کتابخانه روایات شیعه
و إن لم يجدوا قلوبهم و عقولهم موافقة على هذا الإخلاص في ترك تركاتهم و أنها إنما يترك ذلك بالطبع لئلا يرى الناس أولادهم و وراثهم في ذل ضروراتهم و لئلا يشمت بهم شامت من العباد أو لغير ذلك من الخواطر التي لا يكون المراد بها عبادة مالك يوم المعاد فإنهم عند هذه الحال يحملون أنفسهم قبل الوفاة على إخراجها في الصدقات و القربات و تحصيل صفات الكمال قبل الممات و لا يقنعون أن يتركوها ضائعة بعدهم بغير نية القربات. فإذا فرغ هذا العبد مما ذكرناه في إصلاح حاله و الوصية لوراثه و عياله و بقي من المهمات ما يحتاج إليه عند الممات و بعد الفوات. فمن ذلك العهد الذي يحتاج الميت إليه و نحن نقدمه أولا لأنه يحتاج إلى زمان يجمع الشهود و تمام الشهادة عليه
[ذكر عهد الميت]
ذَكَرَ الْعَهْدَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْجَلُودِيُّ إِجَازَةً فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْأَسَدِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع عَنْ آبَائِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ لَمْ يُحْسِنِ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ نَقْصاً فِي عَقْلِهِ وَ مُرُوَّتِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ص وَ كَيْفَ الْوَصِيَّةُ قَالَ إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ قَالَ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً ص عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّكَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَ أَنَّ الْحِسَابَ حَقٌّ وَ أَنَ
الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ مِنَ الْمَأْكَلِ وَ الْمَشْرَبِ وَ النِّكَاحِ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْإِيمَانَ حَقٌّ وَ أَنَّ الدِّينَ كَمَا وَصَفْتَ وَ أَنَّ الْإِسْلَامَ كَمَا شَرَعْتَ وَ أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا قُلْتَ وَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَمَا أَنْزَلْتَ وَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ وَ أَنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا أَنِّي رَضِيتُ بِكَ رَبّاً وَ بِالْإِسْلَامِ دِيناً وَ بِمُحَمَّدٍ ص نَبِيّاً وَ بِعَلِيٍّ إِمَاماً وَ بِالْقُرْآنِ كِتَاباً وَ أَنَّ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ ع أَئِمَّتِي اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي عِنْدَ شِدَّتِي وَ رَجَائِي عِنْدَ كُرْبَتِي وَ عُدَّتِي عِنْدَ الْأُمُورِ الَّتِي تَنْزِلُ بِي وَ أَنْتَ وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي وَ إِلَهِي وَ إِلَهَ آبَائِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً وَ آنِسْ فِي قَبْرِي وَحْشَتِي وَ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْداً يَوْمَ أَلْقَاكَ مَنْشُوراً فَهَذَا عَهْدُ الْمَيِّتِ يَوْمَ يُوصِي بِحَاجَتِهِ وَ الْوَصِيَّةُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ تَصْدِيقُ هَذَا فِي سُورَةِ مَرْيَمَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً وَ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ وَ قَالَ النَّبِيُّ ص لِعَلِيٍّ ع تَعَلَّمْهَا أَنْتَ وَ عَلِّمْهَا أَهْلَ بَيْتِكَ وَ شِيعَتَكَ قَالَ وَ قَالَ ع عَلَّمَنِيهَا جَبْرَئِيلُ ع.
نسخة الكتاب توضع عند الجريدة مع الميت
تَقُولُ قَبْلَ أَنْ تَكْتُبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ص وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَ حَقٌ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ثُمَّ يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ أَخَاهُمْ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ- وَ يَذْكُرُ اسْمَ الرَّجُلِ وَ اسْمَ أَبِيهِ- أَشْهَدَهُمْ وَ اسْتَوْدَعَهُمْ وَ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً ص عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ ع وَ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ
وَ إِمَامُهُ وَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ أَئِمَّتُهُ وَ أَنَّ أَوَّلَهُمُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ الْقَائِمُ الْحُجَّةُ ع وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ النَّارَ حَقٌّ وَ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً ص رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مُسْتَخْلَفُهُ فِي أُمَّتِهِ مُؤَدِّياً لِأَمْرِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنَيْهَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ وَ سِبْطَاهُ وَ إِمَامَا الْهُدَى وَ قَائِدَا الرَّحْمَةِ وَ أَنَّ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ جَعْفَراً وَ مُوسَى وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ حَسَناً وَ الْحُجَّةَ ع أَئِمَّةٌ وَ قَادَةٌ وَ دُعَاةٌ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَلَا وَ حُجَجُهُ عَلَى عِبَادِهِ ثُمَّ يَقُولُ لِلشُّهُودِ يَا فُلَانُ وَ فُلَانُ لِلْمُسَمَّيْنَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَثْبِتُوا لِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ عِنْدَكُمْ حَتَّى يَأْتُونِّي بِهَا عِنْدَ الْحَوْضِ ثُمَّ يَقُولُ الشُّهُودُ يَا فُلَانُ نَسْتَوْدِعُكَ وَ الشَّهَادَةَ وَ الْإِقْرَارَ وَ الْإِخَاءَ وَ مَوْعُودَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ نَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ بَرَكَاتِهِ. ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ وَ تُطْبَعُ وَ تُخْتَمُ بِخَاتَمِ الشُّهُودِ وَ خَاتَمِ الْمَيِّتِ وَ تُوضَعُ عَنْ يَمِينِ الْمَيِّتِ مَعَ الْجَرِيدَةِ وَ تُكْتَبُ الصَّحِيفَةُ بِكَافُورٍ وَ عُودٍ عَلَى جِهَتِهِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
و به التوفيق و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله الأخيار الأبرار و سلم تسليما.
[آداب الاحتضار]
و ينبغي إذا حضر الموت أن يستقبل بباطن قدميه القبلة و يكون عنده من يقرأ القرآن و آكدها سورة يس و الصافات و يذكر الله تعالى و يلقن الشهادتين و الإقرار بالأئمة واحدا واحدا و يلقن كلمات الفرج
و هي
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ.
و لا يحضره جنب و لا حائض ثم يحصل أكفانه و كافوره و ما يحتاج إليه لتغسيله من أطيب وجوه مقدوراته و يستعده في حياته لئلا يهون بتكميله بعد وفاته.
ذكر ذلك على ما نذكره من التفصيل
[ذكر صفة الكفن]
أما الكفن فيكون من الثياب البيض الرفيعة الجميلة فقد روي أن الناس يتنافسون في أكفانهم يوم التغابن و المقامات الجليلة. فما رويته في ذلك
مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِ مَدِينَةِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَنَوَّقُوا فِي الْأَكْفَانِ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ بِهَا.
وَ وَجَدْتُ فِي الْمُجَلَّدِ الثَّالِثِ فِي تَارِيخِ نَيْشَابُورَ لِلْحَاكِمِ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبِيضُ فَلْيَلْبَسْهَا أَخْيَارُكُمْ وَ كَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ.
أقول و قد صار هذا مرويا من الطرفين.
وَ مِنْ كِتَابِ مَدِينَةِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادِهِ أَيْضاً إِلَى الصَّادِقِ ع قَالَ: أَجِيدُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهَا زِينَتُهُمْ.
وَ رَوَى صَاحِبُ كِتَابِ سِيَرِ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَيْهِمْ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الصَّادِقِ ع قَالَ: إِنَّ أَبِي ع أَوْصَانِي عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ يَا جَعْفَرُ كَفِّنِّي فِي ثَوْبِ كَذَا وَ كَذَا وَ ثَوْبِ كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ الْمَوْتَى يَتَبَاهَوْنَ
بِأَكْفَانِهِمْ.
الخبر. أقول و لو لم يكن إلا أنه هو الملبوس الذي يجتمع فيه شمله بمولاه على ما يرجوه من السلامة في دنياه و السعادة بأخراه و كل مملوك فإنه يتجمل في الملبوس عند جمع شمله بمالكه فينبغي تجميل هذا العبد لسيده الذي يرجوه لتخليصه من سائر مهالكه و هو أعز الأثواب و أحلاها و ألذها و أعلاها و أشرفها و أسناها عند العارفين بمعناها و عند المسعودين بإقبال الجلالة الإلهية و الظافرين برضاها. و قد كنت أحرمت في نصيفين من قطن بيضاوين و وفقت [وقفت] بهما في موقف عرفات و كان يوم جمعة و تهيئا الوقوف على صفات المناجاة من بعد صلاة الظهرين حين وقت الوقوف إلى بعد غروب الشمس على ما فتحه علينا جود المالك الرءوف فلما قضيت الحج فيهما نشرتهما و بسطتهما على الكعبة الشريفة و أركانها المعظمة المنيعة و على الحجر الأسود المكرم و جعلت ذلك كالحسب و السبب إلى رحمة المالك الأرحم الأكرم. ثم لما قدمت المدينة النبوية بسطتهما بطنا و ظهرا على الحجرة الميمونة المحمدية و جعلت ذلك كالحسب و السبب إلى شفاعة ذلك المولى الجد المقدم على كل رسول و إلى أن أبلغ به و منه نهايات المأمول. ثم مضيت إلى الأئمة الأطهار بالبقيع فصنعت مثل ذلك الصنيع و جعلت ذلك كالحسب و السبب للسلامة من يوم الهائل الفظيع و لما وصلت إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع بسطتهما بطنا و ظهرا لذلك على ضريح ذلك الوالد الأبر سيد الأوصياء إلى أن أبلغ منه نهايات الرجاء.
ثم حملتهما صحبتي إلى مشهد مولانا الحسين ع فبسطتهما بطنا و ظهرا على ضريحه و جعلت ذلك كالحسب و السبب عنده إلى كل ما يبلغ الأمل إليه. ثم صنعت بهما كذلك في ضريحي مولانا الكاظم [و] مولانا الجواد و ضريحي مولانا الهادي و مولانا الحسن العسكري و محل غيبة مولانا المهدي صلوات الله جل جلاله عليهم أجمعين و جعلت ذلك كالحسب و السبب إلى شفاعتهم و رضا مالك يوم الدين و فصلته و هيأته و هو عندي و من قلبي في أعز مكان و أرجو أن يكون اجتماع شملي فيه بمولاي الحليم الرحيم صاحب الإحسان و أدخل به دار الرضوان حتى يخلع الله جل جلاله على مملوكه ما يقتضيه رحمته و جوده من خلع الحب و القرب و القبول و يشرفه بما يراه و يرضاه له عند القدوم و الوصول إن شاء الله تعالى. و لا يقال إن الكفن ما روي عن الأئمة عليهم أفضل السلام أنه يهيأ قبل الممات بل ذلك موجود في الروايات و أنه يستحب إذا هيأ قبل مماته أن ينظر إليه كل وقت في حياته. و أنا أخرج كفني و أنظره في كل وقت أستصوب النظر إليه و كأنني أشاهد عرضي على الله جل جلاله و أنا لابسه و قائم بين يديه. و رأيت في كتاب الملحق بتاريخ الطبري تأليف أحمد بن كامل بن شجرة في حوادث سنة عشرة و ثلاث مائة ما هذا لفظه في وقت المغرب في عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال توفي بها أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري الفقيه و قد أضحى النهار من يوم الإثنين غد ذلك اليوم في داره برحبة يعقوب و كفن في ثلاثة أثواب حبرة أدرج فيها
إدراجا و كان قد أعدها لنفسه في حياته و استجاده ثم ذكر في مدحه لمأد ثيابه عليه شيئا عظيما
فصل
وَ رَأَيْتُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ فِي مُسْنَدِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: بَعَثَ حُذَيْفَةُ مَنْ يَبْتَاعُ لَهُ كَفَناً فَابْتَاعُوا لَهُ كَفَناً بِثَلَاثِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَيْسَ أُرِيدُ هَذَا وَ لَكِنِ ابْتَاعُوا ربطتين [رَيْطَتَيْنِ] بَيْضَاوَتَيْنِ خَشِنَتَيْنِ وَ رَوَاهُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ
فمن الرواية بذلك ما
رُوِّيْنَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ مَدِينَةِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ كَانَ كَفَنُهُ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَ كَانَ مَأْجُوراً كُلَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ.
وَ قَدْ ذَكَرَ الْمُفِيدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْإِرْشَادِ وَ غَيْرِهِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ أَنَّ مَوْلَانَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع قَالَ قَبْلَ وَفَاتِهِ مَا هَذَا لَفْظُهُ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مُهُورُ نِسَائِنَا وَ حَجُّ صَرُورَتِنَا وَ أَكْفَانُ مَوْتَانَا مِنْ أَطْهَرِ أَمْوَالِنَا وَ عِنْدِي كَفَنِي.