کتابخانه روایات شیعه
مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ 547 . قال: و هي تجري 548 في وجه آخر على غير تأويل حيي و أبي ياسر و أصحابهما.
و فيه 549 : في حديث طويل، عن أبي محمد العسكري- عليه السلام: و جعل هذا القول، حجة على اليهود. و ذلك أن اللّه تعالى، لما بعث موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء، الى بني إسرائيل، لم يكن فيهم قوم 550 الا أخذوا عليهم العهود و المواثيق، ليؤمن بمحمد العربي الأمي المبعوث بمكة، الذي يهاجر الى المدينة، يأتي بكتاب، بالحروف 551 المقطعة، افتتاح بعض سوره. يحفظه أمته، فيقرءونه قياما و قعودا و مشاة و على كل الأحوال. يسهل اللّه- عز و جل- حفظه عليهم [و] 552 يقرنون بمحمد- صلى اللّه عليه و آله- أخاه و وصيه علي بن أبي طالب- عليه السلام- الآخذ عنه علومه، التي علمها. و المتقلد عنه الأمانة التي قلدها 553 و يذلل 554 كل من عاند محمدا بسيفه الباتر، و يفحم كل من حاوله 555 و خاصمه بدليله القاهر 556 . يقاتل عباد اللّه على تنزيل كتاب اللّه، حتى يقودهم الى قبوله طائعين
و كارهين. ثم إذا صار محمد الى رضوان اللّه- عز و جل- ارتد 557 كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، و حرفوا تأويلاته، و غيروا معانيه، و وضعوها على خلاف وجوهها.
قاتلهم بعد ذلك على تأويله، حتى يكون إبليس الغاوي لهم، هو الخاسئ 558 الذليل المطرود المغلول.
قال: فلما بعث اللّه محمدا، و أظهره بمكة، ثم سيره منها الى المدينة، و أظهره بها، ثم أنزل عليه 559 الكتاب، و جعل افتتاح سورته 560 الكبرى، «بالم»، يعنى:
الم ذلِكَ الْكِتابُ . و هو ذلك الكتاب الذي أخبرت الأنبياء 561 السالفين، اني سأنزله عليك، يا محمد لا رَيْبَ فِيهِ . فقد ظهر كما أخبرهم به أنبياؤهم، أن محمدا، ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل. يقرؤه هو و أمته على سائر أحوالهم. ثم اليهود، يحرفونه عن جهته و يتناولونه 562 على غير وجهه. و يتعاطون التوصل الى علم ما قد طواه اللّه عنهم، من حال آجال هذه الأمة، و كم مدة ملكهم.
فجاء الى رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- جماعة منهم 563 . فولى رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- عليا- عليه السلام- مخاطبتهم 564 .
فقال قائلهم: ان كان ما يقول محمد حقا، لقد علمناكم قدر ملك أمته، هو
احدى 565 و سبعون سنة، «الألف»، واحد. و «اللام»، ثلاثون. و «الميم»، أربعون.
فقال علي- عليه السلام-: فما تصنعون «بالمص»؟ و قد أنزلت 566 عليه.
فقالوا 567 : هذه احدى و ستون و مائة سنة قال: فما ذا تصنعون «بالر»؟ و قد أنزلت عليه.
فقالوا: هذه اكثر. هذه مائتان و احدى و ثلاثون سنة.
فقال علي- عليه السلام-: فما تصنعون بما أنزل عليه «المر»؟
قالوا: هذه مائتان و احدى و سبعون سنة.
فقال علي- عليه السلام-: فواحدة من هذه له أو جميعها له؟
فاختلط كلامهم. فبعضهم قال له واحدة منها. و بعضهم قال بل يجمع له كلها و ذلك سبعمائة و أربع [و ثلاثون سنة] 568 ثم يرجع الملك إلينا، يعني الى اليهود.
فقال علي- عليه السلام-: أ كتاب من كتب اللّه- عز و جل- نطق بهذا؟ أم آراؤكم دلتكم عليه؟
فقال 569 بعضهم: كتاب اللّه نطق به. و قال آخرون منهم: بل آراؤنا دلت عليه.
فقال علي- عليه السلام-: فأتوا بالكتاب من عند اللّه، ينطق بما تقولون.
فعجزوا عن إيراد ذلك.
و قال 570 للآخرين: فدلونا على صواب هذا الرأي.
فقالوا: صواب رأينا، دليله. ان هذا حساب الجمل.
فقال علي- عليه السلام-: كيف دل على ما تقولون؟ و ليس في هذه الحروف الا ما اقترحتم بلا بيان. أ رأيتم ان قيل لكم: ان هذه الحروف ليست دالة على هذه المدة، لملك أمة محمد- صلى اللّه عليه و آله- و لكنها دالة على أن كل واحد منكم، قد لعن بعدد هذا الحساب. أو أن عدد ذلك، لكل واحد منكم و منا، بعدد هذا الحساب، دراهم 571 أو دنانير. او أن لعلي [على] 572 كل واحد منكم، دين 573 ، عدد ماله مثل عدد هذا الحساب.
فقالوا: يا أبا الحسن! ليس شيء مما ذكرته، منصوصا عليه في الم و المص و الر و المر».
فقال علي- عليه السلام-: و لا شيء مما ذكرتموه، منصوصا عليه في الم و المص و الر و المر». فان بطل قولنا لما قلنا، بطل قولك لما قلت.
فقال خطيبهم و منطيقهم: لا تفرح، يا علي! بأن عجزنا عن اقامة حجة [فيما نقول] 574 ، على دعوانا. فأي حجة لك في دعواك. الا أن تجعل عجزنا حجتك.
فإذا مالنا حجة فيما نقول و لا لكم حجة فيما تقولون.
قال علي- عليه السلام-: لا سواه 575 ، ان لنا حجة، هي المعجزة الباهرة.
ثم نادى جمال اليهود: يا أيتها 576 الجمال! اشهدي لمحمد و لوصيه.
فتبادرت 577 الجمال: صدقت صدقت يا وصي محمد. و كذب هؤلاء اليهود.
فقال علي- عليه السلام: هؤلاء جنس من الشهود. يا ثياب اليهود! التي عليهم، اشهدي لمحمد و لوصيه.
فنطقت ثيابهم- كلهم: صدقت، صدقت يا علي. نشهد أن محمدا، رسول اللّه حقا و انك يا علي! وصيه حقا. لم يثبت محمدا قدما في مكرمة، الا وطئت على موضع قدمه، بمثل مكرمته. فأنتما شقيقان، من أشرف 578 أنوار اللّه. تميزتما 579 اثنين. و أنتما في الفضائل شريكان. الا أنه لا نبي بعد محمد- صلى اللّه عليه و آله.
فعند ذلك خرست اليهود. و آمن بعض النظارة منهم، برسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- و غلب 580 الشقاء، على اليهود و سائر النظارة الآخرين. فذلك ما قال اللّه تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ . انه كما قال محمد و وصي محمد، عن قول محمد- صلى اللّه عليه و آله- عن قول رب العالمين.
و في مجمع البيان 581 : اختلف العلماء في الحروف المعجمة المفتتحة 582 بها السور. فذهب بعضهم الى
أنها من المتشابهات التي استأثر اللّه بعلمها. و لا يعلم تأويلها الا هو. و هذا هو المروي عن أئمتنا عليهم السلام.
و روت 583 العامة عن أمير المؤمنين- عليه السلام- انه قال: لكل كتاب صفوة
و صفوة هذا الكتاب، حروف التهجّي.
و روى أبو إسحاق الثعلبي، في تفسيره مسندا 584 الى علي بن موسى الرضا- عليه السلام- قال: سئل جعفر بن محمد الصادق- عليه السلام- عن قوله «الم» فقال: في «الالف»، ست صفات من صفات اللّه- عز و جل:
الابتداء، فان اللّه- عز و جل- ابتداء 585 جميع الخلق. و «الألف»، ابتداء الحروف.
و الاستواء، فهو عادل غير جائر. و «الالف» مستو في ذاته.
و الانفراد، فاللّه فرد. و «الالف» فرد.
و اتصال الخلق باللّه. و اللّه لا يتصل بالخلق. و كلهم «يحتاجون اليه» 586 .
و اللّه غني عنهم. و «الالف كذلك» 587 ، لا يتصل بالحروف. و الحروف متصلة به، و هو منقطع عن 588 غيره.
و اللّه تعالى بائن بجميع صفاته من خلقه.
و معناه من الألفة. و كان 589 اللّه عز و جل سبب ألفة الخلق، فكذلك الالف، عليه تألفت الحروف. و هو سبب ألفتها.) 590
و أقول 591 : و يحتمل أن يكون الكل، مع احتمالات أخر، لا ينافي الشرع.
ليس هاهنا موضع ذكرها، مرادا 592 . و اللّه أعلم بحقيقة الحال.
و هذه الأسماء، معربة. و انما سكنت سكون زيد و عمر و بكر، حيث لا يمسها اعراب، لفقد مقتضية. و الدليل على أن سكونها، وقف، أنه يقال: «ص» و «ق» و «ن»، مجموعا، فيها بين الساكنين. و إذا وقف على آخرها، قصرت. لأنها في تلك الحالة، خليقة بالأخف الاوجز، و مدت في حال الاعراب. و هي اما مفردة، كص. أو على زنة مفرد، كحم. فانه كهابيل، أو لا.
الأول: يجوز فيه الاعراب و الحكاية.
و الثاني: ليس فيه الا الثاني.
فقوله «الم»، في محل النصب، على حذف حرف القسم، و اعمال 593 فعله.
أو الجر على تقديره. أو الرفع على أنه مبتدأ، ما بعده خبره. أو خبر محذوف المبتدأ.
ذلِكَ : اسم اشارة، مركب من اسم و حرفين. فالاسم «ذا» للمذكر الواحد: أما ذكورة المشار اليه. فلتأثيره في نفس المخاطب. و انتاجه فيها، معرفة الحقّ و صفاته سبحانه.
و أما افراده. فلأن المشار اليه و ان كان متعددا في نفسه. لكنه ملحوظ، من حيث أحدية الجمعية، كما تدل عليه الاخبار عنه، «بالكتاب»، المنبئ عن الجمعية أو توصيفه به.