کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

فلاح السائل و نجاح المسائل

المقدمة الفصل الأول في تعظيم حال الصلاة و أن مهملها من أعظم الجناة الفصل الثاني في صفة الصلاة التي‏ الفصل الثالث فيما نذكره من فضيلة الدعاء من صريح القرآن‏ الفصل الرابع فيما نذكره من أخبار في فضيلة الدعاء صريحة البيان‏ الفصل الخامس فيما نذكره من أن الدعاء و مناجاة الرحمن أفضل من تلاوة كلام الله جل جلاله العظيم الشأن‏ الفصل السادس فيما نذكره بالعقل من صفات الداعي التي ينبغي أن ينتهي إليها الفصل السابع فيما نذكره بالنقل من الصفات التي ينبغي أن يكون الداعي عليها الفصل الثامن فيما نذكره من الفوائد بالمحافظة على الإكثار من المناجاة و فضيلة الدعاء للإخوان بظهر الغيب و لأئمة النجاة الفصل التاسع في صفة مقدمات الطهارة و صفة الماء الذي يصلح لطهارة الصلاة ما يحتاج إليه الإنسان لدخول الخلاء و البول و الغائط و تلك الضرورات‏ ذكر بعض ما رويناه من آداب و دعوات عند دخول الخلاء إلى أن يخرج منه‏ ذكر ما نقول في صفة ماء الطهارة الفصل العاشر في صفة الطهارة بالمعقول من مراد الرسول لكمال في القبول‏ الفصل الحادي عشر في صفة الطهارة بالماء بحسب المنقول‏ الفصل الثاني عشر في صفة التراب أو ما يقوم مقامه و الطهارة الصغرى به بعد تعذر الطهارة بالماء الفصل الثالث عشر في صفة الطهارة بالماء للغسل عقلا و نقلا ذكر غسل الجنابة و أما حكم حيضهن و استحاضتهن و نفاسهن‏ ذكر ما نورده من الأغسال المندوبة ذكر غسل الميت و ما يتقدمه و يتعقبه‏ [ذكر عهد الميت‏] نسخة الكتاب توضع عند الجريدة مع الميت‏ [آداب الاحتضار] [ذكر صفة الكفن‏] فصل‏ ذكر صفة القبر صفة ما ينبغي اعتماده عند احتضار الأموات‏ صفة تغسيل الأموات‏ صفة تكفين الأموات‏ ذكر صفة الصلاة على الأموات‏ ذكر التعزية ذكر صفة دفن الأموات‏ ذكر ما نورده من صفات زيارة قبور الأموات‏ ذكر ما يعمل قبل أول ليلة يدفن الإنسان في قبره‏ الفصل الرابع عشر في صفة الطهارة بالتراب عوضا عن الغسل بعد تعذر الطهارة بالمياه و اختيار الثياب و المياه و المكان للصلاة و ما يقال عند دخول المساجد و الوقوف في القبلة لما رويناه‏ صفة التيمم عوضا عن الغسل‏ ذكر فضل بعض المساجد و تفاوت الصلاة فيها صفة دخول المسجد الفصل الخامس عشر فيما نذكره من تعيين أول صلاة فرضت على العباد و أنها هي الوسطى‏ الفصل السادس عشر فيما ينبغي عمله عند زوال الشمس‏ الفصل السابع عشر فيما نذكره من نوافل الزوال و بعض أسرار تلك الحال‏ ذكر ما نذكره من أسرار الصلاة ذكر نية الصلاة ذكر تكبيرة الحرام‏ ذكر التوجه‏ ذكر أدبه في التحميد و التمجيد ذكر أدبه عند قوله‏ . ذكر أدب العبد في قوله‏ ذكر أدبه في الدعوات في الصلاة عند قوله‏ و في كل موضع يراد منه أن يدعو فيه في الصلاة بقلب سليم. ذكر أدب العبد في قراءة القرآن في الصلوات على سبيل الجملة في سائر الآيات‏ ذكر أدبه في الركوع و الخضوع‏ ذكر أدبه في السجود فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ ذكر الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية في الصلاة ذكر الشهادة لمحمد بن عبد الله رسول الله ص بالرسالة و النيابة عن صاحب العظمة و الجلالة ذكر الصلاة على محمد ص‏ ذكر التسليم في الصلاة ذكر المعنى الثاني في أن نوافل الزوال صلاة الأوابين‏ ذكر المعنى الثالث في الاستخارة عند نوافل الزوال‏ ذكر ما نريد تقديمه من طريق الروايات في تعظيم حال الصلوات‏ ذكر ما يقرأ في النوافل على العموم‏ ذكر ما يقرأ في نوافل الزوال خاصة على الوجه المرسوم‏ ذكر القبلة ذكر ما يستحب التوجه فيه بسبع تكبيرات و ما نرويه في سبب ذلك‏ ذكر ما نرويه في سبب سبع تكبيرات‏ صفة نوافل الزوال‏ ذكر رواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال‏ ذكر رواية أخرى في الدعاء عقيب كل ركعتين من نافلة الزوال‏ الفصل الثامن عشر فيما نذكره من صفة الأذان و الإقامة و بعض أسرارهما ذكر بعض ما رويناه من أسرار الإقامة ذكر ما نريد وصفه من أحكام الأذان و الإقامة الفصل التاسع عشر فيما نذكره من فضل صلاة الظهر و صفتها و بعض أسرارها و جملة من تعقيبها و سجدتي الشكر و ما يتبعها ذكر دخول العبد في فريضة صلاة الظهر ذكر فضل لصلاة الراضين بتدبير الله جل جلاله القائمين بشروط الله جل جلاله‏ الفصل العشرون فيما نذكره من نوافل العصر و أدعيتها و بعض أسرارها الفصل الحادي و العشرون في صلاة العصر و ما نذكره من الإشارة إلى شرحها و تعقيبها الفصل الثاني و العشرون فيما نذكره من دعاء الغروب و تحرير الصحيفة التي أثبتها الملكان و ما تختم به لتعرض على علام الغيوب‏ فصل‏ الفصل الثالث و العشرون في تلقي الملكين الحافظين عند ابتداء الليل و في صفة صلاة المغرب و ما نذكر من شرحها و تعقيبها الفصل الرابع و العشرون في نوافل المغرب و ما نذكره من الدعاء بينها و عقيبها ذكر رواية بما يقرأ في الأربع الركعات من نوافل المغرب‏ ذكر رواية أخرى بما يقرأ في الركعتين الأولتين‏ ذكر ما نريده من الدعاء في آخر سجدة من نوافل المغرب و فضل ذلك‏ ذكر صفة صلاة الركعتين الأولتين من نوافل المغرب‏ الفصل الخامس و العشرون فيما نذكره من صلوات بين نوافل المغرب و بين صلاة عشاء الآخرة و فضل ذلك‏ ذكر فضل التطوع بين العشاءين‏ ذكر رواية أخرى في فضل ذلك‏ ذكر ما يختار ذكره من الصلوات بين العشاءين بالروايات أيضا الفصل السادس و العشرون فيما نذكره من وقت صلاة العشاء الآخرة و صفتها و تعقيبها الفصل السابع و العشرون فيما نذكره من صلاة للفرج بعد صلاة العشاء الآخرة الفصل الثامن و العشرون فيما نذكره من صلاة لطلب الرزق و غيرها من صلوات بعد عشاء الآخرة أيضا الفصل التاسع و العشرون في صلاة الوتيرة و ما نذكره من تعقيبها ذكر ما يقرأ في صلاة الوتيرة ذكر رواية أخرى مما يقرأ في صلاة الوتيرة ذكر صفة صلاة الوتيرة الفصل الثلاثون فيما نذكره مما ينبغي العمل به قبل النوم و إذا استيقظ في خلال نومه و لم يجلس‏ ذكر حال العبد إذا نام بين يدي مولاه‏ ذكر رواية عن الهادي ع بما يقول أهل البيت ع عند المنام‏ ذكر تفصيل فضائل بعض ما أجملناه‏ ذكر فضيلة قراءة ذكر فضيلة الآية ذكر فضيلة قراءة آية الكرسي و المعوذتين‏ ذكر رواية أخرى لمن كان يفزع من كتاب المشيخة ذكر فضيلة لآخر سورة بني إسرائيل و آخر سورة الكهف‏ رواية الأمان من الاحتلام‏ رواية في الأمان من اللصوص‏ رواية في الأمان من السرق‏ ذكر ما يحتاج إليه الإنسان إذا أراد النوم في حال دون حال‏ رواية أخرى في زوال الْأَرَقِ و استجلاب النوم‏ رواية أخرى في زوال الأرق و استجلاب النوم‏ ذكر ما يقوله بعد النوم إذا انقلب على فراشه و لم يجلس‏ ذكر ما يفعله و يقوله إذا رأى في منامه ما يكره‏ رواية ثانية في دفع رؤيا مكروهة رواية ثالثة لدفع ما يكره من الرؤيا [كلمة الناشر] فهرس الكتاب‏

فلاح السائل و نجاح المسائل


صفحه قبل

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 109

لَكَ خَشَعْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ لَكَ أَسْلَمْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ أَنْتَ رَبِّي خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ مُخِّي وَ عَصَبِي وَ عِظَامِي وَ مَا أَقَلَّتْهُ قَدَمَايَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أن يكون العبد ذاكرا أنه قد ادعى في هذا القول صفات المقبلين على مالك يوم الدين بجميع جوارحه على الحقيقة و اليقين و صفة المستسلمين و المتوكلين فإياك أن يكون شي‏ء منك غير خاضع و لا خاشع أو غير مستسلم لله جل جلاله أو غير متوكل على الله في شي‏ء من أمور الدنيا و الدين فتكون في قولك من الكاذبين فأي صلاة تبقى لك إذ صليتها بالكذب و البهت لمالك الأولين و الآخرين. أقول و من أدب الراكع في الصلاة أنه لا يستعجل برفع رأسه من الركوع قبل استيفاء أقسام ذل العبودية لمولاه كما رويناه عمن يقتدى به‏

وَ كَمَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ فِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ كِتَابِ زُهْدِ مَوْلَانَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ ع يَرْكَعُ فَيَسِيلُ عَرَقُهُ حَتَّى يَطَأَ فِي عَرَقِهِ مِنْ طُولِ قِيَامِهِ.

أقول أنا لك فيا أيها المشفق على روحه و قلبه و جسده و كبده‏ أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ . و من أدب الراكع أنه إذا رفع رأسه بعد ما ذكرناه فليكن رفع رأسه بوقار و سكينة فإن مولاه يراه فإذا قال سمع الله لمن حمده أهل الكبرياء و العظمة و الجود و الجبروت أنه يمد يديه عند ذكر الكبرياء و العظمة و الجبروت بالذل للمعبود و يبسطهما بالرجاء عند ذكر الجود

ذكر أدبه في السجود

اعلم أنه من أدب العبد في سجوده أن يكون‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 110

على زيادة عما ذكرناه في الركوع من الذل لمعبوده فإياه أن يكون قلبه خاليا من أذكار نفسه أنه حاضر بين يدي الله جل جلاله و أنه جل جلاله على ما هو عليه من العظمة و الجلالة التي لا يحيط بها مقال كل ذي مقالة و أن هذا العبد على صفة من الضعف و الفقر و المسكنة و الذنوب التي قد أوقعته في الرذالة فيهوي إلى السجود على أبلغ ما ذكرناه في الركوع من الذل و الخضوع و الخشوع فإنه إن سجد و قلبه خال من الذكر لهذه الحال و إنما يسجد على العادة و مراعاة صورة السجود من غير استحضار لمعاملة مولاه بالإقبال عليه و بين يديه فهو كالذي يلعب في سجوده أو كالمعرض أو كالمستهزئ بمالكه و معبوده و قد عرف أهل العلم أن ذلك الركوع و هذا السجود من أركان الصلوات و أنهما متى تركهما العبد في صلاته عامدا أو ناسيا بطلت صلاته بمقتضى الفتوى و الروايات و صاحب الشريعة ص ما بعث إلى العباد بمعاملة و عبودية لغير معبود فإذا خلا خاطرك من المقصود بهذه الذلة و العبودية عند الركوع و السجود فما الفرق بينك و بين أهل الجحود و ما الفرق بينك و بين الساهي و اللاهي و إنما جاء محمد ص يدعو إلى المعبود قبل العادة فإياك أن تكون ممن خلا قلبه من ذل العبودية له و صار يقوم و يركع و يسجد فارغ القلب منه جل جلاله بحسب العرف و العادة. أقول و إن كنت ممن يقول في سجوده‏

اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ لَكَ أَسْلَمْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ أَنْتَ رَبِّي سَجَدَ لَكَ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ شَعْرِي وَ عَصَبِي وَ مُخِّي وَ عِظَامِي سَجَدَ وَجْهِيَ الْبَالِي الْفَانِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَ صَوَّرَهُ وَ شَقَّ سَمْعَهُ وَ بَصَرَهُ تَبَارَكَ‏ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ‏ .

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 111

فإنك إن قلت هذا و أعضاؤك غير ساجدة جميعا على معنى الذل و الاستسلام و التوكل و الخضوع و الخشوع للمعبود فكأنك غائب عن معنى السجود و يكون قولك و دعواك كذبا و بهتا لمولاك فكيف تصح صلاتك يا مسكين إذا كان عبادتك بالكذب و البهت و التهوين. ثم أقول لك إن كنت تجد في سجودك ما يجده المحب من الروح و السرور إذا قرب من أهل الحب و إلا فسجودك ذميم مدخول و قلبك سقيم معلول لأنك قد عرفت أن صريح القرآن تضمن‏ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ‏ فجعل السجود من علامات القرب إلى علام الغيوب فطالب نفسك بأنها تجد عند السجود ما يجد المحب بقرب المحبوب فإن حبك لله جل جلاله من ثمرة قوة معرفتك بجلاله و عظيم نواله و إفضاله قال الله جل جلاله في قوم يثني عليهم ممن كانوا يعرفونه‏ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ‏ و قال جل جلاله في وصفه لأهل النجاة وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ‏ و لا يغرنك قول من يقول إن حبك لله جل جلاله طاعته فإن ذلك إن كان قاله من قول قدوة فلعله لتقية أو لضعف السامع عن معرفة الأسرار الربانية لأن حبك لله جل جلاله إن كنت عارفا به كان قبل طاعتك له لأنك عرفته منعما فأحببته ثم وجدته يستحق الطاعة فأطعته و إلا فكيف عقلت معنى‏

الرِّوَايَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا.

أ فتكون القلوب على حب‏ 12

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 112

العبد المحسن مجبولة و تكون عند إحسان الله جل جلاله عن حبه معزولة هذا لا تقبله إلا عقول سقيمة معلولة. و قد عرفت أن حبك لله جل جلاله من عمل القلوب و طاعتك له تكون من عمل القلب فحسب و من عمل القلب و من عمل الجوارح الظاهرة و كيف صارت الطاعة التي تكون تارة بالقلب و تارة بالقلب و الجوارح الظاهرة و هما قسمان قسما واحدا هذا كالمكابرة للعيان و كيف صار العمل بالجوارح الظاهرة هو العمل بالقلوب هذا مستحيل عند من عقله غير محجوب‏

فصل‏

ثم و قد يعمل الإنسان الطاعات و هي تشق عليه و يكون قلبه كارها لها أو للتكليف بها فلو كان حب العبد طاعته جل جلاله كان في هذه الحال كارها لحب الله بل كارها لله جل جلاله بل باغضا لله جل جلاله لأن ضد الحب البغض فإذا بغض العبد طاعة الله جل جلاله فقد بغض حب الله جل جلاله و صار باغضا لله جل جلاله فيكون على هذا كل من كره طاعة الله جل جلاله باغضا لله جل جلاله و يكون كافرا فهل تجد لك على هذا القول من المسلمين العارفين عاذرا أو ناصرا و هل يقبل عقلك أن معنى قوله جل جلاله الذي قدمناه‏ قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ‏ أو عقل عاقل أن قوله أحب إليكم من هذه الأشياء التي عددها سبحانه أن المراد به الطاعة و هبك جوزت هذا في آبائهم و أبنائهم‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 113

و إخوانهم و أزواجهم و عشيرتهم فهل تجوز في قوله جل جلاله‏ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أن الحب لهذه الأشياء بمعنى الطاعة فإياك أن تحمل على العقول ما لا يدخل تحت الاستطاعة و دع عنك تقليد من قال إن حب العبد لله جل جلاله طاعته و اقبل الحق ممن قاله فقد انكشف لك براهينه و حجته فهذا بيان أن حب العبد لله جل جلاله بالقلوب و هو مما يثمره قوة معرفة بالله جل جلاله و قوة المعرفة بإحسانه الذين يسوقان عقل العبد و قلبه إلى حب مولاه قبل أن يعرف العبد هل هو مكلف بحب الله جل جلاله أم لا فكيف إذا عرف أنه مأمور أيضا بحبه عقلا و نقلا لأن الكامل في ذاته محبوب لكماله و المحسن محبوب لإحسانه و إفضاله قبل معرفة التكليف بهذا الحب المذكور و الله جل جلاله أعظم شأنا و أعم إحسانا من أن يحيط بجلاله وصفنا لكماله و وصفنا لإحسانه و لإفضاله بل هو جل جلاله أعظم كمالا و أبلغ إحسانا و إفضالا فوجب أن يكون محبوبا بالقلوب إلى من عرفه على اليقين و عرف إحسانه في أمور الدنيا و الدين‏

فصل‏

و أما حب الله جل جلاله لعبده إذا أطاعه و غضبه عليه إذا عصاه فلعلك تجد في الروايات و المقالات أن حب الله جل جلاله للعبد أو رضاه عنه هو ثوابه له و أن غضب الله جل جلاله على عبده العاصي هو عذابه له فأما المقالات لذلك فلا يجوز تقليدهم في المعقول و أما حديث الرواية و المنقول فإن سلمت من الطعن عليها و كانت عن معصوم فلعل ذلك قالوه على سبيل التقية فإنهم ع كانوا في تقية هائلة و قد كشفنا تقيتهم فيما ذكرنا في الاعتذار لمضمون كتاب الكشي فإن هذا القول كثير في مذهب المخالفين لهم أو لعل ذلك قالوه للتقريب على السائلين‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 114

و السامعين فإن كثيرا من المستمعين تقصر أفهامهم عن أسرار صفات سلطان العالمين فلعلهم خافوا عليهم أنهم إذا قالوا لهم إن الله جل جلاله يحب و يرضى و يغضب و يسخط أن يسبق إلى خواطر من يسمع ذلك أنه جل جلاله يحب و يرضى مثل الحب و الرضا من الطباع البشرية أو يغضب و يسخط مثل الغضب و السخط من القلوب الترابية فحدثوا ع بما تبلغ إليه عقول السائلين و السامعين و إذا اعتبرت بعض الروايات في ذلك وجدتها شاهدة بأنهم نفوا عن الله جل جلاله الحب و الرضا و الغضب و السخط الذين تتغير الأمزجة بهما و لا يصحان إلا على الأجسام القابلة لهما حتى قربوا على بعض السائلين و قالوا لهم ما معناه أن غضب الله جل جلاله و رضاه إشارة إلى غضب أوليائه و خاصته و رضاهم و هذا صحيح عند العارفين و أن خواصه جل جلاله ما يغضبون و ما يرضون إلا بعد غضبه سبحانه و رضاه لأنهم ع له جل جلاله تابعون‏ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ‏ .

فصل‏

و إلا فالعقول الصحيحة شاهدة وجدانا و عيانا أن معنى لفظ الحب و الرضا غير معنى لفظ الثواب و كذلك معنى الغضب غير معنى العقاب سواء كان ذلك في العباد أو رب الأرباب. و قد عرفنا ذلك قوله جل جلاله‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ و قوله جل جلاله‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ‏ و قوله جل جلاله‏ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ‏ عن قوم كانوا حقا و يقينا يعرفونه و قال جل جلاله في الغضب‏ فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ‏ . و ذكر جماعة من أهل اللغة و من المفسرين أن معنى قوله جل جلاله‏

فلاح السائل و نجاح المسائل، ص: 115

أي أغضبونا فقال الجوهري في كتاب الصحاح ما هذا لفظه و أسف عليه أسفا أي غضب و آسفه أغضبه. و قال الطبرسي في تفسير القرآن‏ فَلَمَّا آسَفُونا أي أغضبونا و غضبه سبحانه إرادة عقابهم و ما قال الطبرسي إن غضبه عقابهم فجعل الله جل جلاله في هذه الآية الأسف الذي هو الغضب منه جل جلاله عليهم قبل عقابه لهم الذي هو الانتقام. و هذا واضح كيف يخفى مثله على ذوي الأفهام و قال جل جلاله‏ وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً أ فلا ترى أنه جل جلاله قدم الغضب على العذاب بل قبل إعداد عذابه بجهنم في صريح الكتاب على مقتضى مفهوم الألباب.

فصل‏

صفحه بعد