کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تنبيه الخواطر و نزهة النواظر المعروف بمجموعة ورام

الجزء الأول‏ [مقدمة التحقيق‏] المؤلّف و الثناء عليه‏ فهرست ما في هذا المجلد باب الروائح و ما جاء في الطيب و ألوانه و التطيب به و استعماله‏ باب الرسوم في معاشرة الناس و ملاقاتهم و مصافحتهم و مجالستهم و مراسلتهم و ذكرهم و رد السلام و التحية و آداب النفس و ما يتصل بذلك‏ باب الأسماء و الكنى و الألقاب‏ باب السفر و السير و الفراق و القدوم و الوداع‏ باب الشوق و الحنين إلى الأوطان و الوله إلى الأهل‏ باب ذكر الأشرار و الفجار باب الصبر و حفظ النفس‏ باب الصناعات و الحرف‏ باب ما جاء في الصدق و الغضب لله‏ باب الطمع و غيره‏ باب الظن‏ باب الظلم‏ باب العتاب‏ بيان السبب الذي ينال به حسن الخلق على الجملة باب تهذيب الأخلاق‏ باب ما جاء في الصمت و حفظ اللسان‏ الآثار باب ما جاء في المراء و المزاح و السخرية باب الكذب‏ باب الغيبة باب ما جاء في النميمة باب الغضب‏ باب ما جاء في الحسد باب ذم الدنيا بيان حقيقة الدنيا و ماهيتها في حق العبد بيان ذم المال و كراهة حبه‏ بيان مدح المال و الجمع بينه و بين الذم‏ بيان ذم الحرص و الطمع و مدح القناعة و اليأس مما في أيدي الناس‏ علاج الحرص و الطمع و الدواء الذي يكتسب به صفة القناعة بيان فضيلة السخاء بيان ذم البخل‏ بيان الإيثار بيان علاج البخل‏ بيان ذم الغنى و مدح الفقر بيان ذم الاشتهار و فضيلة الخمول‏ بيان ما يحمد من الجاه‏ بيان ذم الرياء بيان الرخصة في كتمان الذنوب و كراهة اطلاع الناس عليها و كراهة ذمهم عليها بيان ترك الطاعات خوفا من الرياء و دخول الآفات‏ بيان ذم الكبر بيان فضيلة التواضع‏ بيان الطريق في معالجة الكبر و اكتساب التواضع‏ بيان آفة العجب‏ باب ما جاء في أهل العلم المغترين‏ بيان فضيلة التوكل‏ بيان الحب لله و لرسوله‏ باب محاسبة النفس‏ باب التفكر بيان كيفية التفكر في خلق الله تعالى‏ بيان ذكر الموت‏ بيان ذكر طول الأمل و فضيلة قصره و سبب طوله‏ بيان السبب في طول الأمل و علاجه‏ بيان مراتب الناس في طول الأمل و قصره‏ بيان مبادرة العمل‏ باب في ذكر شي‏ء من كلام المحتضرين‏ ذكر ما قال العارفون على الجنائز و المقابر بيان ما ينبغي أن يقال عند موت الولد بيان زيارة القبور و الدعاء للميت‏ بيان كلام القبر للميت و كلام الموتى‏ بيان عذاب القبر و سؤال منكر نكير نفخة الصور صفة أرض المحشر و أهله‏ صفة يوم القيامة و دواهيه‏ في صفة المساءلة الجزء الثاني‏ باب ذكر جمل من مناهي رسول الله ص‏ فهرست بعض ما في الجزء الثاني من المتنوعات و المتفرقات‏

تنبيه الخواطر و نزهة النواظر المعروف بمجموعة ورام


صفحه قبل

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 95

كُرْبَةً أَ حَفِظْتِهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فِي أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ أَ حَفِظْتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مُخَلَّفِيهِ أَ كَفَفْتِ عَنْهُ عَنْ غِيبَةِ أَخٍ مُؤْمِنٍ بِفَضْلِ جَاهِكِ أَ أَعَنْتِ مُسْلِماً مَا الَّذِي صَنَعْتِ فِيهِ فَتَذْكُرُ مَا كَانَ مِنْهُ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ وَ كَبَّرَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَ إِنْ ذَكَرَ مَعْصِيَةً أَوْ تَقْصِيراً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ وَ مَحَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِتَجْدِيدِ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَ عَرَضَ بَيْعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى نَفْسِهِ وَ قَبُولَهُ لَهَا وَ إِعَادَةَ لَعْنَةِ شَانِئِيهِ وَ أَعْدَائِهِ وَ دَافِعِيهِ عَنْ حُقُوقِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَسْتُ أُنَاقِشُكَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الذُّنُوبِ مَعَ مُوَالاتِكَ أَوْلِيَائِي وَ مُعَادَاتِكَ أَعْدَائِي‏

عَنِ الْإِمَامِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ ع‏ فِي تَفْسِيرِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُولُوا يَا أَيُّهَا الْخَلْقُ الْمُنْعَمُ عَلَيْهِمْ‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ أَيُّهَا الْمُنْعِمُ عَلَيْنَا نُطِيعُكَ مُخْلِصِينَ مَعَ التَّذَلُّلِ وَ الْخُشُوعِ بِلَا رِيَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ مِنْكَ نَسْأَلُ الْمَعُونَةَ عَلَى طَاعَتِكَ لِنُؤَدِّيَهَا كَمَا أَمَرْتَ وَ نَتَّقِيَ مِنْ دُنْيَانَا عَمَّا عَنْهُ نَهَيْتَ وَ نَعْتَصِمَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ مِنْ سَائِرِ مَرَدَةِ الْإِنْسِ مِنَ الْمُضِلِّينَ وَ مِنَ الْمُؤْذِينَ الظَّالِمِينَ بِعِصْمَتِكَ‏

قَالَ‏ وَ سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنِ الْعَظِيمُ الشَّقَاءُ قَالَ رَجُلٌ تَرَكَ الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا فَفَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَ خَسِرَ الْآخِرَةَ وَ رَجُلٌ تَعَبَّدَ وَ اجْتَهَدَ وَ صَامَ رِيَاءً لِلنَّاسِ فَذَاكَ حُرِمَ لِذَاتِ الدُّنْيَا مِنْ دُنْيَانَا وَ لَحِقَهُ التَّعَبُ الَّذِي لَوْ كَانَ بِهِ مُخْلِصاً لَاسْتَحَقَّ ثَوَابَهُ فَوَرَدَ الْآخِرَةَ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ مَا يَثْقُلُ بِهِ مِيزَانُهُ فَيَجِدُهُ‏ هَباءً مَنْثُوراً قِيلَ فَمَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَسْرَةً قَالَ مَنْ رَأَى مَالَهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِ النَّارَ وَ أَدْخَلَ وُرَّاثَهُ بِهِ الْجَنَّةَ قِيلَ وَ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا قَالَ كَمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ إِخْوَانِنَا عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ إِلَيْهِ وَ هُوَ يَسُوقُ‏ 1035 فَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ مَا تَقُولُ فِي مِائَةِ أَلْفٍ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ‏ 1036 مَا أَدَّيْتُ مِنْهَا زَكَاةً قَطُّ وَ لَا وَصَلْتُ مِنْهَا رَحِماً قَطُّ قَالَ قُلْتُ فَعَلَامَ جَمَعْتَهَا قَالَ لِجَفْوَةِ السُّلْطَانِ وَ مُكَاثَرَةِ الْعَشِيرَةِ وَ تَخَوُّفِ الْفَقْرِ عَلَى الْعِيَالِ وَ لِرَوْعَةِ الزَّمَانِ قَالَ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى فَاضَتْ نَفْسُهُ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع‏

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 96

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهَا مُلِيماً 1037 بِبَاطِلٍ‏ 1038 جَمَعَهَا فَأَوْعَاهَا وَ شَدَّهَا فَأَوْكَاهَا فَقَطَعَ فِيهَا الْمَفَاوِزَ وَ الْقِفَارَ وَ لُجَجَ الْبِحَارِ أَيُّهَا الْوَاقِفُ لَا تُخْدَعْ كَمَا خُدِعَ صُوَيْحِبُكَ بِالْأَمْسِ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَأَى مَالَهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ أَدْخَلَ اللَّهُ هَذَا بِهِ الْجَنَّةَ وَ أَدْخَلَ هَذَا بِهِ النَّارَ

قَالَ الصَّادِقُ ع‏ وَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا حَسْرَةً رَجُلٌ جَمَعَ مَالًا عَظِيماً بِكَدٍّ شَدِيدٍ وَ مُبَاشَرَةِ الْأَهْوَالِ وَ تَعَرُّضِ الْأَخْطَارِ ثُمَّ أَفْنَى مَالَهُ صَدَقَاتٍ وَ مِيرَاثاً وَ أَفْنَى شَبَابَهُ وَ قُوَّتَهُ عِبَادَاتٌ وَ صَلَوَاتٌ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع حَقَّهُ وَ لَا يَعْرِفُ لَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ مَحَلَّهُ وَ تَرَى أَنَّ مَنْ لَا بِعُشْرِهِ وَ لَا بِعُشْرِ عَشِيرِ مِعْشَارِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ يُوَافِقُ عَلَى الْحُجَجِ فَلَا يَتَأَمَّلُهَا وَ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالْآيَاتِ وَ الْأَخْبَارِ فَيَأْبَى إِلَّا تَمَادِياً فِي غَيِّهِ فَذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ حَسْرَةٍ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ 1039 وَ صَدَقَاتُهُ مُمَثَّلَةٌ فِي مِثَالِ الْأَفَاعِيِّ تَنْهَشُهُ وَ صَلَاتُهُ وَ عِبَادَتُهُ مُمَثَّلَةٌ لَهُ فِي مِثْلِ الزَّبَانِيَةِ تَدْفَعُهُ حَتَّى تَدُعَّهُ إِلَى جَهَنَّمَ دَعّاً تَقُولُ يَا وَيْلِي أَ لَمْ أَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أَ لَمْ أَكُ مِنَ الْمُزَكِّينَ أَ لَمْ أَكُ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَ نِسَائِهِمْ مِنَ الْمُتَعَفِّفِينَ فَلِمَا ذَا دُهِيتُ بِمَا دُهِيتُ فَيُقَالُ لَهُ يَا شَقِيُّ مَا يَنْفَعُكَ مَا عَمِلْتَ وَ قَدْ ضَيَّعْتَ أَعْظَمَ الْفُرُوضِ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَ الْإِيمَانِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ص ضَيَّعْتَ مَا لَزِمَكَ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِّ عَلِيٍّ وَلِيِّ اللَّهِ وَ الْتَزَمْتَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الِايتِمَام بِعَدُوِّ اللَّهِ فَلَوْ كَانَ لَكَ بَدَلَ أَعْمَالِكَ هَذِهِ عِبَادَةُ الدَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَ بَدَلَ صَدَقَاتِكَ الصَّدَقَةُ بِكُلِّ أَمْوَالِ الدُّنْيَا بَلْ بِمِلْ‏ءِ الْأَرْضِ ذَهَباً لَمَا زَادَكَ ذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً وَ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ إِلَّا قُرْباً

قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ ع‏ قَوْلُهُ‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ يَقُولُ أَرْشِدْنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ أَرْشِدْنَا لِلُزُومِ الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَحَبَّتِكَ وَ الْمُبَلِّغِ جَنَّتَكَ وَ الْمَانِعِ مِنْ أَنْ نَتَّبِعَ أَهْوَاءَنَا فَنَعْطَبَ أَوْ نُؤْخَذَ بِآرَائِنَا فِيهَا فَنَهْلِكَ ثُمَّ قَالَ ع فَإِنَّ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ‏

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 97

كَانَ كَرَجُلٍ سَمِعْتُ أَعْنَاءَ 1040 الْعَامَّةِ تُعَظِّمُهُ وَ تَصِفُهُ‏ 1041 فَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُنِي فَأَعْرِفُ مِقْدَارَهُ وَ مَحَلَّهُ فَرَأَيْتُهُ فِي مَوْضِعٍ قَدْ أَحْدَقَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ أَعْنَاءِ الْعَامَّةِ فَوَقَفْتُ مُنْتَبِذاً عَنْهُمْ مَغْشِيّاً بِلِثَامٍ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ إِلَيْهِمْ فَمَا يَزَالُ يُرَاوِغُهُمْ حَتَّى خَالَفَ طَرِيقَهُمْ وَ فَارَقَهُمْ وَ لَمْ يَقِرَّ فَتَفَرَّقَتِ الْعَوَامُ عَنْهُ لِحَوَائِجِهِمْ وَ تَبِعْتُهُ أَقْتَفِي أَثَرَهُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرَّ بِخَبَّازٍ فَتَغَفَّلَهُ فَأَخَذَ مِنْ دُكَّانِهِ رَغِيفَيْنِ مُسَارَقَةً فَعَجِبْتُ مِنْهُ ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي لَعَلَّهُ مُعَامَلَةٌ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ بِصَاحِبِ الرُّمَّانِ فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى تَغَفَّلَهُ وَ أَخَذَ مِنْ عِنْدِهِ رُمَّانَتَيْنِ مُسَارَقَةً فَعَجِبْتُ مِنْهُ ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي لَعَلَّهُ مُعَامَلَةٌ ثُمَّ أَقُولُ مَا حَاجَتُهُ إِذاً إِلَى الْمُسَارَقَةِ ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَتْبَعُهُ حَتَّى مَرَّ بِمَرِيضٍ فَوَضَعَ الرَّغِيفَيْنِ وَ الرُّمَّانَتَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ مَشَى فَتَبِعْتُهُ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي بُقْعَةٍ مِنْ صَحْرَاءَ فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ بِكَ فَأَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ فَلَقَيْتُكَ لَكِنِّي رَأَيْتُ مِنْكَ مَا أَشْغَلَ قَلْبِي وَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْهُ لِيَزُولَ بِهِ شُغُلُ قَلْبِي قَالَ وَ مَا هُوَ قُلْتُ رَأَيْتُكَ مَرَرْتَ بِخَبَّازٍ وَ سَرَقْتَ مِنْهُ رَغِيفَيْنِ ثُمَّ بِصَاحِبِ الرُّمَّانِ وَ سَرَقْتَ مِنْهُ رُمَّانَتَيْنِ قَالَ فَقَالَ لِي قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ حَدِّثْنِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ آدَمَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص قَالَ حَدِّثْنِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ أَيْنَ بَلَدُكَ قُلْتُ الْمَدِينَةُ قَالَ لَعَلَّكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قُلْتُ بَلَى فَقَالَ لِي فَمَا يَنْفَعُكَ شَرَفُ أَصْلِكَ مَعَ جَهْلِكَ بِمَا شُرِّفْتَ بِهِ وَ تَرْكِكَ عِلْمَ جَدِّكَ وَ أَبِيكَ لِئَلَّا تُنْكِرَ مَا تحب [يَجِبُ‏] أَنْ يُحْمَدَ بِهِ غَيْرُكَ وَ يُمْدَحَ فَاعِلُهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْقُرْآنُ كِتَابُ اللَّهِ قُلْتُ وَ مَا الَّذِي جَهِلْتُ مِنْهُ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى‏ إِلَّا مِثْلَها وَ إِنِّي لَمَّا سَرَقْتُ الرَّغِيفَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ وَ لَمَّا سَرَقْتُ الرُّمَّانَتَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ فَلَمَّا تَصَدَّقْتُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ حَسَنَةً فَانْقُصْ مِنْ أَرْبَعِينَ حَسَنَةً أَرْبَعَ سَيِّئَاتٍ يَبْقَى سِتٌّ وَ ثَلَاثُونَ قُلْتُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَنْتَ الْجَاهِلُ بِكِتَابِ اللَّهِ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ‏ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏ إِنَّكَ لَمَّا سَرَقْتَ رَغِيفَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ وَ لَمَّا سَرَقْتَ الرُّمَّانَتَيْنِ كَانَتْ سَيِّئَتَيْنِ فَلَمَّا دَفَعْتَهُمَا إِلَى غَيْرِ صَاحِبِهِمَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِمَا كُنْتَ إِنَّمَا أَضَفْتَ‏

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 98

أَرْبَعَ سَيِّئَاتٍ إِلَى أَرْبَعِ سَيِّئَاتٍ وَ لَمْ تُضِفْ أَرْبَعِينَ حَسَنَةً إِلَى أَرْبَعِ سَيِّئَاتٍ فَجَعَلَ يُلَاحِظُنِي‏ 1042 فَانْصَرَفْتُ وَ تَرَكْتُهُ قَالَ الصَّادِقُ ع بِمِثْلِ هَذَا التَّأْوِيلِ الْقَبِيحِ الْمُسْتَنْكَرِ يَضِلُّونَ وَ يُضِلُّونَ وَ هَذَا مِنْ نَحْوِ تَأْوِيلِ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ خَلْقٍ كَثِيرٍ وَ قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَمَّارٌ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَدَخَلَ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ هَاجَ النَّاسُ وَ اضْطَرَبُوا قَالَ لِمَا ذَا قَالَ قُتِلَ عَمَّارٌ فَمَا ذَا قَالَ أَ لَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَمَّارٌ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ دُحِضْتَ فِي قَوْلِكَ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع لِمَا أَلْقَاهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا فَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِعَلِيٍّ ع فَقَالَ فَإِذَنْ رَسُولُ اللَّهِ ص هُوَ الَّذِي قَتَلَ حَمْزَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِمَا أَلْقَاهُ بَيْنَ رِمَاحِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ ع طُوبَى لِلَّذِينَ هُمْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ‏ 1043 يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ‏ 1044 وَ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ‏

قَالَ الْإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ ع‏ فِي تَفْسِيرِ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ أَيْ قُولُوا اهْدِنَا صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ بِالتَّوْفِيقِ لِدِينِكَ وَ طَاعَتِكَ وَ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً وَ حُكِيَ هَذَا بِعَيْنِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ هَؤُلَاءِ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ إِنْ كَانَ كُلُّ هَذَا نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ ظَاهِرَةً أَ لَا تَرَوْنَ إِلَى هَؤُلَاءِ قَدْ يَكُونُونَ كُفَّاراً وَ فُسَّاقاً فَمَا نُدِبْتُمْ أَنْ تَدْعُوا أَنْ تُرْشَدُوا إِلَى صِرَاطِهِمْ وَ إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالدُّعَاءِ أَنْ تُرْشَدُوا إِلَى صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‏ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَ تَصْدِيقِ رَسُولِهِ وَ بِالْوَلَايَةِ لِمُحَمَّدٍ ص وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْمُنْتَجَبِينَ وَ بِالْبَيْعَةِ الْحَسَنَةِ تُسْلَمُ بِهَا مِنْ شَرِّ عِبَادِ اللَّهِ وَ مِنْ شَرِّ الزِّيَادَةِ فِي أَيَّامِ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِأَنْ تُدَارِيَهُمْ وَ لَا تُغْرِيَهُمْ بِأَذَاكَ وَ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَعْرِفَةِ لِحُقُوقِ الْإِخْوَانِ‏

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 99

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ وَ لَا أَمَةٍ وَالَى مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ وَ عَادَى مَنْ عَادَاهُمْ إِلَّا كَانَ قَدِ اتَّخَذَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ حِصْناً مَنِيعاً وَ جُنَّةً حَصِينَةً وَ مَا مِنْ عَبْدٍ وَ لَا أَمَةٍ دَارَى عِبَادَ اللَّهِ بَأَحْسَنِ الْمُدَارَاةِ فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي بَاطِلٍ وَ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا مِنْ حَقٍّ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ نَفَسَهُ تَسْبِيحاً وَ زَكَّى عَمَلَهُ وَ أَعْطَاهُ بَصِيرَةً عَلَى كِتْمَانِ سِرِّنَا وَ احْتِمَالِ الْغَيْظِ لِمَا سَمِعَهُ مِنْ أَعْدَائِنَا ثَوَابَ الْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ مَا مِنْ عَبْدٍ آخَذَ نَفْسَهُ بِحُقُوقِ إِخْوَانِهِ فَوَفَّاهُمْ حُقُوقَهُمْ بِجَهْدِهِ وَ أَعْطَاهُمْ مُمْكِنَهُ وَ رَضِيَ مِنْهُمْ بِعَفْوِهِمْ وَ تَرَكَ الِاسْتِقْصَاءَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَكُونُ مِنْ زَلَلِهِمْ وَ غَفَرَهَا لَهُمْ إِلَّا قَالَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا عَبْدِي قَضَيْتَ حُقُوقَ إِخْوَانِكَ وَ لَمْ تَسْتَقْصِ عَلَيْهِمْ فِيمَا لَكَ عَلَيْهِمْ وَ أَنَا أَجْوَدُ وَ أَكْرَمُ وَ أَوْلَى بِمِثْلِ مَا فَعَلْتَهُ مِنَ الْمُسَامَحَةِ وَ التَّكَرُّمِ فَأَنَا أَقْضِيكَ الْيَوْمَ عَلَى حَقٍّ وَعَدْتُكَ بِهِ وَ أَزِيدُكَ مِنْ فَضْلِيَ الْوَاسِعِ وَ لَا أَسْتَقْصِي عَلَيْكَ فِي تَقْصِيرِكَ فِي بَعْضِ حُقُوقِي قَالَ فَيُلْحِقُهُ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ يَجْعَلُهُ مِنْ خِيَارِ شِيعَتِهِمْ قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَحِبَّ فِي اللَّهِ وَ أَبْغِضْ فِي اللَّهِ وَ وَالِ فِي اللَّهِ وَ عَادِ فِي اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا تُنَالُ وَلَايَةُ اللَّهِ إِلَّا بِذَلِكَ وَ لَا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَ إِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَ صِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ وَ قَدْ صَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ يَوْمَكُمْ هَذَا أَكْثَرُهَا فِي الدُّنْيَا عَلَيْهَا يَتَوَادُّونَ وَ عَلَيْهَا يَتَبَاغَضُونَ وَ ذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع‏ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ حَسُنَ سَمْتُهُ وَ هَدْيُهُ وَ تَمَاوَتَ فِي مَنْطِقِهِ وَ تَخَاضَعَ فِي حَرَكَاتِهِ فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يُعْجِزُهُ تَنَاوُلُ الدُّنْيَا وَ رُكُوبُ الْحَرَامِ مِنْهَا لِضَعْفِ نِيَّتِهِ وَ مَهَانَتِهِ وَ جُبْنِ قَلْبِهِ فَنَصَبَ الدِّينَ فَخّاً لَهَا فَهُوَ لَا يَزَالُ يَخْتِلُ النَّاسَ بِظَاهِرِهِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ حَرَامٍ اقْتَحَمَهُ وَ إِذَا وَجَدْتُمُوهُ يَعِفُّ عَنِ الْمَالِ الْحَرَامِ فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّكُمْ فَإِنَّ شَهَوَاتِ الْخَلْقِ مُخْتَلِفَةٌ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَنْبُو عَنِ الْمَالِ الْحَرَامِ وَ إِنْ كَثُرَ وَ يَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى شَوْهَاءَ قَبِيحَةٍ فَيَأْتِي مِنْهَا مُحَرَّماً فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ‏ 1045 فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا عَقَدَهُ عَقْلُهُ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ أَجْمَعَ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَى عَقْلٍ مَتِينٍ فَيَكُونُ مَا يُفْسِدُهُ بِجَهْلِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ بِعَقْلِهِ فَإِذَا وَجَدْتُمْ عَقْلَهُ مَتِيناً فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا أَ مَعَ هَوَاهُ يَكُونُ عَلَى عَقْلِهِ أَمْ يَكُونُ مَعَ عَقْلِهِ عَلَى هَوَاهُ وَ كَيْفَ مَحَبَّتُهُ لِلرِّئَاسَاتِ الْبَاطِلَةِ وَ زُهْدُهُ فِيهَا فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ‏ خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ وَ يَتْرُكُ الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا وَ يَرَى‏

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 100

أَنَّ لَذَّةَ الرِّئَاسَةِ الْبَاطِلَةِ أَفْضَلُ مِنْ رِئَاسَةِ الْأَمْوَالِ وَ النِّعَمِ الْمُبَاحَةِ الْمُحَلَّلَةِ وَ يَتْرُكُ ذَلِكَ أَجْمَعَ طَلَباً لِلرِّئَاسَةِ حَتَّى‏ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ فَهُوَ يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ 1046 يَقُودُهُ أَوَّلُ بَاطِلَةٍ إِلَى أَبْعَدِ غَايَاتِ الْخَسَارَةِ وَ يُمِدُّ بِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ لِمَا لَا يَقْدِرُ فِي طُغْيَانِهِ فَهُوَ يُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَا يُبَالِي مَا فَاتَ مِنْ دِينِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ رِئَاسَتُهُ الَّتِي قَدْ شَقِيَ مِنْ أَجْلِهَا فَأُولَئِكَ الَّذِينَ‏ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ‏ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً وَ لَكِنَّ الرَّجُلَ كُلَّ الرَّجُلِ نِعْمَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ هَوَاهُ تَبَعاً لِأَمْرِ اللَّهِ وَ قُوَاهُ مَبْذُولَةً فِي قَضَاءِ اللَّهِ يَرَى الذُّلَّ مَعَ الْحَقِّ أَقْرَبَ إِلَى عِزِّ الْأَبَدِ مَعَ الْعِزِّ فِي الْبَاطِلِ وَ يَعْلَمُ أَنَّ قَلِيلَ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ ضَرَّائِهَا يُؤَدِّيهِ إِلَى دَوَامِ النَّعِيمِ فِي دَارٍ لَا تَبِيدُ وَ لَا تَنْفَدُ وَ إِنَّ كَثِيراً 1047 مَا يَلْحَقُهُ مِنْ سَرَّائِهَا إِنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ يُؤَدِّيهِ إِلَى عَذَابٍ لَا انْقِطَاعَ لَهُ وَ لَا زَوَالَ فَذَلِكَ الرَّجُلُ‏ 1048 فِيهِ فَتَمَسَّكُوا وَ بِسُنَّتِهِ فَاقْتَدُوا وَ إِلَى رَبِّكُمْ فِيهِ فَتَوَسَّلُوا فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ لَهُ دَعْوَةٌ وَ لَا يُخَيَّبُ لَهُ طَلِبَةٌ تَفْسِيرُ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ الْمُوبِقَاتِ وَ يَتَّقُونَ تَسَلُّطَ السَّفَهِ‏ 1049 عَلَى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى إِذَا عَلِمُوا مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عِلْمُهُ عَمِلُوا بِمَا يُوجِبُ لَهُمْ رِضَا رَبِّهِمْ‏

عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّداً ص يَقُولُ‏ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ يَا عِبَادِي أَ وَ لَيْسَ مَنْ لَهُ إِلَيْكُمْ حَوَائِجُ كِبَارٌ وَ لَا تَجُودُونَ بِهَا إِلَّا أَنْ يَحْتَمِلَ عَلَيْكُمْ بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ تَقْضُونَهَا كَرَامَةً لِشَفِيعِهِمْ أَلَا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيَّ وَ أَفْضَلَهُمْ لَدَيَّ مُحَمَّدٌ وَ أَخُوهُ عَلِيٌّ وَ مِنْ بَعْدِهِمُ الْأَئِمَّةُ ع الَّذِينَ هُمُ الْوَسَائِلُ إِلَيَّ أَلَا فَلْيَدْعُنِي مَنْ أَهَمَّتْهُ حَاجَةٌ يُرِيدُ نَفْعَهَا أَوْ دَهَتْهُ دَاهِيَةٌ يُرِيدُ كَفَّ ضَرَرِهَا بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أقضيها [أَقْضِهَا] لَهُ أَحْسَنَ مَا يَقْضِيهَا مَنْ تَسْتَشْفِعُونَ إِلَيْهِ بِأَعَزِّ الْخَلْقِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ وَ هُمْ يَسْتَهْزِءُونَ بِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَمَا لَكَ لَا تَقْتَرِحُ عَلَى اللَّهِ وَ تَتَوَسَّلُ‏

مجموعة ورام، ج‏2، ص: 101

بِهِمْ أَنْ يَجْعَلَكَ أَغْنَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ سَلْمَانُ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ وَ سَأَلْتُهُ مَا هُوَ أَجَلُّ وَ أَنْفَعُ وَ أَفْضَلُ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا سَأَلْتُهُ بِهِمْ ص أَنْ يَجْعَلَ لِي لِسَاناً لِتَحْمِيدِهِ وَ ثَنَائِهِ ذَاكِراً وَ قَلْباً لآِلَائِهِ شَاكِراً وَ بَدَناً عَلَى الدَّوَاهِي الدَّاهِيَةِ لِي صَابِراً وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَجَابَنِي إِلَى مُلْتَمَسِي مِنْ ذَلِكَ وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا وَ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرَاتِهَا مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ مَرَّةٍ

فَقَالَ الْإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ ع حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ ع‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِهِ عِنْدَهُ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ فَجَاءَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي غُنَيْمَاتٍ قَدْرَ سِتِّينَ شَاةً أَكْرَهُ أَنْ أَبْدُوَ 1050 فِيهَا وَ أُفَارِقَ حَضْرَتَكَ وَ خِدْمَتَكَ وَ أَكْرَهُ أَنْ أَكِلَهَا إِلَى رَاعٍ فَيَظْلِمَهَا وَ يُسِي‏ءَ رِعَايَتَهَا فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ابْدُ فِيهَا فَبَدَا فِيهَا فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مَا فَعَلْتَ فِي غُنَيْمَاتِكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا قِصَّةً عَجِيبَةً فَقَالَ وَ مَا هِيَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَمَا أَنَا فِي صَلَاةٍ إِذْ عَدَا 1051 الذِّئْبُ عَلَى غَنَمِي فَقُلْتُ يَا رَبِّ صَلَاتِي يَا رَبِّ غَنَمِي وَ آثَرْتُ صَلَاتِي عَلَى غَنَمِي فَأَخْطَرَ الشَّيْطَانُ بِبَالِي يَا أَبَا ذَرٍّ أَيْنَ أَنْتَ إِنْ عَدَتِ الذِّئَابُ بِغَنَمِكَ وَ أَنْتَ تُصَلِّي فَأَهْلَكَتْهَا كُلَّهَا وَ مَا يَبْقَى لَكَ فِي الدُّنْيَا مَا تَعِيشُ بِهِ فَقُلْتُ لِلشَّيْطَانِ يَبْقَى تَوْحِيدُ اللَّهِ وَ الْإِيمَانُ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مُوَالاةُ أَخِيهِ سَيِّدِ الْخَلْقِ بَعْدَهُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ مُوَالاةُ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ وُلْدِهِ وَ مُعَادَاةُ أَعْدَائِهِمْ وَ كُلُّ مَا فَاتَ مِنَ الدُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ سَهْلٌ وَ أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي فَجَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا فَذَهَبَ بِهِ وَ أَنَا أَحُسُّ بِهِ إِذْ أَقْبَلَ عَلَى الذِّئْبِ أَسَدٌ فَقَطَعَهُ نِصْفَيْنِ وَ اسْتَنْقَذَ الْحَمَلَ وَ رَدَّهُ إِلَى الْقَطِيعِ ثُمَّ نَادَى يَا أَبَا ذَرٍّ أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِكَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَكَّلَنِي بِغَنَمِكَ إِلَى أَنْ تُصَلِّيَ فَأَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي وَ قَدْ غَشِيَنِي مِنَ التَّعَجُّبِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ فَجَاءَنِي الْأَسَدُ وَ قَالَ امْضِ إِلَى مُحَمَّدٍ وَ أَقْرِئْهُ السَّلَامَ وَ أَخْبِرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَ صَاحِبَكَ الْحَافِظَ لِشَرِيعَتِكَ وَ وَكَّلَ أَسَداً بِغَنَمِهِ يَحْفَظُهَا فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص‏

صفحه بعد