کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه الاخذ بحقّ من هتك عمّن هتك، و المنتقم لمن ظلم عمّن ظلم، و الصّلاة و السّلام على سيّد العرب و العجم، و على عترته مصابيح الدّجى و المشاكى في البهم.
امّا بعد لا يخفى على من ألقى السّمع و هو شهيد، و من راجع إلى محكمة أقضى القضاة و هو الإنصاف المبرّأ من الزّور و الاعتساف إنّ من أحسن الكتب الحديثيّة ها هو كتاب «غوالى اللّئالى» أودع فيه مؤلّفه الجليل الحبر النّبيل، المحدّث المتكلّم، العارف المتألّه، الزّاهد الورع التّقيّ، جامع العلوم السّمعيّة و العقليّة، الألمعيّ اليلمعي، البحّاث النّقّاد، شيخنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الإحسائي الهجري المتوفّى سنة 940 ق ه
من علماء القرن العاشر، أحاديث قصار المتون، صحاح الأسانيد، صراح الدّلالات، نظمها على أحسن أسلوب و خير نمط فللّه تعالى درّه و عليه أجره.
و لكنّ من المأسوف عليه أنّ هذه الدّرّة اليتيمة و الجوهرة الثّمينة تركت في روازن مخازن الكتب، مترّبة مبعثرة تأكلها العثّة و تبيدها الهوامّ و الدّيدان، لا يسأل عنه و لا يفتقد، و كان ترتب هذا الخمول و الانزواء في حقّ هذا الكتاب لنقود أوردت بعضها على المؤلّف و بعضها على المؤلّف، و كلّها واهية غير واردة ناشئة من قلّة التّتبّع و الغور في الكتاب، تحومل عليه بحيث حتّى خمل ذكره و نسي اسمه و وصل سقوطه في الأنظار الى حدّ قال بعض الأكابر في حقّه، في المؤلّف و المؤلّف نظر و تأمّل و ها نحن نبدأ لك بذكر النّقود الواردة على الكتاب ثمّ النّقود الواردة على المؤلّف مستعينا باللّه تعالى و عونه.
امّا النّقود الواردة على الكتاب فامور:
منها: انّه محتوى على روايات لا تناسب المذهب
و منها: انّ كلّ المرويّات فيه مراسيل و ليس فيها خبر مسند،
و الإرسال من اقوى موجبات الضّعف في الأخبار
و منها: انّه مشتمل على روايات تستشمّ منه المطالب العرفانيّة.
و منها: انّه مشتمل على ما يشعر بالغلوّ.
و منها: انّه مشتمل على بعض مرويّات العامّة و المخالفين
و منها: انّه تفرّد بنقل أحاديث لا توجد في غيره
إلى غير ذلك ممّا يطول الكلام بنقله.
و امّا النّقود المتوجّهة إلى صاحب الكتاب فامور
منها: انّه كان من الغلاة.
و منها: انّه كان من العرفاء و الصّوفيّة.
و منها: انّه كان من الفلاسفة.
و منها: انّه كان متساهلا في النّقل
لانّه ينقل في كتبه ما وجده من الأخبار أينما كان.
و منها: انّه كان اخباريّا.
و منها: انّه كان غير متثبّت و غير ضابط في النّقل
إلى غير ذلك من وجوه الاعتراض و التّمويهات.
إذا عرفت ذلك فنقول:
إنّ تلك النّقود غير مقبولة بل مردودة جدّا فنشرع في دفعها مع رعاية التّرتيب و الاختصار.
[الجواب عن النقود الواردة على الكتاب]
امّا الجواب عن الأوّل:
انّه ليس فيه خبر صريح في مخالفة المذهب، و ما يستشمّ منه ذلك فنظيره موجود في الكتب المشتهرة و المجامع المعروفة، فان كان نقلها شينا فيتوجّه الاعتراض على ساير الكتب و اختصاص نقده بهذا الكتاب مصداق المثل المعروف: «باؤك تجرّ و بائى لا تجرّ» مضافا
إلى انّها قابلة للتّأويل كما في ساير كتب الأخبار من الكتب الأربع و غيرها.
و امّا إشكال الإرسال:
فغير وارد اصلا لانّ كلّ ما اودع فيه الّا ما صرّح بارساله مسندات ببركة المشيخة الّتى ذكرها، و هذه المشيخة كمشيخة شيخنا الصّدوق في الفقيه و الفارق انّ هذا الشّيخ ذكر المشيخة في اوّل الكتاب في رسالة مستقلّة منحاذة و الصّدوق جعل المشيخة في آخر الكتاب.
فانّ هذا الشّيخ قال انّ ما اودعت في هذا الكتاب فانّى ارويها بهذه الطّرق السّبعة، و أكثر تلك المودعات فيه مرويّة مسموعة عن شيخه العلّامة الثّقة الجليل الشّيخ رضىّ الدّين عبد الملك بن الشّيخ شمس الدّين إسحاق بن الشّيخ رضىّ الدّين عبد الملك بن الشّيخ محمّد الثّانى ابن الشّيخ محمّد الأوّل ابن فتحان القمّيّ الأصل نزيل كاشان المتوفّى بعد سنة 851 ه ق بقليل، و كان هذا الرّجل من أعلام عصره و كان يروى عن الفاضل المقداد
و ابن فهد و غيرهما، فليراجع إلى معاجم التّراجم.
و انّى رأيت عدّة نسخ من هذا الكتاب في خزائن الكتب مشتملة على المشيخة و نسخا غير مشتملة، فمن ثمّ اشتبه الأمر على من نسب الإرسال إليه.
و امّا اشتماله على روايات عرفانيّة،
و فيه انّ نظائرها موجودة في الكتب الحديثيّة المشهورة، فليعامل معه نحو المعاملة مع تلك الكتب، مضافا إلى انّ باب التأويل واسع.
و امّا الإشعار بالغلوّ،
فالجواب عن هذا الاعتراض هو الجواب عن سابقيه نقضا و حلّا.
و امّا اشتماله على بعض مرويّات العامّة،
ففيه انّ غرضه كون هذه الرّوايات مع قطع النّظر عن نقل الأصحاب منقولة في كتب العامّة أيضا كما لا يخفى من جاس خلال تلك الدّيار، مضافا إلى أنّ المعيار حجيّة الخبر الموثوق
بصدوره ايّا من كان الرّاوي كما هو التّحقيق عند المتأخّرين
و امّا تفرّده بنقل ما لا يوجد في غيره،
فهذا أيضا ممّا لا يرد عليه بعد تفرّد كتب الشّيعة كالاصول الأربعمائة و غيرها من الكتب الموجودة في أقطار العالم و توجّه الفتن و الموبقات إليها، فالمحتمل قويّا عثوره على بعض تلك النّسخ، فهذه الخصوصيّة موجودة في بعض كتب الحديث ايضا، مضافا إلى أنّ نقل مثل هذا الشّيخ الجليل بتلك الطّرق السّبعة يورث الطّمأنينة و الوثوق بالصّدور.
[الجواب عن النّقود المتوجّهة الى صاحب الكتاب]
و امّا النّقود المتوجّهة الى صاحب الكتاب فامور:
[أما كونه من الغلاة]
منها: إسناد الغلوّ إليه، فانت خبير بانّ هذا توهّم لا اعتداد به،
و هو مجاب عنه نقضا و حلّا.
امّا النّقض: