کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

طب النبي صلى الله عليه و آله و سلم


صفحه قبل

طب النبي صلى الله عليه و آله و سلم، ص: 3

[مقدمة الخرسان‏]

بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

لقد اهتمت الشريعة الإسلامية بحفظ الصحة اهتماما بالغا حتّى اشتهر عن صاحب الرسالة صلّى اللّه عليه و آله قوله:

(لا خير في الحياة إلّا مع الصحة) و قوله صلّى اللّه عليه و آله:

(ان في صحة البدن فرح الملائكة و مرضاة الرب و تثبيت السنة)

و كم له صلّى اللّه عليه و آله من كلمات حث بها المسلمين على مراعاة الصحة في ابدانهم في مختلف شئونها و فروعها، و لم تدرك يومئذ اسرار تلكم النصائح فقبلوها على انها لا تخلو عن حكمة، و ربما فسروا بعضها تفسيرا بعيدا، او خاطئا لقلة ما يعنيهم على معرفة كنها و انعدام وسائل الاكتشافات الطبية الحديثة.

و إن كلمة واحدة من كلمه الطيب صلّى اللّه عليه و آله قالها للطبيب الذي ارسله المقوقس صاحب مصر مع ما ارسله من الهدايا، فبقي الطبيب برهة لم يراجعه أحد في فنه، فسأل النبيّ عن سر ذلك، فقال صلّى اللّه عليه و آله: (نحن قوم لا نأكل حتّى نجوع، و إذا أكلنا لا نشبع)، هذه‏

طب النبي صلى الله عليه و آله و سلم، ص: 4

الكلمة ادهشت العالم الانكليزي مستر (داز) فقال مبديا اعجابه بالنبي صلّى اللّه عليه و آله: (و يكفي ان قوله المأثور نحن قوم لا نأكل حتّى نجوع، و إذا أكلنا لا نشبع) و هو الاساس الذي بنى عليه علم الصحة و لا يستطيع الاطباء على كثرتهم و مهارتهم ان يأتوا اليوم بنصيحة اثمن من هذه).

و هكذا كل كلماته و تشريعاته صلّى اللّه عليه و آله التي تعتبر بحق هي اساس الصحة، فانه قد عالج الأمراض النفسية و العصبيّة العضوية و الجراحية بشتى العلاج، و منه الوسائل الوقائية، كالصيام و اجتناب اتيان النساء في المحيض و تحريم الميتة و الدم و لحم الخنزير و الخمر و غير ذلك من الوسائل ببيان يتناسب و عقلية المجتمع يومئذ، فمثلا نجده صلّى اللّه عليه و آله تناول الصحة الغذائية باحاديثه الكثيرة، و ما للأصناف المختلفة من الفواكه و الخضر و الحبوب و البقول و اللحوم و غير ذلك، بل و حتّى أنواع الطيب و سائر المشروبات من فوائد و ما قد ينجم عن استعمالها بصورة غير صحيحة من مضار، و ما يترتب على استعمالها بصورة صحيحة من صحة و نمو يوفران للجسم أداء وظائفه الحيوية و النفسية.

بل و يمكن القول انه صلّى اللّه عليه و آله فرض قوانين العزل و المحاجر الصحية بكلمة واحدة استفاد منها اعلام الطبّ ذلك و تلك هي‏

طب النبي صلى الله عليه و آله و سلم، ص: 5

كلمته صلّى اللّه عليه و آله: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا منها) فقد اعتبر أطبّاء الإسلام هذا الحديث فتحا جديدا فدرسوه و تعمقوا في دراسته حتّى وضعوا على ضوئه قوانين العزل و المحاجر تجنبا من العدوى.

و ان اقواله صلّى اللّه عليه و آله (المعدة بيت الداء، و الحمية رأس الدواء)، (المعدة حوض البدن و العروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة و إذا سقمت صدرت العروق بالسقم) (ما ملأ* ابن آدم وعاء شرا من بطنه يحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فان كان لا محالة فثلث لطعامه، و ثلث لشرابه، و ثلث لنفسه)، (إياكم و البطنة فانها مفسدة للبدن و مورثة للسقم و مكسلة عن العبادة).

فهذه المجموعة الطيبة الطبية أكدت باصرار على ضرر التخمة و النهم، و انهما اساس الداء، و إنها لتستمد ذلك من قوله تعالى‏ (كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا) و لقد قررت ابحاث الطبّ العلاجي و الوقائى ان اعظم قاعدة لحفظ الصحة هي العمل بالآية الشريفة، كما و قد ثبت طبيا ان النهم و التخمة و الشره أسباب تفتك بالمعدة و تحطم الكبد و تفنى القلب، و تسبب تصلب الشرايين، و الذبحة الصدرية، و ارتفاع ضغط الدم، و البول السكري، و غير ذلك من الأمراض الفتاكة، و انه لا وقاية من ذلك و لا

طب النبي صلى الله عليه و آله و سلم، ص: 6

علاج لها إذا أصيب بها الإنسان- و العياذ باللّه- إلا الحدّ من شهوة الأكل و عدم الإسراف فيه و في الشرب.

و نظرا لما يعتقده المسلمون كافة بما صح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الطبّ و انه انجع العلاج و أصدقه حيث ان صاحبه قد استمده عمن اوجد الداء و الدواء، و قدر المرض و الشفاء، إذ انه صلّى اللّه عليه و آله لا يشبه سائر الاطباء، فانهم يمكنهم ان يعرفوا سير الأمراض و مدتها، و سببها و علاجها بمعرفتهم بعض السنن الطبيعية، فان اصابوا فهو المطلوب، و ان أخطئوا فلنقص في علمهم، و اما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلا يمكن ان نتصور فيه ذلك لأنّه مستمد في علمه من المبدع الأول لخلق الإنسان.

العالم به من يوم هو نطفة إلى ان يأتي عليه اجله، و قد استعرض القرآن الكريم كثيرا من الأبحاث الطبية كعلم الاجنة و التشريح و علم الصحة الغذائى و العلاج الوقائى، و غير ذلك ممّا لا يسع المقام بيانه و لا يعرف القرآن إلّا من خوطب به.

صفحه بعد