کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
و قد روي هذا الخبر عن بعض العرب و قيل إنه أكل حوارا 11297 و أكلت امرأته حائلا 11298 فلما أراد أن يدنو منها و عجز قالت له كيف تصل إلي و بيني و بينك بعيران.
و كان الحجاج عظيم الأكل قال مسلم بن قتيبة كنت في دار الحجاج مع ولده و أنا غلام فقيل قد جاء الأمير فدخل الحجاج فأمر بتنور فنصب و أمر رجلا أن يخبز له خبز الماء و دعا بسمك فأتوه به فجعل يأكل حتى أكل ثمانين جاما من السمك بثمانين رغيفا من خبز الملة 11299 .
و كان هلال بن أشعر المازني موصوفا بكثرة الأكل أكل ثلاث جفان ثريد و استسقى فجاءوه بقربة مملوءة نبيذا فوضعوا فمها في فمه حتى شربها بأسرها.
و كان هلال بن أبي بردة أكولا قال قصابه جاءني رسوله سحرة فأتيته و بين يديه كانون فيه جمر و تيس ضخم فقال دونك هذا التيس فاذبحه فذبحته و سلخته فقال أخرج هذا الكانون إلى الرواق و شرح اللحم و كبه على النار فجعلت كلما استوى شيء قدمته إليه حتى لم يبق من التيس إلا العظام و قطعة لحم على الجمر فقال لي كلها فأكلتها ثم شرب خمسة أقداح و ناولني قدحا فشربته فهزني و جاءته جارية ببرمة فيها ناهضان 11300 و دجاجتان و أرغفة فأكل ذلك كله ثم جاءته جارية أخرى بقصعة مغطاة لا أدري ما فيها فضحك إلى الجارية فقال ويحك لم يبق في بطني موضع لهذا فضحكت الجارية و انصرفت فقال لي الحق بأهلك.
و كان عنبسة بن زياد أكولا نهما فحدث رجل من ثقيف قال دعاني عبيد الله الأحمر فقلت لعنبسة هل لك يا ذبحة و كان هذا لقبة في إتيان الأحمر فمضينا إليه فلما رآه عبيد الله رحب به و قال للخباز ضع بين يدي هذا مثل ما تضع بين يدي أهل المائدة كلهم فجعل يأتيه بقصعة و أهل المائدة بقصعة و هو يأتي عليها ثم أتاه بجدي فأكله كله و نهض القوم فأكل كل ما تخلف على المائدة و خرجنا فلقينا خلف بن عبد الله القطامي فقال له يا خلف أ ما تغديني يوما فقلت لخلف ويحك لا تجده مثل اليوم فقال له ما تشتهي قال تمرا و سمنا فانطلق به إلى منزله فجاء بخمس جلال 11301 تمرا و جرة سمنا فأكل الجميع و خرج فمر برجل يبني داره و معه مائة رجل و قد قدم لهم سمنا و تمرا فدعاه إلى الأكل معهم فأكل حتى شكوه إلى صاحب الدار ثم خرج فمر برجل بين يديه زنبيل فيه خبز أرز يابس بسمسم و هو يبيعه فجعل يساومه و يأكل حتى أتى على الزنبيل فأعطيت صاحب الزنبيل ثمن خبزة.
و كان ميسرة الرأس أكولا حكي عنه عند المهدي محمد بن المنصور أنه يأكل كثيرا فاستدعاه و أحضر فيلا و جعل يرمي لكل واحد منهما رغيفا حتى أكل كل واحد منهما تسعة و تسعين رغيفا و امتنع الفيل من تمام المائة و أكل ميسرة تمام المائة و زاد عليها.
و كان أبو الحسن العلاف والد أبي بكر بن العلاف الشاعر المحدث أكولا دخل يوما على الوزير أبي بكر محمد المهلبي فأمر الوزير أن يؤخذ حماره فيذبح و يطبخ بماء و ملح ثم قدم له على مائدة الوزير فأكل و هو يظنه لحم
البقر و يستطيبه حتى أتى عليه فلما خرج ليركب طلب الحمار فقيل له في جوفك.
و كان أبو العالية أكولا نذرت امرأة حامل إن أتت بذكر تشبع أبا العالية خبيصا فولدت غلاما فأحضرته فأكل سبع جفان خبيصا ثم أمسك و خرج فقيل له إنها كانت نذرت أن تشبعك فقال و الله لو علمت ما شبعت إلى الليل
174 [و من كلامه ع في أن الناس أعداء ما جهلوا]
وَ قَالَ ع النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.
هذه الكلمة قد تقدمت و تقدم منا ذكر نظائرها و العلة في أن الإنسان عدو ما يجهله أنه يخاف من تقريعه 11302 بالنقص و بعدم العلم بذلك الشيء خصوصا إذا ضمه ناد أو جمع من الناس فإنه تتصاغر نفسه عنده إذا خاضوا فيما لا يعرفه و ينقص في أعين الحاضرين و كل شيء آذاك و نال منك فهو عدوك 11303
175 [و من كلامه ع في النهي عن تضييع الفرصة في الرأي ثم محاولة الاستدراك بعد أن فات وجه الرأي]
وَ قَالَ ع مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الآْرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَإِ.
قد قالوا في المثل شر الرأي الدبري.
و قال الشاعر
و خير الرأي ما استقبلت منه
و ليس بأن تتبعه اتباعا .
و ليس المراد بهذا الأمر سرعة فضل الحال لأول خاطر و لأول رأي إن ذلك خطأ و قديما قيل دع الرأي يغب.
و قيل كل رأي لم يخمر و يبيت 11304 فلا خير فيه.
و إنما المنهي عنه تضييع الفرصة في الرأي ثم محاولة الاستدراك بعد أن فات وجه الرأي فذاك هو الرأي الدبري
176 [و من كلامه ع في إعانة الله تعالى من قوي على إزالة المنكر]
وَ قَالَ ع مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ الْغَضَبِ لِلَّهِ قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ الْبَاطِلِ.
هذا من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الكلمة تتضمن استعارة تدل على الفصاحة و المعنى أن من أرهف عزمه على إنكار المنكر و قوي غضبه في ذات الله و لم يخف و لم يراقب مخلوقا أعانه الله على إزالة المنكر و إن كان قويا صادرا من جهة عزيزة الجانب و عنها وقعت الكناية بأشداء الباطل
177 [و من كلامه ع في أن كل أمر من خير أوشر يكون سماعه أعظم من عيانه]
وَ قَالَ ع إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ.
ما أحسن ما قال المتنبي في هذا المعنى
و إذا لم يكن من الموت بد
فمن العجز أن تكون جبانا
كل ما لم يكن من الصعب في الأنفس
سهل فيها إذا هو كانا .
و قال آخر
لعمرك ما المكروه إلا ارتقابه
و أعظم مما حل ما يتوقع .
و قال آخر
صعوبة الرزء تلقى في توقعه
مستقبلا و انقضاء الرزء أن يقعا .
و كان يقال توسط الخوف تأمن.
و من الأمثال العامية أم المقتول تنام و أم المهدد لا تنام.
و كان يقال كل أمر من خير أو شر فسماعه أعظم من عيانه.