کتابخانه روایات شیعه
بِأَكْفَانِهِمْ.
الخبر. أقول و لو لم يكن إلا أنه هو الملبوس الذي يجتمع فيه شمله بمولاه على ما يرجوه من السلامة في دنياه و السعادة بأخراه و كل مملوك فإنه يتجمل في الملبوس عند جمع شمله بمالكه فينبغي تجميل هذا العبد لسيده الذي يرجوه لتخليصه من سائر مهالكه و هو أعز الأثواب و أحلاها و ألذها و أعلاها و أشرفها و أسناها عند العارفين بمعناها و عند المسعودين بإقبال الجلالة الإلهية و الظافرين برضاها. و قد كنت أحرمت في نصيفين من قطن بيضاوين و وفقت [وقفت] بهما في موقف عرفات و كان يوم جمعة و تهيئا الوقوف على صفات المناجاة من بعد صلاة الظهرين حين وقت الوقوف إلى بعد غروب الشمس على ما فتحه علينا جود المالك الرءوف فلما قضيت الحج فيهما نشرتهما و بسطتهما على الكعبة الشريفة و أركانها المعظمة المنيعة و على الحجر الأسود المكرم و جعلت ذلك كالحسب و السبب إلى رحمة المالك الأرحم الأكرم. ثم لما قدمت المدينة النبوية بسطتهما بطنا و ظهرا على الحجرة الميمونة المحمدية و جعلت ذلك كالحسب و السبب إلى شفاعة ذلك المولى الجد المقدم على كل رسول و إلى أن أبلغ به و منه نهايات المأمول. ثم مضيت إلى الأئمة الأطهار بالبقيع فصنعت مثل ذلك الصنيع و جعلت ذلك كالحسب و السبب للسلامة من يوم الهائل الفظيع و لما وصلت إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع بسطتهما بطنا و ظهرا لذلك على ضريح ذلك الوالد الأبر سيد الأوصياء إلى أن أبلغ منه نهايات الرجاء.
ثم حملتهما صحبتي إلى مشهد مولانا الحسين ع فبسطتهما بطنا و ظهرا على ضريحه و جعلت ذلك كالحسب و السبب عنده إلى كل ما يبلغ الأمل إليه. ثم صنعت بهما كذلك في ضريحي مولانا الكاظم [و] مولانا الجواد و ضريحي مولانا الهادي و مولانا الحسن العسكري و محل غيبة مولانا المهدي صلوات الله جل جلاله عليهم أجمعين و جعلت ذلك كالحسب و السبب إلى شفاعتهم و رضا مالك يوم الدين و فصلته و هيأته و هو عندي و من قلبي في أعز مكان و أرجو أن يكون اجتماع شملي فيه بمولاي الحليم الرحيم صاحب الإحسان و أدخل به دار الرضوان حتى يخلع الله جل جلاله على مملوكه ما يقتضيه رحمته و جوده من خلع الحب و القرب و القبول و يشرفه بما يراه و يرضاه له عند القدوم و الوصول إن شاء الله تعالى. و لا يقال إن الكفن ما روي عن الأئمة عليهم أفضل السلام أنه يهيأ قبل الممات بل ذلك موجود في الروايات و أنه يستحب إذا هيأ قبل مماته أن ينظر إليه كل وقت في حياته. و أنا أخرج كفني و أنظره في كل وقت أستصوب النظر إليه و كأنني أشاهد عرضي على الله جل جلاله و أنا لابسه و قائم بين يديه. و رأيت في كتاب الملحق بتاريخ الطبري تأليف أحمد بن كامل بن شجرة في حوادث سنة عشرة و ثلاث مائة ما هذا لفظه في وقت المغرب في عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال توفي بها أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري الفقيه و قد أضحى النهار من يوم الإثنين غد ذلك اليوم في داره برحبة يعقوب و كفن في ثلاثة أثواب حبرة أدرج فيها
إدراجا و كان قد أعدها لنفسه في حياته و استجاده ثم ذكر في مدحه لمأد ثيابه عليه شيئا عظيما
فصل
وَ رَأَيْتُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ فِي مُسْنَدِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: بَعَثَ حُذَيْفَةُ مَنْ يَبْتَاعُ لَهُ كَفَناً فَابْتَاعُوا لَهُ كَفَناً بِثَلَاثِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَيْسَ أُرِيدُ هَذَا وَ لَكِنِ ابْتَاعُوا ربطتين [رَيْطَتَيْنِ] بَيْضَاوَتَيْنِ خَشِنَتَيْنِ وَ رَوَاهُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ
فمن الرواية بذلك ما
رُوِّيْنَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ مَدِينَةِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ كَانَ كَفَنُهُ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَ كَانَ مَأْجُوراً كُلَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ.
وَ قَدْ ذَكَرَ الْمُفِيدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْإِرْشَادِ وَ غَيْرِهِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ أَنَّ مَوْلَانَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع قَالَ قَبْلَ وَفَاتِهِ مَا هَذَا لَفْظُهُ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مُهُورُ نِسَائِنَا وَ حَجُّ صَرُورَتِنَا وَ أَكْفَانُ مَوْتَانَا مِنْ أَطْهَرِ أَمْوَالِنَا وَ عِنْدِي كَفَنِي.
أقول فهذا مولانا موسى بن جعفر ص قدوة في إعداد الكفن كما أشرنا إليه. أقول و روي في كتب دلائل الأئمة ص أخبار كثيرة بأنهم هيئوا أكفان جماعة من شيعتهم قبل وفاتهم و نفذوا الأكفان إليهم و الكفن المفروض في الظاهر من مذهبنا مذهب أهل البيت ع ثلاثة أقطاع مئزر يشد به وسط الميت فاضل و قميص كامل و إزار شامل و يستحب أن يضاف إلى ذلك حبرة يمنية حمراء أو بيضاء و إزار آخر و خرقة يضم بها وركيه و يحفظ حقويه و يضاف إلى ذلك عمامة زيادة في الاستعداد و السعادة و يهيأ من الكافور الذي لم تمسه النار ثلاثة عشر درهما و ثلث و بعض هذا الكافور للغسلة الثانية من غسل الأموات و بعضه
يترك على مساجده بعد الثلاث غسلات. و روي أنما جعل أفضله ثلاثة عشر درهما و ثلثا لما
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ كِتَابِ الْكَافِي أَنَّ النَّبِيَّ ص أَهْدَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً كَافُوراً عِنْدَ وَفَاتِهِ فَقَسَمَهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَوْلَانَا عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ ع فَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَجْلِ الْوَفَاةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً وَ ثُلُثاً.
و يجزي ما دون ذلك من الكافور و يكتب على جميع الأكفان فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و أن عليا أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و عليا و محمدا و جعفرا و موسى و عليا و محمدا و عليا و الحسن و الحجة المهدي أئمته أئمة هدى أبرار. فإذا هيأ العبد كفنه فينبغي أن يهيئ أيضا قبره الذي يدفن فيه فهو من مهمات الأمور لأني رأيت الذين يحملون الميت إلى القبور إما محزون مشغول بأحزانه أو متكلف مستأجر يشتغل بالأحياء عن الاستظهار للميت و عن إصلاح شأنه. و قد صنع ذلك جماعة من أهل الاعتبار و رويت و رأيت في الأخبار أن أبا جعفر محمد بن السعيد عثمان بن سعيد العمري صنع قبره في حياته كما سيأتي في بعض رواياته
ذكر صفة القبر
ينبغي أن يكون القبر قدر قامة أو إلى الترقوة و يكون فيه لحد من جهة القبلة بمقدار ما يجلس الجالس فيه فإنه منزل الخلوة و الوحدة فيوسع بحسب ما أمر الله جل جلاله مما يقرب إلى مراضيه و قد كنت مضيت بنفسي و أشرت إلى من حفر لي قبرا كما
اخترته في جوار جدي و مولاي علي بن أبي طالب ع متضيفا و مستجيرا و رافدا و سائلا و آملا متوسلا بكل ما توسل به أحد من الخلائق إليه و جعلته تحت قدمي والدي رضوان الله جل جلاله عليهما لأني وجدت الله جل جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما و يوصيني بالإحسان إليهما فأردت أن يكون رأسي مهما بقيت في القبور تحت قدميهما. و لا يقال فهل سبق أحد من العارفين إلى تهيئة قبره قبل الممات. فأقول قد ورد ذلك في كثير من الروايات فمنها ما
ذَكَرَهُ جَدِّيَ السَّعِيدُ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ غَيْرُهُ فِي كِتَابِ الْغَيْبَةِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُوحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو نُصَيْرٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي جِيدٍ الْقُمِّيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الدَّلَّالُ الْقُمِّيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ يَعْنِي وَكِيلَ مَوْلَانَا الْمَهْدِيِّ ع لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاجَةٌ وَ نَقَّاشٌ يَنْقُشُ عَلَيْهَا وَ يَكْتُبُ عَلَيْهَا آياً مِنَ الْقُرْآنِ وَ أَسْمَاءَ الْأَئِمَّةِ ع عَلَى جَوَانِبِهَا فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي مَا هَذِهِ السَّاجَةُ فَقَالَ لِي هَذِهِ لِقَبْرِي تَكُونُ فِيهِ أُوضَعُ عَلَيْهَا أَوْ قَالَ أُسْنَدُ إِلَيْهَا وَ قَدْ فَرَغْتُ مِنْهُ وَ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ أَنْزِلُ إِلَيْهِ وَ أَقْرَأُ أَجْزَاءً مِنَ الْقُرْآنِ فِيهِ وَ أَصْعَدُ وَ أَظُنُّهُ قَالَ وَ أَخَذَ بِيَدِي وَ أَرَانِيهِ فَإِذَا كَانَ مِنْ يَوْمِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا صِرْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ دُفِنْتُ فِيهِ وَ هَذِهِ السَّاجَةُ مَعَهُ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَثْبَتُّ مَا ذَكَرَهُ وَ لَمْ أَزَلْ مُتَرَقِّباً ذَلِكَ فَمَا تَأَخَّرَ الْأَمْرُ حَتَّى اعْتَلَّ أَبُو جَعْفَرٍ فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِي قَالَهُ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَ دُفِنَ فِيهِ.
وَ رَأَيْتُ فِي كِتَابِ الْإِسْتِيعَابِ فِي الْجُزْءِ الرَّابِعِ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَفَرَ قَبْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَ كَانَ أَخَا
رَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مَعَدٍّ فِي الْجُزْءِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الطَّبَقَاتِ حَفْرَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي حَيَاتِهِ.
أقول و كان جدي ورام بن أبي فراس قدس الله روحه و هو ممن يقتدى بفعله قد أوصى أن يجعل في فمه بعد وفاته فص عقيق عليه أسماء أئمته ص فنقشت أنا فصا عقيقا عليه الله ربي و محمد نبيي و علي إمامى و سميت الأئمة ع إلى آخرهم أئمتي و وسيلتي و أوصيت أن يجعل في فمي بعد الموت ليكون جواب الملكين عند المساءلة في القبر إن شاء الله تعالى أقول
وَ رَأَيْتُ فِي كِتَابِ رَبِيعِ الْأَبْرَارِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ فِي بَابِ اللِّبَاسِ وَ الْحُلِيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَمْوَاتِ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَى فَصٍّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي فَمِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ.
يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أفضل السادة أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس شرف الله قدره و أعلى ذكره. فإذا هيأ الإنسان جميع مهماته و فرغ من مصالحه لحياته و بعد وفاته و حضره رسول رب العالمين بالانتقال فينبغي أن يفرح و يستبشر بهذه الحال فإن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه. فلا يغتر بمن يقول أنا نكره الموت لأجل أننا لو بقينا زدنا في صالح الأعمال فإنه لو كان هذا مرادنا بكراهة الموت و الانتقال كان من أصلح أعمالنا و المعقول أن نمتثل أمر الله جل جلاله على لسان ملك الموت و نتلقاه بالقبول و لا نعارض الله جل جلاله و لا نرى تدبيرنا و اختيارنا خيرا لأنفسنا من تدبيره فإن العبد ليس له معارضة مولاه في كثير
أمره و يسيره. و لا يغرنك من يقول إنا نكره الموت لأجل أن لنا سيئات فنحب البقاء حتى نستدركها قبل الممات فإن هذا من خدائع الشيطان و إلا فأنت أيها الكاره في وقت الإمكان فاستدرك ما تقدر عليه في الحال و ما تعجز عنه فإن الله جل جلاله يعذرك و يقبل التوبة و لا تجمع بين المخالفة له جل جلاله أولا و آخرا بكراهة القبول منه في الانتقال. و لا يغرنك من يقول إننا أخربنا الآخرة و عمرنا الدنيا فنحن نكره الانتقال من العمران إلى الخراب فإن هذا كله من غلط ذوي الألباب و إلا فأنت أيها الكاره قادر الآن بالتوبة و الندامة على السلامة من خطر يوم القيامة و على عمارة دار المقامة و إياك و متابعة الغافلين فإن سيد المرسلين إنما طعن على دعوى اليهود بأن قال لهم فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فإذا كنتم أيها المسلمون الغافلون أيضا للموت كارهين فقد انقلب سؤال الرسول ص عليكم و صرتم محجوجين بما احتج به على أعداء الدين
صفة ما ينبغي اعتماده عند احتضار الأموات
يجب أن يوجه الميت إلى القبلة على ما وجه لعل معناه قد تركت سائر الأبواب و وجهت وجهي إلى بابك بذل العبودية و انكسار القلب و انقطاع الأسباب و يبادر بإرسال يديه عن يمين و شمال لعل معناه أنني قد استسلمت إليك و ألقيت بيدي و نفسي بين يديك و يقرأ عنده القرآن و من أفضل ما يقرأ عنده سورة يس و الصافات و كلمات الفرج كما قدمناه و هي