کتابخانه روایات شیعه
الجزء الأول
تقديم و تجليل:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
نقدّم اليوم إلى القراء الأفاضل، و روّاد العلم و الفضيلة، سفرا عظيما ضمّ بين دفتيه النصوص على الأئمة الاثني عشر عليهم السّلام، حسب منهجنا المعتمد في استدراك ما فات عن المؤلف، مستقصين لما في المصادر و الجوامع الكبيرة الحاضرة، مخطوطة كانت أو مطبوعة.
و لا بدّ لنا هنا من وقفة نسجّل فيها شكرنا و اعتزازنا بجهود العلم الحجة السيّد حسن آل طه، حيث قام مشكورا باشارة من شيخه الاستاذ آية اللّه فقيه أهل البيت الشيخ مرتضى نجل آية اللّه العظمى مؤسس الحوزة العلمية و زعيمها في قم المقدّسة سماحة الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي المهرجردي الميبدي- طاب ثراهما القدسي- بجمع النصوص على الأئمة الاثنى عشر عليهم السّلام من طرق الخاصة و العامة، فجدّ جدّه، و أتعب نفسه خلال مدة تقرب من عشر سنوات، كان خاتمتها عرض نتاجه الثمين علينا، لرؤيا رأى فيها شيخه الفقيد و هو يسأله عن حال الكتاب- بما كان حريصا على نشره- مخاطبا إيّاه بأنّك لا تتمكن من طبعه بمثل هذا، مشيرا إلى كتاب جواهر الكلام في الفقه.
و لا بدّ لنا أيضا، و قد مررنا بذكر آية اللّه شيخنا المرتضى الحائري، أن نعرض صورا من سيرته القدسية الجليلة، و نزرا يسيرا من كراماته النبيلة، بما يناسب عنوان الكتاب.
فمنها: ما وجدته في بعض مخطوطات. مذكراته قال ما ترجمته مختصرا: رنّ جرس الهاتف في منتصف إحدى الليالي، فقلت في نفسي: لا بدّ أنّ مسلما له حاجة ملحّة يلتمس قضاءها، في هذا الوقت، فأسرعت في ارتقاء السلّم الموصل إلى غرفة الهاتف، فسقطت و أحسست بألم شديد في يدي تبيّن فيما بعد أنّها كسرت.
ثمّ قال: شاهدت في اليقظة أني البست اثني عشر قميصا طبيّا بعدد الأئمة الاثنى عشر، ثمّ خلعت منّي، و هذه العناية كانت بواسطة حضرة السيّد الكريم مولانا عبد العظيم الحسني، تولّى ذلك من ناحية الأئمة الاثنى عشر، أو المعصومين الأربعة عشر عليهم السّلام.
ثمّ قال: «على هذا أكون أنا من ناقلي إمامة الأئمة الاثنى عشر بلا واسطة».
و أما الحديث عن سيرة والده المعظّم، فممتع و ذو شجون، نكتفي بقبس منها:
فحياته قدّس سره سايرتها الكرامات منذ بدء تكوّنه، فقد كانت ولادته بكرامة غريبة، و موهبة إلهية، حيث قرّت عين أبيه به، و استجيبت دعوته بعد ما بلغ من الكبر عتيّا. و مدّ عمره الشريف، كان بكرامة و دعاء أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام، حينما مرض مرضا شديدا حتى يئس منه، و بلغ مرحلة الاحتضار، و جاءه ملك الموت، فتوجّه إلى حضرة سيّد الشهداء عليه السّلام قائلا: «يا أبا عبد اللّه أعلم إنّ الموت حق، و لكن يديّ صفر من الزاد ليوم المعاد، ألتمس منك الدعاء لتمديد عمري، إلى أن أستعدّ لمقرّي و أعدّ له عدّة» فجاء ملك آخر، و قال للأول: «ارفع يدك عنه فقد مدّ في عمره بدعوة أبي عبد اللّه الحسين».
فكان من هذه العدّة تأسيسه الحوزة العلمية المركزية الكبرى في مدينة قم المقدّسة، حرم أهل البيت، و عشّ آل محمّد، و هي بذاتها أمنية عظيمة و موعودة في آخر الزمان، عند افول شمس العلم من كوفان، و بزوغ فجره في هذه المدينة المقدّسة.
فعلى هذا تكون هذه الحوزة حسينية المنشأ، و البقاء باذن ربها.
مثلها كمثل شجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين باذن ربها.
كشجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية، يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار نور على نور يهدي اللّه لنوره من يشاء. أو كماء أنزل من السماء فاختلط به نبات الأرض ...
فأما الزبد فيذهب جفاء، و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
و كان لها يوم مشهود، يوم الفتنة العمياء الكبرى، يوم الهجوم العام على نواميس الاسلام و البلاد و الحوزات العلمية الولائية، حيث أصبحت مهبط و مأوى و محط رحال كبار العلماء و المراجع و الشخصيات العلمية المبعدين عن النجف الأشرف، و من نزل معهم من مختلف الأصقاع، و في مقدمتهم سماحة آية اللّه العظمى السيّد أبي الحسن الأصفهاني المرجع الأعلى للشيعة.
و من تلك العدّة أيضا ما تشهد به قاعات الدرس و أواوين المساجد من دأبه على ذكر مصيبة سيّد الشهداء عليه السّلام قبل الشروع بالدرس، و كلما وجد إلى ذلك سبيلا، متمثلا:
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة
لكنّما عيني لأجلك باكية
ثمّ يبدأ درسه الشّيق بحلاوة البيان، و عذوبة الكلام، و ما ذاك إلّا من عنايات أبي عبد اللّه عليه السّلام، عند ما ناوله كفّ سكّر في المنام.
و والد و ما ولد، لقد كانت تسميته ولديه الفريدين ب «المرتضى» و «المهدي» كلمة باقية في عقبه، و رمزا لحديث: أول الأئمة الاثنى عشر: علي، و آخرهم: المهدي.
و بما أنّه قدّس سره كان نموذجا علميا كبيرا، و ذخيرة ولائية ربانية، فقد تمثّل في مفاخر تلامذته الذين أورثهم العلوم و الزعامة، فتحمّلوا عنه، و أدّوا الأمانة، و هم أكابر أساتذتنا أدام اللّه ظلالهم و تأييداتهم، أصبحوا مراجع علمية، دينية، عالمية، كبرى، و قد سبقهم مجدّد الحوزات العلمية، و محيي آثار الشريعة زعيم الشيعة، و مرجع الطائفة استاذنا الأكبر آية اللّه العظمى الحاج آقا حسين الطباطبائي البروجردي طاب ثراه.
فسلام عليه يوم ولد، و يوم مضى شهيدا، و يوم يبعث حيّا مباهيا أنّه جاهد في اللّه حق جهاده، مؤسسا للحوزة العلمية في مدينة من اكبر بقاع الأرض المتبركة، في مهد العلم و كعبة الآمال و حرم أهل بيت و علومهم، و مأوى شيعتهم في عصر غائبهم الإمام المهدي عجّل اللّه فرجه الشريف.
[مقدمة التحقيق]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الذي جعل الأئمّة النقباء بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اثنا عشر إماما-: أوّلهم علي عليه السّلام، و أحد عشر من ولده و ولد الزهراء بضعة الرسول صلّى اللّه عليه و آله: الحسن، الحسين، علي، محمد، جعفر، موسى، علي، محمد، علي، الحسن، و آخرهم المهدي- عجّل اللّه فرجهم الشريف بظهوره- كما جعل الأسباط اثنا عشر، و العيون التي تفجرت لموسى اثنا عشر، و البروج اثنا عشر، و الشهور اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه.
أمّا بعد، فلا يختلف اثنان في أنّ الإمامة- و لا سيما القدسية الإلهية منها- ضرورة حياتية يفرضها التسلسل القيادي لبني البشر، إذ لا يمكن ترك الأمّة في حيرة و ضلالة، بلا راع يرعاها و يرعى مصالحها.
و مما لا يقبله العقل و الوجدان السليم أن يفوّض اللّه و رسوله الأمر إلى الأمّة و أهوائها، و عقول أفرادها متناقضة متباينة ضعيفة.
و لا ريب في أنّ جعل الإمامة الإلهية في القرآن العظيم كان من اللّه تبارك و تعالى للرسل و الأنبياء و أوصيائهم، و مصداقه قوله سبحانه في خطابه لإبراهيم: «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» 1 .
و في سياق كلامه عنه و عن إسحاق و يعقوب عليهم السّلام: «وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» 2 .
و في الأئمة الاثنى عشر من بني إسرائيل- أوصياء موسى-: «وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» 3 .
هؤلاء الرسل و الأنبياء و الأوصياء الذين آتاهم اللّه رشدهم و آتاهم من لدنه علما و حكما، و علّمهم- بالوحي- ما لم يعلموا.
و من الجدير بالذكر أنّه لم يبعث اللّه سبحانه نبيّا إلّا جعل له وصيّا، و أمره أن
ينصّ عليه و يعرّفه الناس 4 .
لذا كان لزاما التسليم لإمامة إمام بنص من اللّه، و بوحي منه لرسوله، لأنّه صلّى اللّه عليه و آله «ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» 5 .
و كان من الواجب التحرّز من مخالفة ذلك و تعدّيه إلى غيره لأنّه- و العياذ باللّه- يوجب سخط اللّه و غضبه.
قال سبحانه: «وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» 6 .
و قال: «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» 7 .
و لعل أكبر فتنة حدثت و استمرّت و جلبت الويلات فور وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله هي تغافل أو إنكار النصوص على الأئمّة الاثنى عشر، و تأويلها بتأويلات واهية، و الجدال في سندها و دلالتها جدالا عقيما منبعه مخالفة هدى اللّه و رسوله، و اتباع الهوى.
و في خضمّ هذه الفتنة و رغم التعتيم الإعلامي الشديد كانت تصدر بين الفينة و الأخرى تصريحات من بعض رءوس منكري النصوص و مؤوّليها، بأنّه لو سلّم زمام قيادة الأمّة إلى الخليفة الذي نصبه اللّه و رسوله، لحملهم على المحجّة البيضاء، و السنّة المحمديّة السمحاء، و لكن ... و لا حول و لا قوة إلا باللّه العليّ العظيم.
و هذا الكتاب- الذي بين يديك أيّها القارئ الكريم- يتكفّل إثبات نصوص اللّه سبحانه و تعالى على الأئمّة و الخلفاء و الأوصياء من بعده. و إثبات نصوص الرسول و الأنبياء السابقين.
و إثبات ما بشّرت به الكتاب السماويّة المنزّلة عليهم. و ما فيها من صفة الأئمّة و أسمائهم و أحوالهم.
ثمّ إثبات نصوص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أوصيائه عليهم السّلام.
تلكم النصوص التي اتّفقت كلّها على إمامة- تراجمة الوحي- اثني عشر إماما معصوما، أوّلهم عليّ و آخرهم المهديّ عجّل اللّه فرجه الشريف.
حظي موضوع «النصوص على الأئمّة الاثني عشر» باهتمام واسع لدى علماء المسلمين، و كان للشيعة الإماميّة الاثني عشريّة قصب السبق في هذا المضمار. فقد أفاضت ببحوثها القيّمة، و أشبعت بدراساتها العلميّة، و استقصت برواياتها المعتبرة الأسانيد، و خاضت غمار الجمع و التأليف على مرّ العصور؛ فأحاطت الموضوع من جوانبه كلّها.
و ممن صنّف في هذا الباب و أجاد: شيخنا شيخ الإسلام المجلسي رضوان اللّه عليه و تلميذه المحدّث عبد اللّه بن نور اللّه البحراني الأصفهاني عزّ بهاؤه، حيث خصّص القسم الأوّل من الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر من الموسوعة الجليلة «عوالم العلوم و المعارف و الأحوال» لهذا الغرض.
فضمّ هذا السفر النفيس بين دفّتيه نصوصا مباركة شريفة على إمامة اثني عشر إماما معصوما بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، مرويّة من طرق الفريقين، في أبواب متناسقة حوت أطراف الموضوع.
و تتميما للفائدة، و إكمالا للعائدة، أضفنا إليه ثمرة أتعاب، و خلاصة جهود سنوات من البحث و التنقيب، هي مجموعة أحاديث و روايات زاغ عنها بصر شيخنا المصنّف، كما و استحدثنا بابا جديدا هو «الآيات المؤوّلة في الأئمة الاثنى عشر» مرتّبا على ترتيب سور القرآن المجيد ارتأينا صدارتها الكتاب لشريف محلّها و قدسية لفظها، مع مراعاة التمييز بين متن العوالم و المستدركات.
جوهر البحث و عصارته
يستفاد من النصوص على اثني عشر إماما أمور:
الأول: نصّ عليهم بأسمائهم عليهم السّلام.
الثاني: أوّلهم عليّ عليه السّلام، و الأحد عشر من ولد فاطمة عليهم السّلام، و آخرهم المهدي عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.
الثالث: تسعة منهم من ولد الحسين عليهم السّلام تاسعهم قائمهم.
و تجد- أيّها القارئ الكريم- النصوص الخاصّة بإمامة كلّ إمام من المعصوم الذي سبقه عند تفصيل حياته، كلّ في المجلد الخاص به، تكون بمجموعها دليلا و نصوصا على أن الأئمة من اللّه اثنا عشر إماما.
فراجع النصوص على:
الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام
الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (ج 16/ 93)
الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (ج 17/ 73)
الإمام عليّ بن الحسين بن عليّ عليه السّلام (18/ 23)
الإمام محمد بن عليّ بن الحسين عليه السّلام
الإمام جعفر بن محمد بن عليّ عليه السّلام
الإمام موسى بن جعفر بن محمد عليه السّلام (قيد التحقيق)
الإمام عليّ بن موسى بن جعفر عليه السّلام (قيد التحقيق)
الإمام محمد بن عليّ بن موسى عليه السّلام
الإمام عليّ بن محمد بن عليّ عليه السّلام
الإمام الحسن بن عليّ بن محمد عليه السّلام
الإمام الحجة صاحب العصر و الزمان عليه السّلام (قيد التحقيق)