کتابخانه روایات شیعه
هوية الكتاب
الكتاب: «المزار» في كيفيّة زيارات النبي و الأئمة الأطهار عليهم السّلام
المؤلف: الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي الجزيني «الشهيد الأول»
التحقيق و النشر: في مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام
بإشراف: سماحة السيد محمد باقر نجل آية ا ... المرتضى الموحد الأبطحي الإصفهاني
الطبعة: الأولى
المطبعة: «أمير» قم المقدسة
الكمية: 400 نسخة
التاريخ: شهر ذي الحجة 1410 ه
تلفون: 33060
جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة
الإهداء
إلى الطائف حول بيت اللّه في كلّ عام، و الشاهد و المؤمّن على دعاء المؤمنين إلى زائر و وارث أضرحة آبائه و أجداده الميامين بقيّة اللّه و خليفة رسول ربّ العالمين
و إلى الأفئدة التي هوت إلى مشاهد الأولياء و المعصومين لتنهل من كراماتها متأسية بفعال الأوّلين
و إلى القلوب الظمأى للثم أضرحة الأوّلين المكرمين
نقدم هذا الكتاب الثمين
المقدمة:
الحمد للّه الذي لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و الشواهد، و لا تحويه الأماكن و المشاهد، الذي أكرم عباده بزيارة حرمه و استلام حجر بيته التالد، و أشهدنا آياته في مشاهد أصفيائه و أوليائه سادات القواعد ... فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ ، نبرأ فيها من كلّ معبود إلا إيّاه، و لا نرجو فيها خلاه، و لا نؤمّل أحدا سواه، و لا نبتغي به بدلا، بل وسيلة إليه بالولاية و المودة في القربى.
و صلوات اللّه و سلامه على أفضل زوره، و خاتم أنبيائه الذي أسرى به لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (ليريه من آياته)، ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى، فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ، ... لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى .
و على بضعته و أوّل أهل بيته لحوقا به، و المدفونة بجواره فاطمة الزهراء عليها السلام و على وصيّه الذي بلّغ فيه رسالات ربّه كما أمره «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ...»
فَقَالَ: أَ لَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ... فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ ..
و على الأئمة و الأوصياء المصطفين المعصومين، حجج اللّه في العالمين، أعلام الدين و النور المبين، سيّما خاتم الوصيّين و خليفة اللّه في الأرضين «المهديّ» عليه السّلام الذي سيظهر باذن اللّه تعالى ليملأ الارض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، و يظهره على الدين كلّه، فيزوره عيسى عليه السّلام و يصلّي خلفه.
و بعد، فانّ زيارة أضرحة المؤمنين، و الاستيناس بأرواحهم، و السّلام عليهم، و التكلّم معهم، و الاستغفار لهم سنّة نبويّة؛ و أمّا الحضور في المشاهد المقدّسة و في بيوت دفن فيها رسول اللّه و أوصياؤه صلوات اللّه عليهم التي تتعلق بها أطايب النفوس الملكوتيّة، و تختلف إليها الملائكة الرحمانيّة، فهو- بعد زور بيت اللّه الحرام 1
عظيم و تعظيم لشعائر اللّه 2 ، و إنّه من المودّة في القربى التي جعلها اللّه أجر الرسالة 3 و من مظاهر الولاية التي أتمّ اللّه بها نعمة الهداية، بل هو باب عرفان بذكرى آياته و شعائره و كلماته و تراجمة وحيه، و نظر في أحوال صفوة عباده الذين أورثهم علم كتابه، و جعلهم أئمّة يهدون بأمره.
و لا مشاحّة أنّ مسألة بناء قبور الأولياء و الصالحين و تشييدها و تعظيمها كانت مألوفة عند الامم السابقة، فهذه كتب التراجم و التاريخ تخبرنا بأنّ العديد من القبور قد اتخذت أماكن يتبرّك بها 4 بل إنّ القرآن المجيد يحدّثنا عن قصّة أصحاب الكهف، و أنّ الذين غلبوا على أمرهم قالوا: «لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً» 5 فاذا كان هذا- عزيزي القارئ- تجليل أصحاب الكهف و غيرهم لأنّهم من آيات اللّه، فتجليل و تعظيم آل النّبي صلوات اللّه عليهم أجمعين أولى و أوجب لأنّهم أعلام آيات اللّه، و أنّهم الذين اختصّوا بالعصمة و بانتمائهم و انتسابهم إليه صلى اللّه عليه و آله، و أنّ لحمهم لحمه، و دمهم دمه، و حربهم حربه، و سلمهم سلمه، و أنّه صلّى اللّه عليه و آله يحبّهم و يحبّ من يحبّهم، و ببغض من يبغضهم، ناهيك عن وجوب مودّتهم كما تقدّم.
و حريّ بنا الإشارة هنا إلى لطف من ألطافه تعالى و هو أن شفاعة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و استغفاره للمؤمنين أمر لا يقتصر على الحياة الدنيويّة التي عاشها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين ظهرانيهم فحسب، بل إنّه حكم عامّ شامل على ما يستفاد من آيات الذكر الحكيم و الأخبار التي صرّحت بحياة الأنبياء و الأوصياء و الأولياء و آخرين- في البرزخ، و أنّهم يسمعون و يبصرون تماما كما في حياتهم الدنيا، و كذلك على
مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ 6 ».
وَ رَوَى السَّمْعَانِيُّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ أَعْرَابِيّاً جَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ دَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ، وَ حَثَا مِنْ تُرَابِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ فَسَمِعْنَا قَوْلَكَ، وَ وَعَيْتَ عَنِ اللَّهِ فَوَعَيْنَا عَنْكَ، وَ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْكَ «وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ ...» وَ قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ جِئْتُكَ تَسْتَغْفِرُ لِي إِلَى رَبِّي.
فَنُودِيَ مِنَ الْقَبْرِ أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَكَ 7 .
و صفوة القول أنّ التوسل و الخضوع و التواضع أمام العتبات المقدّسة التي يضمّ ثراها نبيّا أو معصوما أو وليّا من الصالحين هو في حقيقته توسّل و خضوع و تواضع للخالق تبارك و تعالى، و ليسوا هم إلّا وسيلة كالصلاة و الصوم و بقية العبادات و الطاعات التي يتوسّل بها إليه تعالى امتثالا لقوله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» 8 .
و أنّ زائرهم حقّا لا يأتي إلّا بقلب سليم، و لا يسير إلّا في قرى قدّر اللّه السير فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ ، إلى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ .
فلا يدعو الزائر إلّا اللّه، و لا يذكر إلّا عباد الرحمن، فانّهم أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، و يردّون إلى مشاهدهم، ليروا و يسمعوا و يستغفروا لزورهم.
فيقول الزائر: السّلام عليك يا نبيّ الرحمة أتيناك زائرين لنكون عندك و مع الصادقين، و لا يعذّبنا اللّه و أنت فينا، وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً إذ قال: «و ما كان اللّه ليعذّبهم و أنت فيهم» و قال: «وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً» .
جئناك مستغفرين، و قد سبقنا إخوة يوسف إذ جاءوا أباهم، قالوا:
«يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا» .
فقال: «سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» .
فيا وجيها عند اللّه، اشفع لنا عند اللّه، بحقّ من باهلت بهم أعداء اللّه.
التعريف بالمؤلف:
هو أبو عبد اللّه شمس الدين محمد بن الشيخ جمال الدين مكي بن الشيخ شمس الدين محمد بن حامد بن أحمد المطلبي العاملي النباطي الجزيني المعروف ب «الشهيد الأوّل» و «الشهيد المطلق» و هو أوّل من اشتهر بهذا اللقلب من فقهاء الإمامية.
ينتهي نسبه من جهة الأم إلى سعد بن معاذ سيّد الأوس.
ولد في «جزين» عام 734 ه. و استشهد بدمشق ضحى يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى عام 786 ه رضوان اللّه تعالى عليه.
فضله أشهر من أن يذكر، و جهاده و نبله لا ينكر، فقد أغنى التراث و فيه أثّر، و مؤلّفاته إلى اليوم تشعّ و تزهر، و كلّ المسلمين به تفخر.
و قد ذكرنا ترجمته و أقوال العلماء فيه، و مؤلّفاته، و قصّة شهادته عند تحقيقنا لكتابه الموسوم ب «الأربعين» فنحيل القارئ الكريم إليها حذرا من التكرار.
الكتاب و نسخه و عملنا فيه:
الكتاب الذي بين يديك- عزيزي القارئ- هو كتاب «المزار» من مصنفات الشهيد الأوّل (ره) و قد وجدنا من خلال تتبّعنا و تحقيقنا له أنّ البعض قد عدّه من مؤلّفات الشيخ المفيد (ره) و تردّد بعض آخر بينهما، كما أنه في بعض فهارس مخطوطات المكتبات موجود باسم «المزار» فقط دون أن ينسب لأحد.
قال الشيخ آغا بزرك في الذريعة: 20/ 325 رقم 3226:
«مزار المفيد» للشيخ المفيد (م 413) في زيارة النبي و الأئمّة عليهم السّلام أوّله:
«يا من جعل الحضور في مشاهد أصفيائه ذريعة إلى الفوز بدرجات ...» و قال: كذا في «كشف الحجب» 9 و عبّر عنه النجاشي بالمزار الصغير ...
ثم ذكر أبواب و فصول كتابنا هذا- مزار الشهيد-.