کتابخانه روایات شیعه
عَلَى أَنَّ تَرْكَ الدُّعَاءِ اسْتِكْبَارٌ عَنْ عِبَادَتِهِ وَ سَبَبٌ لِدُخُولِ النَّارِ وَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ.
وَ قَدْ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَادَةِ يَسْتَكْبِرُ الْإِنْسَانُ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الدُّعَاءُ وَ أَنَّ تَارِكَهُ مَعَ هَذَا الْأَمْرِ بِهِ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ.
و في بعض ذلك كفاية للعارفين و لو لم يكن في فضيلة الدعاء إلا قول الله جل جلاله لسيد الأنبياء ص وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ و هذا عظيم لأنه صدر على مقتضى المدح لهم و كان دعاءهم بالغداة و العشي سبب أمر الله جل جلاله لرسوله ع بملازمتهم و ألا تعدو عيناه الشريفتان عن صحبتهم
الفصل الرابع فيما نذكره من أخبار في فضيلة الدعاء صريحة البيان
هذا الفصل يشتمل على عدة معان من فوائد الدعوات منها أنه أحب الأعمال إلى الله جل جلاله. كما
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي الْأَرْضِ الدُّعَاءُ وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْعَفَافُ.
و منها أنه ينجي من الأعداء و أهل الشقاق و يفتح أبواب الأرزاق كما
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [بْنِ] الْمُغِيرَةِ عَنِ
الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى سِلَاحٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ يُدِرُّ أَرْزَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ تَدْعُونَ رَبَّكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الدُّعَاءَ أَنْفَذُ مِنَ السِّلَاحِ الْحَدِيدِ.
و منها أن الدعاء عمود الدين و نور السموات و الأرضين كما
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَمُودُ الدِّينِ وَ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ .
و منها أنه المراد بقوله جل جلاله ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها كما
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ زِيَادٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها قَالَ الدُّعَاءُ.
و منها أن الدعاء شفاء من كل داء كما
رَوَاهُ أَيْضاً مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمِيثَمِيِّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ مِنْهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ حَتَّى السَّامِ قُلْتُ بَلَى قَالَ الدُّعَاءُ.
و منها أن الدعاء يرد القضاء المبرم كما
رَوَاهُ الْحُصَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ وَ ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ بَعْدَ مَا أُبْرِمَ إِبْرَاماً فَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مِفْتَاحُ كُلِّ رَحْمَةٍ وَ نَجَاحُ كُلِّ حَاجَةٍ وَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابٍ يَكْثُرُ قَرْعُهُ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ يُفْتَحَ لِصَاحِبِهِ.
. و منها أن من تخوف من نزول البلاء فدفعه بالدعاء بلغه الله جل جلاله ما أراده من الرجاء كما
رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَنْبَسَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ تَخَوَّفَ بَلَاءً يُصِيبُهُ فَيَقُومُ فِيهِ بِالدُّعَاءِ لَمْ يُرِهِ اللَّهُ ذَلِكَ الْبَلَاءَ أَبَداً.
يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضي الدين ركن الإسلام أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسيني وفقه الله جل جلاله لما يريد منه و يرضى به عنه كلما تضمنته هذه الأخبار من فوائد الدعاء وجدناه على العيان مما تفضل الله جل جلاله به علينا من إنعامه و الإحسان فمن كان يحسن ظنه في صدق المقال فلا يشك فيما ذكرناه من حقيقة هذه الحال. و منها أن الدعاء يستقبل نزول البلاء فيمنعه و يدفعه إلى يوم الجزاء كما
رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ بِنْتِ إِلْيَاسَ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي ع يَقُولُ إِنَّ الدُّعَاءَ يَسْتَقْبِلُ الْبَلَاءَ فَيَتَوَافَقَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
. و منها أن يد الداعي لا ترجع فارغة من فضل رحمة الله جل جلاله. كما
رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنِ ابْنِ الْقَيْدَاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا أَبْرَزَ عَبْدٌ يَدَهُ إِلَى اللَّهِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ إِلَّا اسْتَحْيَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَرُدَّهَا صِفْراً حَتَّى يُحَصِّلَ فِيهَا مِنْ فَضْلِ رَحْمَتِهِ فَإِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَرُدَّ يَدَهُ حَتَّى يَمْسَحَ عَلَى وَجْهِهِ وَ رَأْسِهِ.
الفصل الخامس فيما نذكره من أن الدعاء و مناجاة الرحمن أفضل من تلاوة كلام الله جل جلاله العظيم الشأن
فمن ذلك ما
رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى وَ فَضَالَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلَانِ افْتَتَحَا الصَّلَاةَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَلَا هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ فَكَانَتْ تِلَاوَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ دُعَائِهِ وَ دَعَا هَذَا فَكَانَ دُعَاؤُهُ أَكْثَرَ مِنْ تِلَاوَتِهِ ثُمَّ انْصَرَفَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَقَالَ كُلٌّ فِيهِ فَضْلٌ كُلٌّ حَسَنٌ قَالَ قُلْتُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ كُلًّا حَسَنٌ وَ أَنَّ كُلًّا فِيهِ فَضْلٌ فَقَالَ الدُّعَاءُ أَفْضَلُ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ هِيَ وَ اللَّهِ الْعِبَادَةُ- أَ لَيْسَتْ هِيَ الْعِبَادَةَ- هِيَ وَ اللَّهِ الْعِبَادَةُ- هِيَ وَ اللَّهِ الْعِبَادَةُ- أَ لَيْسَتْ أَشَدَّهُنَّ- هِيَ وَ اللَّهِ أَشَدُّهُنَّ- وَ اللَّهِ أَشَدُّهُنَّ.
و من ذلك ما
رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَحْبُوبٍ السَّرَّادُ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فِي الصَّلَاةِ كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ أَوْ طُولُ اللَّبْثِ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ فَقَالَ كَثْرَةُ اللَّبْثِ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّمَا عَنَى بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ طُولَ اللَّبْثِ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ قَالَ قُلْتُ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ أَوْ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ فَقَالَ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ .
الفصل السادس فيما نذكره بالعقل من صفات الداعي التي ينبغي أن ينتهي إليها
يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضي الدين ركن الإسلام أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وفقه الله لما يريد منه و يرضى عنه الذي ينبغي أن يكون الداعي عليه أن يعرف أنه عبد مملوك لمالك قادر قاهر مطلع عليه و أن هذا العبد لا غنى له عن سيده و لا يخلو أبدا من الحاجة إليه و أن هذا المالك جل جلاله في أعظم الجلالة و المهابة و علو الشأن و أن هذا العبد في أدون الرذالة و المهانة و النقصان و أن أصله من التراب و مِنْ طِينٍ و مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ و مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثم يده صفر من حياته و من وجوده و من عافيته و من تدبير أصول سعادته في دنياه و آخرته فإذا أضاف هذا العبد إلى هذا الأصل الضعيف السقيم المهين الذميم مخالفة مولاه المحسن إليه القادر القاهر المطلع عليه و هون بجلاله و إقباله و عارضه في فعاله و مقاله و رأى غير ما يرى من مصالح أحواله فيجب أن يكون حاله عند الدعوات و المناجاة كما يكون العبد الخائن الذليل بين يدي مولاه يخاطب خطاب الذليل العزيز الجليل و خطاب الحقير الفقير للمالك الغني العلي الكبير و خطاب الضعيف السخيف للمولى المرهوب المخوف و خطاب أهل الجنايات و الخيانات لأعظم مالك قادر على الانتقام في سائر الأوقات و أن يكون مراده جل جلاله من دعائك له في مقدس حضرة وجوده مقدما على مرادك من رحمته و جوده فيكون تلذذك بحمده و تعظيم شأنه و الاعتراف بإحسانه أحب إليك في أوقات الدعاء من ذكر حوائجك
و لو كانت من مهماتك في دار الفناء أو لدفع أعظم البلاء فإنك أيها العبد لو عرفته جل جلاله على اليقين عرفت أن اشتغالك بحفظ حرمته و حق رحمته أبلغ فيما تراه من إجابته و مساعدته. كما
رَوَيْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ مَنْ شُغِلَ بِذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي مَنْ سَأَلَنِي.
أقول أنا أ ما عرفت هذا المقام عن أهل القدوة من أئمة الإسلام
أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ السَّلَامِ قَالَ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَائِي وَ دُعَاءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي ثُمَّ ذَكَرَ تَهْلِيلًا وَ تَمْجِيداً وَ تَحْمِيداً فَقِيلَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَيْنَ هَذَا مِنَ الدُّعَاءِ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ وَ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ وَ تَأَخَّرَ عَنْهُ مِنَ الْأَصْفِيَاءِ مَا مَعْنَاهُ فَأَيُّمَا أَعْرَفُ بِمُرَادِ الدَّاعِي وَ السَّائِلِ وَ أَكْمَلُ فِي طَلَبِ الْفَضَائِلِ 8 اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُذْعَانَ حَيْثُ مَدَحَهُ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فَقَالَ
أَ أَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي
حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ
إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْماً
كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ
.
قلت أنا فجعل المادح ثناه على الممدوح يكفي في قضاء حاجته فالله جل جلاله أحق بذلك لكمال جوده و رحمته فإذا رأيت قلبك و عقلك و نفسك بين يدي الله جل جلاله على هذه الصفات عند الضراعات فاعلم أنك في حضرة وجوده و جوده فيا لها من عنايات و مفتاح سعادات و تعجيل إجابات و إذا رأيت قلبك غافلا و عقلك ذاهلا و وجدت نفسك لها عن الله جل جلاله شغلا شاغلا و كأنك تدعو و لست بحضرة أحد على اليقين
و لا أنت بين يدي مالك عظيم الشأن مالك العالمين و لا على وجهك ذل العبودية و لا خوف الهيبة المعظمة الإلهية و لا رعدة الجناة العصاة إذا رأى أحدهم مولاه فاعلم أنك محجوب بالذنوب عن علام الغيوب و معزول بالعيوب عن ذلك المقام المحبوب و ممنوع بخراب القلوب عن بلوغ المطلوب و احذر أن يكون الله جل جلاله قد شهد عليك أنك لا تؤمن به و من شهد عليهم الله جل جلاله بعدم الإيمان فإنهم هالكون أ ما قال سبحانه إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فابك على نفسك بكاء من اطلع مولاه على سوء عبوديته و خبث سريرته و سوء سيرته فطرده عن أبوابه و أبعده عن أعتابه و جعل من جملة عقابه أن شغله بدنياه عن شرف رضاه فإذا تأخرت عنك إجابة الدعوات و أنت على ما ذممناه من الصفات فالذنب لك على التحقيق و ما كنت داعيا لمولاك على التصديق و لا وقفت عنده على باب التوفيق
الفصل السابع فيما نذكره بالنقل من الصفات التي ينبغي أن يكون الداعي عليها
رَوَى سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ ع هَكَذَا الرَّغْبَةُ وَ أَبْرَزَ رَاحَتَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ هَكَذَا الرَّهْبَةُ وَ جَعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ هَكَذَا التَّضَرُّعُ وَ حَرَّكَ أَصَابِعَهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ هَكَذَا التَّبَتُّلُ يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ مَرَّةً وَ يَضَعُهَا مَرَّةً وَ هَكَذَا الِابْتِهَالُ وَ مَدَّ يَدَهُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ قَالَ لَا تَبْتَهِلْ حَتَّى تَجْرِيَ الدَّمْعَةُ.