کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

فلاح السائل و نجاح المسائل

المقدمة الفصل الأول في تعظيم حال الصلاة و أن مهملها من أعظم الجناة الفصل الثاني في صفة الصلاة التي‏ الفصل الثالث فيما نذكره من فضيلة الدعاء من صريح القرآن‏ الفصل الرابع فيما نذكره من أخبار في فضيلة الدعاء صريحة البيان‏ الفصل الخامس فيما نذكره من أن الدعاء و مناجاة الرحمن أفضل من تلاوة كلام الله جل جلاله العظيم الشأن‏ الفصل السادس فيما نذكره بالعقل من صفات الداعي التي ينبغي أن ينتهي إليها الفصل السابع فيما نذكره بالنقل من الصفات التي ينبغي أن يكون الداعي عليها الفصل الثامن فيما نذكره من الفوائد بالمحافظة على الإكثار من المناجاة و فضيلة الدعاء للإخوان بظهر الغيب و لأئمة النجاة الفصل التاسع في صفة مقدمات الطهارة و صفة الماء الذي يصلح لطهارة الصلاة ما يحتاج إليه الإنسان لدخول الخلاء و البول و الغائط و تلك الضرورات‏ ذكر بعض ما رويناه من آداب و دعوات عند دخول الخلاء إلى أن يخرج منه‏ ذكر ما نقول في صفة ماء الطهارة الفصل العاشر في صفة الطهارة بالمعقول من مراد الرسول لكمال في القبول‏ الفصل الحادي عشر في صفة الطهارة بالماء بحسب المنقول‏ الفصل الثاني عشر في صفة التراب أو ما يقوم مقامه و الطهارة الصغرى به بعد تعذر الطهارة بالماء الفصل الثالث عشر في صفة الطهارة بالماء للغسل عقلا و نقلا ذكر غسل الجنابة و أما حكم حيضهن و استحاضتهن و نفاسهن‏ ذكر ما نورده من الأغسال المندوبة ذكر غسل الميت و ما يتقدمه و يتعقبه‏ [ذكر عهد الميت‏] نسخة الكتاب توضع عند الجريدة مع الميت‏ [آداب الاحتضار] [ذكر صفة الكفن‏] فصل‏ ذكر صفة القبر صفة ما ينبغي اعتماده عند احتضار الأموات‏ صفة تغسيل الأموات‏ صفة تكفين الأموات‏ ذكر صفة الصلاة على الأموات‏ ذكر التعزية ذكر صفة دفن الأموات‏ ذكر ما نورده من صفات زيارة قبور الأموات‏ ذكر ما يعمل قبل أول ليلة يدفن الإنسان في قبره‏ الفصل الرابع عشر في صفة الطهارة بالتراب عوضا عن الغسل بعد تعذر الطهارة بالمياه و اختيار الثياب و المياه و المكان للصلاة و ما يقال عند دخول المساجد و الوقوف في القبلة لما رويناه‏ صفة التيمم عوضا عن الغسل‏ ذكر فضل بعض المساجد و تفاوت الصلاة فيها صفة دخول المسجد الفصل الخامس عشر فيما نذكره من تعيين أول صلاة فرضت على العباد و أنها هي الوسطى‏ الفصل السادس عشر فيما ينبغي عمله عند زوال الشمس‏ الفصل السابع عشر فيما نذكره من نوافل الزوال و بعض أسرار تلك الحال‏ ذكر ما نذكره من أسرار الصلاة ذكر نية الصلاة ذكر تكبيرة الحرام‏ ذكر التوجه‏ ذكر أدبه في التحميد و التمجيد ذكر أدبه عند قوله‏ . ذكر أدب العبد في قوله‏ ذكر أدبه في الدعوات في الصلاة عند قوله‏ و في كل موضع يراد منه أن يدعو فيه في الصلاة بقلب سليم. ذكر أدب العبد في قراءة القرآن في الصلوات على سبيل الجملة في سائر الآيات‏ ذكر أدبه في الركوع و الخضوع‏ ذكر أدبه في السجود فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ ذكر الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية في الصلاة ذكر الشهادة لمحمد بن عبد الله رسول الله ص بالرسالة و النيابة عن صاحب العظمة و الجلالة ذكر الصلاة على محمد ص‏ ذكر التسليم في الصلاة ذكر المعنى الثاني في أن نوافل الزوال صلاة الأوابين‏ ذكر المعنى الثالث في الاستخارة عند نوافل الزوال‏ ذكر ما نريد تقديمه من طريق الروايات في تعظيم حال الصلوات‏ ذكر ما يقرأ في النوافل على العموم‏ ذكر ما يقرأ في نوافل الزوال خاصة على الوجه المرسوم‏ ذكر القبلة ذكر ما يستحب التوجه فيه بسبع تكبيرات و ما نرويه في سبب ذلك‏ ذكر ما نرويه في سبب سبع تكبيرات‏ صفة نوافل الزوال‏ ذكر رواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال‏ ذكر رواية أخرى في الدعاء عقيب كل ركعتين من نافلة الزوال‏ الفصل الثامن عشر فيما نذكره من صفة الأذان و الإقامة و بعض أسرارهما ذكر بعض ما رويناه من أسرار الإقامة ذكر ما نريد وصفه من أحكام الأذان و الإقامة الفصل التاسع عشر فيما نذكره من فضل صلاة الظهر و صفتها و بعض أسرارها و جملة من تعقيبها و سجدتي الشكر و ما يتبعها ذكر دخول العبد في فريضة صلاة الظهر ذكر فضل لصلاة الراضين بتدبير الله جل جلاله القائمين بشروط الله جل جلاله‏ الفصل العشرون فيما نذكره من نوافل العصر و أدعيتها و بعض أسرارها الفصل الحادي و العشرون في صلاة العصر و ما نذكره من الإشارة إلى شرحها و تعقيبها الفصل الثاني و العشرون فيما نذكره من دعاء الغروب و تحرير الصحيفة التي أثبتها الملكان و ما تختم به لتعرض على علام الغيوب‏ فصل‏ الفصل الثالث و العشرون في تلقي الملكين الحافظين عند ابتداء الليل و في صفة صلاة المغرب و ما نذكر من شرحها و تعقيبها الفصل الرابع و العشرون في نوافل المغرب و ما نذكره من الدعاء بينها و عقيبها ذكر رواية بما يقرأ في الأربع الركعات من نوافل المغرب‏ ذكر رواية أخرى بما يقرأ في الركعتين الأولتين‏ ذكر ما نريده من الدعاء في آخر سجدة من نوافل المغرب و فضل ذلك‏ ذكر صفة صلاة الركعتين الأولتين من نوافل المغرب‏ الفصل الخامس و العشرون فيما نذكره من صلوات بين نوافل المغرب و بين صلاة عشاء الآخرة و فضل ذلك‏ ذكر فضل التطوع بين العشاءين‏ ذكر رواية أخرى في فضل ذلك‏ ذكر ما يختار ذكره من الصلوات بين العشاءين بالروايات أيضا الفصل السادس و العشرون فيما نذكره من وقت صلاة العشاء الآخرة و صفتها و تعقيبها الفصل السابع و العشرون فيما نذكره من صلاة للفرج بعد صلاة العشاء الآخرة الفصل الثامن و العشرون فيما نذكره من صلاة لطلب الرزق و غيرها من صلوات بعد عشاء الآخرة أيضا الفصل التاسع و العشرون في صلاة الوتيرة و ما نذكره من تعقيبها ذكر ما يقرأ في صلاة الوتيرة ذكر رواية أخرى مما يقرأ في صلاة الوتيرة ذكر صفة صلاة الوتيرة الفصل الثلاثون فيما نذكره مما ينبغي العمل به قبل النوم و إذا استيقظ في خلال نومه و لم يجلس‏ ذكر حال العبد إذا نام بين يدي مولاه‏ ذكر رواية عن الهادي ع بما يقول أهل البيت ع عند المنام‏ ذكر تفصيل فضائل بعض ما أجملناه‏ ذكر فضيلة قراءة ذكر فضيلة الآية ذكر فضيلة قراءة آية الكرسي و المعوذتين‏ ذكر رواية أخرى لمن كان يفزع من كتاب المشيخة ذكر فضيلة لآخر سورة بني إسرائيل و آخر سورة الكهف‏ رواية الأمان من الاحتلام‏ رواية في الأمان من اللصوص‏ رواية في الأمان من السرق‏ ذكر ما يحتاج إليه الإنسان إذا أراد النوم في حال دون حال‏ رواية أخرى في زوال الْأَرَقِ و استجلاب النوم‏ رواية أخرى في زوال الأرق و استجلاب النوم‏ ذكر ما يقوله بعد النوم إذا انقلب على فراشه و لم يجلس‏ ذكر ما يفعله و يقوله إذا رأى في منامه ما يكره‏ رواية ثانية في دفع رؤيا مكروهة رواية ثالثة لدفع ما يكره من الرؤيا [كلمة الناشر] فهرس الكتاب‏

فلاح السائل و نجاح المسائل


صفحه قبل

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 59

و سأذكرها تفصيلا في مسائل التفريع لذلك ما عرفت أن أحدا سبقني إلى تحريرها كما أذكرها و لا أقول إن ما عليها مدخلا لمن ينظرها 11 . فأقول المرأة إذا وجدت الدم فهي على قسمين مبتدئة و غير مبتدئة فإن كانت مبتدئة فعليها أربعة أحوال إذا استمر بها الدم أولها أن يتميز لها بالصفة التي يقتضي كونه حيضا فتعمل عليها. الثاني لا يتميز بالصفة المشار إليها فلترجع في حيضها إلى عادة نسائها من أهلها الثالث لا يتميز و لا تكون لها نساء أو كن مختلفات فلتعمل على عادة من هو مثلها في السن من النساء. الرابع لا يتميز و ليس لها نساء و لا مثل في السن أو كن مختلفات فلتترك الصلاة في كل شهر ثلاثة أيام كأقل أيام الحيض استظهارا للعبادة. و إن كانت المرأة عند استمرار الدم غير مبتدئة و كانت لها عادة فلها أربعة أحوال أحدها أن يكون لها عادة فلا تمييز فلتعمل على العادة الثاني لها عادة و تمييز فلتعمل على العادة و قيل على التمييز و الأول أرجح الثالث اختلفت عادتها و لا تمييز لها و قد نسيت العادة فلها ثلاثة أحوال أحدها أن تكون ذاكرة للعدد ناسية للوقت و الثاني أن تنساهما و الثالث أن تذكر الوقت و تنسى العدد فإن كانت ذاكرة للعدد ناسية للوقت فلها حالتان تارة يحصل لها اليقين في بعض الحيض مثاله أن تقول كنت أحيض ستة أيام من العشر الأول و لا أعلم موضعها من العشر فحكمها أن تفعل من أول العشر إلى آخر يوم الرابع منه ما تفعله‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 60

المستحاضة و تغتسل آخر اليوم السادس غسل انقطاع دم الحائض لجواز أن يكون ذلك الوقت آخر الستة الأيام التي ذكرت أنها تعرف أنها تكون فيها حائضا و بعده لكل صلاة غسلا عن غسل الحيض لجواز أن يكون دم الحيض عند كل صلاة و تعمل بعد اليوم السادس عمل المستحاضة و تارة لا يحصل لها اليقين بشي‏ء من الحيض كامرأة قالت إن حيضي كانت عشرة أيام من كل شهر و لا أعلم موضعها فإن حكمها أن تفعل ما تفعله المستحاضة إلى آخر العشر الأول من الشهر ثم تغتسل عند كل صلاة غسل الحائض لجواز انقطاع دم الحيض عند ذلك مع ما تعمله المستحاضة إلى آخر الشهر و إن كانت المرأة ناسية للعدد و الوقت تركت الصلاة في كل شهر ثلاثة أيام عن أقل أيام الحيض احتياطا للعادة و عملت في غير الثلاثة الأيام ما تعمله المستحاضة. و إن كانت المرأة ذاكرة للوقت ناسية للعدد فلها ثلاثة أحوال أيضا أحدها أن تذكر أول الحيض و لا تذكر آخره و الثاني أن تذكر آخره و لا تذكر أوله و الثالث أن لا تذكر أوله و لا آخره بل تعرف أنها كانت تكون حائضا في وقت و لا تعرف أول حيضها أو وسطه أو آخره فإذا ذكرت أوله تجعل حيضها ثلاثة أيام و تغتسل في آخرها غسل الحائض ثم تغتسل عند كل صلاة غسل الحائض مع ما تعمله من عمل المستحاضة إلى آخر الشهر و إذا ذكرت آخر الحيض دون أوله تغتسل في آخر الوقت الذي تعلم أنه آخر حيضها غسل الحائض و تعمل في باقي الشهر عمل المستحاضة و إن كانت ناسية لأوله و آخره فتجعل الوقت الذي تذكر أنه حيض حيضا و تغتسل في آخره غسل الحائض و تكون قبله عاملة عمل المستحاضة و بعد ذلك الوقت تغتسل عند كل صلاة غسل الحائض‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 61

إلى آخر عشرة أيام مع ما تعمله من عمل المستحاضة ثم تغتسل بعد العشرة أيام غسل الحائض ثم تعمل إلى آخر الشهر عمل المستحاضة و كل موضع لا يعلم أيام حيضها فتقضي في ذلك الشهر الصوم عن عشرة أيام و بعض الصلاة عما زاد على ثلاثة أيام و هذا التفصيل جيد لمن عرفه من ذوي الأفهام.

ذكر ما نورده من الأغسال المندوبة

و هو غسلُ التوبةِ و غسلُ الجمعةِ و غسلُ أول ليلة من شهر رمضان و غسلُ كل ليلة مفردةٍ منه و أفضلُ أغسالِهِ غسلُ ليلةِ النصف منه و غسلُ ليلةِ سبع عشرة منه و غسلُ ليلةِ تسع عشرة منه و غسلُ ليلةِ إحدى و عشرين منه و غسلُ ليلةِ ثلاث و عشرين منه. و ذكر الشيخ أبي قُرَّة رحمه الله في كتابه عمل شهر رمضان غسلَ ليلةِ أربع و عشرين منه و غسلَ ليلةِ خمس و عشرين منه و ليلةِ سبعٍ و عشرين منه و ليلةِ تسعٍ و عشرين منه و روى في ذلك روايات و غسل ليلة عيد الفطر و غسل يوم عيد الفطر- و غسل يوم عرفة و هو تاسع ذي الحجة و غسل عيد الأضحى عاشر ذي الحجة و غسل يوم الغدير ثامن عشر ذي الحجة و غسل يوم المباهلة و هو رابع و عشرين ذي الحجة و غسل يوم مولد النبي ص و هو يوم سابع عشر ربيع الأول و غسل صلاة الكسوف إذا كان قد احترق كله و تركها متعمدا فيغتسل و يقضيها و غسل صلاة الحاجة و غسل صلاة الاستخارة و غسل الإحرام و غسل دخول الحرم و غسل دخول المسجد الحرام و دخول الكعبة و دخول المدينة و دخول مسجد النبي ص و عند زيارته عليه أكمل الصلاة و عند زيارة الأئمة من عترته أين كانت قبورهم عليهم‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 62

أفضل التحيات و غسل أخذ التربة من ضريح الحسين ع في بعض الروايات‏

ذكر غسل الميت و ما يتقدمه و يتعقبه‏

الموت هول هائل و خطب شامل يهدم اللذات و يفرق الجماعات و يهجم بالشتات و يحول بين العبد و بين لذة البقاء و بين أنسه بالأحباء و الأحياء و يقطع حبال الآمال و يمنع من نفع الأهل و الأموال. هذا بعض حاله مع الجاهلين بأهواله و أما العارفون بأخطاره و المطلعون على أسراره فإنه يفرق بينهم و بين الاستعداد للمعاد و يمنعهم من استدراك ما فرطوا فيه في دار النفاد و يفقرهم من غنى الإمكان و يحملهم في أسر الخجل و الخذلان و يحجبهم بالرد و الحرمان إذا قال قائلهم‏ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ‏ فيقال‏ كَلَّا و كان قبل ذلك يقال لهم لو عملوا الصالحات مرحبا و أهلا و يقذف بهم في مطمورة الوحدة و الانفراد و وحشة تفرق الأحشاء و الأجساد و أهوال سؤال منكر و نكير و استحضار أخطار ما أسلفوا من ذنب صغير أو كبير و أوائل زلازل تهديد و وعيد و فتح باب إلى عذاب شديد. فما أشبه حال الموت بما

وَصَفَهُ الْمَوْلَى الْأَمْنِ مِنْ خَطَرِ الْمَوْتِ مَوْلَانَا عَلِيٌّ ع حَيْثُ قَالَ: لَمْ أَرَ يَقِيناً لَا شَكَّ فِيهِ صَارَ كَشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ كَالْمَوْتِ.

أقول و لو لا خوف التطويل ذكرت شيئا عظيما في ذلك من الشرح و التفصيل و أعرف قوما أنجادا أمجادا أفرادا كأن الموت على من مضى منهم سعادة و رحمة و يكون الموت على من بقي منهم زيادة و نعمة فما أشوقهم إلى انقضاء أيام دار الزوال و ما أعرفهم بوجوه الإقبال و ما أسعفهم‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 63

بصفات الكمال و ما أخوفهم من المقام في الدنيا حذرا من نقصان الأعمال و الأحوال كوشفوا بجلالة مولاهم و عرفوا أنه جل جلاله يراهم فأرواحهم و عقولهم و قلوبهم و نفوسهم مشغولة به لذاته قد بهرهم مقدس ذاته و شرف صفاته و يخدمون خدمة جهد المستطيع و يندبون و يبكون ندب من لم يزل في التفريط و التضييع عرفهم ما أراد من كنه جلاله و عظمة إقباله فشغلهم بجلالته و هيبته و حرمته و مراحمه و مكارمه و نعمته عن حظوظ أنفسهم منه. و ما بقي لهم قلب و لا جنان و لا لسان و لا إمكان تصرف فيما يبعدهم عنه تقيدت الجوارح بقيود الحضور في خدمة المعبود و تولهت العقول و تتيهت بهول ذلك الوجود و الجود فعظمته جل جلاله لهم ذاهلة و رحمته جل جلاله الكاملة لهم شاغلة إذ كل منهما يملك قلوب العارفين و يشغل عقول المكاشفين. و لكن أولئك لا يعرفون إن وجدوا و إن غابوا لم يفتقدوا و ما أعني أن أسماءهم و وجوههم غير معروفة بل الوجوه و الأسماء موصوفة و أسرارهم و أسرار مولاهم عندهم غير مكشوفة و لا تعجب إذا قيل لك إنهم لا يعرفون و هم منظورون لأن سيدهم و من هو أعظم كمالا و جلالا منهم قال الله جل جلاله عنه‏ وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ‏ . و إنما نرتب حديث الموت و غسل الأموات على الغالب من أحوال أهل الغفلات الذين يهدم الموت عليهم ما يحبونه من الأعمار و يخرب ما ألفوه من عمارة الديار و يزعجهم عن القرار. فالعاقل من اهتم غاية الاهتمام بالتأهب لتزلزل الأقدام و عمل ما يوصى به المفرطون فإنه إذا فرط في نفسه فالأوصياء في التفريط

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 64

إذا معذورون. فمثاله مثال عبد أدخله مولاه حضرته و مكنه أن يسأل مهما شاء فيعجل إجابته أو يعمل كل عمل صالح فيضاعف كرامته فشرع ذلك العبد يفتش زوايا المجلس و يسأل من هناك من الغلمان و يلتمس رقعة يكتب فيها وصية يسندها إلى بعض من هناك من أتباع السلطان إذا أخرجه مولاه من حضرة الإمكان و غلق الباب بينه و بينه و صار في ذل الهوان و تكون وصيته فيما كان يقدر أن يقضيه من مولاه في حال حضوره بين يديه أ ما يسفهه و يجهله و يعدمه كل من يعرف حاله و يزري عليه فكذا حال من مكنه الله جل جلاله في حال حياته من مناجاته و عباداته و قضاء حاجاته و أهمل و أغفل و صار يريد الوصية إذا أخرجه مولاه من حضرة الحياة و أخرجه بالذل و الهوان في أسر الوفاة و غلق الباب بينه و بين القبول أ ما يكون سفيها أو معدما أو مجهلا أو ملوما عند أهل العقول فإذا لم يقبل العبد نصيحة من يحثه على الاستظهار و استمر على الغفلة و الإصرار فالواجب عليه تعجيل ما يمكن تعجيله عند ضيق الخناق و قرب الموت و اليقين بالفراق و أما ما يضيق الوقت عن تعجيله من استدراك أحواله أو ما يحتاج إليه للنظر في أمر أطفاله أو عياله أو أمواله فليوص الوصية الكاملة بالكتاب و الشهود و يبدأ فيها بالأهم فالأهم مما يحتاج إليه لليوم الموعود فيبدأ بتجهيزه إلى الله جل جلاله على التمام و إن كان حاله يضيق عن ذلك المرام فيجتهد بحسب الإمكان. ثم يرد المظالم إن أمكن أو باستحلالها من أصحابها كيف كان أو بالوصية إلى الإخوان في إبراء ذمته من الحقوق الواجبة أو المندوبة أو الإيثار و وجوه المبار و بقضاء الديون و أداء الحقوق و الفروض و القيام‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 65

صفحه بعد