کتابخانه روایات شیعه
وَ لَا صَبْراً وَ لَا قَوَداً وَ لَا أَكِيلَ السَّبُعِ وَ أَمِتْنِي عَلَى فِرَاشِي فِي عَافِيَةٍ أَوْ فِي الصَّفِّ الَّذِي نَعَتَّ أَهْلَهُ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ مُقْبِلِينَ غَيْرَ مُدْبِرِينَ عَلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ ص قَائِماً بِحَقِّكَ غَيْرَ جَاحِدٍ لِآلَائِكَ وَ لَا مُعَانِدٍ لِأَوْلِيَائِكَ وَ لَا مُوَالِياً لِأَعْدَائِكَ يَا كَرِيمُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ دُعَائِي فِي الْمَرْفُوعِ الْمُسْتَجَابِ وَ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ وَ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَ وَ مَا وَلَدَا وَ مَا وَلَدْتُ وَ مَا تَوَالَدُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ يَا خَيْرَ الْغَافِرِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَضَى عَنِّي صَلَاةً كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً .
و من المهمات دعاء مولانا المهدي ع و قد قدمناه و رويناه لجميع الصلوات. و من المهمات دعاء أحمد بن عبد الله بن خانبة و قد قدمناه بعد الظهر و هو مما يدعى به بعد الصلوات لتلافي الجنايات. فإذا فرغ العبد من جميع ذلك كما ذكرناه أو ما تهيأ له مما يوفقه الله جل جلاله و يرضاه فليسجد سجدة الشكر كما تقدم تنبيهنا عليه عند سجدة الشكر في الظهر و يكون كما أشرنا إليه في ذل العبودية للعظمة الإلهية فاسجد و قل ما
ذَكَرَ جَدِّيَ السَّعِيدُ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ مَوْلَانَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَقُولُ ص إِذَا سَجَدَ يَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْراً وَ كُلَّمَا قَالَ عَشْرَ مَرَّاتٍ قَالَ شُكْراً لِلْمُجِيبِ ثُمَّ يَقُولُ يَا ذَا الْمَنِّ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً وَ لَا يُحْصِيهِ غَيْرُهُ وَ يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْفَدُ أَبَداً يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ ثُمَّ يَدْعُو وَ يَتَضَرَّعُ وَ يَذْكُرُ حَاجَتَهُ ثُمَّ يَقُولُ لَكَ الْحَمْدُ إِنْ أَطَعْتُكَ وَ لَكَ الْحُجَّةُ إِنْ عَصَيْتُكَ لَا صُنْعَ لِي
وَ لَا لِغَيْرِي فِي إِحْسَانٍ مِنْكَ إِلَيَّ فِي حَالِ الْحَسَنَةِ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ صِلْ بِجَمِيعِ مَا سَأَلْتُكَ وَ أَسْأَلُكَ مَنْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ ابْدَأْ بِهِمْ وَ ثَنِّ بِي بِرَحْمَتِكَ ثُمَّ يَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَا تَسْلُبْنِي مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ وَلَايَتِكَ وَ وَلَايَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ع ثُمَّ يَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ هَذَا آخِرُ الرِّوَايَةِ.
ثم ادع بما أحببت و إن شئت قلت و أنت ساجد
اللَّهُمَّ لَكَ قَصَدْتُ وَ إِلَيْكَ اعْتَمَدْتُ وَ أَرَدْتُ وَ بِكَ وَثِقْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ أَنْتَ عَالِمٌ بِمَا أَرَدْتَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى تُقْضَى حَاجَتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فإذا رفعت رأسك فامسح موضع سجودك ثلاث مرات بيدك و قل في كل مرة ما قدمناه بعد سجدة الظهر فامسح بذلك وجهك و إن كانت بك علة أو مرض فامسح موضع سجودك سبع مرات و قل في كل مرة ما ذكرناه و امسح بها موضع المرض فإنه يزول إن شاء الله فإن كان قد صلى صلاته في مسجد من المساجد المطلقة أو الخاصة أو مسجد صلاته في داره أو مسجد حضوره في تلك الصلاة بين يدي الله جل جلاله باجتماع قلبه و طهارة أسراره و أراد الانفصال من تلك الحال فليكن من نيتك أنك تقوم من بين يدي الله جل جلاله امتثالا لأمر الله جل جلاله فيما يأمرك به جل جلاله من صالح الأعمال خالصا لعبادته جل جلاله لأنه أهل للعبادة على كل حال. و قل ما
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعْدٍ الْكُوفِيُّ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيِ
بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعَطَّارِ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ وَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَ صَلَّيْتُ مَكْتُوبَتَكَ وَ انْتَشَرْتُ فِي أَرْضِكَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَمَلَ بِطَاعَتِكَ وَ اجْتِنَابَ مَعْصِيَتِكَ وَ الْكَفَافَ مِنَ الرِّزْقِ بِرَحْمَتِكَ.
أقول فينبغي له إذ انفصل بعد صلاة العصر من مقام الذل و الذكر أن يكون على خاطره أنه ما خرج عن ذل العبودية و لا انفصل عن اطلاع إحاطة العلوم الربانية و لا أطلقوه من المعاملة فيما يعمله بعد ذلك من سائر حركاته و سكناته و أنه يراد منه أن يكون عابدا لله جل جلاله في سائر تصرفاته. و لقد رأيت في حكايات أهل المراقبات أن بعضهم كان له رفيق قد صحبه مدة من الأوقات فنزلا في سفينة مع قوم و فيها حنطة و الحنطة ليست لواحد منهما فغفل أحدهما و أخذ بيده من الحنطة و أكل منها حبة واحدة فنظر إليه رفيقه و قال ما هذا قال غفلت عن نفسي فقال له ما معناه تكون بين يدي الله جل جلاله و هو مطلع عليك و هو سبحانه لو كان يصح عليه الشغل كالمشغول بدوام [بإدامة] وجودك و حياتك و عافيتك و الإحسان إليك و تشتغل أنت عنه لا أصاحبك بعدها فأخاف أن أكتسب من غفلتك و قال أيها الملاح قدم إلى الشط فقدم ففارقه و انفصل منه و قيل شعرا
أ ما تقومون كذا أو فاقعدوا
ما كل من رام السماء يصعد
عن تعب أورد ساق أولا
و مسحت غرة سياف يد
لو شرف الإنسان و هو وادع
لقطع الصمصام و هو مغمد
الفصل الثاني و العشرون فيما نذكره من دعاء الغروب و تحرير الصحيفة التي أثبتها الملكان و ما تختم به لتعرض على علام الغيوب
يَقُولُ السَّيِّدُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْفَقِيهُ الْعَلَّامَةُ رَضِيُّ الدِّينِ رُكْنُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّاوُسُ الْحُسَيْنِيُّ شَرَّفَ اللَّهُ قَدْرَهُ وَ قَدَّسَ فِي الْمَلَإِ الْأَعْلَى ذِكْرَهُ رَوَيْتُ بِإِسْنَادِي إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ فِيمَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَ الْكُفْرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي ص قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ عَمِلَ حَسَناً اسْتَزَادَ اللَّهَ وَ إِنْ عَمِلَ سَيِّئاً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَ تَابَ إِلَيْهِ.
أقول أنا فإذا قارب غروب الشمس من يومك و أنت سليم مما يقتضي استحقاق عقوبتك أو معاتبتك أو لومك و أنت ذلك العبد السعيد و هذا المقام لغير المعصوم بعيد فإن مولانا أمير المؤمنين ص لما وصف الدنيا في نهج البلاغة و ذكر أن النبي ص أبغضها و حقرها و صغرها فإن الله جل جلاله كذلك أبغضها و كرهها لأوليائه و خاصته و أحبائه
فَقَالَ ع وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلَّا حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّهُ وَ تَعْظِيمُنَا مَا صَغَّرَ اللَّهَ لَكَفَى بِذَلِكَ مُحَادَّةً لِلَّهِ وَ خُرُوجاً عَنْ أَمْرِهِ.
قلت أنا فكيف إذا زدنا على هذه المصائب بأن يكون توكلنا على حولنا و قوتنا و المال و الأمل الخائب أقوى من سكوننا إلى الله
جل جلاله المالك للمواهب و تكون ثقتنا بوعود العباد أقوى في نفوسنا من ثقتنا بوعد سلطان المعاد و خوفنا من وعيد بعض الأنام أشق علينا من وعيد سلطان الليالي و الأيام و مرادنا من حب بعضنا لبعض أحلى عندنا و أقوى من حبنا لله أو حبه جل جلاله لنا و قرب بعضنا من بعض أهم علينا من تقربنا إليه جل جلاله أو قربه منا و إقبال بعضنا على بعض أتم عندنا من إقبالنا عليه جل جلاله أو طلب إقباله علينا و مدح بعضنا لبعض أوقع في نفوسنا من مدحنا له جل جلاله أو طلب مدحة لنا و ذم بعضنا لبعض أصعب عندنا من ذمه لنا جل جلاله أو ذم بعض أعدائه له جل جلاله فإنا قد نصاحب من الكفار من يذمه و لأنسنا بمصاحبة من يعمل في حقنا ما يعمل أعظم من ذلك في حق الله جل جلاله و أنسنا بعضنا ببعض أتم علينا من الأنس بجلاله و حضوره و إحسان بعضنا إلى بعض أعظم في نفوسنا من إحسانه الذي نعجز عن شكر يسيره و طلب الحوائج منا و القيام فيها لعباده أخف علينا من القيام في فروضه أو مندوباته أو اتباع مراده و غير ذلك من سقم الألباب التي يضيق عنها مضمون هذا الكتاب و ما هكذا تضمن كتابه جل جلاله فيما بين أهل هذا الملة قال جل جلاله وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ فِي كِتَابِ الرَّوْضَةِ فِي أَوَّلِ خُطْبَةٍ عَنْ مَوْلَانَا عَلِيٍّ ع أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً ص بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ عِبَادِهِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَ مِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إِلَى عُهُودِهِ وَ مِنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ إِلَى طَاعَتِهِ وَ مِنْ وَلَايَةِ عِبَادِهِ إِلَى وَلَايَتِهِ.
وَ لَقَدْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ شَكَا إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ وَ خَاصَّتِهِ مِنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ لِمَقْدِسِ جَلَالَتِهِ.
قلت أنا و كيف لا يشكو لسان الحال إذا لم يقع الشكوى من بيان المقال و نحن على ما شرحنا بعضه من سوء الأعمال و لقد بلغ جهل مماليكه و عبيده إلى أنه خلقهم وحده جل جلاله و ما شركه أحد في خلقهم و تقديرهم فقال جل جلاله منبها لهم على انفراده جل جلاله بإنشائهم و تدبيرهم نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ و قال جل جلاله ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ و ما خلقهم حتى هيأ لهم الأرضين مهادا و السماء سقفا و لم يجعل لها عمادا و الجبال للأرض أوتادا و أجرى لهم الأنهار و غرس لهم الأشجار و رتب لهم الليل و النهار و بالغ في عمارة هذا المسكن و الدار و كلما يحتاجون إليه مدة الأعمار وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ثم رباهم بالرفق و الإكرام ثم صاحبهم بعد البلوغ بالجميل و الاحترام و قال جل جلاله وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ و لما أساءوا لعبودية عاملهم بالعفو و التستر فلا حق الإنشاء عرفوا و لا بحقوق التربية اعترفوا و لا عند حقوق الصحبة الجميلة وقفوا و لا من ستره و حلمه استحيوا أو أنصفوا و لا بحق الملكة و السيادة قاموا لجلاله و لا بحق العبودية نهضوا لإقباله و لا لأجل جوده و وعوده و لا لأجل تهديده و وعيده و بلغ الأمر إلى أن تصرفوا في أنفسهم تصرف الأحرار فلا ترى على الوجوه و الحركات و السكنات أنهم في حضرة مولاهم الذي يراهم فيكون عليهم ذل العبودية و الانكسار و كان هذا من أصعب الأخطار. ثم أعارهم دارا إلى وقت معلوم و عرفهم أنه يخرجها منهم إلى غيرهم بتقدم و رسول و مرسوم فتصرفوا فيها تصرف المالكين و لما جاء
رسوله ملك الموت بتقدم خرجوا منها خروج المنازعين له و الكارهين و أعارهم مالا لينفقوه في رضاه فتصرفوا فيه تصرف من ليس على يده يد أخرى و لا مولاه يراه و تملكوه عليه حتى بلغ سوء أدبهم بين يديه إلى أنه إذا كتب إليهم كتابا و بعث محمدا رسولا يطلب من أمواله كثيرا أو قليلا ليصرفها في عمارة دار أخرى كرهوا إخراجها عن أيديهم و كأنه يخرجها إلى سواهم و صاروا كأنهم هم المالكون لها و كان الله جل جلاله هو المستعير فكان هذا من الهلاك العظيم الكبير و بلغ سوء العبودية بهم إلى أن صاروا في مقام شركاء لمالك حياتهم و مماتهم ينازعون إراداته و كراهاته جل جلاله بإراداتهم و كراهاتهم و زاد سوء العبودية إلى أنهم عزلوا مولاهم عن مقام الإلهية و صاروا لا يرضون من تدبيره إلا ما وافق رضاهم و كأنهم يريدون أن يكون التدبير لهم و إليهم في دنياهم و آخرتهم فمن يكون على هذا السبيل أو دونه بقليل أما يكون وجهه أسود عند المطلع على أسراره و صحيفته سوداء عند الله و عند الملائكة الحفظة له في ليله و نهاره. أقول