کتابخانه روایات شیعه
ثواب الأعمال و عقاب الأعمال
[مقدمة المحقق]
الشيخ الصدوق- مؤلف الكتاب
بقلم العلامة الجليل السيّد محمّد مهدي الخرسان
هو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ.
و لم ترفع كتب التراجم نسبه إلى ما فوق (بابويه) الأمر الذي يدلنا على أنّه الشخصية الأولى من آبائه الذي تمتع بشهرة حتّى صارت النسبة إليه، كما يترك المجال مفتوحا لاحتمال نسبة عدة من المحدثين و العلماء المشهورين ينسبون إلى مثل هذا الاسم (بابويه)، أنهم من لحمة الشيخ الصدوق و أبناء عمومته، فانهم أيضا لم ترفع أنسابهم أيضا إلى من فوق بابويه إلّا في واحد كما سيأتي، و نظرا لتقارب عصورهم مع عصر الصدوق فيبدو احتمال أنهم جميعا من أسرة واحدة، و يرجعون إلى جد واحد و هو بابويه، و قد ذكرت ذلك في رسالتي (التنويه بأسماء المختومين بويه) عند ذكر أسماء الأعلام من المحدثين المنسوبين إلى بابويه و إن لم أجزم به.
أما الأشخاص المشار إليهم آنفا ممن نسب إلى بابويه و لم يرفع نسبه إلى من فوقه إلّا في واحد و هو:
1- محمّد بن سليمان بن بابويه بن مهرويه المخرمي- كما في الاكمال- و في رواية الخطيب أنّه بابويه بن فهرويه بن عبد اللّه، سمع عثمان بن عبد اللّه ابن عمرو بن عثمان العثماني و غيره، حدّث عنه ابنه عبيد اللّه- الآتي ذكره- و غيره، توفّي سنة 307 ه.
2- عبيد اللّه بن محمّد بن سليمان- الآنف الذكر- أبو محمّد الدقاق، حدّث عن أبيه و جعفر الفريابي، و إبراهيم بن عبد اللّه بن أيوب المخرمي و غيرهم.
3- أبو القاسم محمّد بن عبيد اللّه بن بابويه- الرجل الصالح- و هو ممن يروي عنه أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد اللّه الضبي، و هذا من مشايخ المؤلّف شيخنا الصدوق، روى عنه كما في أسانيد كتبه.
4- الحسين بن إبراهيم بن بابويه، عدّه سماحة السيّد الوالد دام ظله من جملة مشايخ الصدوق في مقدّمة الفقيه ص 23 و ص 75 استنادا إلى ما ذكره المحدث النوريّ في خاتمة المستدرك، و لم نجد ذكره في أسانيد الصدوق في كتبه، نعم وردت رواية الصدوق عنه بواسطة في إسناد حديث في بشارة المصطفى 1 حيث ذكر أن الصدوق يروي عن الحسين بن موسى عن الحسين ابن إبراهيم بن بابويه عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ.
5- أبو الحسن عليّ بن عبد اللّه بن أحمد بن بابويه المذكر، و هو من شيوخ الصدوق، روى عنه في معاني الأخبار ص 408.
6- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن بابويه الأسواري الأصبهاني، قال ابن مندة هو آخر الأغنياء الأتقياء، ورع دين، دخل شيراز و سمع من جماعة، و كتب. مات سنة 358 ه.
7- أحمد بن الحسن بن عليّ 2 بن بابويه الحنائي، حدث عن يوسف ابن موسى القطان، و حدث عنه عمر بن أحمد بن شاهين في معجم شيوخه و ابن شاهين هذا ولد سنة 297 و أول ما سمع الحديث سنة 305 و له إحدى عشرة سنة 3 ، و توفّي سنة 385.
8- أبو الحسن عليّ بن بابويه قتيل القرامطة في الطواف بالمسجد الحرام ذكره القطبي في كتابه الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام ص 75- 76، أن القرامطة لما أغاروا على الحجاج في سنة 317 ه و دخلوا المسجد الحرام أيّام الموسم، و راثت خيولهم في المسجد، و قتلوا خلقا كثيرا في المطاف قدرهم بألف و سبعمائة طائف محرم، و كان عليّ بن بابويه ممن يطوف فلم يقطع طوافه، و جعل يقول:
ترى المحبين صرعى في ديارهم
كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
و السيوف تقفوه إلى أن سقط ميتا رحمه اللّه تعالى 4 .
9- أبو الحسن عليّ بن الحسين بن بابويه الرازيّ، خرج لنفسه أربعين حديثا رواها عنه أبو المجد محمّد بن الحسين بن أحمد القزوينيّ المتوفّى سنة 622 بسماعه منه 5 .
و من الواضح أن هؤلاء كلهم إلّا الأخير منهم ممن يقارب عصرهم عصر الصدوق أو عصر والده كتقارب بلدانهم، فيا هل ترى وجاهة احتمال أنهم من ذرّية بابويه جد المؤلّف، أو أنهم من بابويه آخر أو آخرين.
و مهما يكن الواقع فان بني بابويه- اسرة المؤلّف- من بيوتات القميين المشتهرة بالعلم و الفضيلة، و قد تبوأ رجال منهم مكان الصدارة و المرجعية كما كان بيتهم حتّى القرن السادس بيت علم و حديث، ذكرت المعاجم الرجالية منهم عدة علماء و محدثين أحصينا منهم ما يقرب من عشرين عالما من بينهم شيخ الإسلام و ثقة الدين، كما فيهم من تسمى باسم جدهم الأعلى (بابويه) إحياء لذكره.
و بالرغم من كثرة البحث في تاريخ هذه الأسرة الكريمة الباسقة أفنانها و الناضجة ثمارها لم نقف على مبدإ سكناهم في قم الحاضرة الإسلامية و مهد العلم في ذلك العصر، لكن الذي لا نشك فيه أن والد المؤلّف و هو الشيخ أبو الحسن عليّ بن الحسين كان في قم، و من أبرز أصحاب الشيوخ الأجلة سعد بن عبد اللّه ابن أبي خلف الأشعري و أبي العباس عبد اللّه بن جعفر الحميري صاحب قرب الاسناد، و أبي الحسن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ المفسر و طبقتهم.
كما كانت له مكانة مرموقة في وسطه، بل يعد من علية رجالات بلده و في الطليعة بين أعلامهم الطائري الصيت إن لم يكن هو الأول المشار إليه من بينهم و قد أثنى عليه علماء الرجال و وصفوه بكل جميل ممّا يكشف عن عظيم قدره، و علو كعبه.