وجوب صلاة الجمعة عينا 8 .
2- الشيخ فخر الدين الطريحي بن محمد علي بن أحمد النجفي الفقيه الأصولي اللغوي المحدّث، ولد بالنجف سنة (979)، و توفّي بالرماحية سنة (1085 ه).
قال السيّد البحراني في «مدينة المعاجز»: أدركته بالنجف، و لي منه إجازة 9 .
«تلامذته و الراوون عنه»
1- الشيخ أبو الحسن شمس الدين سليمان الماحوزي المعروف بالمحقّق البحراني، ولد ليلة النصف من شهر رمضان سنة (1075)، و توفّي في اليوم السابع عشر من رجب سنة (1121 ه).
2- الشيخ علي بن عبد اللّه بن راشد المقابي البحراني المستنسخ لكتب استاذه، منها: «حلية الأبرار» و «حلية النظر»، استنسخهما سنة (1099 ه)، و النسختان بخطّه موجودتان في الرضويّة 10 .