کتابخانه روایات شیعه
الجزء الأول
[مقدمة المصحح]
بسمه تعالى
نبذة من حياة المصنّف «قده»
هو الشيخ الأجل أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ «قده». قال العلامة في الخلاصة: محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ أبو جعفر نزيل الرى شيخنا و فقيهنا و وجه الطائفة بخراسان ورد بغداد سنة خمس و خمسين و ثلاثمائة و سمع منه شيوخ الطائفة و هو حدث السن كان جليلا حافظا للاحاديث بصيرا بالرجال ناقلا للاخبار لم ير في القميين مثله في حفظه و كثرة علمه و عمله، له نحو من ثلاث مائة مصنف ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير مات سنة احدى و ثمانين و ثلاث مائة «انتهى».
اقول: ولد هو و أخوه الحسين بدعوة صاحب الامر روحى له الفداء على يد السفير الحسين بن روح فانه كان الواسطة بينه و بين عليّ بن الحسين بن بابويه.
و في الفهرست: و له نحو ثلاث مائة مصنف، انا أذكر ما يحضرنى في الوقت من أسماء كتبه منها كتاب دعائم الإسلام في معرفة الحلال و الحرام و كتاب المقنع و كتاب المرشد و كتاب الفضائل و كتاب المواعظ و الحكم و كتاب السلطان و كتاب فضل العلوية و كتاب المصادقة و كتاب الخواتم و كتاب المواريث و كتاب الوصايا و كتاب غريب حديث النبيّ و الأئمّة و كتاب الحذاء و الخف و كتاب حذو النعل بالنعل و كتاب مقتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب و رسالة في اركان الإسلام الى أهل المعرفة و الدين و كتاب المحافل و كتاب الوضوء و كتاب علل الحجّ و كتاب علل الشريعة و كتاب الطرائف و كتاب نوادر النوادر و كتاب في أبى طالب و عبد المطلب و عبد اللّه و آمنة بنت وهب و كتاب الملاهى و كتاب العلل غير مبوب و رسالة في الغيبة الى أهل الرأى و
المقيمين بها و غيرهم و كتاب مدينة العلم أكبر من من لا يحضره الفقيه و كتاب من لا يحضره الفقيه و كتاب التوحيد و كتاب التفسير لم يتمه و كتاب الرجال لم يتمه و كتاب المصباح لكل واحد من الأئمّة و كتاب الزهد لكل واحد من الأئمّة و كتاب ثواب الاعمال و كتاب عقاب الاعمال و كتاب معاني الأخبار و كتاب الغيبة كبير و كتاب دين الإماميّة و كتاب المصباح و كتاب المعراج و غير ذلك من الكتب و الرسائل الصغار و لم يحضرنى أسمائها اخبرنى بجميع كتبه و رواياته جماعة من أصحابنا منهم الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان و أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه و أبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة و أبو زكريا محمّد بن سليمان الحمرانى كلهم عنه.
و في تعليقه المحقق البهبهانى: ذكر المحقق البحرانيّ في حاشية البلغة نقل المشايخ معنعنا عن شيخنا ب هو و قد كان سئل عن ابن بابويه فعدله و وثقه و أثنى عليه
و في حاشية اخرى له: كان بعض مشايخنا يتوقف في وثاقة شيخنا الصدوق عطر اللّه مرقده؟! و هو غريب مع انه رئيس المحدثين المعبر عنه في عبارات الاصحاب بالصدوق و هو المولود بالدعوة الموصوف في التوقيع بالمقدس الفقيه و صرّح في المختلف بتعديله و توثيقه و قبله ابن طاوس في كتاب فلاح السائل و غيره، و لم أقف أحدا من الاصحاب يتوقف في رواياته إذا صح طريقها بل رأيت جمعا من الاصحاب يصفون مراسيله بالصحة و يقولون: انها لا تقصر عن مراسيل ابن أبي عمير منهم العلامة في المختلف و الشهيد و السيّد المحقق الداماد «انتهى»
و قال العلّامة المجلسيّ: و وثقه ابن طاوس صريحا في كتاب النجوم بل وثقه جميع الاصحاب لما حكموا بصحة أخبار كتابه و ظاهر كلامه صلوات اللّه عليه في التوقيع توثيقهما، فانهما لو كانا كاذبين لامتنع ان يصفه المعصوم بالخيرية. «انتهى» و ما أكثر الشواهد على جلالته و وثاقته و فقاهته؟! و قد نقل عن الشيخ جعفر الرازيّ في رسالة منفردة جمع فيها الفوائد المقتبسة من درر مقالاته في مجلس ركن الدولة ذكر صورة المجلس القاضي نور اللّه في كتاب المجالس بالفارسية نذكر ترجمتها بالعربية فقال:
لما اشتهر فضائل الشيخ الصدوق بين الاقاصى و الادانى بلغت صيت رئاسته و اجتهاده في مذهب الشيعة الاثنى عشرية الى السلطان ركن الدولة. فاشتاق الملك صحبة الملاقاة
فالتمس منه قدومه الى حضرته، فجاء في مجلسه و اكرمه و آواه الى جنبه و أجله و عظمه، فلما استقر المجلس خاطبه بان فضلاء المجلس مختلفون في وجوب طعن الشيعة و جوازه و عدمه، فما رايك في هذه المسألة؟ فشرع الشيخ في الجواب، فقال: اعلم ان اللّه تعالى لا يقبل من عباده الإقرار بالتوحيد حتّى ينفوا الغير كما ينطق به كلمة لا إله الا اللّه و كذا لا يقبل منهم الإقرار بنبوة خاتم الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله حتّى ينفوا غيره من الذين يدّعون النبوّة في كل وقت كمسيلمة الكذاب و الأسود العنسى و السجاح و أضرابهم، و كذلك لا يقبل اللّه منهم الإقرار بامامة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الا بعد نفى كل أحد تصدى في زمنه بالتغلب و التجبر لأمر الخلافة، فاستحسنه الملك، فعاد له الكلام و قال:
اطلب و اشتهى منك ان تخبر عن حقيقة الحال و مآل امر من تصدى الخلافة على طريق الجلافة؟!
فقال: ان حقيقة حالهم ان الإجماع من الأمة منعقد على قصة سورة البراءة و هي مشتملة على خروج المتغلب الأول عن ربقة الإسلام و هو ليس من منسوبى خير الأنام و على ان امامة المولى أمير المؤمنين عليه السّلام منزلة من السماء، ثمّ سئل الملك من تفصيل القصة و كيفيتها؟ فقال: ان نقلة الآثار و حكاة الاخبار من المخالف و المؤالف اتفقوا على ان صورة البراءة لما نزلت فطلب الرسول صلّى اللّه عليه و آله أبا بكر فقال: خذ هذه السورة و اذهب بها الى مكّة في موسم الحجّ فاخذها و سافر إليها، فلما قطع بعض الطريق نزل امين ربّ العالمين عليه السّلام، فقال: يا محمّد ان اللّه يسلمك و يقول: لا يؤدى عنك الا أنت أو رجل منك، فأمر أمير المؤمنين عليه السّلام ان يبلغ الى أبى بكر و يأخذ الأمانة يعنى السورة، فذهب عليه السّلام على أثره فأخذها و بلغها الى أهل مكّة في الموسم، و من الواضح ان أبا بكر إذا لم يكن من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمقتضى الخبر؛ فليس تابعا له أيضا لقوله تعالى:
فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي و من لم يكن تابعا فلا يكون محبا له صلّى اللّه عليه و آله لقوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ و من لم يكن محبا فهو مبغض له، و حبّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معناه الايمان به و بغضه الكفر بما أتى به، فدل الخبر ان على بن أبي طالب عليه السّلام منه صلّى اللّه عليه و آله كما عليه روايات أخر
منها الخبر المروى في تفسير قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ
شاهِدٌ مِنْهُ من ان البينة نفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الشاهد التالى له أمير المؤمنين عليه السّلام
و منها النبوى: طاعة على كطاعتى و معصيته معصيتى.
و منها انهم رووا ان جبرئيل في غزوة أحد نظر الى أمير المؤمنين عليه السّلام يجاهد بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال جبرئيل: يا محمّد هذه منه في غاية النصرة و الاعانة بفداء النفس لك؛ فقال صلّى اللّه عليه و آله: انه منى و أنا منه، فقال جبرئيل: أنا منكما، فاعلم ان من لم يكن أمينا في عمل آية من آيات الكتاب فكيف يصلح أن يكون أمينا في تبليغ تمام آياته و احكام اللّه الى الأمة و اماما و حجة على الناس و خليفة في أرضه و قد عزله اللّه تعالى من السموات العلى و غصب هو خلافة من نزل في حقه الولاية فصار مظلوما في الأرض؟!
فقال الملك: ما أفدته واضح جلى؛ فاستاذن بعض الحضار القائمين المقربين عند الملك من سؤال عن الشيخ «قده» فأذنه.
فقال: أيها الشيخ كيف يصير و يرضى اللّه تعالى أن يجتمع الأمة على الضلالة و الجهالة و قد قال الرسول صلّى اللّه عليه و آله: لا تجتمع أمتى على الضلالة؟! فأجاب الشيخ: بان الأمة في اللغة الجماعة و أقلها الثلاثة و قيل: ان اقلها رجل و مرأة و قد أطلق اللّه تعالى الأمة على رجل واحد كما قال اللّه تعالى في شان الخليل عليه السّلام: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً فيحتمل على فرض صحة الخبران المراد من لفظ الأمة فيه أمير المؤمنين عليه السّلام و تابعوه فقال السائل: كان الانسب حمل الأمة على السواد الأعظم الذي بحسب العدد أكثر، فقال الشيخ:
ان الكثرة على حسب ما رأيناه في مواضع عديدة مذمومة كما ان القلة ممدوحة قال اللّه تعالى: