کتابخانه روایات شیعه
المقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* يقول السيد الإمام العالم الحبر العامل الفقيه الكامل الصدر صدر العلماء جمال العارفين رضي الدين ركن الإسلام قدوة العباد و الزهاد شرف المجتهدين أفضل الشرفاء أكمل السادة ذو الحسبين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس العلوي الحسيني أكمل الله لديه فضله و كرم فرعه و أصله. أحمد الله بلسان و جنان وجودهما من جود المولى المعبود و موادهما من كرم ذلك المالك المحمود و أعترف له بالمنة جل جلاله على إطلاق لساني بحمده و على تأهيلي للثناء على مقدس مجده. و أجد قلبي و عقلي في ذل الخجالة على ما ضيعا من حقوق تلك الجلالة و كيف تركا لي لسانا و جنانا يشتغلان بغير وظائف تحميده و مترادف تمجيده. و أراهما بلسان الحال يبكيان و يندبان على زمان أو مكان ضاع في الاشتغال بغيره جل جلاله عنه و يتوسلان بمراحمه و مكارمه في طلب العفو منه و يسمعان من لسان حال عموم ذلك الكرم و الإحسان بيان ملاطفة الموافقة و المعاتبة على ما جرى منهما من المفارقة و المجانبة و كانا جاحدين أن يقال لهما إن الحمد وظيفة من كان في حال حمده
سليما من قيود سوء الآداب و مشغولا بالمراقبة لمولاه مالك يوم الحساب فأما من لا يخلو من إهمال حق حرمة اطلاعنا عليه و من الاشتغال بغيرنا عن ملاحظة دوام إحساننا إليه إذ أنطق بحمدنا فليس على وجه حمده برهان المعرفة بهيبة جلالنا و لا ذل العبودية لإقبالنا و لا خضوع التعظيم لعظمة سلطاننا و لا أثر الخوف من معرفته بالتقصير في حقوق إحساننا فوظيفة مثل ذلك المملوك السقيم الاشتغال بطلب العفو من المالك الرحيم الحليم الكريم و إلا فقد ضيع أوقات طهارة قلبه و جنانه و لسانه و اشتغل عن إحساننا و شأننا بشأنه و يضيع الآن الوقت الثاني بالتواني و الأماني و ترك الاستدراك فما يؤمنه إن بقي على ذلك من خطر الهلاك. و أشهد أن لا إله إلا هو شهادة صدرت إلى مملوكه عن جوده و شرفه بها على من لم يعرفها من سائر مماليكه و عبيده و أشهد أن جدي محمدا عبده و رسوله أشرف الخواص و أعرف من خلع عليه جل جلاله خلعة الاختصاص صلى الله عليه و على آله أفضل صلوات تبلغ به و بهم أكمل نهايات الغايات. و أشهد أن الله جل جلاله قطع بحججه العقلية و النقلية حجج الخلائق و لطف بالعباد برؤساء و شهداء يحتج بهم على من يحتج عليه من أهل المغارب و المشارق و أودعهم ما يحتاج المكلفون منهم إليه و كشف برحمته و جوده عن آيات باهرات و بينات نيرات تهدي إلى من اعتمد في الرئاسة عليه لا يشتبه معدنها و مكانها و لا يخفى نورها و برهانها على كل من صدقه جل جلاله في قوله الذي وعاه و رعاه العارفون وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . فإنه إذا كان مراده جل جلاله من خلقهم سعادتهم بمعرفته و عبادته
و تشريفهم بخدمته و مراقبته و كان آراؤهم و أهواؤهم مفسدة لتدبيره كما نطق به كتابه المصون في قوله جل جلاله وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ وجب أن يكون لهم ما يمنع أهواءهم من الفساد و يقمع آراءهم عن هلاك أنفسهم و العباد على كمال صفات الحق الذي لو اتبع أهواءهم لفسدوا و هذه صفة المعصوم الذي يلزمهم أن يهتدوا به و يقتدوا و كيف تكون آراؤهم و أهواؤهم كافية في تدبير أمور الدنيا و الدين و هو جل جلاله يقول وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ . و لقد أوضح جل جلاله بما استدرك على بعض اختيارات جماعة من الأنبياء و المرسلين أن من يكون دون المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين لا يقوم الحجة باختيارهم على الكشف و اليقين كما جرى لآدم ع في اختياره الأكل من الشجرة بما تضمنه صريح الآيات و جرى لداود ع فيما نطق به القرآن في بعض المحاكمات و ما جرى لموسى ع في اختياره سبعين رجلا من قومه للميقات فإذا كان هذا اختيار أنبياء قد بلغوا من المكاشفات و العنايات غايات و نهايات و قد احتاجوا إلى استدراك الله جل جلاله عليهم بل لهم في بعض المقامات. فكيف يكفي تدبير من هو دونهم في كمال التدبيرات و الإرادات و إذا اعتبرت اختلاف أهل الأمانة و الورع و الاجتهاد من سائر فرق المسلمين العلماء منهم و الزهاد وجدتهم مختلفين في تفسير أكثر مراد الله جل جلاله من آيات الكتاب و السنن و الآداب و علمت أن كثيرا من المختلفين في هذه الأسباب ما عاندوا و لا كابروا في ترك الصواب و إنما أكثر الآيات و الروايات محتملات لبعض ما وقع من اختلاف التأويلات.