کتابخانه روایات شیعه
و قيل: يريد المنافقين الّذين لا يرجون لها ثوابا إن صلّوا، و لا يخافون عليها عقابا إن تركوا، فهم عنها غافلون حتّى يذهب وقتها. فإذا كانوا مع المؤمنين، صلّوها رياء.
و إذا لم يكونوا معهم، لم يصلّوا. و هو قوله: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ . عن عليّ- عليه السّلام- و ابن عبّاس.
و في جوامع الجامع 27305 : و لا يكون الرّجل مرائيا بإظهار العمل الصّالح إن كان فريضة، فمن حقّ الفرائض الإعلام بها و تشهيرها
لقوله- عليه السّلام-: و لا غمّة في فرائض اللّه، لأنّها شعائر الدّين و أعلام الإسلام.
و قوله- عليه السّلام-: من صلّى الصّلوات الخمس جماعة، فطنّوا به كلّ خير.
و قوله لأقوام لم يحضروا الجماعة: لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم 27306 منازلكم.
و لأنّ تاركها يستحقّ الذّمّ و التّوبيخ، فوجب إماطة التّهمة بالإظهار. و إن كان تطوّعا فالأولى فيه الإخفاء، لأنّه ممّا لا يلام بتركه و لا تهمة فيه، فيكون أبعد عن 27307 الرّياء. فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان حسنا، فإنّ الرّياء أن يقصد بإظهاره أن يراه النّاس فيثنوا عليه 27308 . على أنّ اجتناب الرّياء أمر صعب، إلّا على المخلصين، و لذلك
قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-: الرّياء أخفى من دبيب النّملة السّوداء في اللّيلة المظلمة على المسح الأسود.
وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7): الزّكاة. أو ما يتعاون 27309 في العادة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27310 : [ وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ ] 27311 قال: مثل السّراج و النّار و الخمير و أشباه ذلك من الّذي يحتاج إليه النّاس.
و في رواية أخرى 27312 : الخمس و الزّكاة.
و في مجمع البيان 27313 : وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ اختلف فيه، فقيل: هو الزّكاة المفروضة.
عن عليّ- عليه السّلام-. و روي ذلك عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-.
و
قيل 27314 : هو ما يتعاوره النّاس بينهم من الدّلو و الفأس 27315 ، و ما لا يمنع، كالماء
و الملح. و روي ذلك مرفوعا.
و في الكافي 27316 : محمّد بن يحيى، [عن أحمد بن محمّد] 27317 ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: و الماعون- أيضا- هو القرض يقرضه، و المتاع يعيره، و المعروف يصنعه.
و الحديث طويل. أخذت من موضع الحاجة.
عليّ بن إبراهيم 27318 ، عن أبيه، عن [الحسين بن] 27319 سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المعزا، عن أبي بصير قال: كنّا عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- و معنا بعض أصحاب الأموال، فذكروا الزّكاة.
فقال أبو عبد اللّه: إنّ الزّكاة ليس يحمد بها صاحبها، و إنّما هو شيء ظاهر، إنّما حقن اللّه 27320 بها دمه و سمّي به 27321 مسلما، و لو لم يؤدّها لم تقبّل له صلاة، و إنّ عليكم في أموالكم غير الزّكاة.
فقلت: أصلحك اللّه، و ما علينا في أموالنا غير الزّكاة؟
فقال: سبحان اللّه، أما تسمع اللّه يقول في كتابه: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ إلى قوله وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ هو القرض يقرضه، و المعروف يصنعه 27322 ، و متاع البيت 27323 يعيره، و منه الزّكاة.
فقلت له: إنّ لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه و أفسدوه، فعلينا جناح أن نمنعهم؟
فقال: لا، ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك.
و في من لا يحضره الفقيه 27324 : و نهى رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27325 أن يمنع أحد الماعون جاره، و قال: من منع الماعون جاره، منعه اللّه خيره يوم القيامة و وكّله إلى نفسه.
[و من وكّله إلى نفسه] 27326 فما أسوأ حاله.
سورة الكوثر
قيل 27327 : مكيّة.
و قيل 27328 : مدنيّة.
و آيها ثلاث بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في ثواب الأعمال 27329 ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من كان قراءته إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ في فرائضه و نوافله، سقاه اللّه من الكوثر يوم القيامة، و كان محلّه 27330 عند رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- في أصل طوبى.
و في مجمع البيان: في حديث ابيّ: من قرأها سقاه اللّه من أنهار الجنّة، و اعطي من الأجر بعدد كلّ قربان قرّبه العباد في يوم عيد و يقرّبون من أهل الكتاب و المشركين.
إِنَّا أَعْطَيْناكَ و قرئ 27331 : «أنطيناك».
الْكَوْثَرَ (1).
قيل 27332 : الخير المفرط الكثير 27333 من العلم و العمل و شرف الدّارين.
و في مجمع البيان 27334 : خاطب اللّه نبيّه- صلّى اللّه عليه و آله- محمّدا 27335 على وجه التّعداد لنعمه عليه، فقال: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ . اختلفوا في تفسير الكوثر، فقيل: هو نهر في الجنّة. عن عائشة و ابن عمر.
قال ابن عبّاس: لمّا نزل إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ صعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- المنبر فقرأها على النّاس. فلمّا نزل قالوا: يا رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27336 27337 ما هذا الّذي أعطاك اللّه؟
قال: نهر في الجنّة أشدّ بياضا من اللّبن و أشدّ استقامة من القدح، حافّتاه قباب الدّرّ و الياقوت، ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت 27338 .
قالوا: يا رسول اللّه، ما أنعم تلك الطّير! قال: أفلا أخبركم بأنعم منها؟
قالوا بلى.
قال: من أكل الطّائر و شرب الماء 27339 و فاز برضوان اللّه.
و روي 27340 عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: نهر في الجنّة أعطاه اللّه نبيّه عوضا عن أبنه.
و قال أنس: بينا رسول اللّه ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاء، ثمّ رفع رأسه متبسّما 27341 . فقلت: ما أضحكك، يا رسول اللّه؟
قال: أنزلت عليّ آنفا سورة، [فقرأ سورة] 27342 الكوثر. ثمّ قال: أ تدرون ما الكوثر؟
قلنا: اللّه و رسوله أعلم.
قال: فإنه نهر وعدنيه عليه ربّي 27343 خيرا كثيرا، [هو حوضي] 27344 ترد عليه أمتّي يوم
القيامة، آنيته عدد نجوم السّماء، فيختلج القرن منهم فأقول: يا ربّ، إنّهم من أمّتي.
فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. أورده مسلم في الصّحيح.
و قيل 27345 : هو الشّفاعة. رووه عن الصّادق- عليه السّلام-.
و في الخصال 27346 : فيما علّم أمير المؤمنين أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: أنا مع رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27347 و معي عترتي [و سبطي] 27348 على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا و ليعمل عملنا. فإنّ لكلّ أهل نجيبا 27349 [و لنا نجيب] 27350 و لنا شفاعة و لأهل مودّتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنّا نذود عنه أعداءنا و نسقي منه أحبّاءنا و أولياءنا. من شرب منه شربة، لم يظمأ بعدها أبدا. حوضنا [مترع] 27351 فيه مثعبان 27352 ينصبّان من الجنّة، أحدهما من تسنيم و الآخر من معين، على حافّتيه الزّعفران و حصاة اللّؤلؤ [و الياقوت] 27353 ، و هو الكوثر.
عن أبي صالح 27354 ، عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يقول: أعطاني اللّه خمسا و أعطى عليّا خمسا، أعطاني الكوثر و أعطاه السّلسبيل.
(الحديث)
و في معاني الأخبار 27355 ، بإسناده إلى الحسين بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول الرّجل للرّجل: جزاك اللّه خيرا، [ما يعني به] 27356 ؟
فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ الخير نهر في الجنّة مخرجه من الكوثر، و الكوثر مخرجه من ساق العرش. و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في روضة الكافي 27357 : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن يزيد النّوفليّ، عن الحسين بن أعين 27358 ، و ذكر مثل ما في معاني الأخبار.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27359 : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- حديث طويل ذكرته بتمام 27360 أوّل الإسراء. و فيه يقول- صلّى اللّه عليه و آله-: ثمّ قال: مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور، فصلّيت في ركعتين و معي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد و آخرون عليهم ثياب 27361 خلقان 27362 ، فدخل أصحاب الجدد و حبس أصحاب الخلقان.
ثمّ خرجت فانقاد لي 27363 نهران، نهر يسمّى الكوثر و نهر يسمّى الرّحمة، فشربت من الكوثر و اغتسلت من الرّحمة. ثمّ انقاد إليّ جميعا حتّى دخلت الجنّة.
و فيه 27364 : قال: الكوثر نهر في الجنّة أعطاه 27365 اللّه محمّدا عوضا عن ابنه إبراهيم.
و في الاحتجاج للطبرسيّ- رحمه اللّه- 27366 : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- حديث طويل في مكالمة بينه و بين اليهود. و فيه قالوا: نوح خير 27367 منك.
قال: النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-: و لم ذاك؟
قالوا: لأنّه ركب في السّفينة و جرت على الجوديّ.
قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-: و لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك.
قالوا و ما ذلك؟
قال: إنّ اللّه أعطاني نهرا في السّماء، مجراه من تحت 27368 العرش، و عليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب و لبنة من فضّة، حشيشها الزّعفران و رضاضها 27369 الدّرّ و الياقوت، و أرضها المسك الأبيض. فذلك خير لي و لأمّتي [من ذلك] 27370 ، و ذلك قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ .
قالوا: صدقت، يا محمّد. و هو مكتوب في التّوراة. و هذا خير من ذلك.